"كاسات المنسف".. أكلة لذيذة مغمسة بمعاناة الأوضاع الاقتصادية
تاريخ النشر : 2023-02-04 15:00

غزة- صافيناز اللوح: على أعتاب البطالة ومواجهة الوضع الاقتصادي السئ في قطاع غزة، تخرج شبان وسط أنغام الموسيقى وفرحة الأهالي، ووقوف المئات من الحاضرين يصفقون لهم ابتهاجاً بإنهاء سنوات الدراسة المتعبة للانتقال خارج أسوار الجامعة، إلى مرحلة العمل لتأمين مستقبلهم، فيتصادمون بواقع مرير أنهك حياتهم، في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من عقد ونصف.

فبعد أربعة أعوام من الدراسة ودفع تكاليف باهظة لسنوات تعب مرت، ليحصل الطالب على شهادته كي تكون تغييراً جذرياً في حياته، فعدم توفر فرص العمل في قطاع غزة، أجبرت غالبية شبابه على افتتاح مشاريع خاصة للبيع على "بسطات" في شوارع وأزقة المدن والمناطق الحيوية، لتكون تلك المشاريع انقاذ حياة قلوب أقلتها مر الوضع الاقتصادي والخلافات السياسية بين المسئولين.

أكثر من 230 ألف عاطلاً عن العمل في غزة..

وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد العاطلين من العمل أكثر من 15 سنة 372 ألف شخص عام 2021 توزعوا على 230 ألفاً في قطاع غزة و142 ألفاً في الضفة الغربية. 

وبلغ معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و29 عاماً من الخريجين الذين يحملون شهادة الدبلوم المتوسط أكثر من 53 في المائة يشكلون نسبة 27 في المائة من إجمالي العاطلين من العمل. 

وعلى مستوى المنطقة بلغ معدل البطالة للشباب الخريجين في الضفة الغربية 36 في المائة مقابل 74 في المائة في قطاع غزة.

من فرحة التخرج إلى مر الحياة..

عمر أبو الخير (26) عاماً من بلدة جباليا شمالي قطاع غزة، خريج المحاسبة الإنجليزية من جامعة الأزهر.

قبل شهر ونصف من تاريخه،  افتتح عمر مشروعه "كاسة منسف" في منطقة الجندي بحي الرمال وسط مدينة غزة.

عمل عمر أبو الخير، في شركة جوال بعد تخرجه من الجامعة، ومن التخصص الذي أحب ودرسه، لينتهي عقده ومن ثم يذهب إلى تنفيذ مشروع "كأس منسف" بمساعدة، زوجته التي تعد الطبق الشهي، وذلك بحثاً عن فرصة عمل تنهي مأساة البطالة في قطاع غزة، بسبب الحصار وسوء الأوضاع الاقتصادية.

إقبال كبير..

اقبال كبير من قبل المواطنين بحسب ما تحدث به "ابو الخير لـ"أمد"، حيثُ قال: أنّ العديد من الزوار يواصلون زيارته لتناول هذه الوجبة وخاصة أولئك الذين عاشوا في الأردن أو الضفة الغربية، لأنّ عمله في قطاع غزة محدود.

وأضاف، أنا "كنت مستعداً في أحد الأيام لمواجهة مصاعب الغربة خارج قطاع غزة، لكنني وطني، وأنشأت هذا المشروع حتى أجبر نفسي على عدم السفر رغم أنني قمت بتجهيز كافة الإجراءات لذلك.

فكرة كأس المنسف راودت أبو الخير بحسب ما قاله لـ"أمد"، حين زار شقيقه في الأردن قبل سنتين، وتعلم الطريقة الأصلية لتحضير هذه الوجبة بواسطة زوجته، فيما أخذ هذا المشروع من مدينة نابلس التي يبيع بعض بائعيها المنسف بالكاسات.

ويحاول أبو الخير كما تحدث مع "أمد"، أن يكبر مشروعه مؤكداً أنّه سيستمر فيه حتى لو حصل على فرصة عمل بمجادل دراسته.

إذن.. يحاول الشباب الغزي القفز ولو بصعوبة، لتخطي مرارة المعيشة والواقع المؤذي لهم، لتجنب دمار حياتهم رغم حدوثها، لإعطاء ذلك الواقع فرصة جديدة علّ القادم يصبح أفضلاً وسط خيبات الأمل التي حصدونها من الحصار الإسرائيلي أولاً وانقسام الوطن بقرار فلسطيني ثانياً.