تقدير موقف: جنين وتصعيد ذات دلائل استراتيجية على الساحة الفلسطينية
تاريخ النشر : 2022-12-08 12:12

قامت قوات الاحتلال فجر أمس الخميس باغتيال ثلاثة من الشبان الفلسطينيين في عملية عسكرية فجر اليوم، وهم الشهداء عطا شلبي و صدقي زكارنة و طارق الدمج.

وسبقت هذه العملية مناوشات واسعة ودقيقة بين قوات جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية بالمدينة، وهو ما يزيد من تعقد الموقف على أكثر من جهة، خاصة وأن كلا من كتائب القسام وكتيبة جنين أعلنتا رسميا بالأمس عن مسؤوليتهما عن خوض اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في جنين، وهو ما يشير إلى دقة الموقف وإمكانية استمرار المواجهات بلا توقف بين هذه الفصائل وإسرائيل.

ما الذي يجري؟

تتواصل عمليات المقاومة النوعية التي تقوم بها بعض من الفصائل الفلسطينية في مدينة جنين ، وهي العمليات التي بات لها تأثير بالغ على الاستقرار بالمدينة لعدة أسباب أبرزها:

1- أن الكثير من سكان مدينة جنين يعتمدون بصورة أو بأخرى على حركة البيع اليومي والنشاط التجاري أو الاقتصادي لبضائعهم بصورة يومية.

2- يسعى الكثير من رجال الأعمال الفلسطينيين سواء بالقدس أو بجنين دوما إلى ربط المدينة بالرحلات السياحية القدمة من القدس او من بقية المدن الفلسطينية ، خاصة مع الامتيازات التي تتمتع بها المدينة من جودة بالأسعار ، ومرافق متميزة ، ووجود مناطق ومرافق تساعد السائحين على قضاء أوقات متميزة بالمدينة والحضور إليها.

غير أن ما يجري سيكون له بعض من التأثيرات الدقيقة التي يمكن تلخيصها في الآتي:

أ‌- تخوف الكثير من السائحين أو حتى رجال الأعمال على الاستثمار بالمدينة في ظل التصعيد الحاصل بها.

ب‌- هناك نية إسرائيلية للقبض على قيادات المقاومة بالمدينة ، وهو نا يقابله بالطبع مقاومة شديدة وشرسة من قيادات الفصائل ، الأمر الذي يجعل من جنين دوما بؤرة للمقاومة لا تنتهي ، وهو ما يجعلها دوما منطقة ذات بؤرة ساخنة ، الأمر الذي ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي للمدينة.   

ج- يعيش السواد الأعظم من سكان جنين مثل غيرهم من الفلسطينيين على العمل بالداخل الإسرائيلي او العمل اليومي ومنذ التصعيد الأخير بالمدينة قامت الحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة يائير لابيد "بتقليل" نسب أعداد العمال الفلسطينيين الحاصلين على تصاريح عمل بالداخل الإسرائيلي ، وهو ما أعترف به وزير الدفاع بيني غانتس صراحة في أكثر من لقاء ومناسبة أخيرا.     

تزامن وتطورات  

يتزامن التصعيد الحاصل في جنين أيضا مع عدد من التطورات السياسية أبرزها:

1- الإعلان عن قرب اجتماعات المصالحة الفلسطينية بالجزائر بين الفصائل المشتركة.

2- حديث الرئيس محمود عباس عن حتمية زوال الاحتلال ، وهو الحديث الذي تزامن مع انعقاد المجلس الثوري لحركة فتح

3- وجود محاولات سياسية من أطراف إقليمية وسياسية عربية بالمنطقة من أجل توسيع حيز ونطاق الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل ، وتجلى هذا مع الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لكلا من البحرين والإمارات أخيرا.

تقدير استراتيجي

بات من الواضح إن حالة التصعيد الأمني والسياسي التي تعيشها جنين وبقية المناطق الفلسطينية ستتواصل بلا توقف ، الأمر الذي سيكون له تداعيات بارزة على ملف الاستقرار والقضية الفلسطينية برمتها ، خاصة وإن وضعنا في الاعتبار دقة التطورات المقبلة ووجود أكثر من تطور يمكن أن يؤدي لتغيرات استراتيجية في مسار الأحداث بالمنطقة.