اعتداء تركي على مسنة سورية.. غضب يجتاح مواقع التواصل واعتذارات رسمية من أنقرة- فيديو وصور
تاريخ النشر : 2022-06-02 23:00

أنقرة- تقرير إخباري- صافيناز اللوح: اغتربوا عن الوطن، وغابت خطوات أقدامهم عن ترابهم السوري، عنوة أو بإرداتهم هرباً من القصف الذي أجبره عليه من أطلقوا على أنفسهم ثوار، لكنهم قسّموا الوطن، وأعلنوا الحرب على الاستقرار، وارتكبوا ما لم يتركبه بحقهم أي محتل غريب عن هذه البلاد.

تفرق السوريون إلى بلاد القُرب والغَرب، علّها تكون أمناً واستقراراً لهم بعدما هربوا من أزيز الرصاص والقصف، والموت الذي زُرع بين أزقة الشوارع الدمشقيةـ وظناً منهم أنّ أصحاب الأراضي التي ذهبوا إليها سيحتضنونهم ويحمونهم من الموت الذي انتشر في البيوت قبل المدن والقرى، ولكن لم يجد اللاجئ السوري، أمناً خارج أسوار وحدود بلاده أكثر من القهر والذل والألم الذي تعرض له.

عدد اللاجئين السوريين المسجّلين تحت بند "الحماية المؤقتة" في تركيا، وصل إلى 3 ملايين و 710 آلاف، بينما وصل حاملي إقامات العمل والدراسة إلى مليون و 207 آلاف، وذلك وفق إحصائية صرّح بها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، منتصف أيلول الماضي.

ركلة في وجه الانسانية

قبل أسبوع، انتشر فيديو لإحدى كبار السن السوريات اللواتي يعانين عقلياً، وتجلس على كرسي في إحدى الحدائق بمحافظة غازي عنتاب التركية، ليأتي مواطن تركي ويركلها بقدمه في عينها، أثناء استجوابها تحت ذريعة خطفها لطفل، ليتضح بعد ذلك أنّها ليست الفاعلة.

المسنة السورية اللاجئة  ليلى محمد التي تبلغ من العمر 70 عاماً، تقدمت بشكوى رسمية ضد المعتدي عليها بالضرب.

منصات التواصل الاجتماعي تداولت فيديو الاثنين الماضي، يظهر فيه اعتداء أحد سكان ولاية غازي عنتاب التركية، على مسنة سورية بركلة من قدمه على وجهها، بحجة اختطافها أحد الأطفال في الولاية.

وأحدث هذا المقطع، موجة غضب عالمية، حيثُ اعتبروا هذا الأمر يمثل إهانة لكل اللاجئين في كافة بقاع الكرة الأرضية، بينما رأى آخرون، على أنّه تصرف فردي لا يجب تعميمه أو يمثل تعامل الدولة.

من هو الرجل الذي اعتدى على المسنة السورية؟

الجاني فهو شاب تركي يدعى شاكر شاكير يبلغ من العمر 39 عاماً، تبين في السجل العدلي لديه 9 سجلات جنائية سابقة. فضلاً عن ذلك متهم بالتحريض على الدعارة والوساطة، وغيرها من الجرائم.

وألقت السلطات التركية، القبض شاكير، فيما اعترضت النيابة التركية الثلاثاء الماضي، على إطلاق سراحه، فعادت الشرطة واعتقلته مرة ثانية.

واستجوت الشرطة المتهم بعد اعتقاله، ثم اقتادوه بعربة مصفحة إلى حيث وجه إليه قاض محلي تهمة "التسبب بإصابة متعمدة" لحقت  بالمسنة، وبعدها احتجزوه في سجن بالمدينة، سبق أن حل ضيفا فيه مرتين.

و في ترجمة لما ذكره موقع "Bölge Gündem" التركي، ذكر الجاني أثناء التحقيق معه، أنه كان في حي اسمه "Düztepe" بالمدينة، حين سمع حشدا من الأشخاص يتحدثون عن محجبة خطفت طفلا، في لحظة وجد نفسه قريباَ من امرأة جالسة على بعد أمتار، ومحجبة أيضا، فظنها الخاطفة المقصودة، وحمّشه ظنه عليها، فركلها بعنف في وجهها. الا أنها لم تكن سوى سورية عجوز "معاقة عقلياً" وشعر سريعاً بالندم على ركلها واعتذر.

حملة عنصرية ضد اللاجئين

شهدت تركيا مؤخراً، عدداً من الحوادث العنصرية بحق اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضيها، وذلك مع زيادة ملحوظة لنسب البطالة في البلاد، وتراجع قيمة الليرة التركية وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

مسألة اللاجئين في تركيا تعتبر ملفاً ساخناً في الانتخابات الرئاسية والنيابية، حيث التي ستشهدها البلاد في صيف العام القادم 2023. خصوصا أن الأحزاب المعارضة تحاول إرضاء الناخبين المطالبين بترحيل السوريين إلى سوريا لكسب أصواتهم في الانتخابات.

