مفجرو المصالحة أمام "حماس"!
تاريخ النشر : 2014-11-10 10:00

التفجيرات التي طالت منصة الاحتفال بالذكرى العاشرة للخالد ياسر عرفات وبيوت قيادات حركة فتح في قطاع غزة لم تعلن أي جهة يعتد بها مسؤوليتها عنها ، رغم أن كثير من الدلائل تشير بوضوح للتقصير، إن لم يكن التواطؤ من بعض أطراف في الجهة الحاكمة للأرض في غزة .
وفي ظل رفضنا المطلق لمنطق الاتهام من أي جهة جاء، و لأي جهة اتجه فان الكشف عن المنفّذين للعمل العدواني يمثل بحقيقة الأمر اعترافا بالمسؤولية الأخلاقية على الأقل من جهة، وردا للتهمة من قبل الجهة المعنية بالتحقيق و هي ذات الثقل الميداني على الأرض أي بوضوح حركة حماس.
كان موقف حركة فتح صاخبا ما بين إتهام مباشر أو ضمني لحماس، ما لا أقبل فيه شخصيا إلا بالدلائل المادية الواضحة، رغم أن المعطيات التي سبقت التفجيرات من تحريض مستمر و شحن بذيء وتمرير أحقاد بدِلاء (جمع دلو) كراهية كثيرة قاده عدد من قيادات حماس يؤهل حتما لما حصل، وكان أن جُهّز المسرح لأي اعتداء من الممكن أن تستغله أي جهة داخل حركة حماس أو خارجها، وليس من حركة فتح قطعا.
من المهم لحركة حماس أن تكشف عن الفاعلين كي لا تظل وصمة عار الانقلاب عام 2007 وما سبقه ولحقه يطاردها طوال حياتها، وتظل هذه الفعلة الشنيعة التي لم تعتذر عنها حماس حتى الآن سببا يمكن استجلابه حين التحليل لأي فعل عدائي.
إن قيادة حماس لم تتخذ مواقف حازمة من الاعتداء الآثم؟! فمنها من صمت صمت القبور ومنها من خطب يوم الجمعة صارخا حانقا كالعادة، و آثر أن يشتم حركة فتح و الرئيس من على منبر الرسول (ص)، ويتهم السلطة بمعاداة الأقصى والمتظاهرين في كلام أقل ما يوصف به أنه كذب صُراح وفجور، و لم يتعرض المذكور بالمقابل للتفجيرات المرعبة التي أصمت أذنيه في غزة.
ومن حماس من أدان التفجيرات بخجل أو بالإشارة بأصابع الاتهام لفئات أخرى غير حماس -في حركة فتح- ما يعني جماعة محمد دحلان بالطبع و التي وان اختلفت في جسد الحركة لم يكن خلافها إلا في سياقه الوطني غير العنيف،. وما كان العنف سمة حركة فتح منذ انقلاب 2007 الذي قابلته بخفض السلاح.
اتهمت فئات أخرى تنظيمات مثل"داعش" أو التيارات "السلفية الجهادية" في غزة إلا أنها تسارعت للنفي، مما يجعل من استخفاف حماس بالكشف عن الفاعلين مدعاة للاتهام الحقيقي، ولا يغنيها نفي علاقتها بالجريمة، أو التذرع بالقول أنه كان من المتوجّب أولا الكشف عن قتلة ابوعمار؟! اذ لا مقارنة ،بل لا يجوز المقارنة بالتقصير، على فرضية أن هناك تقصير بشأن الكشف عن قتلة الخالد أبو عمار.
حماس القيادة العليا التي آثرت الصمت كعادتها في المفاصل، تفعل ما يريده المخرّصون في غزة (بل والإقليم) ؟! فهل هي في شقاق مع أطراف أخرى تعبث في أمن غزة ؟ وأمن حماس؟ أم هي مبسوطة مما يحصل ؟ أم لعلها تنتظر النتائج ؟ وفي جميع الأحوال يصبح غير مفهوم أن الإدانات تأتي من اللحظة الأولى للعمل الاجرامي من الجهاد الإسلامي والشعبية، وكافة الفصائل وتتلكأ حماس، المسيطر الفعلي على الأمن في غزة؟! ثم يدين بعضها مع إشارات اتهام واضحة لغيرها،وتنفض يدها من الكشف عن هوية المجرم أو المجرمين.
