ضربني وبكى...
تاريخ النشر : 2014-11-12 11:31

واضح أنّ اسرائيل الرسمية معنية فقط بتحقيق الحلم الصهيوني لتمتد دولة اسرائيل من النيل إلى الفرات، وما أحاديث قادتها عن السلام إلا من باب العلاقات العامة، ضمن إدارة الصراع لعدم الاصطدام بالرأي العام العالمي. لذا فإن الكذب لتسويق سياساتهم منهج واضح عندهم.
وامعانا منهم في ذلك فإنّهم يؤزّمون الأوضاع دائما ويتهمون غيرهم بتأزيمها، فحكومة نتنياهو الحالية لم تكلّف نفسها للبحث عن أسباب ما يجري في القدس وغيرها من أعمال قتل وعنف، وهي تدرك تماما أنّها المسؤولة عن تصعيد الأوضاع، لكنها لا تريد أن توقف سياستها العمياء والهوجاء، بل على العكس فانها تتخذ قرارات جديدة للتصعيد من خلال مواصلة التقسيم الزماني للمسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين المسلمين الذين يرتادون المسجد للصلاة والعبادة، وتصادر المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتبني المزيد من الوحدات الاستيطانية، وتضاعف ميزانيات الاستيطان في ميزانيتها، وتطلق أيدي المستوطنين ليعيثوا في الأراضي الفلسطينية قتلا وتدميرا وحرقا وغيرها، وتعطي الأوامر لأذرعها الأمنية ليصعدوا من عمليات قتل الفلسطينيين، ويريدون من الشعب الفلسطيني وقيادته أن لا يعارضوا ذلك.
وامعانا منهم في الهروب من متطلبات السلام الدائم والعادل، فإنهم لا يتورعون من تحميل شرور سياساتهم للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس الذي لم يؤمن بالعنف يوما من حياته، ولم يمارسه أو يشجع عليه يوما، ووصلت الأمور بنتنياهو أن يصفه بأنه "عديم المسؤولية، وينشر الأكاذيب، وبدل أن يعمد إلى التهدئة فهو يلجأ إلى إشعال الوضع، وبدل أن يثقف شعبه على السلام، فإنه يثقفه على الإرهاب" على حد تعبيره، فهل معارضة الرئيس الفلسطيني لتدنيس الأقصى والاستيطان ومصادرة الأراضي وما يتعرض له شعبه من قتل واهانة عدم مسؤولية؟ ومن الذي يتصف بعدم المسؤولية المجرم أم الضحية؟
إن لا منطقية عقلية القوة العسكرية التي تسيطر على حكام اسرائيل أوصلتهم الى مهاجمة ومعاداة من يخالف منطقهم اللاعقلاني والمخالف للقانون الدّولي ولقرارات الشرعية الدولية، 
وهذه العقلية اللاعقلانية هي التي تجعلهم يربون ويثقفون شعبهم على الخوف من السلام العادل، ومنطقهم في ذلك هو تغييب الحكمة والعقل، لايمانهم بأن ما لا يمكن حله بالقوة يمكن حله بقوّة أكبر. وهذه الثقافة اللاعقلانية هي التي قادت إلى اغتيال رئيس وزرائهم الأسبق اسحاق رابين بيد يهودي تربى ونشأ على الايمان بسياسة الحروب والتوسع والاحتلال.
والايمان بضرورة تحقيق مشروع"اسرائيل الكبرى" هي التي جعلت حكام اسرائيل يفوّتون فرصة السلام التاريخية مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مع أنه كان الشخصية الأكثر قبولا من شعبه وأمته والعالم أجمع، وهاهم يفوّتون الفرصة مع الرئيس محمود عباس وما يمثله من نهج سلميّ "لا يرى بديلا للحلّ من خلال المفاوضات إلا المفاوضات" بل يناصبونه العداء ويحاولون التخلص منه كما تخلصوا من سلفه الرئيس ياسر عرفات. وبالتالي فهم حريصون على افتعال الأزمات للهروب من متطلبات السلام العادل، الذي يحفظ حقوق دول وشعوب المنطقة، والذي لن يتحقق إلا بتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف بعد كنس الاحتلال وكافة مخلفاته، حسب قرارات الشرعية الدولية.