المفكرون الأوائل للصهيونية
تاريخ النشر : 2021-11-30 10:38

الفصل الاول : تعريف الصهيونية.
المبحث الاول: اساليب الفكر الصهيوني .
المبحث الثاني : التأسيس وأبرز الشخصيات الفكرية الصهيونية الاوائل.

الفصل الثاني :رواد المفكرين الصهيونية الاوائل و دمج العقيدة اليهودية.
المبحث الاول : رواد المفكرين الحركة الصهيونية الاوائل.
المبحث الثاني : رواد دمج العقيدة بالقومية اليهودية.

الفصل الثالث : تسوية العلاقات المفكرين الصهيونية الاوائل مع الحركة الصهيونية.
المبحث الاول : بداية العلاقات بين المفكرين الصهاينة مع الحركة الصهيونية .
المبحث الثاني : طبيعة العلاقات بين الطرفين

المقدمة :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله.
أما بعد,
تعتبر المفكرون الصهيونية الاوائل من اخطر الأعداء على الأمة الإسلامية حيث قال تعالى في كتابه الكريم وهو اصدق القائلين :
{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نصارى ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ }.
وتعتبر المفكرون الصهيونية أيضا المتحكمة اليوم في اقتصاد العالم وسياسته و أساليبهم تفكيرهم حتى يومنا هذا وإن امتنا الإسلامية بحاجة شديدة إلى معرفة الأسس والقواعد التي يوفرها ويؤسسها العدو المتربص بالإسلام والمسلمين ويسير عليها.

ومن خلال هذا البحث اعرض تعريف الصهيونية و اساليب والعوامل نشأة المنظمة الصهيونية التي أدت إلى ظهورها والتعمق بقضيتهم وكشف طبيعتهم وتفكيرهم وآراءهم نتيجة ما عانوه من ممارسات الظلم في الدول الأوروبية .
سأتكلم فيه عن رواد الحركة الصهيونية , فقد حصرتهم بالشخصيات العقائدية وتحدثت عن شخصين , منهم الحاخام يهودا الكلعي والحاخام تسفيه يرش, ومن المبشرون القوميون تحدثت عن موشيه ليلنبلوم ويهودا بينسكر وموشيه هس .

الفصل الاول

تعريف الصهيونية

المبحث الاول:

اساليب الفكر الصهيوني

المبحث الثاني :

التأسيس وأبرز الشخصيات الفكرية الصهيونية الاوائل

الفصل الاول :
تعريف الصهيونية
كلمة "صهيوني" مشتقة من الكلمة "صهيون" وهي أحد ألقاب جبل صهيون والذي يعتبر الأقرب إلى مكان بناء الهيكل في القدس كما هو مذكور في الصحائف المقدسة لدى المسيحية واليهودية , وتعبّر كلمة "صهيون" عن أرض الميعاد عند اليهود , وعودة اليهود إلى تلك الأرض. واصطلاحا فكر وحركة سياسية هدفها توحيد اليهود في الشتات , وإسكانهم في فلسطين , وتوجت جهودها بإقامة دولة إسرائيل عام 1948. أول من استخدم مصطلح الصهيونية هو ناثان برنباوم الفيلسوف اليهودي النمساوي عام 1890 م وتم عقد أول مؤتمر صهيوني في مدينة بازل في سويسرا ليتم تطبيق الصهيونية بشكل عملي على فلسطين فعملت على تسهيل الهجرة اليهودية ودعم المشاريع الاقتصادية اليهودية.(1)
عرف اليهود الصهيونية بثلاث معان:
1. مدينة الملك الأعظم.
2. اسم حصة سماه نبي الله داود.
3. اسم جبل يقع في شرق القدس.
أما المفهوم السياسي فهي الفلسفة القومية لليهود التي اخذوا تعاليمها من التوراة , وسيطر التلمود هو والبروتوكولات على الصهاينة , سيطرة كاملة فساروا على مخططاتها, جاعلين مبدأ استهجان الغير مبدأهم الأول.
نشأة المنظمة الصهيونية:
بوادر تأسيس حركة تحرير اليهود من استعباد الأوروبيين كانت على يد الماسونية , وكانت تحاول مساعدة اليهود وإخراجهم من محنتهم وخيرتهم بين ست خيارات:
1. فمنهم من رأى أن خلاصه عن طريق المسيح المنتظر واللجوء إلى التدين.
2. يجب عليهم الذوبان في مجتمع غير اليهود ونسيان الذاتية اليهودية للتخلص من هذه المعاناة.(2)
3. الهجرة من البلاد التي يعانون فيها إلى غيرها من البلدان التي لا تعامل اليهود بعنصرية وهي الأجدى.
_____________
1) هيرتزبرج ،آرثر ، الفكرة الصهيونية، النصوص الاساسية، الترجمة العربية، اصدار مركز الابحاث- بيروت ترجمة لطفي العابد وموسى غز، ص19.
2) الموسوعة الفلسطينية ، ج5، ص205.

4. فكرة الاستيطان ودعمها من قبل رجال المال الأثرياء وإنشاء الجمعية اليهودية للاستعمار , ولم تكن فلسطين هي المكان الوحيد المقترح بل هناك أمريكا والبرازيل والأرجنتين وغيرهم.(1)

5. البقاء في أوروبا الشرقية لذلك رأوا أن من مصلحتهم الانضمام للحركات الشعبية والسياسية والاقتصادية ثم التملص منها وتحقيق أغراضهم من خلال الحكومات التي نصروها ووضعوا دساتيرها.(2)

6. رفض بعضهم كل الحلول السابقة ورأوا العودة إلى التعاليم التوراتية مهما كلفهم ذلك من مال وجهد ونفس.

كان الدكتور هرتسل, مؤسس المنظمة الصهيونية العالمية, واحدا من ابرز الزعماء الصهيونيين وأوسعهم نشاطا ومن الذين عملوا بحماس في سبيل نصرة الصهيونية.(3)
_______
1) الجبوري ، عبدالوهاب محمد ، الجذور التاريخية والاهداف، ص56.
2) كيالي ،عبدالوهاب ، المطامع الصهيونية التوسعية، مركز الابحاث، ص10.
3) مرجع سابق ،ص11.

المبحث الاول :
اساليب الفكر الصهيوني
تُطلَق عبارة «فكر يهودي» أحياناً على الكتابات التي يكتبها مفكرون من أعضــاء الجماعـات اليهـودية («المفكرون اليهـود الاوائل » في المصطلح الشائع)، وكأن هناك عناصر يهودية متكررة تربط بين كتابات هؤلاء المفكرين وتضفي عليها درجة من الوحدة. ويمكننا أن نسأل: ما الوحدة التي تربط كتابات يوسيفوس فلافيوس ويهودا اللاوي وإسحق لإبرير ويعقوب صنوع ومراد فرج وألبير ميمه، حتى يمكن تصنيف فكرهـم على أنه يهـودي؟ فإسـحق لابيرير وألبير ميمه فَقَدَا الإيمان الديني، ومراد فرج يهودي قرّائي ويوسيفوس يهودي متأغرق، أما يهودا اللاوي فهو من اليهود المستعربة، وتأثرت عقيدة كلٌّ منهم بمحيطه الحضاري.(1)

ومن ناحية الانتماء الحضاري ولغة الكتابة والتقاليد الفكرية، فإن يوسيفوس جزء من التراث الهيليني، ويهودا اللاوي جزء من التراث العربي الإسلامي القديم، على عكس يعقوب صنوع ومراد فرج فهما جزء من التراث العربي الإسلامي في مصر. وكل مؤلف من هؤلاء يكتب بلغة مختلفة تماماً عن لغة الآخر. وتتنوع القضايا التي يتعامل معها هؤلاء المفكرون والكُتَّاب بتنوع لغاتهم وحضارتهم، وإن بقيت عناصر مشتركة فلن تكون لها قيمة تفسيرية أو تصنيفية كبيرة. ولذا، قد يكون من الأفضل الحديث عن مفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية بسبب المقدرة التصنيفية والتفسيرية العالية لهذا التعبير، فهو يؤكد عدم التجانس والتنوع، ويمكن داخل هذا الإطار أن نشير إلى المفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب باعتبار أن لهم بعض السمات المشتركة التي يكتسبونها من داخل التشكيل الحضاري الغربي لا رغماً عنه أو من خارجه.(2)

وقد تزايد بروز المفكرين الصهاينة في الحضارة الغربية مع تزايُد حلوليها وتزايُد عدميتها في مرحلة الحولية بدون إله. وحينما ظهر نيتشه الذي أعلن موت الإله، تلبست التشوية المفكرين اليهود في أواخر القرن التاسع عشر، إذ كانت الحولية اليهودية قد توصلت إلى التشوية قبل نيتشه (على حد قول آحاد هعام). ومما لا شك فيه أن غربة المثقف اليهودي في مجتمعه عمقت اغترابه وموقفه النقدي والعدمي. ونحن نرى أن هذه العناصر جعلت المثقفين اليهود أكثر حداثة وأكثر امتلاكاً لناصية الخطاب الحضاري الغربي الحديث، ومن ثم أكثر بروزاً.(3)
_____________
1) الشامي ، رشاد عبد الله ،الصهيونية من الفكرة إلى الحركة في العصر الحديث، ص34.
2) الطاهر ،محمود سعيد عبد, نصوص ودراسات في الصهيونية ,ج2 ,ص48.
3) مرجع سابق ،ص49.

ومع هذا، حتى لا نسقط في التعميمات البسيطة والاختزالات السهلة، لنا أن نلاحظ أن من الأنماط التي تتواتر بين المثقفين من أعضاء الجماعات اليهودية، أن عدداً لا بأس به منهم ينتمون إلى زمرة المثقفين التي تحاول الاحتفاظ بالوظيفة النقدية للعقل، بحيث لا يُستوعب العقل في المادة ويظل متجاوزاً وبشكل دائم للأمر الواقع والوضع القائم، (1)

أي أنهم يحاولون تخطِّي الحولية الكامنة في الفكر العلماني المادي عن طريق افتراض وجود نقطة ثبات خارج النسق (شيستوف ولا محدودية الاحتمالات ـ إرنست بلوخ والإمكانية الإنسانية التي لم ولن تتحقق، أي مقولة «ليس بعد» ـ العداء بين المعرفة والدولة عند ولتر بنجامين ـ القيم الأخلاقية الدائمة عند ليو ستراوس ـ المجال الخاص الذي يستطيع الفرد أن يفكر فيه وأن يحكم ضميره عند أرنت ـ التعددية التي لا يمكن اختزالها عند أيزياه برلين ـ المسيحية وسيمون فاي... إلخ). ويُلاحَظ وجود الظاهرة نفسها عند بعض الفلاسفة وعلماء الاجتماع والنفس من أعضاء الجماعات اليهودية.(2)
___________
1) الموسوعة الفلسطينية ، ج5، ص210.
2) كيالي ،عبدالوهاب ، المطامع الصهيونية التوسعية، مركز الابحاث، ص11

