مسلسل العنف ضد النساء الى متى؟
تاريخ النشر : 2022-06-24 06:53

ليس مستغربا في الوطن العربي أن نسمع بجريمة كل فترة ترتكب ضد امرأة بل على العكس بات من المستغرب جدا ذلك الهدوء الذي ساد في قضايا قتل النساء حتى عاد الوضع لطبيعته عندما قتلت نيرة بدم بارد لأسباب مهما تعددت فهي لا تعطي القاتل الحق بالقتل ، ولكن لثقة القاتل بأن المجتمع سيخرج له بتبريرات وسيدافع عنه وسيصنع منه بطلا، وقد حصل ان اصبح بطلا عند قاتل اخر انهى حياة الطالبة ايمان ارشيد من الأردن لرفضها له ، هؤلاء القتلة ليسوا المجرمين الوحيدين في المجتمع ، ولكن هم جزء من منظومة محرضة على تحقير المرأة والتقليل من شأنها، فكل فرد كان رجلا او امرأة في هذا المجتمع يبرر ويعطي الحق للرجل بالاعتداء على النساء سواء كانت زوجة او ابنة او اخت او حتى ام بذريعة الشرف او التأديب او غيره فهذا الفرد شريك في أي جريمة قتل يتم ارتكابها ضد النساء. ولا نستطيع ان نبرئ القوانين من دم النساء، فلا يوجد حتى اللحظة بأي دولة عربية قانون رادع يحميهن من التهديد بالقتل او التشريد او الاعتداء الجسدي واللفظي أو الاستغلال وغيرها، ففي كل الحالات فإن المرأة هي من يدفع ثمن تلك الجرائم وتتحمل مسؤوليتها كاملة فمجتمع ذكوري يختبئ خلف اصبعه لن يعترف بأن الثقافة التي تكفلت التقاليد والعادات الجاهلية بترسيخها سببا في اهتراء الروابط الاسرية وحرمان النساء من حقوقهن وبث القهر والظلم وانتشار الفساد في المجتمع. فمهما حاولت المرأة جاهدة ان تبني لنفسها نجاحا وان تكون على قدم المساواة مع الرجل في الحصول على حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وان تكون شريكة في بناء الوطن وشريكة في التنمية، تخرج لنا ابواق لتكسر هذا النجاح وتقلل منه وتحرق كل ما زرعته النساء في صراعها مع التخلف والجهل، فالثقافة السائدة منذ عقود طويلة لم تتغير وبقيت هي نفسها تنتقل سنة بعد أخرى ، فكل ما نحن فيه من تقدم تكنولوجي وعلمي وثقافي لا يساوي شيئا امام عادات وتقاليد بالية عفا عليها الزمن ولكن لها من القوة والتأثير ما يكفي ليجعل أي مجتمع يعج بالظلم والفساد والانحلال الأخلاقي وازدواجية المعاير، ما عليك الا ان تكون مواطنا في مجتمع شرقي او احدى دول العالم الثالث (المتأخر) لتعيش هذه الظروف ولتجد من يبررها ويعطيها الشرعية.

الى متى هذا الصمت؟ الى متى سيبقى دم النساء رخيصا وتستمر ثقافة تسليع المرأة وقولبتها واستملاكها، تساؤل لا إجابة له لكن من الواجب ان يتم اتخاذ إجراءات حقيقية من اجل البدء في التغيير وتعديل القوانين ونبذ العنف ونشر ثقافة التسامح والمساواة والاحترام والتوعية بالحقوق والواجبات الحقيقية التي لا تستند الى عامود العادات والتقاليد حتى نستطيع ان قول اننا بدأنا فعلا في عملية التغيير.