وعود بايدن التي ذهبت أدراج الرياح
تاريخ النشر : 2022-01-22 08:30

سنوات ثقيلة ومريرة ، عاشها العالم ، عندما كان الرئيس السابق( دونالد ترامب ) في السلطة ، بسبب سياساته التي ساهمت في تغيير مجمل الأحداث الدولية وبخاصة إدارته للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ، التي أثقلت كاهل قضيتنا الفلسطينية ، بقرارته التعسفية والحمقاء ، التي أفضت عن إعلان ( القدس عاصمة للاحتلال والجولان جزء لا يتجزأ من دولة للكيان الغاصب )

وبرحيله من البيت الأبيض ، تنفس العالم الصعداء ، وإستبشر العالم خيراً ،الذي أبدى ارتياحاً شديداً لغياب ترامب عن المشهد السياسي الرئيس بايدن الذي أطلق وعوداً إثناء حملته الانتخابية، ومنها تطبيق حل الدولتين ، وللأسف مر عام على تولى إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، السلطة فى البيت الأبيض، ومع ذلك لم يتم رصد أى تطبيق حقيقى للسياسات والتوجهات التى تبناها خلال حملته الانتخابية.

فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والتى قوبلت بتفاؤل فلسطينى وعربي لا سيما أنها بدت مناقضة لسياسات وتوجهات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التى تعد الإدارة الأسوأ بالنسبة لقضيتنا الفلسطينية ، والأفضل بالنسبة لدولة الكيان الغاصب ، بعد أن بلغت ذروتها، ، بقرار نقل السفارة الأمريكية للمدينة المقدسة فى العام التالى، مصحوبا بإغلاق القنصلية الأمريكية فى القدس، والتى كانت مخصصة لتقديم الخدمات الدبلوماسية للفلسطينيين، والأخطر تبنى خطة للسلام، وصفت بصفقة القرن، واتسمت بالانحياز الكامل لدولة الاحتلال ولكون هذه الخطة لم تضع فى حسبانها الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني ، رفضها شعبنا وقيادته الشرعية ، وأبدوا صموداً بطولياً ، فى رفض كافة المشاريع الأمريكية التصفوية التي صاغها عتاة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو ومراهق البيت الأبيض في ذلك الوقت كوشنر
في خطابه الاول لتسلمه دفة الأمور في البيت الأبيض ، قال ( حان وقت المداواة ) ويبدو أن الرجل يبيع الوهم للشعوب ، خاصة وأنه سياسي ديمقراطي مخضرم ويعرف كافة التفاصيل ، منذ أن كان نائباً لأوباما

وهنا نتساءل :

لماذا لم يتم أفتتاح القنصلية الأمريكية في شرقي القدس ؟

وتأتي الإجابة سريعة ، أن إدارة بايدن تناغمت مع حكومة المستوطن بينت في كل شيئ والاكتفاء فقط بطرح الحلول الإقتصادية ، طناً منهم أن الشعب الفلسطيني قيادته سيقبلون بذلك

واللافت للنظر أن واشنطن، تعلن وعلى الملأ معارضتها الشديدة لخطط الكيان الغاصب ، المضى قدماً فى التوسع فى المستوطنات، مؤكدة أن هذه التحركات تضر بآفاق السلام وهو ما اعتبر أقوى انتقاد علنى من إدارة الرئيس جو بايدن لسياسة الاستيطان الإسرائيلية حتى الآن
وأن المضى قدما فى (خطط بناء) آلاف الوحدات الاستيطانية، والعديد منها فى عمق محافظات الضفة الغربية، وان بناء المستوطنات، يتعارض تماما مع جهود خفض التوتر وضمان الهدوء، ويضر بآفاق حل الدولتين. لكن هذا الموقف الرافض لم يتطور، إلى خطوات عملية قادرة على لجم التمدد الاستيطانى، وذلك خشية ، من أن تفضى الضغوط الأمريكية على حكومة بينيت المكونة من تحالف هش بين قوى وأحزاب متناقضة، إلى سقوطها الأمر الذى يمهد لعودة نيتانياهو المرفوض من بايدن وإدارته، ومن ثم فإن الفرص تبدو مهيأة للتوسع فى الاستيطان.