المبحث الثاني :
التأسيس وأبرز الشخصيات الفكرية الصهيونية الاوائل
للصهيونية العالمية جذور تاريخية فكرية وسياسية ومن ذلك:
1-حركة المكابيين التي أعقبت العودة من السبي البابلي (586-538) قبل الميلاد وأول أهدافها العودة إلى صهيون وبناء هيكل سليمان.
2- حركة باركوخبا (118-138) وقد أثار هذا اليهودي الحماسة في نفوس اليهود وحثهم على التجمع في فلسطين وتأسيس دولة يهودية فيها.
3- حركة موزس الكريتي وكانت شبيهة بحركة باركوخبا.
4- مرحلة الركود في النشاط اليهودي بسبب اضطهاد اليهود وتشتتهم ومع ذلك فقد ظل الشعور القومي عند اليهود عنيفاً لم يضعف.(1)
5- حركة دافيد روبين وتلميذه سولومون مولوخ (1501-1532) وقد حثا اليهود على ضرورة العودة لتأسيس ملك اسرائيل في فلسطين.
6-حركة منشه بن اسرائيل (1604-1657) وهي النواة الأولى التي وجهت خطط الصهيونية و ركزتها على أساس استخدام بريطانيا في تحقيق أهداف الصهيونية .
7- حركة شبتاي زفي (1626-1676) الذي أدعى أنه مسيح اليهود المخلص لأخذ اليهود يستعدون للعودة إلى فلسطين ولكن مخلصهم مات.
8- حركة رجال المال التي تزعمها روتشيلد و موسى مونتفيوري وكانت تهدف إلى إنشاء مستعمرات يهودية في فلسطين كخطوة أولى لامتلاك الأرض ثم إقامة دولة اليهود.
9- الحركة الفكرية الاستعمارية التي دعت إقامة دولة يهودية في فلسطين في بداية القرن التاسع عشر.
10- حركة صهيونية عنيفة قامت إثر مذابح اليهود في روسيا سنة1882م وفي هذا ألف هيكلر الجرماني كتاب بعنوان (إرجاع الهود إلى فلسطين حسب أقوال الأنبياء ).(2)
11- الصهيونية الحديثة وهي الحركة المنسوبة إلى تيودورهلرتزل الصحفي اليهودي النمساوي (1860-1904)وهدفها الأساس قيادة اليهود إلى حكم العالم بدءً بإقامة دولة لهم في فلسطين.
____________
1) هيرتزبرج ،آرثر ، الفكرة الصهيونية، النصوص الاساسية، الترجمة العربية، اصدار مركز الابحاث- بيروت ترجمة لطفي العابد وموسى غز، ص14.
2) مرجع سابق ،ص15.

الفصل الثاني

رواد المفكرين الصهيونية الاوائل و دمج العقيدة اليهودية
المبحث الاول :

رواد المفكرين الحركة الصهيونية الاوائل

المبحث الثاني :

رواد دمج العقيدة بالقومية اليهودية

الفصل الثاني
رواد المفكرين الصهيونية الاوائل و دمج العقيدة اليهودية
بسبب كل العوامل التي أشرنا إليها كخلفيات للمشروع الصهيوني، أخذ عدد من قادة اليهود ومفكريهم يدعون الى "العودة" إلى أرض فلسطين وإقامة وطن لليهود هناك، وكانت هذه الدعوات هي الأساس الذي ارتكزت عليه الحركة الصهيونية التي انطلقت بشكل عملي في مؤتمر الحركة الصهيونية الأول في بازر عام 1897،(1) مع العلم أنه بقرار الملك الروماني إيليا هادريان، انتهى وجود اليهود على أرض فلسطين عام 135م. وكان العامل المشترك بين كل مفكري الحركة الصهيونية هو أن" مستقبل الشعب اليهود يرتبط بعودته الى وطنه التاريخي
المبحث الاول :
رواد المفكرين الحركة الصهيونية الاوائل
موسى هيس (1812-1875)
يعتبر موسى هيس اول من حاول ان يجد للحركة الصهيونية اسسا فلسفية تجعل منها أيديولوجية كغيرها من الحركات التي ظهرت في القرن التاسع عشر. (وفي الحق انه كلف نفسه ما لا يطيق ودفع بها الى مزالق كادت تكلفه عقله وصحته) وكانت ولادته مقرونة باحتلال القومية مركز الصدارة في اوربه.. وبعد تجوال فكري (اصبح هيز عميق الاقتناع بان عالم المستقبل يجب ان ينظم كسيمفونية متناسقة على اسس الثقافات القومية) وكانت مساهمته الاهم تتلخص في الطريقة التي ربط بها مصير شعبه (بالسيمفونية المتناسقة) التي تصورها. ومؤلف هيز الكلاسيكي هو (روما والقدس) الذي نشره عام 1862م حاول هيز في هذا الكتاب اثبات (ان الاتجاه الداعي الى ذوبان اليهود في المجتمعات الاوربية، لا يشكل حلا عمليا للمسألة اليهودية). وقد اشار الى ما اسماه (جهل رعاع أسبا واوربا وبدائيتهم) بحيث هم دائما على استعداد لتصديق كل ما يقال عن اليهود.. واضاف هيز(ان الشعب اليهودي شعب (بائس) مطعون به محتقر ومبعثر)(2)
وان (العرق اليهودي) هو واحد من اقدم (الاعراق) الانسانية (وان اليهود استطاعوا الحفاظ على وحدتهم بالرغم من اختلاف البيئات بحيث حفظ الجنس اليهودي صفاءه عبر القرون).. وقد آمن هيز (بأن الاصلاح وتغيير الدين والتعليم والاستنارة فشلت جميعها في جعل المجتمع الاوربي يغير نظرته الى اليهودي)(2) وان الذوبان في المجتمعات الاوربية لا يشكل حلا افضل من الحلول السابقة الاخرى لان اليهود المقيمين في وسط الامم الاخرى (لا يمكن ان يلتحموا عضويا بهذه المجتمعات) لهذه الاسباب ولهذه الاعتبارات كلها اكد هيز على انه ليس من حل حقيقي للمسألة (طالما ان اليهودي لازال ينكر قومته). ولان هيس كان عميق الاقتناع بان المستقبل هو مستقبل الامم وبسبب ايمانه بوجود قومية يهودية ((بدون الايمان بها ما كانت اليهودية لتدوم))
____________
1 ) عبدالرحمن ،اسعد ، المنظمة الصهيونية العالمية، مركز الابحاث بيروت- ص17.
2) المسيري ،عبدالوهاب ، نهاية التاريخ، دراسة في بنية الفكر الصهيوني، ص93.
انتهى الى القول بان (النهضة القومية وحدها هي القادرة على وهب عبقرية اليهودي الدينية الحياة من جديد).. ولان هيز (كان عظيم الايمان بمساعدة تقدمها فرنسا لليهود) فقد دعا ابناء شعبه (الى اقامة المستعمرات في الارض المقدسة)(1)
(على امل ان تساعد فرنسا في تحقيق هذا المشروع) وفي كتابه (روما والقدس)- الذي هو كناية عن 12 رسالة الى سيدة حزينة على فقد انسان تحبه- يقدم حلا للمشكلة اليهودية على اساس توطين اليهود في فلسطين.. وقد لقي معارضة شديدة من جانب الاصلاحيين اليهود في المانيا ولم يهتم به الاشتراكيون مطلقا.. بينما نجد (مارتن بوبر): (يعتبر هيز بادئ الحركة الصهيونية) ، ويقول عنه هرتزل(كل شيء حاولناه يمكن العثور عليه في آثاره) اما الدعوة الرئيسية في الكتاب فهي الى (قومية يهودية تحرر القدس وتكون بداية عصر الانبثاق الجديد على غرار تحرير المدينة الخالدة رومة في التاريخ القديم) (فالشعب اليهودي حين يعي رسالته التاريخية ويشعر بقومتيه ويستولي على فلسطين سوف يدهشن ثورة الاجناس المضطهدة ضد سلطان الشعوب المستبدة.. والدين اليهودي هو المبرر الاول لولادة القومية اليهودية) وقد انتهى هيز الى القول بان( الوضع العالمي الحاضر يجب ان يشجع اقامة المستعمرات اليهودية في الحال عند قناة السويس وعلى ضفتي الاردن). وقد نظر الى مسألتي الحرية والقومية من زاوية عرقية وعنصرية، (فالعرق هو الذي يخلق المؤسسات الاجتماعية والمواقف الروحية)(2)
وقد كتب عنه الاستاذ واكسمان في كتابه (تاريخ الادب اليهودي) قائلا: ( حقق هيز هدفه بطرق ملتوية قد نأت به اصحابه ورمت به في احضان مجموعات غريبة تتجنبها عاصفة من الصراع بين الرأسمالية والعمل) وليس من السهل تقويم شخصية هيز تقويما صحيحا لما تميزت به الازدواجية والتناقض، فهو يهودي الاصل اشتراكي فلسفي النظرة.. اعتنق في بداية حياته فلسفات كانت تتمثل له في شخصيات تلك الفلسفات.
____________
1) رشيد ،هارون هاشم، حول الفكر التربوي الصهيوني في فلسطين ، مجلة شؤون عربية عدد 33،1983، ص87.
2) كيالي ،عبدالوهاب ، المطامع الصهيونية التوسعية، مركز الابحاث، ص12.

فدرس سبينوزا وهيجل ثم تخلى عن الفلسفة والاشتراكية وانصرف بعد ثورة 1848م الى الفيزيولوجيا عله يجد في دراسة المحسوسات ما يفي بغرضه ويشفى من مرضه.. حتى انه تبنى الكثير من افكار سبينوزا وروسو في كتابه الاول الذي صدر بدون اسم المؤلف، وعنوانه ( تاريخ الانسانية المقدس، اعلان للحرية باسم الروح القدس) بقلم شاب من اتباع الفيلسوف سبينوزا والحق ان كتابه يبدأ بالخلق وينتهي بالثورة الفرنسية.. ويدل ظاهر الكتاب على مسحيته ورومنطيقيتيه اكثر من يهوديته وعقلانيتيه) (وهذا الكتاب بمثابة تقليد اعمى وتكرار للنظرة الهيكلية التي كانت في اوج انتشارها آنذاك.. ولا توجد فيه اية اشارة الى تفحص بناء للوضع اليهودي). (1)

وبل على العكس نجد مؤلفه قد باح في مذكراته بان (الدين اليهودي والشرع الموسوي قد ماتا). ثم يبرز اهتمامه السياسي ويعتنق الافكار الاشتراكية التي نادى بها على غرار دعوة سان سيمون في فرنسا.. ان هذا السعي اليائس من طرفه للإصلاح اخطاء البشرية جمعاء يتعارض مع صهيونيته اللاحقة واعتقاده بدور اليهود المميز في التاريخ) الامر الذي جعله شخصية مزدوجة ومتناقضة الى ابعد الحدود.

ونجد هيس يقول في كتابه (روما والقدس): ( لقد كانت اسرائيل واسطة الوحي للدين في صورته الكاملة في العالم، وهي الرابطة بين الخالق والمخلوقات والجسر الذي يقود من خلق الى خلق).

ومن الافكار التي تبناها هيز فيما بعد ودعا اليها، هي ايمانه بان الصهيونية تشكل الحل الامثل لما اسماه بالمسألة اليهودية وهاجم في كتابه اليهود الذين يدعون الى الانصهار في الحضارة الغربية ويرفضون فكرة (القومية اليهودية) ويعدونها خيانة من اليهود للدول التي يعيشون فيها.. (وليس من شك ان فكرة هيز كانت متأثرة بالأفكار التي تقول بتفوق الشعب الآري وتميزه عن غيره من الشعوب.. وليس من عوامل الصرف والاتفاق ان تنتهي الحركة الصهيونية الى حركة نازية كما تحولت فكرة تميز الشعب الآري الى النازية، فان المشرب واحد)( 2)
____________
1) صايغ ، فايز ، الصهيونية والعنصرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت، 1977 ،ص 13.
2) المسيري ،عبدالوهاب ، نهاية التاريخ، دراسة في بنية الفكر الصهيوني، ص97.

