وينسلاند وكسر "حيادية اللغة" الغبي!
تاريخ النشر : 2021-12-01 08:48

كتب حسن عصفور/ اشتكت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفليد، تخصيص مجلس الأمن الدولي جلسات شهرية حول القضية الفلسطينية، وقالت، "يشعر الإسرائيليون بالقلق من أن الأمم المتحدة متحيزة بشكل جوهري ضدهم، وهم يفسرون التركيز الساحق على إسرائيل في هذا المجلس (مجلس الأمن) بأنه إنكار لحقهم في الوجود، ويعدونه تركيزا غير عادل علي بلد واحد، وهم محقون في ذلك".

كلمات هي تكثيف حقيقي لموقف أمريكا من قضية الصراع في الشرق الأوسط، أن قضية الاحتلال ليس جزءا من "الثقافة السياسية" للأجهزة الرسمية في الإدارات الأمريكية، أي كانت الشعارات المستخدمة، وخاصة "مكذبة حل الدولتين" الرائجة بغباء سياسي نادر في "الأدب العام".

موقف غرينفليد، يعتبر أن الضفة الغربية وقطاع غزة ليست أرض محتلة، وأن فلسطين ليست دولة تحت الاحتلال والخطر ليس مما يراه غالبية دول العالم في دولة تمارس أبرز أشكال العنصرية والتطهير العرقي مع احتلال بات هو الأطول في الزمن المعاصر.

وفي المقابل، ولأول مرة، يخرج المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند خلال جلسة الأمن يوم 30 نوفمبر 2021، ليتحدث بلغة خارج "التقليد البارد"، عند تناول قضية الصراع بوضع الأمر بين طرفين وكأنهما متساويان، في "إدانة العنف من الطرفين"، دعوة "الطرفين"، وممارسات تضر بـ "مصلحة الطرفين"، دون أن ينسى بعضهم تذكيرا بممارسات إسرائيلية من الصعب القفز عنها.

ولكن يبدو أن النرويجي، حيث رعت بلاده الاتفاق المتوازن الوحيد لحل الصراع وقعه طرفيه الفلسطيني والإسرائيلي عام 1993، لم تحتمله المؤسسة الرسمية في تل أبيب فسارعت باغتيال موقعه رابين، ان يخرج قليلا عن "بلادة اللغة" المستخدمة ممن سبقوه تمثيلا للمؤسسة الدولية.

وينسلاند، تحدث بخط مستقيم عن "وصول العنف المرتبط بالمستوطنين مستويات عالية ومقلقة للغاية"، وهي المرة الأولى التي يقدم عليها منسق أممي، بالحديث عن الإرهاب الذي يمارسه المستوطنين بشكل منفرد، ودون أي ارتباط بفعل فلسطيني مقاوم للمحتل، تحديد مباشر لما يمثله الوجود الاستيطاني على المستقبل السياسي، مع تأكيد صارخ بالقول: "أكرر أن جميع المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، ولا تزال تشكل عقبة كبيرة إلى السلام".

الحديث عن "عنف المستوطنين (إقرأ الإرهاب) وشرحه بعضا من ممارساتهم، وربطه المباشر بأنه كما المستوطنات العقبة الرئيسية للسلام، هو عودة لأصل الحكاية، أن هناك دولة تحتل أرض دولة أخرى، باتت عمليا عضوا في الأمم المتحدة مراقبا منذ 2012، بعيدا عن رغبة أمريكا ودولة التمييز العنصري إسرائيل.

كان مهما جدا، أن يخرج المسؤول الأممي، منسق عملية السلام بتلك العبارات التي تاهت كثيرا في "دهاليز الموضوعية الكاذبة"، لأنه لا يوجد أبدا ما يمكن اعتباره "عنف ضد المدنيين" من الطرفين، في محاولة لطمس جوهر الصراع بين شعب تحت الاحتلال حقه القانوني قبل الشرعي مقاومته، وغياب ذلك لا يمنحه حق البقاء، ودولة تحتل أرض وشعب وتمارس كل أشكال الإرهاب عبر تهويد واستيطان، وتفرض قوانين عنصرية ضد غير اليهود، ما يمنحها بامتياز مطلق الدولة العنصرية الأخيرة في العالم، التي لا تزال عضوا في الأمم المتحدة، بدل من فرض عزلة شاملة كما حدث مع جنوب أفريقيا حتى تدرك أن القانون الدولي ليس للأقوى بل للعدالة.

أقوال وينسلاند، يجب أن يتم تأكيدها بكل اللغات الحية وعدم الصمت معها على الموقف الأمريكي، الذي عبرت عنه ممثلة واشنطن في الأمم المتحدة غرينفلاند، حيث سعت لإسقاط صفة دولة محتلة عن إسرائيل، وهو خطر سياسي يكمل خطة ترامب العار.

استخفاف الرسمية الفلسطينية بأقوال المندوبة الأمريكية سيعتبر "تشجيعا" لتمرير ثقافة انحدارية نحو فلسطين القضية والكيان، وتمثل "طعنة" لأقوال وينسلاند التي كسرت صندوق البلادة الغبي في لغة بعض من سبقوه، وخرج عن "قطار الحيادية" المخادع.

ملاحظة: حسنا فعلت دولة قطر ببث الأناشيد الوطنية لدول عربية خلال افتتاح كأس العرب...وكانت فلسطين الموحدة حاضرة عبر "موطني" رغم نكبتها الانقسامية فصائليا...

تنويه خاص: كان غريبا جدا ألا تنشر وكالة السلطة الرسمية موقفا لحركة فتح ضد اتفاق المغرب مع دولة الكيان "الدفاعي"، بيان أعاد للحركة بعضا من روحها المصابة باختناق كفاحي منذ 2005.