بلينكن: الصين هي أخطر تحدٍ على المدى الطويل للنظام الدولي
تاريخ النشر : 2022-05-26 19:32

واشنطن: كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في خطاب في "جامعة جورج واشنطن"، يوم الخميس، عن استراتيجية واشنطن تجاه الصين والتي أكد خلالها أن بلاده لا تريد مواجهة، أو حرباً باردة مع الصين، مشدداً على أنها ستدافع عن النظام الدولي، وستعمل على إصلاحه.

وقال بلينكن في خطابه بشأن نهج إدارة الرئيس جو بايدن تجاه الصين، إن أسس النظام الدولي "تتعرض لتحد خطير ومستمر"، وحتى مع استمرار حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، "سنواصل التركيز على أخطر تحدٍ على المدى الطويل للنظام الدولي، وهذا هو التحدي الذي تفرضه الصين".

واعتبر وزير الخارجية الأميركي أن "الصين هي الدولة الوحيدة التي لديها على حد سواء، نية لإعادة تشكيل النظام الدولي، وعلى نحو متزايد، القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتقنية للقيام بذلك"، مشددأً على أن "رؤية بكين ستجعلنا نتخلى عن القيم العالمية التي حافظت على قدر كبير من تقدم العالم على مدار 75 عاماً ماضية".
إصلاح النظام العالمي

وقال بلينكن، إن الولايات المتحدة لا تسعى فقط للحفاظ على النظام العالمي، ولكن أيضاً إصلاحه لتلبية تطلعات الدول، مشدداً في هذا السياق على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يشكل خطراً على هذا النظام، وأن الصين تريد تغيير المبادئ والقيم التي يقوم عليها". 

وأضاف بلينكن أن الرئيس الروسي يشكل "خطراً واضحاً" على النظام العالمي، وبما أنه أقدم على غزو أوكرانيا فهو "انتهك مبدأ حرمة أراضي الدول السيادية".

وقال إن بوتين "فشل في تنفيذ كل أهدافه في أوكرانيا، وبدلاً من احتلال أوكرانيا، والسيطرة عليها، قوض من قوة بلاده وبدلاً من إضعاف أوكرانيا عزز من وحدتها".

ورأى بلينكن في خطابه، أن الصين "هي الدولة الوحيدة التي تريد إعادة النظر في المبادئ والقيم الدولية وتستخدم الآليات والقيم السياسية والتكنولوجية لهذه الغاية". 
لا نريد نزاع عالمي أو حرب باردة 

وأكد الوزير الأميركي، أن الولايات المتحدة "لا تتطلع إلى نزاع عالمي مع الصين أو حرب باردة جديدة"، مضيفاً "لا نريد أن نعيق الصين أو أي دولة أخرى عن تعزيز النمو الاقتصادي والتقدم لرفاهية شعوبها ولكننا سندافع عن النظام الدولي والمؤسسات الدولية التي تدافع عن الاستقرار والسلام وحقوق الإنسان".

وقال إن الصين اليوم دولة مختلفة عما كانت عليه منذ 50 عاماً حين أصبح الرئيس الأميركي السابق، ريتشارد نيكسون أول رئيس أميركي يزورها.

وتابع: "الصين أصبحت الآن دولة قوية مع الكثير من الطموحات وهي ثاني أكبر اقتصادي عالمي، وهي دولة تستضيف الكثير من الشركات التكنولوجية وتريد احتكار التكنولوجيا والقدرات العسكرية المتطورة مع تطلعات لإنشاء منطقة نفوذ في منطقة الهادئ والهندي". 
تقويض قيم المجتمع الدولي

وأشاد بلينكن بـ"عبقرية ومواهب الشعب الصيني" الذي مكن الصين من التحول بشكل كبير في 50 عاماً، وقال: "لا دولة في العالم استفادت من النظام العالمي مثل الدولة الصينية، ولكن بدلاً من استغلال هذه القوة لتعزيز القوانين والمبادئ والقيم والمؤسسات التي مكنتها من تعزيز دورها، فإن بكين تحاول "تقويض" هذه القيم.

وقال إنه تحت زعامة الرئيس الصيني، شي جين بينج، فإن "الحزب الشيوعي الصيني أصبح أكثر عدوانية خارجياً".

واعتبر بلينكن أن تقويض حرية الملاحة في منطقة جنوب شرقي آسيا، هو "تقويض للأمن والسلام".
"صفارة إنذار"

وحذر بلينكن من خطورة الصداقة التي تجمع روسيا والصين، وقال إنه رغم غزو روسيا لأوكرانيا فإن الرئيسين الصيني والروسي أعلنا عن "صداقة من دون حدود".