وعليه فان دعوة هيز لا تهدف الى محو اللاسامية فحسب،( بل تفرض وصاية الصهيونية على البشرية كلها)) (لان الانسانية من غير اليهود، وان من الاغراض التي سوف يحققها قيام الدولة الصهيونية في فلسطين حمل الحضارة الاوربية الى آسيا وافريقيا) ولعل هذا هو نفس الشعب الذي كانت تتذرع به الدول الاستعمارية حين استعمرت آسيا وافريقيا.. فكانوا يدعون انهم يبغون نقل الحضارة لتلك البلاد، ولا يريدون الاستعمار.. هكذا نشأت قومية هيز(تذكيها عواطف الكراهية وترويها المشاعر بالتفوق وتظللها غامات من الخوف والشك والفشل)(1).
ليوبنسكر(1821-1891)
يعتبر بنسكر اكبر مفكر في الحركة الصهيونية يأتي بعد هيز.. ولم يكن بنسكر اكثر اليهود الروس، ذوبانا في المجتمع الروسي فحسب، بل كان ايضا اكثرهم حماسا لجعل اللغة الروسية والثقافة الروسية تطغيان على حياة اليهود الداخلية وعلى ديانتهم ايضا.. ولان بنسكر من مواليد توماشوف من اعمال بولونيا الروسية وحيث ان اباه كان من علماء عصره المتنورين فقد عمل على تزويد الابن بثقافة روسية متنورة حتى انه لم يتعلم في مدرسة الحي اليهودي بل انهى دراسته الثانوية في مدرسة روسية.. (وقد مارس الطب في اوديسة وخدم كضابط طبيب في حرب القرم) ومنذ عام 1860 بدأ يولي الشؤون اليهودية اهتماما بارزا، فراح يكتب المقالات في المجلات الاسبوعية الصادرة باللغة الروسية ويقوم بنشاط فعال في (جمعيته نشر الثقافة بين يهود روسيا)(تأسست 1863) وكان ذلك كله ناجما عن ايمان بنسكر بان (النظام الروسي سيطور نفسه الى ملكية دستورية تعيش في ظلالها كل الشعوب في مساواة تامة)(2)
وحين حصلت اضطرابات اوديسة خلال فصح 1871 بقي على اعتقاده بضرورة العمل على دمج اليهود في حياة روسية الليبرالية المتحررة، انما بدا الشك يساوره حول مقدرة التنوير وحده على حل مشاكل اليهود.. وما ان وقفت اعمال العنف في عام 1881- بعد اغتيال القيصر اسكندر الثاني في اذار 1881- حتى راح بنسكر يبحث عن علاجات واساليب جديدة للمشكلة، فسافر الى اوربا الغربية والوسطى لنشر افكار دعوته الجديدة الى ضرورة تركيز اليهود في دولة قوميه، لكنه لم يجد مؤيدين لفكرته وعند عودته الى روسيا 1882 نشر افكاره وآراءه في كراس بألمانية دون ذكر اسم المؤلف.. وكان عنوانه (التحرر الذاتي)(3)
____________
1)الموسوعة الفلسطينية ، ج5، ص216.
2) هيرتزبرج ،آرثر ، الفكرة الصهيونية، النصوص الاساسية، الترجمة العربية، اصدار مركز الابحاث- بيروت ترجمة لطفي العابد وموسى غز، ص15.
3) الحاردلو ،ابراهيم ، الصهيونية وعداء السامية ، -ص 9 .

نداء من يهودي روسي الى بني قومه داعيا اياهم لمساعدة انفسهم والعمل على التحلي بذلك الوعي وتلك الصفات التي تؤهلهم لحياة الاستقلال الاقليمي(1) ونداء بنسكر هو بالأساس هجوم، على اولئك الذين بنوا آمالهم على تحرير الحكومات الاوربية لذاتها وتغيرها لأساليب معاملتها لليهود) واليهود في نظره بمثابة الضيوف في كل مكان وليسوا اصحاب منزل خاص بهم). والعداء للسامية خطر يسود العالم اجمع، مصدره الخوف من اليهود الذي اعتبره بمثابة الخوف من الاشباح واكد بنسكر على ان اللاسامية جعلت امكانية تمتع اليهود بحقوق الاقلية في أي مكان امكانية ضعيفة.. وقد وصف اليهود قائلا: (ان الشخص الذي لا يقول ان الشعب اليهودي هو شعب الله- المختار- المختار لكراهية العالمية لابد ان يكون اعمى). واضاف (ان اليهود، اينما كانوا، ينظر اليهم على انهم غرباء ولذا يحتقرون) واعلن بنسكر (انه لا تحرر اليهود المدني ولا تحررهم السياسي كان كافيا لرفعهم في اعين الشعوب الاوربية ولذلك فان التحرر الحقيقي يكمن في خلق قومية يهودية للشعب اليهودي).(1)

وكان بنسكر مقتنعا(بان اليهود كانوا يفتقدون ما كانت جميع الامم الاخرى تمتلكه) وعنى بذلك الارض (حيث يعيش شعب ما تحت حكم واحد). واضاف بنسكر (ان التجربة علمته شيئا فهو ان اليهود يجب ان يكون لهم ماوي ان لم يكن لهم بلد خاص بهم).. ولم تقتصر مساهمة بنسكر في الحركة الصهيونية على مساهمته في الدائرة الفكرية فقد قدم عددا من الاقتراحات العملية والتنظيمية اقترح بموجبها اقامة منظمة مركزية تكون مواتها (الجمعيات القائمة فعلا).. وطالب بعقد مؤتمر قومي ينبثق عنه مكتب مركزي، وان تعذر ذلك تنشأ دائرة تتولى القيام بالأغراض ذاتها.. وتقيم الدائرة هذه- بالاشتراك مع عدد من المتمولين اليهود- شركة مساهمة، مهمتها شراء قطعة ارض يمكن- مع الوقت- استيطانها من قبل عدة ملايين من اليهود. وكان حاصل فكرته ان كراهية الشعوب لليهود، كل الشعوب دون استثناء، مسألة نفسية اكثر منها اجتماعية.. فالعلاج الذي وصفه كان يقضي بإيجاد قومية يهودية تعيش على ارضها.. والوطن القومي اليهودي) يمكن قيامه في أي مكان من العالم. ولكن فكرته الاخيرة هذه لم تبعد عنه انتقادات المتزمتين الدينية واعتبار الليبراليين ان دعوته تشكل خيانة للإيمان بانتصار الانسانية على التعصب والبغضاء.. وما لبث ان (تصهين) تحت تأثير اتباعه الذين تخلوا عن حركة التنوير وعلى الاخص خضوعه لتأثير كل من ليلينبلوم وهرمان شابير. ثم عين بنسكر رئيسا لحركة (احباء صهيون الجديدة).. وفي خلال رئاسته تمكنت الحركة من جمع المال لإقامة المستعمرات الصهيونية في فلسطين وساعدت كثيرا في تمهيد السبيل امام الفكر والعمل الصهيوني بين يهود اوربا الشرقية من خلال اعمالها التثقيفية (2).

____________
1) هيرتزبرج ،آرثر ، الفكرة الصهيونية، النصوص الاساسية، الترجمة العربية، اصدار مركز الابحاث- بيروت ترجمة لطفي العابد وموسى غز، ص19.
2) الحوت، بيان نويهض، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917. دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت، 1991،ص50.

وتأسست في روسية، بتأييد من بنسكر(جمعية تأييد المزارعين واصحاب الحرف اليدوية اليهود في كل من سورية وفلسطين) التي كانت تعرف بـ(لجنة اوديسة).. (ولا يخفى ان اهمية بنسكر تكاد تنحصر في الحقل الفكري والتثقيفي اكثر منها في الحقل الصهيوني العملي)(1).. مع العلم ان دعاة استعمار فلسطين افلحوا في صهاينته وكسب ولائه لمسألة الاصرار على ضرورة(كون دولتهم اليهودية في فلسطين).. وقد خدم بنسكر الحركة الصهيونية منذ تصهينه حتى وفاته، وهرتزل يعترف في مذكراته بانه لم يطلع على كراس التحرر الذاتي الا بعدي ان نشر دعوته لقيام (الدولة اليهودية).. وهو لو عرف بذلك كما يقول- لما كان وجد هناك من حاجة الى نشر آرائه(المشابهة) في كتاب(الدولة اليهودية).(1)

ومن المفيد هنا ان انقل ترجمة بعض ما جاء في كراس (التحرر الذاتي) والتي تلقي ضواء على التصور الصهيوني لما يسمى بمعاداة السامية التحرر الذاتي نداء من يهودي روسي الى شعبه
(اذ انا لم اكن لنفسي فمن سيكون لي؟ وان لم يكن الآن فمتى؟)

(تلك الاحزان التي سببتها اعمال العنف الدموية، تبعتها فترة من السكون ليستطيع خلالها ان يتمالك كل من الصياد والفريسة انفاسهما الى حين يعود في هذه الاثناء اليهود اللاجئون(الى البلاد التي هاجروا منها) بالنقود ذاتها التي جمعت من اجل مساندة الهجرة.. وتعلم يهود الغرب ثانية ان يتحملوا الصرخة (هب، هب)(2). تلك الصرخة التي صاحها آباؤهم في الايام الماضية).

ثم يقول ايضا: (تخلى اليهود متعمدين عن قومتهم الى حد ما وذلك كي يختلطوا مع الغير.. لكنهم لم ينجحوا في تحقيق اعتراف جيرانهم في انهم مواطنون ذوو حقوق متساوية).. وفي مكان آخر من الكراس يعبر بنسكر عن افكاره عن اللاسامية: (انتقل هذا الخوف من الشبح اليهودي من جيل الى اخر وقوي عبر العصور، الى ان ادى التحامل ضد اليهود- الذي بدوره، والى جانب اسباب اخرى، مهد الطريق الى عقدة الخوف من اليهود).. ويقول ايضا: (اصبح الخوف من اليهودية.. متعمقا في طبيعة شعوب الارض..)، (الخوف من اليهود هو انحراف نفسي موروث ومرض تناقلت عدواه منذ الفي سنة ولا يمكن استئصاله) (وهكذا لم تنفصل اليهودية عبر التاريخ عن اللاسامية.. وقد ظلت الحركة اللاسامية تعيش جنبا الى جنب مع الشعب اليهودي (المتجول))، (ومهما بلغ الاختلاف بين الامم فأنها تتعاون معا على اكراه اليهود، الكل يتفق على هذه المسألة)(بعد تحليل عقدة الخوف من اليهود على انه مرض وراثي يتصف به الجنس البشري وبعد ان بينا ان كره السامية يعتمد على انحرافات موروثة في العقل الانساني، يجب علينا كنتيجة ان نصل الى الخلاصة الاتية: ان محاربة هذا الكره كمحاربة أي حالة عقلية موروثة، امر صعب ولا فائدة منه).(3)

