الفكر الصهيوني بين القهر والخوف (الوحدة)
تاريخ النشر : 2022-05-16 14:20

كانت البداية مع العقل الأوربي الغربي المُظلم الذي لم يستطع أن يتغلّب على سطوة وتمدد الأمة العربية الإسلامية، وقيمها الحضارية المستنيرة والطاغية، فقاوم ورفض وتعصّب، واستبد ثم تمدد واستعمر.
وهي الأمة التي كادت تتنفس من قلب أوربا في النمسا من جهة (القرن 17)، ومن رئة فرنسا من الجهة الأخرى فظهرت علامات الخوف الشديد، والتساؤلات الكبرى في التاريخ البشري بين الغرب المنكوب بجهالته بين الكنيسة والعلم، وبين الاقطاعيين والطبقات الصاعدة، وفي مواجهة الشرق المنير والمخيف بحضاريته سواء تلك الاسلامية أو الصينية أو الهندية.
ولما كان التمدد العربي الاسلامي هو ذو اليد الطولى الى قلب أوربا فإنه تم قرع جرس الانذار الذي سُمع يدق عاليا في أوساط اوربا.

خطورة الأمة بعلمها ووحدتها
تجولت السفن الحربية مع التجارية مع الحملات التبشيرية معًا تجوب المحيطات والبحار، وتلتف حول طرق التجارة والحضارة المشرقية وتسجل العناق بين الثلاثي الاستعماري الاستغلالي فنجحت من حيث فشل الآخرون بالنار والحديد والسطوة والاستغلال، وثقافة الاخضاع ووهم التفوق العرقي أوالديني أوالثقافي وكأنهم دعاة الحضارة حصريًا التي لم تكن قبلهم.
لم يكن لمحمد علي باشا الا أن ينتفض على الغرب وعلى الدولة العثمانية الضعيفة حينها، وذلك في القرن 19، فبدأت الخطورة بادية في قوة الأمة العربية والاسلامية الصاعدة تعلو على ما سواها، والتي كادت تزول، لاسيما ومنطق العداء بين الأمم في تلك القرون كان مرتبطًا بالهيلمان والسلطان القمعي، والعوامل الاقتصادية القاهرة، والاستخدام الديني العنيف، والمجد الشخصي كما كان من الاحتلال الفِرنجي (القرن 11-القرن13) لبلادنا المسمى من طرف الغزاة المحتلين بالصليبي.
إن العوامل الاقتصادية وتلك السياسية، بل والثقافية (ما بين التفوق والانبهار)، وتلك الجغرافية حكمت كثير من ظروف الرهبة والخوف الأوربي الاستعماري من الآخر، والذي منها الخشية المستمرة من التوسع الاسلامي أوالتركي أو العربي فلم يكن هناك فرقًا لديهم، فكان لزامًا على العقل الاستعماري الإقصائي المتبجح بذاته، وأبرزه الفرنسي والانجليزي (منذ القرن 18 لاحقًا للاستعمار الاسباني والبرتغالي) أن يشتت ويفرّق ويغزو، وكان لزامًا ان يرسم حدودًا أبدية (جغرافية حضارية) بين شمال البحر المتوسط وجنوبه فلزم التفكير بحاجز أبدي.

الحلقة الاولى من سلسلة حلقات حول الفكر الصهيوني بين القهر والخوف