صحيفة: لماذا تعتقد إسرائيل أنها ستدفع ثمن التوتر بين واشنطن وموسكو؟
تاريخ النشر : 2022-01-26 17:01

تل أبيب- إرم نيوز: يشغل التوتر الحالي بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، بشأن الأزمة الأوكرانية، اهتمام وسائل الإعلام العبرية، وذلك بعد أن بدأ متخصصون إسرائيليون في هذا الشأن، وضع تقديرات بأنها ستحمل آثارا خطيرة على إسرائيل.

وحذرت صحيفة "معاريف" العبرية، يوم الأربعاء، من تداعيات التوتر الأمريكي الروسي بشأن الأزمة الأوكرانية، وقدرت أن هذا التوتر "بدأ يلقي بظلاله السلبية على إسرائيل".

وتحققت مخاوف خبراء إسرائيليين، مثل دانيال راكوف، من "معهد بحوث الأمن القومي"، التابع لجامعة تل أبيب، حين دق ناقوس الخطر، مطلع الشهر الجاري، بشأن تداعيات محتملة للأزمة الأوكرانية على إسرائيل، ووقتها، قدر أنها ستؤثر على التنسيق الروسي – الإسرائيلي في سوريا.

وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في الأيام الأخيرة، أن التقديرات السائدة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، هي أن إعلان وزارة الدفاع في موسكو عن دوريات مشتركة بين الطيران الحربي السوري والروسي، بما في ذلك على حدود إسرائيل من ناحية الجولان، على صلة بالتوتر بين واشنطن وموسكو.

وكشفت أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أوفدت ضباطا كبارا إلى موسكو، لبدء حوار واستبيان طبيعة الدوريات المشتركة بينها وبين الطيران السوري، ومدى تأثيره على الغارات الإسرائيلية التي تستهدف مكافحة الوجود الإيراني في سوريا.

روسيا لا تكترث 

صحيفة "معاريف"، نقلت يوم الأربعاء، عن الدبلوماسي مايكل أورن، سفير إسرائيل السابق لدى واشنطن، قوله إن ثمة تداعيات للتوتر الروسي الأمريكي ستطال إسرائيل.

وأضاف: "لو كشفت أمريكا ضعفها مجددا أمام العالم، سينعكس الأمر علينا"، لافتا إلى أن ظهور الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الإستراتيجي المهم لإسرائيل، بصورة ضعيفة يحمل تداعيات على إسرائيل.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد كرر تحذيره لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، بشأن "مغبة الغزو المحتمل لأوكرانيا“، ولفت إلى أن "توغل روسيا في أوكرانيا قد يصبح أكبر غزو منذ الحرب العالمية الثانية"، وقدر أنه لو حدث ”قد يغير العالم".

وحسب الصحيفة العبرية، "لا يستجيب الرئيس الروسي لتحذيرات بايدن"، في وقت هدد فيه الأمريكيون بفرض عقوبات حادة على روسيا وعلى الرئيس بوتين شخصيا.

ونقلت الصحيفة عن السفير أورن، أن "روسيا لا تكترث بشأن مسألة العقوبات، وستجد طريقة للتغلب عليها"، مضيفًا "لقد تسلق بوتين شجرة سيكون من الصعب عليه النزول عنها"، في إشارة إلى تشديد موقفه بشأن أوكرانيا وتمسكه به دون تراجع.

وتابع أن ”تلك لا تعد المرة الأولى التي يهدد فيها الأمريكيون بعقوبات، كما أنهم فرضوا عقوبات بالفعل في الماضي“، معتبرا أن ”خطوات من هذا النوع ربما كانت قد تسببت في الماضي في ردع موسكو بالفعل“.

وبين أن ”موسكو عرفت بعدها كيف يمكنها التغلب على هذه العقوبات، وقدرت الثمن الاقتصادي لها، ومدى الخسارة المتعلقة بالوضع الدولي للنظام الروسي“، معبرا عن تشاؤمه من فكرة العقوبات الجديدة المحتملة كأداة ردع.

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وضع 8500 جندي في حالة تأهب قصوى لنشرهم في أوروبا بهدف دعم الجناح الشرقي لحلف ”الناتو“، لكن الدبلوماسي الإسرائيلي رأى أن الخطوة ”لن تردع روسيا“، وأوضح أنها نشرت قرابة 100 ألف جندي على امتداد الحدود مع أوكرانيا.