____________
1) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص95.
2) الحوت، بيان نويهض، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917. دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت، 1991،ص50.
3) مرجع السابق ، ص52.
. لكن بنسكر يضيف: (لذا فالاهم من هذا كله هو ان تتخلى عن المجادلات العقم التي هي مضيعة للوقت والطاقة لان الالهة نفسها تحارب ضد الخرافات عبثا.. لا يمكن مجابهة الكره والتحامل والنوايا السيئة بالعقل مهما كان قويا وواضحا.. يجب اذن اما ان تبقى هذه القوى الشريرة ضمن حدود قوية مادية او ان يتم تجاهلها كأية قوة طبيعية عمياء).. (ان تحرير اليهود واجب كواجب تحرير الزنوج والنساء لانهم شعب حر لكنه مستعبد.. انهم ينتمون الى عرق متقدم وليسوا زنوجا)،.. (لقد اعلنا اقدس كفاح ضد كل الشعوب الارض..)، (وقد استغل اعداؤنا للبرهنة على نقصنا بانه لم يقم فينا اناس مبدعون، ليس هكذا الحكم عادلا وان كان صحيحا الى حد، هذا مع العلم ان رجال الفكر لم يوجدوا بين خصومنا بكثرة الثمر في موسمه.. لعنهم الله، انهم يلومون النسر الذي حلق في الماضي عاليا في السماء وعرف الالوهية)؟! (اعطونا مجال وجود القومية الحرة، ومن ثم تجرأوا على لومنا وتعييرنا بعدم وجود رجال عباقرة عندنا). ثم ينتقل بنسكر في دعواه الى جانب آخر قائلا: (لحسن الحظ ان الامور قد بدأت تتغير الان ذلك ان الحوادث التي جرت في السنين القليلة الماضية بسبب حركة التنوير في المانيا والمجر وخاصة في روسية اثرت اكثر من حملة الاضطهاد الدامية التي قامت في العصور الوسطى) ويضيف بنسكر معبرا عن النوايا الصهيونية قائلا: (يجب ان تكون الارض التي نحن بصدد شرائها ذات مركز جيد وخصبة ومساحتها كافية للإسكان عدة ملايين.. يجب ان تكون الارض التي ستصبح ملكا للامة غير غريبة جدا عن تلك الامة.. اننا نريد ملجأ واحدا، لان وجود عدة ملاجئ سيعيد خلق معالم تشتتنا القديمة.. اذن يجب اختيار وطن قومي دائم وفقا لكل المتطلبات..)،( انه من الواضح بان تكوين ملجأ يهودي لا يتم الا بمعونات الحكومات، فعلى خالقي بعثنا القومي ان يعملوا بحذر واناة وذلك لتحقيق الدعم لمثل هذا الملجأ).(1)

اذن فأن هذين المفكرين يعتبران من كبار المفكرين الصهيونيين الاوائل الذين سبقوا بأفكارهم ودعواتهم وطروحاتهم النشوء الرسمي والعلني للحركة الصهيونية بحوالي المائة عام- أي قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897 في بال بسويسرا والذي اسفر عن ظهور الحركة الصهيونية بشكل رسمي وعلني وبإطارها التنظيمي الكامل وعن تعيين تيودور هرتزل رئيساً ومؤسسا لها.. وقد عمل موسى هيس وليو بنسكر على وضع اللبنات الاولى لهذه الحركة والتي اصبحت، فيما بعد، الاسس المعتمدة في وضوح وتجسيد برنامجها.. كما عاصرهما وجاء بعدهما عدد اخر من المفكرين الذين لعبوا دورا مضافا ومتمما في تعميق مفاهيم الفلسفة الصهيونية والمشروع الصهيوني امثال الحاخام تسفي هيرش كاليشر والحاخام يهودا القالي وبيريتز سمولنسكين واليعازر بن يهودا وتيودور هرتزل وغيرهم.. (2)
____________
1) مرسي ، علي رؤوف سيد ، أثر رواد المفكرين في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل، عدد يوليو 1968، ص 103.
2) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص98.
ان نشوء الحركة الصهيونية على يد هؤلاء كان مترافقا مع طرح وولادة مفهوم اللاسامية- أي انه كان اذاة من ادوات الصهيونية وسلاحا من اسلحتها الفتاكة في تحقيق مآربها والتأثير على الراي العام العالمي وعموم اليهود في مختلف انحاء العالم لقبول المفاهيم الصهيونية والتسليم بها والترويج لها، وهذا السلاح كان ومازال يشهر في وجه كل من يقف ضد الصهيونية ولا يؤيدها منذ ما يقرب من مائتي عام وحتى الان.(1)
وسأقدم فيما يلي تعريف بسيط لاثنين اخرين من مفكري الحركة الصهيونية ومن دعاة ومتبني مفهوم اللاسامية هما كاليشر ويهودا القالي دون الدخول في تفصيلات نشاطهما او التعرض لأفكارهما لانهما يتماثلان في النهج والسلوك- الى حد ما، مع فكر ونشاط موسى هيس وبنسكر..
الحاخام يهودا الكلعي (1798-1878)
ولد في سراجيفو وكان ابوه من الزعماء الروحيين بين يهود العرب.. قضى صباه في القدس حيث خضع لتأثير نزعات القبالة في صوفتها وميلها الشديد الى الحلولية وتفسيرها الرمزي لجميع الاعداد والحروف في التلمود . ومنذ عام 1834 راح يعبر في كتاباته عن (ضرورة القيام بمجهود انساني خاص لتحقيق خلاص اليهود. فنشر كراسا بعنوان (اسمي فإسرائيل) واقترح فيه اقامة مستعمرات يهودية في فلسطين لكي تكون بدورها مقدمة لا ضرورية للخلاص المنتظر)(2). تصور الخطوط الكبرى لبرنامج العمل على تحقيق ما اسماه (بالخلاص الذاتي) على الشكل التالي:
1) الدعوة لعقد جمعية عامة كبرى.
2) ايجاد صندوق قومي لشراء الاراضي.
3) اقامة صندوق مماثل لجباية الضرائب.
4) السعي لتقديم قرض قومي.
وهي الافكار التي تبناها هرتزل فيما بعد وراحت الحركة الصهيونية تعمل على وضعها موضع التنفيذ وكان جد هيراتزل (سيمون لوب) من تلامذته والمعجبين به.. وفي عام 1843 اصدر كتاباً عن (الخلاص الثالث) وفسر الخلاص الجديد على أساس تشجيع الاستيطان في فلسطين بقصد تعمير (الارض الخراب) واعدادها بصورة تدريجية.. واعتبر (العودة الجماعية) بمثابة بداية للخلاص الذي وعد به جميع الانبياء. وهي متممة لتلك العودة الفردية التي ينص عليها التقليد الديني في التوبة والصلاة(3).
____________
1) فواقة ، أحمد ، الصــــهيـــــــــونـــيـــــــــــة ،2009م، ص64.
2) مرسي ، علي رؤوف سيد ، أثر رواد المفكرين في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل، عدد يوليو 1968، ص 102.
3) مرجع السابق ،ص103.

وقد استفادت الحركة الصهيونية من برنامجه فيما بعد، حتى ان الصندوق القومي اليهودي) حين تأسس عام 1901 جرى السير في خطى النهج الذي كان القالي قد رسمه للعمل الصهيوني وقد قام بعض اتباعه، بعد وفاته مباشرة، بشراء ارض (بتاح تكفا) حيث اقيمت اول مستعمرة صهيونية زراعية في فلسطين.

في مطلع الستينات من القرن التاسع عشر, قاموا المفكرون اليهود بإنشاء حركة التي يمكنها تغير وضع اليهود, وهؤلاء المفكرون سموا بعد ذلك بمبشري الصهيونية. ورغم اختلافهم في وجهات النظر, إلا أن فكرة أن اليهود في هذه المرحلة منعوا من الحرية. وان النهضة القومية يمكنها أن تحل مشاكلهم.(1)
الحاخام يهودا قلعي ولد عام 1798 في سرايفو تلقى تعليم توراتي تربوي أخلاقي على يد أبيه ومعلمين. عاش في منطقة اعتبرت في زمانه نقطة الصراعات السياسية بين الدولة العثمانية وبين الإمبراطورية النمساوية , والمجازر الصربية التي كانت في أوائل استقلالها القومي, والأحداث السياسية أثرت على كتاباته وأعماله, وكان حاخام لجالية "زمون في صربيا عندما بلغ 37 عاما, وفي عام 1834 بدأ في فعاليات لنشر فكرته القومية, وفي عام 1840 بدأ فعالياته الاجتماعية وقد اصدر ثلاث كتب هم "درخي نوعم 1839", "شالوم يروشاليم 1840", "منحات يهودا 1843" طرح من خلالها أفكاره على المهجر , وضرورية الاستيطان بفلسطين لأهمية اللغة العبرية, ومن عام 1839 وحتى مماته اصدر يهودا قلعي عشرين كتابا وكراسه, ومقالات كثيرة في الصحف العبرية, ولكن كتاباته لم تلقى قراء من اليهود , بل بالعكس , فقد كان الحاخامين يسخرون وينتقضون كتاباته. ويعتبر القلعي واحد من رواد الفكر الصهيوني, فقد استطاع خلال فترة نشأته التأثير على احد زملائه ,الحاخام تسفي هيرش الذي اصدر عام 1862 كتابا بالعبرية بعنوان "דרישת ציון" (البحث عن صهيون) طور فيه الآراء التي دعا إليها القلعي.(2)
وفي عام 1851 بدا يهودا القلعي بجولاته على الجاليات اليهودية في أوروبا لتوعية اليهود بفكرته ومن الدول التي زارها بوخارست, فينا, برلين, وفي لندن لقي مؤيدين لفكرته, كما وانه أقام شركة العودة إلى إسرائيل وانحلت الشركة مباشرة عند خروجه من لندن وبعد ست سنوات عاد إلى لندن مرة أخرى على أمل أن يحي الشركة من جديد لكن دون جدوى.(3)
______________
1) المسيري ،عبد الوهاب ، الأيديولوجية الصهيونية، ج1، ص122.
2) جريس ،صبري ، تاريخ الصهيونية , ج 1 ، القدس ، 198 م , ص47.
3) الجبوري ، عبدالوهاب محمد ، الجذور التاريخية والاهداف، ص61.
لكن تشجع عندما أقيمت شركتان اخريتان ففي فرنسا أقيمت شركة "كل الإسرائيليين أصدقاء "כל ישראל חברים (כי"ח)" وفي ألمانيا أنشأت "شركة الاستيطان بإسرائيل" كما توجه قلعي إلى شركة "كل الإسرائيليين أصدقاء" لمساندته لنشر وتطوير أفكاره , ولكن تم رفض مطلبه .(1)
في 5\1871 زار يهودا قلعي فلسطين لكي يقف قريبا على إمكانية الاستيطان بها, وزيارته كانت شاقة بعد الشيء لأنه آنذاك كان عمره 73 عاما وبعد أن وصل إلى يافا زار المدرسة الزراعية "מקווה ישראל" (مكفيه يسرائيل) ومن هناك سافر إلى القدس وأقام فيها لمدة شهرين , وفي صيف 1874 وعندما كان يناهز من العمر 76 , قرر قلعي ترك موطنه بصربيا والهجرة إلى إسرائيل والاستيطان في القدس مع زوجته حتى توفي عام 1878 , حيث لم يتم الإعلان عنها بالصحف العبرية وخاصة الصحف التي كان ينشر فيها مقالاته.(2)
يعتبر يهودا القلعي أول الشخصيات اليهودية التي نادت بإقامة دولة يهودية في فلسطين.
الحاخام تسفي هيرش كاليشر ( 1795-1874)م
ولد كاليشر عام 1795 في وقت طغى فيه المفهوم القومي على أي مفهوم آخر في اوربا (وكانت ولادته في بوزن، وهي المقاطعة الغربية من بولونيا آنذاك، وكانت خاضعة للسيطرة البروسية منذ عام 1793) وقد عمل القسم الأكبر من حياته حاخاماً لليهودية في مدينة (ثورن)، ومات فيها سنة 1874. درس كاليشر العلوم الدينية والفلسفة وعدداً من الموضوعات الغير دينية، نشر أفكاره سنة 1843 في كتاب مكون من جزئيين بعنوان "عقيدة صادقة"، ثم أكمل تصوره في مجلد أخر نشره سنة 1862 بعنوان "البحث عن صهيون" وهو أكثر كتبه شهرة والذي يدعو فيه لعقد مؤتمر عام لوجهاء اليهود, بهدف تأسيس "جمعية لاستيطان ارض - إسرائيل", تكون مهمتها الرئيسية تمويل عملية استيطان اليهود في فلسطين وإقامة كيان لهم فيها، كما أنه أول كتاب يصدر بالعبرية في أوروبا الشرقية بشأن المستعمرات الزراعية في فلسطين. وقد وضح في كتاباته ثلاث نقاط رئيسة، هي:
1. خلاص اليهود كما تنبأ الأنبياء به، ويمكن أن يتم بوسائل طبيعية، أي بمجهود اليهود أنفسهم، من دون أن يتطلب ذلك مجيء المسيح.
2. الاستيطان في فلسطين يجب أن يتم بدون تأخير.(3)
3. إحياء التضحيات في الأرض المقدسة مباح وضرورة.
___________
1) رشيد ،هارون هاشم، حول الفكر التربوي الصهيوني في فلسطين ، مجلة شؤون عربية عدد 33،1983، ص83.
2)مرجع السابق ،ص85.
3) جريس ،صبري ، تاريخ الصهيونية , ج 1 ، القدس ، 198 م , ص48.