لعلنا لا نذهب بعيدا عندما نقرر أن في حماس تيار متضرر من انتهاء عصر الأنفاق، وأفول شمس الهيمنة الباطلة على شعبنا بالإتاوات والشعارات في غزة، فالملايين تتبخر كما يتبخر معها تجار الأسلحة والمخدرات والسيارات والبشر، بينما قطاع واعي في حماس قد تنفس الصعداء لانتهاء عصر عبودية المال والهوى والقداسة الموهومة لأشخاص ستثبت الأيام حقيقة اتجاههم،حيث نسر ونأمل الاستمرار من هذه المجموعة الحاذقة في حماس التي لا تكف عن إصدار التصريحات الوازنة والمحترمة.
إن المطلوب منا في حركة فتح عدم التعجل بالاتهام على ما هو الحال في حماس العجولة دائما في الاتهام وتكراره في كل مواقعها وفضائياتها، بل علينا تحرى الدقة وإتباع القانون، والحق أولى أن يتبع .
تجد حماس -أو تيارها الكاره للمصالحة- نفسها في ضرورة حرف الأنظار الدائم عن خيبتها ونكوصها وعدم قدرتها على تلبية متطلبات شعبنا، باتهام السلطة وشتمها بإدعاء أنها تعمل ضد الأقصى والقدس؟! وأنها ضد الشعب؟ وإنها تتآمر مع العدو أمنيا، ما نراه يوميا في تصريحات الكثير الذين لن نكرر الإشارة لأسمائهم فيما تجدونه في تصريحات الأيام القليلة الماضية،وفيها ما يعيب ويسئ إلينا واليهم ولشعبنا عامة.
وهذا التيار الاتهامي الاقصائي في حماس ليس غريبا عن طريقة التعبئة الداخلية ذات الطابع الاستئثاري (قطبي التجهيل للغير) الذي يقدس الذات ويفرض امتلاكه الحقيقة المطلقة. ولكن مع عدد من المتنورين الذين اجتهدوا مع عزام الاحمد للوصول للمصالحة لا أظنهم يقبلون دوام الانشقاق والانقلاب، ففلسطين والشعب أولى من الحزب والحزبية ومن افتراض القداسة الموهومة.
دعونا نخرج من مربع الاتهامات أو رد الاتهامات وان كان كل صغير وكبير في غزة يشير للجهة الحاكمة للأرض في غزة أنها من قام أو سّهل أو مهّد أو دفع لفعل الجريمة الشنعاء، أو في الحد الأدنى يعلم.
نقول دعونا نخرج، ما يعنى ضرورة أن تُظهر حماس الحقائق باعتبارها الحاكم بأمره الميداني في غزة، وتقدم الفاعلين للعدالة دون أي مماطلة أو تأخير، إن حصل مثل هذا التأخير لن يكون إلا ضارا بها وبالشعب والقضية عامة.
إننا في ظل اضطراب بالإقليم مخطط له مستهدفون، ونحن في ظل العجز العربي مشمولون بالعجز عن الوحدة ومستهدفون بالتفتيت، ومهما كانت الجهة المنفذة للتفجيرات فان المستفيد الأول سواء مما يحدث في ليبيا أو سوريا أو العراق او غزة او اليمن هو خط (نتنياهو) الإجرامي.
قد لا ننتظر كثيرا فأهل فلسطين في كل مكان، وفي غزة الذين يحبون ويجلّون ياسر عرفات، يستطيعون أن يستدلوا على الفاعل لتفجير منصة إحياء ذكراه المترافقة مع تفجير منازل قيادات الحركة هناك، إن قصرت جهات السيادة الحقيقية في ذالك، وأيّ كان الفاعل فهو قطعا لا يمثل الشعب .