ومع قيام عدد من السياسيين وقادة أحزاب المعارضة بحملات لفرض قيود أكثر صرامة عليهم، ومن أبرزهم زعيم "حزب النصر"، أوميت أوزداغ وشخصيات أخرى كإيلاي أكسوي التي كانت سابقا ضمن صفوف "حزب الجيد". 

وينشر هؤلاء بصورة متكررة، وبشكل يومي، معلومات مضللة بخصوص السوريين المقيمين في تركيا، مستهدفين ملايين المواطنين الذين يتابعونهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة "تويتر". 

رد الجهات الحكومية في دمشق وأنقرة على حادثة ركل المسنة السورية

"المجلس الإسلامي السوري"، مقره تركيا، بياناً استنكر فيه الحادثة، معتبراً أنه تصرف فردي لكنه “إفرازٌ لخطاب عنصري مقيت ممنهج يمارسه بعض الساسة بقصد استغلال ملف اللاجئين في الحملات الانتخابية”.

وحذر البيان من ردود فعل “عاطفية” خارج إطار القانون والنظام العام، معتبراً أن أي رد فعل سلبي سيعود على الجميع بالخطر والضرر.

 رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط، تواصل مع عائلة المسنة ليلى التي تعرضت للاعتداء في ‎عنتاب أمس الإثنين.

وأكد المسلط أن الاتصال جاء للاطمئنان على وضعها الصحي وللتأكيد على متابعة قضيتها حتى ينال الجاني جزاءه.

وأشار المسلط في حديثه “ماحصل يمسنا جميعاً ولا يمكن القبول به، ونحذر من الشخصيات التي تستغل مواقع التواصل الاجتماعي للإساءة للعلاقة بين الشعبين الشقيقين”.

حاكم غازي عنتاب داود غول بياناً قال فيه إنه تم التعرّف على المعتدي والقبض عليه. كما أعلن أنه تم مساعدة المسنّة السورية في منزلها، وقد شدد على عدم سماح السلطات التركية بمثل هذه الأعمال الإجرامية. بالإضافة إلى تقديم اعتذاره للسيدة بقوله: "آسفون".

وزار غول يوم الثلاثاء، المسنة ليليى محمد السورية  التي تتلقى العلاج في إحدى مستشفيات الولاية، ووعد بمحاسبة الشاب التركي التي اعتدى بالضرب عليها، مؤكداً إلقاء القبض عليه والتحقيق معه.

أما المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر جيليك فقد صرح بقوله:"العنف ضد والدتنا ليلى محمد البالغة من العمر 70 عاما قد أحزننا جميعا، إذ أن الوحدات القضائية والإدارية تقوم بالإجراءات القانونية ضد الجاني شاكر شاكير. أيضا كل أفراد أمتنا في تركيا يتضامنون ويقفون إلى جانب الوالدة السورية الضحية.

وأشار زعيم حزب العمال المعارض التركي "إرجومانت أكدينيز" إلى أن مسألة الكراهية والعنصرية لا يتم حلها عبر تبني وسم (#SakirCakirTutuklansin)، بل عندما يتم تجفيف منابع خطاب الكراهية المناهض للاجئين في تركيا.

"الرابطة الدولية لحقوق اللاجئين" من جهتها تكفّلت بمتابعة قضية "ركل وضرب المسنة السورية المعوقة ذهنيا في غازي عنتاب"، لافتة إلى متابعة جميع الشكاوى الجنائية والإجراءات القضائية بشأن المعتدي حتى النهاية، من قبل محامي الرابطة.

حملة تضامنية عالمية

ناشطون وسياسيون أتراك وسوريين وعرب ودول العالم، أطلقوا وسماً على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ (#SakirCakirTutuklansin)، للمطالبة باعتقال الجاني "شاكر جاكر" وتقديمه إلى العدالة.

ونشر سوريون صوراً لهم وهم يغطون عينهم اليمنى كنوع من التضامن مع المسنة السورية، بينما انتقد أتراك هذا الاعتداء، مطالبين بتطبيق أقسى العقوبات على المنفذ، وحتى الأشخاص المحيطين به.

الشاعر التركي "دورسون علي أرزينجانلي"، عبر عن أنه لم يستطع نشر الفيديو على حسابه بسبب قساوة المشهد: "لم أستطع نشر الفيديو، ليس للمظلوم إلا الله، رُكلت امرأة مضطهدة ومضطربة عقلياً".

وتوجه الكاتب الصحفي التركي "ثروت بيكي" بأصابع الاتهام إلى خطاب زعيم حزب النصر التركي "أوميت أوزداغ"، المعروف بعدائه للاجئين الموجودين في تركيا.