وقد عبر عن صهيونية في رسالة بعث بها عام 1836 الى كبير فرع عائلة روتشلير في برلين.. وقد جاء فيها: (ان بداية الخلاص سوف تأتي عن طريق اسباب طبيعة نتيجة للجهد الانساني وعن طريق ارادة الحكومات لجمع شمل اسرائيل المبعثرة في الارض المقدسة وحين تأسست جمعية رعاية الاستيطان اليهودي في فلسطين عام 1860 في فرانكفورت على نهر الاودر انضم اليها واستمد من اهدافها بواعث كتابه الصهيوني(البحث عن صهيون) الذي ظهر عام 1862وكانت النقطة البارزة في مؤلفه تتمثل في رد كاليشر على انصار الحل المنادي بالتدين كأسلوب لحل المشكلة اليهودية.. فقد اكد كاليشر على ان (بداية الخلاص بداية تتم بالجهد الانساني) وانه – أي الخلاص- لن يكون على ايدي (المسيح المنتظر) وعلى عكس ذلك، فانه سيبتدئ بإيقاظ رغبة المحسنين في المساعدة، وبكسب موافقة الامم المختلفة على جمع بعض المشردين من اهل (اسرائيل) في الارض المقدسة (1)

واعلن كاليشر ان ما حدث للإنسان في جنة عدن وما حدث (لإسرائيل) في وقت لاحق لم يكن الا تجربة لطاعة الانسان وتجربة لإيمان (اسرائيل) بل ان قوانين التوراة التي تحرم اكل لحوم (الحيوانات غير الطاهرة) وتيه اليهود لم تكن الا (امتحانا اخر لإيمان هؤلاء). (وبالتالي، وبما ان ظهور المسيح المنتظر لن يفسح المجال امام اختبار اليهود، فان على اليهود ان يقتنعوا نهائيا بان (المسيح المخلص) لن يظهر وعليهم ان يضعوا نهاية لانتظارهم الطويل له)(2). ودعا كاليشر اليهود الى استيطان فلسطين لأنه بدون ذلك لن يبديا تجمعهم في الارض المقدسة. ولكي

يشجع عملية الاستيطان تلك اقترح كاليشر اقامة منظمة تتولى تحقيق ذلك بحيث تكون مسؤوليتها (شراء المزارع والحقول وحرثها.
____________
1) الجبوري ، عبدالوهاب محمد ، الجذور التاريخية والاهداف، ص60.
2) الحوت، بيان نويهض، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917. دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت، 1991،ص55.

وبدا كاليشر نشاطه منذ مطلع الثلاثينات من القرن التاسع عشر, عندما توجه إلى احد أبناء عائلة روتشيلد ومنتفيوري في باريس واقترح عليهم شراء فلسطين من حاكمها محمد علي, وإقامة مستوطنات فيها للمهاجرين اليهود وذلك قبل أن يقوم هرتسل بعمل مماثل ولكنه لم يحظ بتنفيذ مراده مثل هرتسل فيما بعد.(1)

تنقل كاليشر كثيراً في ألمانيا يحث أغنياء اليهود على مساعدة مشاريع اليهود الاستيطانية، وكان لجهوده الأثر في إنشاء عدد من الجمعيات الاستيطانية، وكان سنة 1864 مسؤولاً عن إنشاء "اللجنة المركزية لاستيطان فلسطين" في برلين، وبمبادرة منه أنشئت المدرسة الزراعية "مكفيه يسرائيل" (أمل إسرائيل)، بالقرب من يافا، وبالتعاون مع جمعية الأليانس الفرنسية.(2)

كانت اجتهادات الحاخامين كاليشر والكلعي وآراؤهما بمثابة مرحلة أولى, لتيار فكري داخل اليهودية, يستمد قوته من التعاليم الدينية التقليدية, ويمزج بينها وبين الوسائل السياسية الضرورية, لتحقيق الفرائض المنصوص عليها في تلك التعاليم.(3)

من حيث علاقة اليهود بأرض إسرائيل وواجب استيطانهم فيها وقد تبلور هذا التيار وازداد قوة, وعرف فيما بعد باسم الصهيونية المتدينة, التي استمر مؤيدوها في إصدار الفتاوى الدينية, من حين إلى آخر وعند الضرورة , وبشكل يسهل على اليهود المتدينين التعامل مع الصهيونيين العلمانيين, في مساعيهم لإقامة دولة يهودية في فلسطين, خلال كل فترات النشاط الصهيوني.(4)
___________
1) الجبوري ، عبدالوهاب محمد ، الجذور التاريخية والاهداف، ص63.
2) جريس ،صبري ، تاريخ الصهيونية , ج 1 ، القدس ، 198 م , ص84.
3) مرجع السابق ،ص87.
4) الحوت، بيان نويهض، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917. دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت، 1991،ص56.

المبحث الثاني :
رواد دمج العقيدة بالقومية اليهودية
1. موشيه ليلينولم 1843 – 1910م
ولد عام 1843 في قيدان, تزوج وعمره خمسة عشر عاما وانتقل للعيش في فيلنيوس , تلقى التلمودية في صغره والتحق بالهسكلاه في كبره تحت تأثير حركة الإصلاح التي بدا القيصر اسكندر الثاني بها, مستغل نشاطه كمسكيل بالدعوة إلى إجراء الإصلاحات الدينية, وذلك لكي يضمن بقاء اليهود وحدة قومية.(1)

ولكن سرعان ما ترك نشاطه في هذا المجال وراح يدعو إلى تحسين أوضاع اليهود في روسيا بنقلهم إلى حياة العمل والإنتاج. ومع اشتداد حملات الاضطهاد ضد اليهود في روسيا وتعاظم موجات الهجرة اليهودية من البلد, ذهب يعيد النظر في مواقفه السابقة تدريجيا, معلنا أن اليهود غرباء في روسيا, وان وجودهم هناك مصدر ضائقتهم , لان المدنية والقيم الإنسانية لا تشكل حاجزا ضد اضطهادهم من جهة, ولان انصهارهم بين باقي الشعوب غير ممكن وليس ضروريا من جهة أخرى.(2)

ومن ثم دعا ليلنبلوم إلى استغلال الضغوط, التي يتعرض لها اليهود في روسيا لتوجيه المهاجرين منهم إلى فلسطين بالذات ليقيموا مستوطناتهم هناك كبداية لإقامة دولة يهودية في البلد. وفي نفس الفترة بدا بنشر مقالاته في الصحافة اليهودية بالروسية أو مترجم إلى العبرية, وأعيد نشر هذه المقالات, سنة 1884, على شكل كراس بعنوان "حول بعث اليهود على ارض بلاد أباءهم". وفي هذه الكراسة تتلخص أراء ليلنبلوم بان الأحداث التي واجهها اليهود في روسيا والتي أثبت من خلالها انه لا حل لمشكلتهم إلا بانتقالهم للعيش في مكان آخر, كما أن اليهود يتعرضون لاضطهاد شعوب مختلفة, منذ أكثر من ألفي سنة, ولا يزالون يتصرفون كالعبيد حتى في تلك البلدان التي منحتهم المساواة في الحقوق.(3)

___________
1) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص97.
2) الجبوري ، عبدالوهاب محمد ، الجذور التاريخية والاهداف ، ص65.
3) المرجع السابق ،ص66.

انضم ليلنبلوم إلى حركة هواة صهيون, فانتخب فيما بعد لعضوية لجنتها التنفيذية, وساهم في العمل من اجل دعم المستوطنات التي أقامتها الحركة في فلسطين. وفي مرحلة لاحقة, انضم إلى الحركة الصهيونية, ودخل في نزاع مع هرتسل حول مفهوم للصهيونية, داعيا إلى دمج التيارين السياسي والعملي, اللذين سيطرا على الصهيونية.(1)

2. يهودا ليف بينسكر (1821 - 1891)
ولد عام 1821 في بولين, تعلم بينسكر في مدرسة ابيه في اوديسيا وهو من أوائل الطلاب اليهود الذين درسوا في جامعة اوديسا . بدا تعليمه في جامعة الحقوق قبل ان يتضح له الأمر بانه لا يصلح ان يكون محاميا , فانتسب إلى جامعة موسكفا وتعلم الطب , وفي عام 1849 تخرج من الجامعة ورجع إلى بلده للعمل كطبيب.
كان بينسكر احد مؤسسي مجلة أسبوعيه صادره باللغة الروسية , ويعتجر احد المشرفين على نشاط جمعية ناشري العلم في المدينة , والتي نادت اليهود لتعلم الروسية , وبما انها لم تكن لغة اليهود الرئيسية في روسيا , فاكسب هذا الاتجاه عداوة المتدينين اليهود .(2)

عندما بدأت المذابح في اوديسا سنة 1871 تأثر بينسكر اكثر من أي زعيم آخر فكان أول عمل قام به الانسحاب من الجمعية . معلنا عن خيبة أمله من الطريق التي اتبعها. رجع بينسكر للعمل في الطب وأصبح مشهورا بفعاليته والحياة الاجتماعية وبعد عدة سنوات بدء الامتزاج بين اليهود والروس ولكن سرعان ما أوقف هذا الامتزاج بعد أن بدأت موجة المذابح في غربي روسيا.(3)

والواقع أن الحكومة الروسية أقامت حركات اللاسامية , أدت إلى تغير فكر بينسكر, بان لا يرى حركة ههسكلا طريق صحيحة ليهود روسيا , كما ورسخت فكرة أن لا يؤمن بان حركة الإنسانية سوف تؤدي إلى وقف كراهية اليهود, وصل بينسكر إلى اتفاق مع موشيه ليلنبلوم (قائد حركة حيبات تسيون) بان اللاسامية متسلسلة, والحقيقة أن اليهود مواطنون غرباء ويتوجب عليهم الهجرة إلى إسرائيل" ارض اليهود".(4)
____________
1) رشيد ،هارون هاشم، حول الفكر التربوي الصهيوني في فلسطين ، مجلة شؤون عربية عدد 33،1983، ص89.

2) كيالي ،عبدالوهاب ، المطامع الصهيونية التوسعية، مركز الابحاث، ص61.
3) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص96.

