عن ظاهرة "التسول" الرسمي والشعبي في قطاع غزة!
تاريخ النشر : 2022-07-06 09:35

كتب حسن عصفور/ أحدث فيديو تناول قضية "التسول" في قطاع غزة ضجة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، لما ذهب من "مس " بأسر الأسرى والشهداء، ما أصاب حالة عاطفية في زاوية خاصة عند الشعب الفلسطيني، وتجاهل كل من تحدث عن جوهر القضية الأساس للمشكلة قيد التناول.

بعيدا عن "حدث الفيديو"، سبق أن تناول موقع "أمد للإعلام" ظاهرة تسول الأطفال في تقرير يوم 28 يونيو 2022، وكان الملفت جدا في التقرير ما ذكره حقوقي متابع لتلك الظاهرة، بأن ثلثي قطاع غزة يسبحون في تلك الظاهرة التسولية المجتمعية الأخطر، تقرير كشف كثيرا من أبعادها، التي لم تعد عابرة أبدا.

لم يناقش "الغاضبون" من فيديو استفز جانب عاطفي، الظاهرة كما لم يقف أمامها، أي من تلك الأبواق التي صنعت حربا وهمية ضد صانعة الفيديو، كما لم يقفوا أمام ما قاله حقوقي مختص برقم يكاد أن يكون مذهلا، لو كان هناك من يريد حقا تناول الحقيقة وليس عكسها، بأشكال مختلفة.

ما يجب أن يشغل بال كل المدعين حرصا على الإنسان الغزي، التوقف أمام المعنى الحقيقي لما يسمى "المنحة القطرية" البالغة 100 دولار، قبل سرقة جزء منها من قبل حكومة حماس الإخوانية بذريعة ما، لتصل الى ما يقارب الى 100 ألف أسرة غزية.

المبلغ يصرف الى الأسر دون مقابل، بلا أي عمل يستحقون عليه ذلك، بلغة مباشرة، هو شكل من اشكال "التسول الرسمي" تحت نقاب "مساعدة"، لكنها ثابتة المدة والمقدار، وتعكس أن الأمر تكريسا لظاهرة الانتظار المالي دون تقديم خدمة تستوجب ما يقدم، وذلك مظهر عملي من مظاهر "التسول"، فالأصل أن أي مبالغ تصرف كمساعدات ضمن معايير ليس ثابتة، ووفق واقع خاص، فيما "المنحة القطرية" تخرج عن أسس البعد الإنساني لترتبط ببعد تسولي.

لو كان الأمر دعما ماليا مجتمعيا، كان يمكن تشغيل الحاصلين على تلك المنحة في أشغال النظافة والبلديات والمستشفيات والشواطئ وكل المرافق العامة، ولو لزمن يقابل المال المقدم، كي يقال "مال مقابل عمل"، وليس "مال مقابل سكوت".

التسول الرسمي هنا، هو الأخطر وطنيا وسياسيا، لأنها سياسة "شراء الصمت المجتمعي" وسلاح للترهيب الخاص، لأن من يحدد قواعد وشروط صرف المنحة هو الجهاز الحاكم في القطاع، وبصرف المنحة لـ 100 ألف عائلة يكون قد تحكم في مسارها وفق "أهداف خاصة"، وهكذا يستخدم "التسول الرسمي" لغاية سياسية مجتمعية تشويهية للمواطنين.

لم يقف أي من "المدعين" حرصا على كرامة المواطنين، أمام الظاهرة الرسمية تلك رغم انها أكثر خطرا اجتماعيا من "ظاهرة التسول الفردي"، الذي بات وكأنه ظاهرة شعبية في أنحاء قطاع غزة، لأن الأمر لا يراد له وقفة حقيقية لعلاج وطني، بل لاستخدام الظاهرة بما يخدم "سياسية الحكم القائم في قطاع غزة".

الظاهرة بنسبة انتشارها هي انعكاس موضوعي لطريقة الحكم، والمستفيدين المباشرين منه، فبرزت "فئة" يمكن وصفها "نوفيه ريش" - الأغنياء الجدد - من أهل الحكم وأقرباهم ومحبيهم وحواريهم، ولم يعد ذلك سرا أبدا في قطاع غزة، فهم معلومين بالاسم، مقابل اتساع دائرة الإفقار الى حد يمكن اعتباره "تاريخي".

 وكي لا يبرز أحد تابعي "النوفيه ريش" ليستخدم الحصار نقابا، نسأل كيف ظهرت تلك الفئة وقفزت من قاع السلم المجتمعي الى قمته، فلو السبب كان الحصار وحده، لكان العدل عاما بذات النسبة، وليس خاصا بغالبية أهل القطاع، فيما أقليته تستغل الحصار لنهب أهل القطاع لزيادة تراكم ثروتهم.

"التسول الرسمي" هو الخطر الحقيقي قبل الشعبي، لو أريد حقا بحثا لمعالجة أصل المسألة وليس قشورها...ابحثوا عن "النوفيه ريش" المستفيدين منها بل هم باتوا صانعي "التسول الشعبي" وحريصون عليه لضمان تسولهم الرسمي.

ملاحظة: أقدمت روسيا على صفع دولة الكيان صفعة خارج الصندوق، بمنعها نشاطات الوكالة الأخطر لخدمة التهويد عالميا..صفعة ما كانت بحساب قادتها ولا عبال حكومة الفاشية الجديدة في تل أبيب...ركلة تستحق "سلاما مربع" للجدعان!

تنويه خاص: خبر الوكالة الرسمية للسلطة الفلسطينية عن لقاء عباس وهنية برعاية الرئيس الجزائري حرق الصورة خالص وبدل من "اضحك تطلع الصورة حلوة" صار "انسى الصورة خالص"..طلع هنية عضو وفد ترتيبه البروتوكولي قبل السفير..ضربة إعلامية "ناعمة" بس لمين بدها حكي!