تفاصيل الساعات الأخيرة التي أرجأت قرار الرئيس عباس بإعلان الانسحاب رسميا من المفاوضات مع إسرائيل
تاريخ النشر : 2013-11-14 02:11

أمد / غزة - أشرف الهور : يقول مقربون من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان الاتصال الذي تلقاه من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مساء الثلاثاء شهد صخبا كبيرا، جرى خلاله توجيه الكثير من اللوم للإدارة الأمريكية، وسجل الرئيس خلاله اعتراضا حادا على مواقف حكومة إسرائيل الأخيرة التي تمثلت بعطاءات لبناء 20 ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية، تجلت بإبلاغ الرئيس للوزير الأمريكي أنه على بعد خطوة واحدة من اتخاذ قرار بالانسحاب من المفاوضات، ما دفع كيري للتدخل بالضغط على تل أبيب لوقف هذه المشاريع.

وتشير المعلومات التي حصلت عليها ‘القدس العربي’ وتشرح اللحظات الأخيرة التي منعت اتخاذ قرار وقف المفاوضات من الجانب الفلسطيني، أن مساعد كيري مارتن إنديك،، بحث قبل اتصال الوزير بالرئيس مسألة الاستيطان والمفاوضات مع الدكتور صائب عريقات رئيس الطاقم الفلسطيني المفاوض، إذ جرى إبلاغه بأن الأمور دخلت في اتجاه مغاير جراء سياسات الحكومة الإسرائيلية، بطرحها العديد من العطاءات الاستيطانية في الأيام الماضية، وآخرها بناء أكثر من 20 ألف وحدة استيطانية في شرقي القدس والضفة الغربية.

وأبلغ عريقات المسؤول الأمريكي أن القيادة الفلسطينية تلوم كثيرا الإدارة الأمريكية، التي تضغط على الفلسطينيين لمواصلة التفاوض، في حين لا تتحرك باتجاه ضغط حقيقي على تل أبيب لوقف مشاريع الاستيطان، وأن إسرائيل بسبب المواقف الأخيرة ستدمر عملية السلام، مبلغا بذلك أطراف اللجنة الرباعية الدولية للسلام. أحد المسؤولين الفلسطينيين قال انه لم يمر كثير من الوقت على انتهاء الاتصال هذا، حتى تلقى الرئيس عباس اتصالا مماثلا لكن هذه المرة من قبل الوزير جون كيري، شهد غضبا من الرئيس، ولام خلاله كثيرا الوزير الأمريكي الذي وضع خطة انطلاق المفاوضات في حزيران (يونيو) الماضي.

وخلال الاتصال قدم الرئيس شرحا واضحا للأعمال الإسرائيلية الأحادية منذ انطلاق المفاوضات، خاصة ما يتعلق بالاستيطان، وأبلغ كيري رسميا بأنه سيشرع في تطبيق قرار القيادة الفلسطينية الذي كرر أكثر من مرة مؤخرا، بعدم السير في المفاوضات طالما بقي الاستيطان قائما، وأنه سيعلن خلال ساعات عن الانسحاب بشكل رسمي من المفاوضات والتوجه فورا للمؤسسات الدولية لتقديم شكاوى ضد حكومة إسرائيل.

المسؤول الفلسطيني أشار إلى أن القرار الفلسطيني بالانسحاب كان قد ‘اتخذ فعلا’، وجرت بشأنه مشاورات بين الرئيس وكبار مساعديه، وجرى إطلاع العديد من الدول العربية ذات الشأن عليه، وأن تلك الدول أجرت على عجل اتصالات بالإدارة الأمريكية لتقديم ما عليها من واجب كراع للمفاوضات، إذا أرادت أن لا تنهار هذه العملية السياسية مجددا.

ولم يدم الوقت كثيرا على انتهاء اتصال كيري بعباس، حتى عاد الأول لإجراء اتصال آخر، جرى خلاله إبلاغ أبو مازن بوقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قرارات البناء الاستيطانية الجديدة، وذلك عقب ضغط كبير من كيري على رئيس الحكومة الإسرائيلية.

وأصدر عقب الضغط الأمريكي نتنياهو امرا إلى وزير البناء والإسكان أوري أريئيل بإعادة النظر في جميع إجراءات التخطيط لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في الضفة الغربية التي أعلنت عنها الوزارة الثلاثاء.