4) هيرتزبرج ،آرثر ، الفكرة الصهيونية، النصوص الاساسية، الترجمة العربية، اصدار مركز الابحاث- بيروت ترجمة لطفي العابد وموسى غز، ص19.

رحلته إلى أوروبا عام 1882 أتاحت له زيارات لعدة عواصم , والتحدث بخصوص هجرة يهود روسيا إلى ارض فلسطين , لقي رفض من اليونان وباريس وفضل بعضهم الهجرة إلى أمريكا وليس لفلسطين, هذه الرحلة كانت سبب لكتابة كتاب "אוטואמנציפציה" (التحرير الذاتي) وقد وضح فيه انه لا يمكن لليهود ان يتأقلموا في دولة حاضنه , لذا يتوجب عليهم إنشاء موطن يمكنهم العيش فيه كبقية الأمم , وعارض بشدة فكرة أن يهود الغرب الذين عاشوا تلك الفترة , ان يعذبوا بصمت وان ينتظروا مجيء المشيح "משיח" وكان مستعدا أن يترك القرار النهائي للكونجرس الصهيوني لتحديد مكان دولة اليهود .(1)

عقب كتابة الكتاب ظهرت ردود قوية داخل اليهود وبعد ذلك ترأس "حوففي تسيون" وظل المسئول على التنظيم, بالرغم من الاختلافات التي ظهرت بين الأحزاب في التنظيم وبدعم البارون ادموند ده روتشيلد.(2)

أما أعضاء حركة "حوففي تسيون" كانوا متلهفون من الفكرة التي طرحت في الكتاب , وشجعوا بينسكر أن لا ينتظر قرار اليهود الغربيون , وان يكمل سير العملية لتأسيس موطن اليهود, كما سانده قادة الحركات مثل (هرمن شبيرا ليلنبلوم) و(ماكس مندلستم). وكان بينسكر من أعضاء المؤتمر الذين أسسوا "حيفات تسيون" باوديسيا, والتي حافظت على الاتصال مع بقية الحركات الأخرى , وعقد المؤتمر الذي رأسه بينسكر ووضح فيه على اهمية وضرورية ايجاد ارض لتجمع جميع اليهود ,ولكنه لم يطرح فكرة الاستيطان وفكرة استقلال الشعب اليهودي خوفا من تراجع اليهود الغربيين.(3)
___________
1) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص98.
2) مرسي ، علي رؤوف سيد ، أثر رواد المفكرين في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل، عدد يوليو 1968، ص 106.
3) مرجع السابق ،ص109.

الفصل الثالث

تسوية العلاقات المفكرين الصهيونية الاوائل مع الحركة الصهيونية

المبحث الاول :
بداية العلاقات بين المفكرين الصهاينة مع الحركة الصهيونية

المبحث الثاني :
طبيعة العلاقات بين الطرفين

الفصل الثالث
تسوية العلاقات المفكرين الصهيونية الاوائل مع بداية تهويد المسيحية

المبحث الاول :
بداية العلاقات بين المفكرين الصهاينة مع بداية تهويد المسيحية
مقدمة:
عام 1520 أرسل مارتن لوثر رسالة إلى البابا ليو العاشر في روما اتهمه فيها باستعمال الكنيسة الكاثوليكية لتحقيق مصالح شخصية له وللحاشية التي تحيط به، مؤكدا أنه لن يتخلى عن نضاله لتقويض تلك الكنيسة مادام حيا. فجاء رد فعل الكنيسة الكاثوليكية قاسيا حيث اعتبرت لوثر من الخارجين عن الكنيسة وطردته من الديانة المسيحية واتهمته بالهرطقة(1)، وهي تهمة كانت عقوبتها آنذاك الحرق على الملأ. لجأ لوثر بعد ذلك إلى العمل السري وعمل على استمالة بعض اليهود الذين كان لهم نفوذ كبير في المجتمع عن طريق التأكيد على أن مذهبه الجديد يعيد الاعتبار لليهود الذين كانوا يعانون من ازدراء الكنيسة الكاثوليكية. أصدر لوثر كتابه "عيسى ولد يهوديا" سنة 1523 وقال فيه إن اليهود هم أبناء الله , وإن المسيحيين هم الغرباء الذين عليهم أن يرضوا بأن يكونوا كالكلاب التي تأكل ما يسقط من فتات مائدة الأسياد. ويرى الكثير من المؤرخين أن هذه الفترة تعد الولادة الحقيقية والفعلية للمسيحية اليهودية. وتقوم المسيحية اليهودية على تفضيل الطقوس العبرية في العبادة على الطقوس الكاثوليكية , بالإضافة إلى دراسة اللغة العبرية على أساس أنها كلام الله. ووصلت محاولة استمالة لوثر لليهود من أجل الدخول في مذهبه , ففي يوم كان فيه لوثر يناقش عددا من اليهود , فقال لهم "إن الباباوات والقسيسين وعلماء الدين تعاملوا مع اليهود بطريقة جعلت كل من يأمل أن يكون مسيحيا مخلصا يتحول إلى يهودي متطرف , وأنا لو كنت يهوديا ورأيت كل هؤلاء الحمقى يقودون ويعلمون المسيحية , فسأختار على البديهة أن أكون خنزيرا بدلا من أن أكون مسيحيا".(2)

___________
1) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص99.
2) مرسي ، علي رؤوف سيد ، أثر رواد المفكرين في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل، عدد يوليو 1968، ص 109.
وتشير الكثير من المصادر التاريخية إلى أن رغبة لوثر في إعادة الاعتبار لليهود وتنصيرهم كانت تعود لإيمانه العميق بضرورة وجودهم في هذا العالم تمهيدا لعودة المسيح. واعتبرت دعواته تلك انقلابا على موقف الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تنظر لليهود على أنهم حملة لدم المسيح عيسى بعدما صلبوه.
حيث كانت الكنيسة الكاثوليكية تحمل اليهود المسؤولية الكاملة لمقتل المسيح. وكان بعض المسيحيين في أوروبا يحتفلون بمقتل المسيح عن طريق إحياء طقوس عملية الصلب، بل وكان سكان مدينة تولوز الفرنسية يحرصون على إحضار يهودي إلى الكنيسة أثناء الاحتفال ليتم صفعه من قبل أحد النبلاء بشكل علني إحياء لطقوس الضرب الذي تعرض له المسيح من قبل اليهود. كما أن هناك نصا في الإنجيل يحمل اليهود مسؤولية مباشرة عن مقتل المسيح , ويذكر بالتفصيل كيف غسل بيلاطس(1) الحاكم الروماني للقدس آنذاك , يديه بالماء معلنا براءته من دم المسيح الذي كان اليهود على وشك صلبه قبل أن يصيح فيه اليهود قائلين "ليكن دمه علينا وعلى أولادنا".
الحركة اللاسامية كرد فعل على حركة الاندماج في أوروبا أو الحصول على المساواة في أوروبا.

امتازت أوروبا خلال القرن التاسع عشر, بانتشار الفكرة القومية , وبنشوب العديد من الانتفاضات والثورات, ثم حصول عدد من شعوبها على الاستقلال او التوحيد, وإقامة دول خاصة بها, ومن ناحية أخرى تعاظم نفوذ الاستعمار الأوروبي بشكل لا مثيل له وامتدت سيطرته لتشمل مناطق عديدة في آسيا وأفريقيا.
فقد رافق انتشار الثورة الصناعية في الدول الأوروبية إلى سيطرة بعض الدول على مناطق جديدة خارج حدودها وبسط نفوذها, لإيجاد أسواق لبضائعها من جهة , وتامين المواد الخام لمصانعها من جهة أخرى. وبذلك توسع الاستعمار الأوروبي وأدى ذلك إلى زيادة الأراضي المستعمرة, كما وأدى إلى زيادة عدد الدول الاستعمارية ليضم معظم دول أوروبا, ومع نهاية القرن التاسع عشر كانت الدول الاستعمارية قد أحكمت سيطرتها على معظم أراضي القارة الإفريقية ومناطق شاسعة في آسيا وبعض المناطق في أميركا.(2)

____________
1) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص102.
2) الحوت، بيان نويهض، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917. دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت، 1991،ص55.
إن تلك التطورات لم تمر دون ملاحظة الكثيرين من المثقفين اليهود لها, في غرب أوروبا أو شرقها, الذين اعتبروها قدوة لهم أثناء تفتيشهم عن حلول للمسالة اليهودية , وقد كانت دول أوروبية عديدة تقيم المستعمرات في أسيا وأفريقيا, وتقوي سيطرتها على شعوبها, فلماذا لا يحق لليهود أيضا إقامة كيان خاص بهم في تلك المناطق لحل مشاكلهم الذاتية من جهة وتجنب الأزمات في علاقاتهم مع الشعوب الأوروبية من جهة أخرى.(1)
وكان أكثر من مفكر وزعيم صهيوني على استعداد, خلال المراحل الأولى من نشوء الصهيونية, لإقامة دولة يهودية أو لتوطين اليهود في أي مكان من العالم وليس في فلسطين بالذات. ولم يحسم الصهيونيين موقفهم, من إنشاء دولتهم إلا بعد إقامة المنظمة الصهيونية العالمية, عندما قرر المؤتمر الصهيوني الغول أن الدولة اليهودية يجب أن تقام في فلسطين فقط.

ولكن حتى بعد الإعلان عن ذلك , كانت أكثر من فئة صهيونية على استعداد للبحث في إقامة دولة يهودية في أي مكان مناسب غير فلسطين, تماما كما قامت الدول الاستعمارية, من الدول الأوروبية, وهم على استعداد لاستعمار أية بقعة في أي مكان من العالم, إذا عاد ذلك بفائدة استراتيجية أو اقتصادية عليها. إن هذه المقارنات التي سارت على تلك الأسس, كانت احد العناصر المهمة التي انبثقت منها العقيدة الصهيونية, خاصة بعد أن اكتسبت مدلولا اكبر واهم , في ضوء ازدياد النشاط اللاسامي في بعض الدول الأوروبية من جهة, وإساءة معاملة اليهود واضطهادهم في دول أخرى خصوصا في روسيا القيصرية من جهة ثانية.(2)
____________
1 ) عبدالرحمن ،اسعد ، المنظمة الصهيونية العالمية، مركز الابحاث بيروت- ص18.
2) المسيري ،عبدالوهاب ، نهاية التاريخ، دراسة في بنية الفكر الصهيوني، ص104.