دوريات مشتركة 

وذهب إلى أن أحد أوجه المشكلة تكمن في الغاز الروسي، فمثلا دولة مثل ألمانيا تعد رهينة لمتطلباتها من الغاز الطبيعي الروسي، وتخشى لعب دور في الأزمة لا سيما لو حدث صراع عسكري.

وأضاف أن الرئيس الأمريكي كان قد أشار إلى أنه في حال حدوث غزو محدود فإن بلاده لن ترد، مضيفا ”لكن السؤال هو كيف يمكن تحديد حجم هذا الغزو المحدود؟“.

ودلل على وجود تداعيات على إسرائيل بالتطورات التي شهدتها الساحة السورية في الأيام القليلة الماضية، مع إعلان وزارة الدفاع في موسكو عزمها إجراء دوريات مشتركة بين سلاحي الجو الروسي والسوري، تشمل القسم السوري من الجولان.

ورأى أن التطور مرتبط بالتوتر الحالي بين موسكو وواشنطن، وأن الدوريات المشار إليها ستخلف أزمة كبرى لسلاح الجو الإسرائيلي.

وحذر من أن صعوبات جديدة ستواجه إسرائيل في مكافحة الوجود الإيراني في سوريا، جراء الموقف الروسي.

حالة تخبط 

وعكست صحيفة ”يديعوت أحرونوت“ في الأيام الأخيرة، المخاوف الكبيرة داخل المؤسستين السياسية والعسكرية، إثر القرار الروسي بشأن الدوريات المشتركة مع سلاح الجو السوري.

وذكر مراسل الشؤون العسكرية في الصحيفة، يوسي يهوشواع، أن حالة من التخبط تنتاب القيادتين السياسية والعسكرية عقب القرار الروسي، ولم يتم التوصل بعد إلى فهم كامل لهذا التطور.

وقال إن من بين التقديرات التي طرحت بشأن الدوريات الروسية – السورية الجوية المشتركة، ما يرجح أنها على صلة بالتوتر الروسي مع الأمريكيين بشأن أوكرانيا.

وعلل ذلك بأنه ”في الوقت الذي يتزايد فيه التوتر بين واشنطن وموسكو، ومخاوف الأمريكيين من غزو روسي محتمل لأوكرانيا، يحتمل أن الروس يرغبون في توجيه رسالة للأمريكيين في ساحة أخرى نشطة في منطقة الشرق الأوسط“.

وتابع أن ”هناك منطقا سائدا في روسيا، بشكل محتمل، بأن وضع إسرائيل تحت ضغط من هذا النوع في سوريا، سيدفعها بدورها للضغط على الأمريكيين“.

وكشف أن المخاوف من تأثر إسرائيل بالأزمة بين القوتين العظميين، تسبب في قيام المؤسسة العسكرية بإيفاد ضباط كبار إلى موسكو، وبدء حوار مع نظرائهم الروس بهدف تهدئة الأجواء، مشيرا إلى أن ثمة احتمالا أن تقلص إسرائيل هجماتها في سوريا لحين مرور الأزمة.

وختم قائلا إن ”هناك احتمالا أن تنتهي المحادثات الروسية – الإسرائيلية، بتقليص الهجمات داخل سوريا، إلى أن ينتهي الغضب الروسي، حتى ولو لم تعلن إسرائيل ذلك“، على حد قوله.

اللعب على الحبلين 

 

وتجدر الإشارة إلى أن الخبير الإسرائيلي في الشأن الروسي، دانيال راكوف، من "معهد بحوث الأمن القومي"، التابع لجامعة تل أبيب، كان قد حذر مطلع الشهر الجاري، من معضلة تواجهها إسرائيل بشأن الحفاظ على علاقات متوازنة مع روسيا في ظل أزمتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما لو حدث غزو روسي لأوكرانيا.

وذكر أنه لو تطورت الأزمة بين الغرب وروسيا "ستضطر إسرائيل في هذه الحالة إلى إعادة ترتيب السياسات الحالية، خاصة لأن الرئيس الأمريكي سيضغط على تل أبيب من أجل الانضمام للمعسكر الغربي، وإعلان إدانتها العلنية للغزو المحتمل، وحتى قطع العلاقات مع موسكو".

وتابع أن روسيا "لن تختفي قريبا من الحدود الشمالية لإسرائيل، وأنه على المجلس الوزاري لشؤون الأمن السياسي (الكابينيت) الالتفات لمسألة كيفية مواءمة السياسات الحالية مع سيناريوهات التصعيد المحتملة بين القوى الكبرى".