تفاسير أحلام إيرانية
تاريخ النشر : 2013-11-11 08:40

تقترب ايران من فتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي في شأن طموحاتها النووية. تبدو الأجواء مبشرة وإن يكن الشيطان يوسوس في التفاصيل. تبدو روحية المصالحة التي أشاعها الرئيس حسن روحاني مثمرة. غير أن الإتفاق النووي المرجو بين الدول الغربية والجمهورية الإسلامية لا يعوض حاجة الأخيرة الى المساهمة فعلاً في لجم دوامة العنف التي تجتاح الشرق الأوسط.

ليست حملة الإستلطاف التي باشرها الرئيس روحاني مجرد كلام. لا يجوز الإستخفاف بالإتصال الهاتفي الذي أجراه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما على هامش الدورة السنوية الثامنة والستين للجمعية العمومية للأمم المتحدة. رجلان يؤمنان بسحر القوة الناعمة. قرأ كلاهما في كتب عالم السياسة جوزف ناي. اجتمعت ضرورات الولايات المتحدة مع حاجات الجمهورية الإسلامية. الأولى تسعى الى الإنكفاء بعدما مطت جبروتها العسكري الى الذروة في نهاية القرن العشرين. الأخيرة تشعر بأنه لا يمكن المضي في سياسة التحدي والإستفزاز الى ما لا نهاية. جلس وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والايراني محمد جواد ظريف معاً في ثلاثة أيام مدة أطول من كل اللقاءات مجتمعة بين مسؤولي البلدين خلال العقود الثلاثة الأخيرة. قطعا شوطاً مهماً في "التطبيع" ولم يصلا بعد الى نهاية المطاف. ولكن حان وقت المساومة. صيغة التفاهم التي أعدها الايرانيون بأنفسهم كي تكون المرحلة الأولى من الإتفاق تحتاج الى المزيد من التفاوض: توقف ايران البرنامج النووي كلياً مدة ستة أشهر كي تسمح بالمزيد من المفاوضات على اتفاق أشمل دونما خوف من أن تكون ايران تسابق الزمن لصنع سلاح نووي. في المقابل، يخفف الغرب العقوبات الدولية التي تعطب الإقتصاد الإيراني. اصطدم الطرفان بمشكلتين، الأولى ايرانية تتعلق بوقف بناء مفاعل آراك لإنتاج البلوتونيوم، والثانية غربية مركبة ترتبط بالقدرات المتفاوتة بين الولايات المتحدة والدول الغربية في رفع العقوبات المفروضة على ايران. الرئيس الأميركي لا يمكنه اتخاذ قرار في شأن العقوبات التي فرضها الكونغرس، لكنه قادر على تحرير الودائع النقدية الإيرانية المجمدة في المصارف الدولية. إذا وافقت على خطوة كهذه، تتنازل الدول الأوروبية عملياً عن العنصر الأقوى لديها ضد ايران. لذلك ظهر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مظهر الأكثر تردداً خلال الجولة الأخيرة من مفاوضات جنيف.
الأجواء محكومة بمنطق الإحترام المتبادل والمصلحة المشتركة. الايرانيون يؤكدون أن الإطمئنان الى سلمية البرنامج النووي الإيراني يقتضي تخفيفاً للعقوبات بدءاً من الدول وصولاً الى مجلس الأمن. الغربيون يقولون إن هذه العملية المعقدة تحتاج الى مراعاة "هواجس" اسرائيل.
لا أحد يعرف أين موقع العرب في ما يطبخ. ياملون في أن يساهم روحاني في لجم دوامة العنف في الشرق الأوسط. كيف لا، وهو الذي محا تقريباً تعبير "الشيطان الأكبر". لن نسمع "الحق ع الأميركان" حيثما تدغدغ الإيرانيين تفاسير أحلام أمبراطورية.

عن النهار اللبنانية