وأشار إلى أن الصين وروسيا نفذتا دوريات عسكرية بالقرب من اليابان خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الجاري.

وقال: "كل ذلك يجب أن يكون بمثابة صفارة الإنذار للجميع فهذه لحظة مفصلية".

وشدد على أن الولايات المتحدة مستعدة لتعزيز الصلات مع الصين، وأن الدبلوماسية تلعب دوراً في هذا، لتحسين الفهم بشأن النوايا، ولكن "لا يمكننا أن نعتمد فقط على نوايا الصين".

وأضاف: "سوف نتنافس مع الصين دفاعاً عن رؤيتنا ومستقبلنا وسنواجه تلك التحديدات اعتماداً على شبكة من العلاقات مع الدول".
استفزاز بشأن تايوان

وقال بلينكن إن الولايات المتحدة سترد بشكل إيجابي إذا اتخذت الصين خطوات ملموسة تجاه مخاوفها، وشدد على أن الولايات المتحدة تبقى مستعدة لزيادة مستوى الاتصالات مع بكين بشأن عدد من القضايا.

ولكنه حذر من أن الصين منخرطة في خطاب ونشاط استفزازاي بشكل متزايد، بشأن تايوان.

وأعرب عن قلق الولايات المتحدة العميق إزاء من أفعال بكين "المزعزعة بشكل عميق" والتي تهدد السلام والاستقرار في مضيق تايوان.
استراتيجية شاملة

وحسبما ورد في الاستراتيجية التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي، فإن "الصين أيضاً تعد جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ومن قدرتنا على التصدي للتحديات بداية من أزمة المناخ إلى جائحةكورونا. وببساطة"، وفق الكلمة التي أشارت إلى أنه "يتعين على الولايات المتحدة والصين العمل مع بعضهما البعض في المستقبل القريب".

وأوضح بلينكن في كلمته، أنه "على مدار العام الماضي، طورت إدارة الرئيس جو بايدن ونفذت استراتيجية شاملة، لتسخير نقاط قوتنا الوطنية وشبكتنا التي لا مثيل لها من الحلفاء والشركاء لتحقيق المستقبل الذي نسعى إليه".

 ووفق الخطاب، فإن الولايات المتحدة "لا تبحث عن صراع أو حرب باردة جديدة"، بل "عازمة على تجنب كليهما"، كما أشار الخطاب إلى أن واشنطن "لا تسعى لمنع الصين من القيام بدورها كقوة كبرى، ولا وقف الصين أو أي دولة عن تنمية اقتصادها أو النهوض بمصالح شعوبها".

وشدد بلينكن على أن واشنطن "ستعمل على الدفاع عن وتعزيز القانون الدولي والاتفاقيات والمبادئ والمؤسسات التي تحافظ على السلام والأمن، وتحمي حقوق الأفراد والدول ذات السيادة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين، التعايش والتعاون".
عقد حاسم

وحسبما ورد في خطاب بلينكن، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن "يعتقد أن هذا العقد سيكون حاسماً"، وأن إدارة بايدن "ستُحدد الإجراءات التي سيتم اتخاذها في الداخل ومع البلدان في جميع أنحاء العالم، بشأن ما إذا كانت الرؤية المشتركة للمستقبل ستتحقق أم لا".

ولتحقيق النجاح في هذا العقد الحاسم، وفق بلينكن، فإن استراتيجية إدارة بايدن هي "استثمر، وتحالف، ونافس".

ويتضمن نهج الولايات المتحدة "استراتيجية للاستثمار عن طريق الديمقراطية والابتكار في الداخل، وتعزيز تنسيق الجهود مع الحلفاء والشركاء، للعمل من أجل هدف مشترك ولصالح مشترك. وبتسخير هذين العاملين الرئيسيين، سنتنافس مع الصين للدفاع عن مصالحنا وبناء رؤيتنا للمستقبل".

وأضاف وزير الخارجية الأميركي أنه "حتى عندما نستثمر ونتحالف وننافس، سنعمل مع بكين حيث تتداخل مصالحنا. لا يمكننا السماح للخلافات التي تفرق بيننا بأن تمنعنا من إحراز تقدم بشأن الأولويات التي تتطلب منا العمل معاً، من أجل مصلحة شعبنا والعالم".