لن أذهب لمحكمة الجنايات..!
تاريخ النشر : 2013-11-14 07:15

علمنى أبى أن أعيش واقفاً وأموت واقفاً.. فكيف أخشى الإحالة إلى محكمة الجنايات؟!.. كيف أخاف السجن وأنا الذى وضعنى «محمد مرسى وإخوانه» على رأس قائمة الاعتقالات؟!.. يقولون إن المرء يختار طريقه وفقاً لأقداره.. وأنا اخترت منذ زمن بعيد أن أعيش بين سطور الصحافة.. وأن أموت بين زملائى وليس أسرتى..!

تلقيت مئات الاتصالات والرسائل من أحباب لا أعرف أغلبهم: لماذا وكيف تتم إحالتك إلى محكمة الجنايات «مرة واحدة» بتهمة سب وقذف وإهانة القضاء، فى قضية قديمة يرجع تاريخها إلى يناير 2012 حين كنت رئيساً لتحرير «المصرى اليوم»؟!.. هل طبيعى ومنطقى وقانونى أن تحال إلى «الجنايات» من قاضى التحقيق دون استدعاء أو استجواب أو «س» و«ج» أمام القاضى الذى يؤدى دور ومهام النيابة العامة؟!.. هل فى الأمر شىء؟.. ولماذا مع هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الذى عيّنه الإخوان باعتباره «أحد رجالهم»؟! وكيف ستقف معه أمام القضاء فى قاعة واحدة؟! وهل ستدخل سجن طرة مع رموز النظام الأسبق «مبارك» والنظام السابق «مرسى»؟!.. أم ستعزل فى سجن آخر خوفاً على حياتك منهم جميعاً؟!

غير أن السؤال الذى شغلنى أكثر هو: لماذا احتفى «الإخوان» بخبر إحالتى لـ«الجنايات» على صفحاتهم بشبكة التواصل الاجتماعى.. ولماذا بثته «الجزيرة» عدة مرات بلهجة شماتة، ولسان حالهم جميعاً: شوف.. هتتسجن فى العهد الجديد والمرحلة الانتقالية الديمقراطية؟!.. وفى ذاك مفارقة طريفة.. فالإخوان يقبلون سجن رجلهم «هشام جنينة» ما دمتُ سأدخل السجن معه.. وأنا أرحب بسجنى إذا «ربطونى بكلبش» واحد مع «جنينة»..! أى حقد هذا وكراهية تلك التى يحملها «الإخوان» لى إلى حد استهدافى بمحاولة اغتيال، وكأن «مرسى» سيعود إلى «الكرسى» إذا قدموا رأسى له فى حفل «دماء»..؟!

وبعيداً عن شماتة الإخوان واحتفاء «جزيرتهم القطرية».. لا أرى ثمة قضية فى القضية التى سينظرها القضاء.. فلا شىء يخيف الصحفى سوى فقدان ثقة قارئه.. وربما يكون الوقت مناسباً لأكشف لكم وحدكم عن وقائع لم أذكرها من قبل: ففى أثناء ثورة يناير 2011، كانت صحيفتى «المصرى اليوم» تحمل سيف ورمح الثورة فى وجه نظام «مبارك».. ولأن الأمر تطور بسرعة وبات الخطر على رقبة النظام تلقيت تهديداً مباشراً بالاعتقال بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.. وكان الرد على صفحات الجريدة «إنذار.. والشعب قرر إسقاط النظام».. رحل النظام وبقى الشعب وصحافته.. ولأن «الكرسى» واحد والسحنة واحدة، تلقيت نفس التهديد قبل ثورة 30 يونيو 2013 من نظام «محمد مرسى».. بل تجاوز التهديد حدود ما حدث فى ثورة يناير، إذ اتصل بى وزير بارز فى حكومة «قنديل»، وأخبرنى أن قائمة المعتقلين أمامه، واسمى فيها التاسع بين السياسيين المعارضين والإعلاميين.. وكانت التهمة ذاتها «محاولة قلب نظام الحكم»..!!.. وكان الرد فى «الوطن» ذاته: «الشعب قرر إسقاط الإخوان»! ورحل «مرسى» وجماعته، وبقى الشعب وصحافته!!

الشعب بيتى ودرعى وحصنى.. ففى الصحافة المصرية عشرات مثلى وأفضل وأشرف منى.. جميعهم لا يخافون إلا خالقهم، ولا يهابون سوى شعبهم.. فكيف نخاف السجن أو الاعتقال أو الاغتيال فى الشارع؟!.. ومنذ أسبوعين تسربت معلومات للأجهزة السيادية والأمنية والعسكرية أن صحيفة «الوطن» تنوى نشر فيديوهات بالصوت والصورة من داخل مقر احتجاز «مرسى» شديد الحراسة.. تلقيت على مدى اليوم السابق للنشر عشرات الاتصالات من مصادر وشخصيات مقربة من تلك الأجهزة: لا تنشر.. الجيش سيغضب لأنك اخترقت مقر الاحتجاز الذى تحرسه قوات الصاعقة وفرقة 777 و999.. لا تنشر لأنك صوّرت وسجلت من داخل قاعدة عسكرية.. لا تنشر لأن الجيش ربما يقدمك لمحاكمة عسكرية!!.. أغلقت هاتفى وجلست أكتب اعترافات «مرسى»!.. وقرأ الشعب وسمع ورأى التسجيلات والفيديوهات.. ولم تفعل السلطة شيئاً.. أو هى عجزت عن فعل شىء.. ليس خوفاً منى، وإنما لأنها «تعمل مليون حساب» للشعب الذى سيقول: من حقى أن أعرف..!

هل عرفتم الآن لماذا نصمد ونتحدى ونبدو شجعاناً؟!

السر فيكم أنتم.. فنحن نتحصن بكم.. نضع أصابعنا فى عين «الرئيس وسلطاته ورصاصه وسجونه»، بينما نلتحف بحماكم.. لذا فإننى لا أحب ادعاء البطولة، ولا أهوى الزعامة.. فقط أحلم بأن أعيش صحفياً يخدم وطنه وشعبه.. حتى لو كتبت لكم من زنزانة فى سجن يسكنه المجرمون.. أو كتبت نهاية جسدى الراهن رصاصة من «إرهابى» يضع الله على فوهة مسدسه.!

.. السطور السابقة هى -ببساطة شديدة- مذكرة دفاع ومسوغات قرارى: لن أذهب إلى محكمة الجنايات فى قضية «هشام جنينة والقضاة».. فإذا كان قاضى التحقيق لم يأخذ أقوالى قبل إحالتى للمحكمة.. فلتكمل المحكمة القضية دون خضوعى أمامها.. وليصدر الحكم بسجنى.. وللإخوان أن يفرحوا ويحتفلوا.. غير أننى سأطلب وضعى فى سجن برج العرب.. «مرسى» وحشنى جداً..!

عن الوطن المصرية