انحدار أميركي
تاريخ النشر : 2023-02-06 13:09

لم تأت شخصيات صنع القرار التنفيذي السياسي والأمني الأميركية الثلاثة: وزير الخارجية، مدير المخابرات، مستشار الأمن القومي، بجديد في توافدهم المتكرر والمكثف لقلب العالم العربي، إلى فلسطين، سوى إبداء القلق نحو المستعمرة والخشية عليها، وحمايتها وضمان تفوقها، عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً، وإظهار القلق بسبب الفعل الكفاحي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

سياسة خربة منتجة لمواصلة الاحتلال والظلم والعسف والقتل اليومي للشعب العربي الفلسطيني، من قبل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، سياسة أميركية لا تتمتع بحسن النية، تخلو من أي دوافع إنسانية، تفتقر للمهنية والموضوعية، لا تملك القدرة للتعامل باتزان بين الظالم والمظلوم، بين الجلاد والضحية، بين المحتل المستعمر الفاشي العنصري، وبين الشعب الذي يُعاني ويتوجع من بسط وهيمنة وسلوك المحتل المستعمر.

التطابق بين رجالات صنع القرار التنفيذي السياسي والأمني، وبين سلطة التشريع الأميركية، ظهر جلياً في قرار مجلس النواب بفصل النائب ألهان عمر من عضوية لجنة الشؤون الخارجية لأنها تنتقد سياسة المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني، وتنتقد السياسة الأميركية المؤيدة الداعمة لسياسات المستعمرة وأذاها وما تتسببه من قتل وتدمير وخراب للإنسان وللمعالم في فلسطين.

ألهان عمر التي وصلت للولايات المتحدة لاجئة فقيرة من الصومال المعثر، فرضت حضورها بثقافتها ووعيها وحُسن إدارتها السياسية والاجتماعية كي تُنتخب نائب في البرلمان الأميركي.

لم تنس أصلها وماضيها وتحمل الإصرار الدائم على ماهيتها: سمراء أفريقية، تحمل الوجع والهم لشعبها ولشعوب العالم المظلومة وتطلعاتها نحو الحرية والكرامة والاستقلال.

وكما قالت لن ترحل ولن تختفي ولن تتراجع، بل زادت إصراراً على مواصلة طريقها نحو تحقيق المساواة والكرامة لكل الأميركيين كمواطنة وكنائب، بل ولكل شعوب الأرض وفي طليعتهم الشعب العربي الفلسطيني، وفي رسالتها وردها على مشروع قرار الفصل أمام مجلس النواب قالت: 《أنا لم أت إلى الكونغرس لأن ابقى صامتة بل لأمثل صوت المعذبين واللاجئين الذين يرزحون تحت الاحتلال》.

الاغلبية الجمهورية 218 صوتت من أجل فصلها من لجنة الشؤون الخارجية، والاقلية الديمقراطية 211 وقفت إلى جانبها باعتبارها عضو لدى الحزب الديمقراطي، تنتمي للجناح اليساري في الحزب الذي يتسع ويتعمق، ويزداد تأثيراً يقوده بيرني ساندرز بقوة وحكمة ولكنه مازال الحلقة الأضعف في صنع القرار لدى الحزب الديمقراطي.

النهوض العربي لدى الولايات المتحدة ومن ضمنه الفلسطيني الإسلامي الافريقي واللاتيني، يكبر ويتسع وبات له تأثير واعتبار أولي، ويسير بإتجاه تعزيز مواقفه السياسية والبرلمانية والإعلامية، وهو مبشر بغد أفضل لصالح هذه القوى والاتجاهات التقدمية الديمقراطية الأميركية، وما ردود أفعال الاتجاهات اليمينية العنصرية لدى الحزب الجمهوري سوى رداً على ما تفعله وتعلنه الاتجاهات الديمقراطية، والمعبر عنه في قرار فصل النائب ألهان عمر من لجنة الشؤون الخارجية لدى مجلس النواب الأميركي.