المبحث الثاني :
طبيعة العلاقات بين الطرفين
وفي العصر الروماني تفرق اليهود في فلسطين إلى أحزاب وشيع متفرقة، وبدأت كل فرقة تبحث عن طريق للخلاص، وتوَصّل اليهود بتأثير أفكار بابلية قديمة - ظهرت جذورها الأولى في بعض كتابات التلمود – إلى فكرة ظهور مسيح مخلّص يتحقق الخلاص على يديه ويعود على يديه ملك داوود وسليمان، وسرعان ما ظهر المسيح ابن مريم. لكن الفرقتين الرئيسيتين اليهوديتين (الفريسيين والصدوقيين) رفضتا الاعتراف به، ذلك لأنه جاء باحثاً عن ملكوت السماء، رافعاً شعار (أحبوا أعداءكم)، وكان الفكر اليهودي في ذلك الوقت ينتظر مسيحاً من نوع آخر؛ فقد كانوا ينتظرون مسيحاً يُعيد أمجاد داوود وسليمان، مسيحاً يشهر سيفه في وجه أعداء اليهود لتخليص أورشليم وإعادتها إلى شعب الله المختار مرة أخرى.(1)
ومن هنا ظهر ما يسمّى المُسَحاء الكاذبين (مشيحي هشيقر)؛ فقد ظهرت شخصيات يهودية يدعي كل منها أنه هو المسيح المخلّص، وكان أول مسيح كاذب يظهر هو توديش، وقد ظهر يدعو إلى تخليص اليهود من عبودية روما في أعقاب تدمير الإمبراطور الروماني تيتوس الهيكل اليهودي عام سبعينللميلاد، وقد جذب الجماهير خلفه إلى نهر الأردن، ووعدهم بشقّ المياه مثلما حدث مع النبي موسى عليه السلام، وأن يغرق فيه الرومان كما أغرق موسى الفراعنة، ولكنه لم يفلح في شقّ مياه النهر، وقبض عليه الرومان وحكموا عليه وعلى أتباعه بالموت. وبعد نحو ثلاثمئة عام تقريباً، وعلى خطى توديش، ظهر مسيح آخر في جزيرة كريت اسمه موسى وأخذ أتباعَه في عيد الفصح ووعدهم بشقّ مياه البحر المتوسط وبنقلهم إلى فلسطين، فصدقه أتباعه وقفزوا معه بنيّة سليمة إلى أعماق البحر، فغرق معظمهم. أما موسى نفسه، فقد اختفى بعد هذا الحادث.(2)
وفي العصور الوسطى استمرّ ظهور المسحاء الكاذبين، فظهر من المسحاء في سوريا مسيح يدعى شيرين،وظهر مسحاء في فارس مثل أبي عيسى الأصفهاني وديفيد الروي الكردستاني.
كذلك قام العديد من حركات المسحاء الدجالين في بلاد اليمن، وقد أثارت هذه الظاهرة الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون،فألف كتاباً خاصاً بعنوان إجبريت تيمان (رسالة اليمن)، وأرسله إلى يهود اليمن وحذّرهم فيه من السير وراء كل مخادع ومدعٍأنه المسيح.
____________
1) مرسي ، علي رؤوف سيد ، أثر رواد المفكرين في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل، عدد يوليو 1968، ص 103.
2) الحوت، بيان نويهض، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917. دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت، 1991،ص75.

واستمرت تلك الظاهرة في العصر الحديث، فظهر في إيطاليا عام ألف وخمسمئة وأربعة وعشرينللميلاد شخص يُدعى ديفيد هرأوفينى، إلا أن محاولته باءت بالفشل. وفي الفترة نفسها، ظهر مسيح آخر كان مساعداً لهرأوفينى اسمه ديجو بيرس، وكان من كبار الموظفين في حكومة البرتغال، وبالرغم من أنه اشتهر في بلدان كثيرة وآمن به الكثيرون من اليهود والمسيحيين، وكان صديقاً للبابا، إلا أنه لم يقدَّر له النجاح؛إذ قبضت عليه سلطات محاكم التفتيش وحكمت عليه بالحرق بالنار، بعد أن رفض اعتناق المسيحية عام ألف وخمسمئة وثلاثينللميلاد، وبعدها بعامين مات هرأوفينى في السجن.(1)
شبتاي زئيفي آخر المسحاء الدجالين:
ظهر شبتاي زئيفي في مدينة إزمير في تركيا في التاسع من آب، وهو اليوم الموعود لظهور المسيح وفقاً للأسطورة اليهودية؛ فقد ذهب شبتاي إلى المعبد في أحد الأيام واعتلى المنصة، ونطق باسم الرب بحروفه الصحيحة (يهوه)، وهو الأمر الذي لا يسمح به في الديانة اليهودية إلا للكاهن الأعظم في عيد الغفران وللمسيح في آخرة الأيام. وعلى الفور صدقته الجماهير اليهودية وانجرفت وراءه أملاً في الخلاص، وأخذ شبتاي يجول في بلاد الشرق لعدة سنوات، حقق من خلالها المزيد من المؤيدين، وعندما ذهب شبتاي إلى القاهرة انضم إليه وزير المال المصري في ذلك الوقت ووضع أملاكه تحت تصرفه.
وفي تلك الأثناء اقتربت سنة الخلاص، وقرر شبتاي أن يقوم برحلة الخلاص، فخرج من القاهرة مصحوباً بحاشية من الدعاة، إلى أن وصل إلى موطنه إزمير، وقضى هنالك الأشهر الأخيرة من عام ألف وستمئة وخمسة وستينللميلاد. وفي الثلاثين من كانون الأول/ديسمبر عام ألف وستمئة وخمسة وستينللميلاد استقل شبتاي باخرة وأبحر إلى القسطنطينية من أجل إسقاط السلطان العثماني عن عرشه، ولكنه ما إن نزل على الشاطئ حتى كان الجنود الأتراك في انتظاره، فقبضوا عليه وسجنوه، ومن السجن نقلوه إلى قلعة جامي هولي التي تقع على الشاطئ. وانتشر الخبر في أرجاء العالم، فتدفقت الجماهير إلى جامي هولي لتقف إلى جانب المسيح، فكانت السفن تصل كل يوم محملة بالناس والذهب والفضة والهدايا، وتحولت القلعة إلى ما يشبه القصر الملكي.(2)
____________
1) مرسي ، علي رؤوف سيد ، أثر رواد المفكرين في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل، عدد يوليو 1968، ص 103.
2) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص98.

فى تلك الفترة قرر السلطان العثماني أن يقضي على حركة شبتاي،فقام بطلبه، فخشي شبتاي على حياته، ولذلك فما إن مرّ على القصر،ومرّ على عتبة القاعة، حتى خلع قبعته اليهودية وارتدى بدلاً منها طربوشاً وأشهر إسلامه وأشهرت زوجته سارة إسلامها أيضاً ولحق به سائر الأتباع، إلا أنه اكتُشف فيما بعد أن شبتاي كان يظهر الإسلام وظل يبطن اليهودية، وحينما مات كان قد طلب في وصيته ألا يدفن في مقبرة إسلامية، بل في قبر منعزل على شاطئ البحر، وقد استجيب لطلبه. وبعد موته استمرت طائفته التي لا تزال موجودة في تركيا حتى اليوم، ولها عقائد خاصة هي مزيج بين اليهودية والإسلام، وتسمى هذه الطائفة طائفة(يهود الدونمة)، ويقال إن مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية كان من أبناء هذه الطائفة.
ورغم أنّ الصهيونية الدينية قامت على معارضة فكرة (المسيح المنتظر)؛ إذ أدى ذلك الاعتقاد إلى عدم اتخاذ اليهودأيَّ إجراء عملي تجاه احتلال فلسطين، إلا أن فكرة المسيح المنتظر التي استمرت لستين جيلاً كان لها دور واضح في نشوءالفكرة الصهيونية؛ فلولاها لما قامت الفكرة الصهيونية.(1)
الفترة ما بين شبتاي زئيفي وظهور الصهيونية السياسية:
بعد خفوت حركة شبتاي زئيفي ظهرت عدة محاولات لتوطين اليهود في فلسطين، ومنها اقتراح يهود النمسا على القيصر جوزيف الثاني الذي كان في حالة حرب مع تركيا، أن يحولوا للنمسا جيشاً مكوناً من أربع كتائب يهودية، بشرط أن يسلمهم فلسطين في حالة الانتصار على تركيا، إلا أن هذا الاقتراح أخفق.
وكانت أهم حلقات نموّ الفكرة الصهيونية هي دعوة نابليون بونابرت اليهود في كل أنحاء العالم إلى الاستيلاء على فلسطين؛إذأصدر نابليون بونابرت منشوراً لكل اليهود في أثناء حصار جيوشه لحصن عكا في نيسان/أبريل من عام ألف وسبعمئة وتسعة وتسعين للميلاد، يدعوهم فيه إلى الانضواء تحت لوائه، لكن بعد شهر من هذا المنشور عاد نابليون إلى فرنسا دون أن يدخل القدس ودون حتى أن ينجح في اقتحام حصن عكا. وقد عاد وفكر في إقامة دولة يهودية في فلسطين مرة أخرى عام ألف وثمانمئة واثني عشرللميلاد، لكنه تخلى عن هذا المشروع بعد أن حذره الكاردينال يوسف بيش من أنه وفقاً للكتابات المقدسة المسيحية إن الاعتراف باليهود سيؤدي إلى التعجيل بنهاية العالم.(2)
____________
1) الحوت، بيان نويهض، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917. دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت، 1991،ص85.
2) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص98.

ظهور الحركة الصهيونية السياسية:
بدأت الفكرة الصهيونية تتطور وتتجلى في إطار حركي؛ فقدنشأت في عام ألف وثمانمئة واثنين وثمانينللميلاد أول جمعية صهيونية تُدعى (عشاق صهيون)، وطرحت هذه الجمعية مسألة الهجرة إلى فلسطين ومسألة إحياء اللغة العبرية لتكون عوضاً من اللغة اليديشية لغة يهود أوروبا الوسطى. وبدأت جمعية عشاق صهيون بمحاولة شراء الأراضي الفلسطينية من الدولة العثمانية دون جدوى، رغم توسط شخصيات سياسية إنجليزية.غير أن الجمعية توصلت إلى تشكيل طليعة الهجرة الصهيونية الأولى إلى فلسطين، لكنّ الحركة الصهيونية ظلت تفتقر إلى التنظيم الشامل والخطة الفاعلة حتى قيام مؤتمر بازل في سويسرا عام ألف وثمانمئة وسبعة وتسعينللميلادبرئاسة تيودور هيرتزل، الذي أدىإلى تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية.(1)
أماعن مؤسس الصهيونية السياسية، تيودور هيرتزل، وأفكاره التي جسدها في كتابه (الدولة اليهودية)الذي صدرعام ألف وثمانمئة وستة وتسعينللميلاد، فإنه يرى أن المسألة اليهودية ليست مسألة اجتماعية أو دينية، بل مسألة قومية لا يمكن حلها إلا من طريق تحويلها إلى قضية سياسية عالمية تكون تسويتها عبر الدول الكبرى مجتمعة، وذلك يتأتى بمنح اليهود رقعةً من الأرض يقيمون عليها دولة قومية. ولتحقيق ذلك الهدف، يقترح هيرتزل تأسيس جمعية يهودية تعمل على تنظيم اليهود وتعبئتهم، وشركة يهودية على غرار الشركات الاستعمارية الكبرى في المستعمرات الأوروبيةفي آسيا وأفريقيا تقوم بتوطين المستعمرين اليهود واستغلال موارد البلاد والسيطرة عليها.(2)
واستطاع هيرتزل تجسيد أفكاره في مؤتمر بازل عام ألف وثمانمئة وسبعة وتسعينللميلاد، الذي حضره مئتان وأربعة مندوبين يمثلون جمعيات صهيونية من بلدان مختلفة، وقد وضع هذا المؤتمر برنامجاً شاملاً حدد فيه أهداف الحركة الصهيونية،وذكر هدف الحركة الصهيونية في مقررات مؤتمر بازل بأن غاية الصهيونية هي خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام. أما عن كيفية تحقيق ذلك الهدف، فقد حددها مؤتمر بازل على النحو الآتي:
- العمل على استعمار فلسطين بوساطة الزراعيين والحرفيين والعمال.
- تنظيم الجاليات اليهودية عبر جمعيات صهيونية محلية تابعة للمنظمة الصهيونية العالمية.
- تغذية الوعي القومي لدىاليهود لتيسير هجرتهم إلى فلسطين.
- كسب ثقة الدول الكبرى حتى توافق على تنفيذ هدف الصهيونية.
____________
1) عبدالرحمن ،اسعد ، المنظمة الصهيونية العالمية، مركز الابحاث بيروت- ص19.
2) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص98.

