الى متى سنبقى نطعن بأنفسنا ؟
تاريخ النشر : 2013-11-13 16:07

رحل عنا الرئيس ياسر عرفات قبل تسعة أعوام ، ولكنه باقي بتاريخه وسيرته النضالية , فهو حيٌ في ذاكرتنا وقلوبنا , إلا انه ، وبكل مرارة انه وفي ذكراه العطرة على قلوب الشعب الفلسطيني ، نسمع من البعض ما لا يجب ان نسمعه عن أبو عمار رحمه الله .

افلا يجب ذكر محاسن موتانا ؟

افلا يعي هؤلاء المتحدثين عنه , أن الياسر أبو عمار ما هو إلا بشر من خلق الله وليس ملاك , وانه من الطبيعي جداً ان تكون له اخطاء كغيره من البشر , فالأخطاء في تجربته النضالية أمر حتمي ولابد منه . وإلا لا نستطيع وصفها بالظاهرة الإنسانية ، التي من الممكن تداولها بين الاجيال الحالية والقادمة لأخذ العبر والدروس منها , وإن لم يكن لتلك الأخطاء من مكان بهذه التجربة فإننا سنتحدث عن عالم الملائكة , وهو امر ليس بالمعقول الحديث عنه من قبلنا كبشر , لأنه عالم غيبي ولا يعلمه إلا الله عز وجل.

ومن هذه النقطة اشير وأؤكد أن الانجازات التي حققها هذا الرمز الفلسطيني ، ليست بالانجازات الشخصية , بل هي انجازات لنا نحن الكل الفلسطيني اينما كنا , بدءاً من تكريس هويتنا الفلسطينية على الخارطة الدولية , ووصولاً الى تكريس النواة الأولى لمؤسساتنا الفلسطينية على الارض الفلسطينية , لتحقيق حلم الدولة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

فتلك الانجازات التي حققها والثوابت التي وضعها الرئيس الراحل ابو عمار لخلفه , تدفعنا للحديث عنها باستمرار وعن ذاك الرجل الشجاع .

فإذا ما عدنا للخلف وذكرنا بأن أوسلو احد اخطائه , فلنكن واقعيين ونتحدث بجراءة عن البدائل التي كانت متاحة للقيادة الفلسطينية ؟

في ظل التآمر الدولي والغربي والعربي على قضيتنا , وأكبر شاهد على ذالك دخول ابو عمار بعد أوسلو في العام 1994م الى غزة , كان من تونس الشقيقة وعبر جمهورية مصر الحبيبة دخولاً لرفح غزة , ولم يكن ذالك الفارس مقيما ًبإحدى دول الطوق , فهو وكل من كان برفقته او حتى من كان محسوب عليه (عرفاتي) , كانوا جميعاً من المغضوب عليهم ومدرجة اسمائهم على اللوائح السوداء لتلك الأنظمة وقتها , الامر الذي دفعه لنقل الكفاح الى الداخل المحتل بجميع اشكاله بدءاً بالمقاومة السياسية.... وصولاً للمقاومة العسكرية , وكان له ذلك .

ولنعد بشريط الذاكرة للخلف قليلاً لعام 2000م , عندما شارك أبو عمار في كمب ديفيد2 , حينها راهن الكثيرون وللأسف من ابناء جلدتنا , واتهموه انه سيوقع وسيبيع ووو... الخ من الإشاعات المغرضة , والتي كشفت الايام لتلك الافواه التي تناقلتها انها ليست إلا على باطل , فهي لم تهدف إلا للتشويه والنقد لغرض النقد فقط , وتعزز فقدان الثقة الداخلية بأنفسنا كفلسطينيين .

والدليل الاكبر على ذالك ما شهده العالم اجمع بأن هذا الرجل المقدام , قام وبعد ضغوط امريكية اسرائيلية عربية عليه , بدعوة الرئيس الامريكي بيل كلينتون وفي عقر داره وبرفقته رئيس الوزراء الاسرائيلي باراك , للسير في جنازته. وطلب الشهادة من ربه , ونالها بكل جداره مما اغلق الابواب امام المزاودين على وطنيتيه.

فالأيام اثبتت وستثبت يوماً بعد يوم ان ابا عمار رجل المواقف , وانه شخصية تختلف معها بالأفكار والآراء ولكن لا يستطيع احد الاختلاف عليها , فسيرته وشخصيته بمثابة مدرسة نضالية فلسطينية بامتياز .

والآن وللأسف أشعر بأن السيناريو يتكرر مع خلفه الرئيس محمود عباس ( ابو مازن ) , ففي هذه الايام الصعبة علينا كفلسطينيين نسمع الكثير من اتهامات الخيانة له , ولمسيرته النضالية. لماذا لا نسمع نقداً بناءً للعمل النضالي في معركته التفاوضية , لكي تعطي المفاوض الفلسطيني الزخم المطلوب لتحقيق الهدف , ناهيك عن شخصّنة النقد بدون ذكر الايجابيات للبناء عليها , لماذا لا نشكر محاسن احيائنا إلا بعد موتهم ؟!

افلم تكن مسيرة الختيار أبو عمار خير التجارب التي تدفعنا للثقة ببعضنا البعض , ولعدم طعن الظهر الفلسطيني , بل يجب ان تدفعنا لتكريس اللحمة الوطنية الفلسطينية على حقيقتها. والله كفانا غلب , فنحن بحاجة ماسة للكل الفلسطيني بفصائله وحركاته وأحزابه وجميع شرائح الشعب , لإنجاز الحلم الفلسطيني الكبير , وتكريس دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشريف .