تقرير: ما نعرفه عن الصفقة التي قد تلحق "العار" بنتنياهو
تاريخ النشر : 2022-01-22 22:45

تل أبيب - مرال قطينة: ضجت وسائل الإعلام العبرية، خلال الأسبوع الماضي بالحديث عن تسريبات لتفاصيل "صفقة الإقرار بالذنب" التي يتم التفاوض على بنودها، بين المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي ماندلبليت الذي تشارف ولايته على الانتهاء، وفريق المحامين الذين يدافعون عن زعيم معسكر المعارضة، رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وفق ما نشرت صحيفة النهار.

وتعرض ماندلبليت لانتقادات عميقة بسبب الشروط التي تم نشرها، فإلى جانب "العار" الذي قد يُبعد نتنياهو عن الحياة السياسية، إضافة إلى قضيتين أخريين لم يتم حلهما بعد مدة الخدمة التي ستفرض على نتنياهو، وشكل لائحة الاتهام بعد التعديل، يريد ماندلبليت من نتنياهو أن يقرّ بالذنب في تهم كبيرة، ما يعني تقويض الشعار الذي تبناه نتنياهو منذ بدء التحقيق في التهم المنسوبة اليه "لن يكون هناك شيء لأنه لا يوجد شيء".

لكن الكشف عن تفاصيل المفاوضات بين المتهم والادعاء سبب إرباكاً شديداً وانقساماً كبيراً في الشارع الإسرائيلي، وحذا ببعض الصحف لتشبيه الصفقة بقضية السفينة "ألتلينا" عام 1948، وما سبّبته من خلافات شديدة داخل الحكومة الإسرائيلية وأجواء الانشقاق الاجتماعي بين التيارات الحزبية المتصارعة داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية، والتي أدت الى حرب أهلية مصغرة لم تكتمل نهايتها آنذاك ولم تلتئم جروحها حتى يومنا هذا.

الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "معاريف" أفرايم غانور، وصف "صفقة الإقرار" بأنها "أغرقت البلاد في دوامة سياسية واجتماعية، ونجحت في إلقاء جائحة كورونا المستعرة على هامش الأخبار، فنتنياهو كان ولا يزال أفضل منتج درامي في إسرائيل خلال العقود الأخيرة. أنصار "بيبي" متفاجئون ومذهولون وفي أغلب الأوقات، عاجزون عن الكلام، يواجهون صعوبة في التعبير عن رأيهم، سواء كانوا مع الصفقة أو ضدها. وفي المقابل لا يقل معارضو نتنياهو استغراباً عن مؤيديه، بل أنهم يحاولون اكتشاف أين تكمن الحيلة؟ باختصار شديد، أي شخص لا ينتمي الى أحد هذين المعسكرين ولا يرى أي ذنب وراء "صفقة الإقرار" ولا أي مصلحة سياسية، ويريد فقط رؤيتها كصفقة حل وسط تجمع القلوب معاً وتنهي الصدع الكبير في الأمة، يكتشف بسرعة أن هذه الصفقة تفعل العكس تماماً وأنها تؤجج النار الكبيرة".

وأضاف غانور: "هكذا تجد أمّة محاطة بالأعداء والتهديدات نفسها ممزقة ومشرذمة بين معسكريين متعاديين، ونتنياهو يقف في المنتصف وينصب عليه الحقد والدعم في الوقت نفسه من المعسكرين".

ويأتي ذلك فيما أشار موقع "واللاه نيوز" العبري إلى أن المفاوضات من أجل تسوية وضع نتنياهو القانوني جرّت كل القوى السياسية الى حالة من الانحراف، فمن جهة، يستعد حزب الليكود للحظة التي يمكنه فيها خوض معارك الخلافة، لكنه قد يعلق في دوامة تغيير الأجيال اذا تأخرت الصفقة، وفي الوقت نفسه، فإن الاستقالة المحتملة لزعيم المعارضة ستقوّض الدينامية المهتزة بالفعل داخل الائتلاف الحكومي الحالي، "سواء كانت هناك صفقة أم لا، هذا هو السؤال الشكسبيري الذي يطرح هذه الأيام داخل النظام السياسي في إسرائيل، على الرغم من أن حرارة التقارير حولها تراجعت في اليومين الأخيرين، ومن المبالغة التفاؤل، لكن الريبة التي أحدثتها تُقاس كتكتيك في المفاوضات الجارية والحثيثة".

مع زيادة النشر والتحليلات حول الاتصالات بين الطرفين، تدهورت الدينامية بينهما، فمن ناحية يتدحرج نتنياهو بين المحامين الذين يدعمون الصفقة، وأفراد عائلته (زوجته سارة وابنه البكر يائير) الذين يدعمونها بشكل أقل، وما بينهما حملة جمع التبرعات الجماعية التي قام بها مؤيدون لنتنياهو وجمعوا خلالها أكثر من 3.5 ملايين شاقل (ما يعادل 1.2 مليون دولار أميركي).

ويضيف الموقع: "حتى لو لم تنضج المفاوضات خلال فترة ماندلبليت، لا يعني ذلك أن الأمر انتهى، فمن يحل مكانه سيتمكن من تجديد الاتصالات مع نتنياهو من النقطة نفسها التي انتهت اليها إبان عهد ماندلبليت، لأنه بالفعل قد أرسى الأساس لتسوية، فيما السهام الأولية الفتاكة التي وجهت للرأي العام سيبدأ بالتعود عليها في غضون أسابيع قليلة أو حتى أشهر. نتنياهو على ما يبدو قد تجاوز "منطقة الروبيكون" واتخذ قراراً لا عودة فيه، ووافق من حيث المبدأ على الاعتراف ببعض الاتهامات والقبول بالابتعاد من الساحة السياسية، وسيخاطر بها اذا حاول العودة، لذا من المحتمل أن يكون السؤال في الحقيقة، ليس ما اذا كان سيكون هناك اتفاق أم لا، إنما متى سيكون هذا الاتفاق".

ولفت الموقع العبري الى أن الألعاب التي يمارسها نتنياهو أدت إلى حالة من التدهور في النظام السياسي، ومع إطالة انتظار الصفقة ستدخل منطقة الشفق في حدود وقوانين غير واضحة. وقد توجه حزب الليكود هذا الأسبوع الى النشطاء والمحامين وبدأ بالاستعداد للمعارك القانونية الداخلية لانتخاب الرئيس المقبل حتى يتسنى له، بمجرد أن يُعطى الإشارة، اطلاق معارك الخلافة والمؤامرات بين رئيس بلدية القدس الأسبق، نير بركات، ووزير المالية السابق، إسرائيل كاتس، ورئيس الكنيست الأسبق، يولي ادلشتاين. وإلى ذلك الحين، ستكون أي معارك جانبية بينهم سابقة لأوانها، لكن نتنياهو من غير المعقول أن لا يسعى الى القيام بأي عمل قيادي رشيق لإعادة تأسيس السلطة والسيطرة والمضي قدماً في الانتخابات التمهيدية لقيادة الحزب.

الكاتب والمحلل السياسي بن كسبيت يقول: "بينما كان نتنياهو يلعب ذات مرة مع خصومه دور قطة تئن من فأر يحاصرها، فإنه الآن أصبح هو الفأر، فزعيم المعارضة يسدد الآن كل الكمبيالات التي تهرّب منها طوال الثلاثين عاماً الماضية... وتعريض ميزان الأرباح لـ"صفقة إقرار بالذنب" يشير الى الإفلاس. طوال حياته المهنية أرهق نتنياهو خصومه في مفاوضات مختلفة، والآن الرجل انتهى".

ويضيف كسبيت أن نتنياهو يود توقيع أي اتفاق مع النيابة العامة، وأن ينتهز الفرصة، وهي ربما الأخيرة للخروج من الشعاب المرجانية التي يمكن أن تقوده على الأرجح إلى سجن معاسياهو، بعدما أوضح له محامياه، بن تسور وحداد، "أنه حتى لو تمت تبرئته من تهمة تلقي رشوة في الملف (4000)، هناك فرصة كبيرة لإدانته بتهمة خيانة الأمانة بدرجة عالية. وإضافة الى الإدانة فإن تهمتي الاحتيال وخيانة الأمانة بدرجة عالية يتوقع ثبوتها في الملف (1000) وهذا يعني عقوبة سجن فعلي شديد وحازم".

وختم كسبيت مقاله بالقول إن "قائمة الشخصيات العامة ورجال الأعمال الذين ارتدوا البدلة البرتقالية بعد ادانتهم بتهم الاحتيال وخيانة الأمانة معروفة لنتنياهو شفهياً، وهو يقف الآن في زاوية لتقدير الموقف لأنه لا يريد حقاً اللحاق بهم والدخول في هذا العرض والقفز الى المركز الأول في القائمة... لو كان فعلاً سيد نفسه لكان فعل ذلك منذ وقت طويل".