روافع أردنية لفلسطين
تاريخ النشر : 2014-11-09 11:31

كما حصل من قبل ، ولأول مرة في ذلك الوقت ، حينما تم تشكيل لجنة وطنية أردنية من قادة الأحزاب اليسارية والقومية ، للإحتفال والتضامن مع نضال الشعب العربي الفلسطيني في يوم إنطلاقة ثورته الوطنية في الأول من كانون الثاني عام 1965 ، كان ذلك عام 2012 ، وتكرر عام 2013 ، وكان حصيلة الفهم الوطني الفلسطيني ، والإرتقاء إلى مستوى كيفية جذب الأحزاب السياسية الأردنية الأقرب إلى فهم وطبيعة النضال الوطني الفلسطيني ، وإشراك الأردنيين عبر أحزابهم القومية واليسارية في الإهتمامات الفلسطينية وتوسيع دائرة المؤيدين أو على الأقل الحفاظ عليهم ، وتطوير العمل المشترك معهم .

لقد نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات في نقل الموضوع الفلسطيني برمته وقيادته من المنفى إلى الوطن ، من خلال إتفاق أوسلو عام 1993 ، وتضحيات الإنتفاضة الأولى عام 1987 ، بإستثناء قضية اللاجئين ، ولذلك أصبح النضال الوطني الفلسطيني على الأرض ، وداخل الوطن ، في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي مباشرة ، العدو الوحيد للشعب الفلسطيني ، الذي لا عدو للفلسطينيين سواه ، وتحول فعل الأردنيين والسوريين واللبنانيين ، إلى فعل الدعم والتضامن والتأييد لنضال الفلسطينيين على أرضهم وداخل وطنهم بعد أن شهدت السنوات ما قبل أوسلو معارك جانبية تصادم فيها الفلسطينييون مع الأردنيين والسوريين واللبنانيين ، بصرف النظر من يتحمل مسؤولية هذه الصدامات من الجانبين ، ولكنها كانت بين الأخ وأخيه وبين الشقيق وشقيقه ، وهي خسارة أكيدة للفلسطينيين في كل الأحوال .

إحتفال الأردنيون ، عبر اللجنة الوطنية التي تشكلت في حينه من د . منير حمارنة أمين عام الحزب الشيوعي الأردني ، وأكرم الحمصي أمين عام حزب البعث العربي الإشتراكي ، وفؤاد دبور أمين عام حزب البعث التقدمي ، وعبلة أبو علبة أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني ، ونجيب القدومي أمين سر حركة فتح في الأردن ، والمهندس رايق كامل عن النقابات المهنية ، والنائب السابق حمادة فراعنة عن قطاع الصحفيين والكتاب بمثابة رافعة ، ومدماك أول ، لإرساء تقاليد الدفع بإتجاه الإحتفال من قبل الأردنيين بمناسبات الفلسطينيين لا أن يحتفل الفلسطينييون بمناسباتهم ، وهو توجه ثمنه الرئيس أبو مازن في حينه وأيده ، وإتصل بكل من الذوات حمارنة والحمصي ورايق كامل شاكراً لهم مبادرتهم تلك ، والتي تواصلت إلى الأن ، ذلك لأن التحولات السياسية الجارية في العالم وفي الوطن العربي أفقدت منظمة التحرير الفلسطينية الكثير من شبكات الأمان ، وروافع الدعم التي كانت متوفرة لها ، وغابت عن فصائلها وسائل الدعم والإسناد بفعل نتائج الحرب الباردة التي أدت إلى هزيمة المعسكر الإشتراكي وغياب الإتحاد السوفيتي 1990، وإحتلال العراق وتدمير قدراته بعد محاصرته 1991 – 2003 .
الفهم السياسي العميق من قبل قيادات فلسطينية وأردنية ، دفع نحو إلتقاط أهمية تضامن الأردنيين عبر أحزابهم اليسارية والقومية ، وعدد من النواب ، وخاصة نواب لجنة فلسطين النيابية وزياراتهم لفلسطين ، عمق هذا الفهم وأطلق المبادرات بإتجاهه ، وها هي مؤسسة ياسر عرفات تسير على نفس النهج الأردني والمبادرة الفلسطينية بإتجاه جعل الأردنيين وشخصياتهم من يحتفل بالمناسبات الفلسطينية ، تأكيداً على الشراكة في مواجهة العدو القومي المشترك ، ودعماً لنضال شعب فلسطين على أرض وطنه من أجل قضيتيه المركزيتين : 1- حقه في الإستقلال وفق القرار 181 ، و2- حقه في العودة وفق القرار 194 ، وما يؤدي ذلك إلى حماية الأردن من أطماع المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي .
مؤسسة ياسر عرفات ، ستحتفي بالذكرى العاشرة لإستشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات ، وسيكون ذلك تحت رعاية رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي ، يوم الخميس 13/11/2014 ، وستكون كلمة المؤسسة للشخصية الأردنية البارزة ممدوح العبادي ، نائب رئيس المؤسسة ، وكلمة لفيصل الفايز ، رئيس الوزراء الأسبق نائب رئيس مجلس الأعيان ، ويدير المهرجان أقدم نائب في البرلمان الأردني عبد الكريم الدغمي ، إضافة إلى كلمة للرئيس الفلسطيني سيقدمها أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح .
الإحتفال عنوانه ياسر عرفات ، وتقوم به مؤسسة فلسطينية عربية عريقة هي مؤسسة ياسر عرفات ولكن الرعاية والكلمات والأدارة لأربعة شخصيات أردنية هي : عبد السلام المجالي وفيصل الفايز وممدوح العبادي وعبد الكريم الدغمي ، وهم ولا شك يمثلون أكبر العشائر الأردنية ، أليس ذلك دعماً وقوة لفلسطين ؟؟ .
الذين دعوا إلى هذا التوجه ، نحو تبني الإحتفالات والمناسبات الفلسطينية وجعلها واجباً وطنياً وقومياً أردنياً ، إنما سعوا لخلق ، أو إعادة خلق الحاضنة الشعبية العربية للقضية الفلسطينية ، وللنضال الفلسطيني ، سواء في منطقة الإحتلال الأولى عام 1948 ، أو منطقة الإحتلال الثانية عام 1967 ، بعد أن فقدت الحاضنة العربية دورها مع الفلسطينيين أو تراجعت أو ضعفت ، فحركة فتح ومعها فصائل العمل الوطني ، فقدت حاضنتها العربية اليسارية والقومية بسبب نتائج الحرب الباردة وإحتلال العراق ، وحركة حماس ليس فقط فقدت حاضنتها العربية ، بسبب هزيمة الإخوان المسلمين وتراجع دورهم ، بل غدت حاضنتها العربية حركة الإخوان المسلمين عبئاً عليها ، ولذلك تدفع حركة حماس ثمن إنتمائها وعضويتها وإمتدادها لحركة الإخوان المسلمين في فلسطين .
ومن هنا على خلفية ضعف الحاضنة العربية لحركة فتح ، وعبأ الحاضنة العربية لحركة حماس ، وبسبب هزيمة التيار اليساري وإخفاق التيار القومي ، دفع الشعب الفلسطيني الثمن أمام قوة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وتفوقه ، ورداً على هذا يأتي التضامن والإسناد الأردني من قبل أحزابه القومية واليسارية وشخصياته الوطنية الرفيعة ، كبوابة لإستعادة الحاضنة العربية اليسارية والقومية المطلوبة والضرورية للنضال الفلسطيني .

[email protected]