افتتاح القنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية، والتى كانت من أوائل الوعود التى أعلنها بايدن فى حملته الانتخابية فيما يتعلق بالشرق الأوسط، ثم أكدها غير مرة خلال الأشهر الماضية، أقواها كان خلال قمته مع بينيت فى أكتوبر الماضى، حيث أبلغه بأنه لن يتخلى عن خطته لإعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس، سواء خلال اجتماعه الثنائى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، أم فى الاجتماع الموسع مع مساعديهما، شدد فيهما على "أنه قطع وعدًا فى حملته الانتخابية بإعادة فتح القنصلية، ووزير الخارجية أنتونى بلينكن، سجل بالفعل تعهدًا بالمتابعة ".

لكن الجانب الصهيوني و أبدى امتعاضا من هذا التشدد، بحجة أن قضية القنصلية هي قضية ساخنة يمكن أن تزعزع استقرار الائتلاف الحكومى، الذى سيتعين عليه الحكومة إعطاء الموافقة على إعادة فتح القنصلية، وحتى لو عارض عضو واحد بالحكومة هذه الخطوة، فقد تنهار الحكومة.

العديد من وزراء اليمين فى هذا الائتلاف، بمن فيهم وزيرة الداخلية أييليت شاكيد، ووزير العدل جدعون ساعر، لديهم قناعة بأن إعادة فتح القنصلية سيشكل انتهاكًا لسيادة الدولة القائمة بالاحتلال فى القدس الشرقية.

وثمة بعد آخر فى المسألة يدركه المستوطن بينيت وأقطاب حكومته، يتمثل فى أن أى تغيير يخص التمثيل الدبلوماسى فى القدس، سيكون مقدمة لتقسيمها، وإقامة عاصمة فى شرق المدينة لدولة فلسطينية مستقبلية وتطبيق رؤية الدولتين، ما يعنى على الفور فقدان المكتسبات التى تم تحقيقها، من خلال قيام الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، بانتهاك المواثيق والقوانين الدولية بشأن القدس، وما تلى ذلك من تحركات محمومة من قبل حكومة الاحتلال لتهويد المدينة المقدسة، وتغيير هويتها واقتلاع المكون الفلسطينى منها، وبالتالى فإن افتتاح القنصلية الأمريكية لخدمة الفلسطينيين، سيقلل من سيطرة سلطات الاحتلال على القدس، وقد يدفع بالمزيد من الدول للتحرك، لفتح قنصليات وتمثيل تجارى ، بدلاً من فتح المزيد من الدول لسفاراتها للكيان الغاصب فى القدس.

وفى محاولة منها لتجنب خطر السقوط، فإن حكومة الاحتلال تقترح بأن تقوم الإدارة الأمريكية، بفتح قنصلية أمريكية فى رام الله، لاسيما أنها كما يقول بينيت ، تعارض بمختلف مركباتها مثل هذه الخطوة، وأنه تم نقل هذا الموقف إلى الإدارة الأمريكية، مؤكدا أن الكيان الغاصب يتجنب حدوث أي خلافات مع واشنطن وهو ما قوبل باستهجان وغضب فلسطينى، وأن ما تطرحه حكومة المستوطن تمثل تحدياً سافراً لقرارات وسياسة الإدارة الأمريكية التى تعلن مراراً وتكراراً رفضها الاستيطان وجميع الإجراءات أحادية الجانب، وتؤكد فى عديد المناسبات إصرارها على إعادة فتح القنصلية، معبرة عن أملها فى ترجمة المواقف والقرارات الأمريكية والدولية الرافضة للاستيطان، والداعية لإعادة فتح القنصلية، إلى خطوات عملية تلزم الكيان الغاصب على الإنصياع للمجتمع الدولي

وعود بايدن وعود ذهبت أدراج الرياح لأن الولايات المتحدة الأمريكية منشغلة بمجابهة الصين وروسيا ، ولم تعد تولي إهتماماً بقضايا أخرى