وجرى إبلاغ الوزير من قبل نتنياهو أن هذه الخطوات التي اتخذت بدون تنسيق مسبق ‘لا تساعد الاستيطان بل بالعكس′.

وبحسب ما ذكر فإن نتنياهو قال ان الخطوات التي أعلن عنها ‘لا تنطوي على مغزى قانوني أو عملي وتثير تحفظات في المجتمع الدولي في الوقت الذي نحاول فيه إقناعه بالتوصل إلى اتفاق أفضل مع إيران’. وأعلن في تل أبيب أن الوزير أريئيل استجاب لطلب رئيس الوزراء.

لكن طلب نتنياهو لا يشمل تجميد الوحدات الاستيطانية التي أعلن عن بنائها الأسبوع الماضي.

وكانت الخارجية الأمريكية في خضم مجهودات كيري التي عملت على منع انهيار المفاوضات أعربت عن قلقها حيال إعلان إسرائيل عن العطاءات الجديدة، وطلبت من تل أبيب توضيحات بذلك.

ونقل عن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي قولها ‘نحن قلقون بشدة، لقد فوجئنا بهذا الإعلان ونسعى حاليا إلى الحصول على توضيحات من الحكومة الإسرائيلية’.

وانهارت الجولة السابقة من المفاوضات بين الطرفين قبل ثلاث سنوات، بسبب رفض إسرائيل وقتها تمديد قرار تجميد الاستيطان.

وانطلقت مفاوضات السلام الجديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفق خطة الوزير كيري مطلع يوليو الماضي، على أن تدوم تسعة شهور يتم خلالها الاتفاق على كل ملفات الحل النهائي، يتخللها إفراج إسرائيل على الأسرى القدامى، وعدم ذهاب الفلسطينيين لطلب عضوية المنظمات الأممية.

ويقول الفلسطينيون أن الاتفاق يشمل أيضا وقف الاستيطان في المناطق الفلسطينية بما في ذلك القدس الشرقية، ولم تنجح المفاوضات التي تجري وعقد لها العديد من جلسات التفاوض في التوصل لغاية اللحظة لأي حلول.

وسبق وأن كشف عضو الوفد الفلسطيني المفاوض محمد أشتية قبل أيام أن الجانب الفلسطيني يرفض التوصل إلى اتفاق انتقالي جديد مع إسرائيل، ملمحا إلى الاتجاهات التفاوضية التي تطرحها إسرائيل خلال المفاوضات.

وكان الرئيس عباس حذر مساء الثلاثاء إسرائيل من مغبة السير في نهج الاستيطان، وقال انها بذلك ‘تعلن نهاية عملية السلام’، حال لم تتراجع عن قرار البناء الأخير.

وقال الدكتور عريقات انه تلقى تعليمات من الرئيس أجرى عقبها ليل الثلاثاء اتصالات مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية وأعلمتهم انه بهذا الإعلان تكون الحكومة الإسرائيلية أعلنت رسميا عن إنهاء المفاوضات وإنهاء عملية السلام.

وأضاف في تصريحات صحافية ‘أكدنا أن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك وسيكون هناك اجتماع في الساعات القادمة للقيادة الفلسطينية من اجل بحث هذا التطور الخطير ويمكن القول إن كل الخيارات مفتوحة’.

عريقات أكدت أن من بين الخيارات سيكون التوجه إلى مجلس الأمن، والمنظمات الدولية والجامعة العربية.

هذا وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية الرباعية الدولية والولايات المتحدة الأميركية، بتحمل مسؤولياتها وفقاً للقانون الدولي، ودعتهم إلى عدم الاكتفاء بالإدانات التي أصبحت تتعايش معها الحكومة الإسرائيلية، واتخاذ الإجراءات السياسية والقانونية والدبلوماسية اللازمة لوقف العمليات الاستيطانية، حماية للمفاوضات، ولمبدأ حل الدولتين، وحفاظاً على الأمن والاستقرار في الإقليم برمته.

وقالت في بيان لها ان استمرار الحكومة الإسرائيلية في عمليات نهب الأراضي، وتهويد القدس والبناء الاستيطاني، سيؤدي إلى توجه القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة ومؤسساتها ومنظماتها، ووكالاتها لطلب الحماية الدولية لدولة فلسطين، وأرضها ومواطنيها، ومطالبتها باتخاذ الإجراءات القانونية الدولية التي تضمن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ومحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم.

"القدس العربي"