المطر في آذار أحلى
تاريخ النشر : 2022-03-01 11:25

نحن نحب المطر، لكننا نحب المطر في آذار أكثر.. نحب حبات المطر النازلة من السماء الزرقاء على الحقول، ولكننا نحب سنابل القمح أكثر.. نحب السيول الجارية في الجداول والوديان، ولكننا نحب التلال والروابي أكثر. 

نحب الرذاذ، المطر، الثلج، لكنا نحب الأرض والورد والزيتون والزعتر ودقة العدس (الزوفا) والخزامى أكثر. نحب الحياة والكون والتعب والعرق، لكننا نحب التراب والصخور والمروج أكثر.  

نحن شعب ان نسينا فلن ننسى البيادر والطابون والغربال ومناجل الحصاد وجاروشة القمح والخوابي والقناطر، ولا ننسى صوت شبابة الراعي وحلقات الدبكة على أنغام "الدلعونة" و"ظريف الطول" و"المعنى" و"الشروقي"، التي تأسر لباب القلوب. كما لا ننسى ثغاء قطعان الماعز والأغنام وهي عائدة من مراعيها في التلال المجاورة، ولا الصبايا الجميلات في بداية تفتحهن وهن يتهادين بجرارهن إلى الينابيع وآبار الماء القريبة كأنهن في نزهة، بينما يتمتع الشباب بـ"القصدرة" في الأزقة والطرقات قرباً من هذه الينابيع والآبار. 

حقًا اننا نحب المطر والشمس، ونحب الفقراء والعمال، أصحاب الجباه السود الذين تمتد سواعدهم فتدرس التاريخ وتتعلم من تجاربه، وتهيئ الميدان للثورة الطبقية القادمة. 

إن المطر في كانون وشباط جميل، لكن في آذار أجمل، والمطر في تشيلي وكوبا والعراق وبلاد الشام حلو، لكن في فلسطين أحلى.  

فمطر بلادي له رونقه الخاص وجماله الساطع، وله أغاني العاشقين وأهازيج الشعب وأناشيد الأرض والوطن والحب والكفاح والثورة. والمطر في آذار الربيع وشم النسيم، آذار المرأة، الأم، والأرض الأحلى من الشهد الطيب. 

فسلامًا يا آذار من قلب عاشق نابض بالحب والعشق، ومن ساعد فلاح يعتمر الكوفية الفلسطينية ويحرث الأرض ويزرع القمح، ويحمل قلباً رقيقاً في عطفه على دابته التي تشاركه أيامه، ويحمل قلباً شاقاً في غضبه على من يريد أن يغتصب منه ملحه وزاده. 

وسلامًا يا آذار من قبضة عامل ينزف عرقه على جبينه تعبًا وكدًا من أجل رغيف خبز، ومن قلوب كل الفقراء والجياع والمهمشين الذين يتطلعون للحرية والفرح، وللمستقبل الذي لا بد أن يأتي. 

وسنظل يا آذار نسير في قارب العشق الوطني حتى الوصول للمرساة، التي لن تكون سوى وطن العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين وكل المعذبين في الأرض.