وهكذا نجح هيرتزل في تجسيد أفكاره وجعلها واقعاً عملياً ملموساً، حين فكر فيما لم يفكر فيه الصهاينة القدامى، أي استجلاب دعم القوى العظمى للحركة الصهيونية واستجلاب تأييدها لاستغلال مقدرات تلك القوى وتوظيفها في سبيل تحقيق الوطن القومي المنشود، وهو ما سينجح فيه هرتزل فيما بعد، وسينتج منه إنشاء الدولة الصهيونية وقيامها، وهو الأمر الذي أكده هيرتزل في مذكراته عقب مؤتمر بازل؛ إذ قال:"لو أردت أن أختصر مؤتمر بازل في كلمة واحدة - وهذا ما لن أفعله صراحةً - لقلت في بازل أسست الدولة الصهيونية، ولو أعلنت ذلك اليوم لقابلنى العالم بالسخرية والتهكم،لكن بعد خمس سنوات على وجه الاحتمال، وبعد خمسين سنة على وجه التأكيد، سيرى هذه الدولة جميع الناس"، وقد كان بالفعل أن قامت الدولة الصهيونية بعد واحد وخمسين عاماً من مؤتمر بازل.(1)
بداية الاستعمار الصهيوني لفلسطين:
وبعد مؤتمر بازل بعام واحد، أي عام ألف وثمانمئة وثمانية وتسعينللميلاد، قام المؤتمر الصهيوني الثاني الذي أقر تشكيل لجنة الاستعمار وإنشاء المصرف الاستعماري اليهودي ليكون الأداة المالية للمنظمة الصهيونية، وأنشأ المؤتمر الصهيوني الخامس عام ألف وتسعمئة وواحد ميلاديالصندوق القومى اليهودي لشراء الأراضي في فلسطين ولتدعيم الاستعمار الصهيوني هناك، وفتحت المنظمة الصهيونية فروعاً للشركة الإنجليزية الفلسطينية، التي أصبحت فيما بعد البنك الأنجلوفلسطيني، في العديد من المدن الفلسطينية، وأنشأت المنظمة مؤسسات تعليمية تعتمد العبرية لغةً حيةً أساسيةً.
أما استعمار الأراضي وتوطين الصهاينة في فلسطين، فقد كان من اختصاصات مكتب فلسطين الذي أسسته المنظمة الصهيونية عام ألف وتسعمئة وثمانية للميلاد، وبنى هذا المكتب إثر تأسيسه بمساعدة الصندوق القومي اليهودي ضاحية صهيونية لمدينة يافا العربية، سُميت تل أبيب،وأنشأ المكتب شركة تطوير أراضي فلسطين لاقتناء الأراضي الفلسطينية وإنشاء مراكز لتدريب المهاجرين الصهاينة على الأعمال الزراعية والصناعية.(2)
كل هذه المؤسسات تهدف إلى تجذير الوجود الصهيوني في فلسطين، إلا أن هيرتزل كانت له وجهة أخرى؛إذ كان يرى أنّ من الأولى أن يحصل الصهاينة على وعد من القوى العظمى، مقابل حماية مصالحها في الشرق، وحاول هيرتزل أيضاً الحصول من السلطان العثماني على اعتراف واضح بحق اليهود في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يتمتع بالحكم الذاتي، مقابل حل الأزمة المالية التي ألمّت آنذاك بالدولة العثمانية من خلال قروض صهيونية،إلا أن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني رفض بتاتاً، وأعلن أن أرض فلسطين ليست ملكه،بل ملك شعبه.
____________
1) جريس ،صبري ، تاريخ الصهيونية , ج 1 ، القدس ، 198 م , ص88.
2) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975 ص98.

وهكذا أخفق هيرتزل في الحصول على تعهد من الدول العظمى بمنح فلسطين للصهاينة. وإثر وفاة هيرتزل عام ألف وتسعمئة وأربعة للميلاد، تخلّى المؤتمر الصهيوني السابع عام ألف وتسعمئة وخمسة للميلاد عن وجهة نظر هيرتزل القائلة بالحصول على تعهد من القوى العظمى لمنح فلسطين للصهاينة، وتبنى وجهة نظر الصهيونيين العمليين القائلة باستقدام المهاجرين الصهاينة إلى فلسطين وإنشاء المدارس والمصانع، وذلك بشكل تدريجي منظم دون انتظار الحصول على ميثاق دولي. وبذلك وقع تنظيم الهجرة الثانية بين ألف وتسعمئة وخمسة وألف وتسعمئة وأربعة عشر، وكان من أبرز قادتها ديفيد بن غوريون، وقد أدت هذه الهجرة إلى ارتفاع عدد الصهاينة في فلسطين من خمسين ألف نسمة في عام ألف وثمانمئة وسبعة وتسعين إلى خمسة وثمانين ألفاً في عام ألف وتسعمئة وأربعة عشر للميلاد، من بينهم اثنا عشر ألف مهاجر يقطنون في المستعمرات الزراعية.(1)

لقد حارب العرب الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى بقيادة أمير مكة الشريف حسين لضمان استقلال الولايات العربية بعد الحرب عن الدولة العثمانية وضمان وحدة الولايات العربية، إلا أن البريطانيين كان لهم قرار آخر؛إذ قرروا تقسيم الولايات العربية بينهم وبين فرنسا وروسيا القيصرية في اتفاقية سايكس بيكو عام ألف وتسعمئة وستة عشر للميلاد. وفي إطارالغدر بالعرب يأتي وعد بلفور الذي ينص على تأسيس وطن قومى للشعب اليهودي في فلسطين عام ألف وتسعمئة وسبعة عشر. هذه الظروف الدولية التي ألمّت بالعالم العربي عامة، وبفلسطين خاصةً، هي التي أشعلت فتيل المقاومة الفلسطينية للوجود الصهيوني والبريطاني، فقامت جمعيات إسلامية ومسيحية في فلسطين، هدفها توعية الشعب الفلسطيني على المؤامرة الصهيونية البريطانية على فلسطين، وقد تبنت فيبرامجها مقاومة الاستيطان الصهيوني والحؤول دون شراء الصهاينة للأراضي، وانفجر غضب الجماهير الفلسطينية في الرابع من نيسان/أبريل عام ألف وتسعمئة وعشرين للميلاد، وقامت تظاهرات في القدس أدّت إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف الفلسطينيين بسبب اعتداء الشرطة البريطانية والمستوطنين الصهاينة على جموع الفلسطينيين.(2)
____________
1) مرسي ، علي رؤوف سيد ، أثر رواد المفكرين في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل، عدد يوليو 1968، ص 103.
2) رشيد ،هارون هاشم، حول الفكر التربوي الصهيوني في فلسطين ، مجلة شؤون عربية عدد 33،1983، ص89.

الخاتمة :
حيث تتنوع القضايا التي يتعامل معها هؤلاء المفكرون الصهاينة والكُتَّاب بتنوع لغاتهم وحضارتهم، وإن بقيت عناصر مشتركة ، فلن تكون لها قيمة تفسيرية أو تصنيفية كبيرة. ولذا، قد يكون من الأفضل الحديث عن مفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية بسبب المقدرة التصنيفية والتفسيرية العالية لهذا التعبير، فهو يؤكد عدم التجانس والتنوع، ويمكن داخل هذا الإطار أن نشير إلى المفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب باعتبار أن لهم بعض السمات المشتركة التي يكتسبونها من داخل التشكيل الحضاري الغربي لا رغماً عنه أو من خارجه.
وقد تزايد بروز المفكرين الصهاينة في الحضارة الغربية مع تزايُد حلوليها وتزايُد عدميتها في مرحلة الحولية بدون إله. وحينما ظهر نيتشه الذي أعلن موت الإله، تلبست التشوية المفكرين اليهود في أواخر القرن التاسع عشر، إذ كانت الحولية اليهودية قد توصلت إلى التشوية قبل نيتشه (على حد قول آحاد هعام). ومما لا شك فيه أن غربة المثقف اليهودي في مجتمعه عمقت اغترابه وموقفه النقدي والعدمي. ونحن نرى أن هذه العناصر جعلت المثقفين اليهود أكثر حداثة وأكثر امتلاكاً لناصية الخطاب الحضاري الغربي الحديث، ومن ثم أكثر بروز.

المصادر و المراجع:
1) الحوت، بيان نويهض، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917. دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت، 1991.
2) المسيري ،عبد الوهاب ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة، 1975
3) الموسوعة الفلسطينية ، ج5، دار المعرفة للنشر و التوزيع .
4) هيرتزبرج ،آرثر ، الفكرة الصهيونية، النصوص الاساسية، الترجمة العربية، اصدار مركز الابحاث- بيروت ترجمة لطفي العابد وموسى غز.
5) مرسي ، علي رؤوف سيد ، أثر رواد المفكرين في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل، عدد يوليو 1968.
6) عبدالرحمن ،اسعد ، المنظمة الصهيونية العالمية، مركز الابحاث بيروت.
7) رشيد ،هارون هاشم، حول الفكر التربوي الصهيوني في فلسطين ، مجلة شؤون عربية عدد 33،1983، ص89.
8) كيالي ،عبدالوهاب ، المطامع الصهيونية التوسعية، مركز الابحاث، ص61.
9) الجبوري ، عبدالوهاب محمد ، الجذور التاريخية والاهداف ، دار الفكر للنشر و التوزيع .
10) جريس ،صبري ، تاريخ الصهيونية , ج 1 ، القدس ، 1988 م .
11) فواقة ، أحمد ، الصــــهيـــــــــونـــيـــــــــــة ،2009م،دار النهضة للنشر و التوزيع .
12) الحاردلو ،ابراهيم ، الصهيونية وعداء السامية ، دار الصفاء للنشر و التوزيع .
13) صايغ ، فايز ، الصهيونية والعنصرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت، 1977 .
14) الشامي ، رشاد عبد الله ،الصهيونية من الفكرة إلى الحركة في العصر الحديث، دار العربي للنشر .
15) الطاهر ،محمود سعيد عبد, نصوص ودراسات في الصهيونية ,ج2 ,دار العلم للنشر و التوزيع .

الفهرس :
الآية قرآنية ..........................................................................................2
الاهداء................................................................................................3
التقدير و الشكر ......................................................................................4
أهداف الدراسة........................................................................................5
المنهج المستخدم......................................................................................5
أهمية البحث...........................................................................................5
مقدمة..................................................................................................6
الفصل الاول (تعريف الصهيونية.) ...............................................................9
المبحث الاول (اساليب الفكر الصهيوني ) .....................................................11
المبحث الثاني (التأسيس وأبرز الشخصيات الفكرية الصهيونية الاوائل).................... 13
الفصل الثاني (رواد المفكرين الصهيونية الاوائل و دمج العقيدة اليهودية)....................15
المبحث الاول (رواد المفكرين الحركة الصهيونية الاوائل)....................................15
المبحث الثاني (رواد دمج العقيدة بالقومية اليهودية)............................................27
الفصل الثالث (تسوية العلاقات المفكرين الصهيونية الاوائل مع الحركة الصهيونية )......31
المبحث الاول (بداية العلاقات بين المفكرين الصهاينة مع الحركة الصهيونية )............31
المبحث الثاني ( طبيعة العلاقات بين الطرفين)................................................34
الخاتمة ............................................................................................40
قائمة المصادر و المراجع .................................................................... 41
الفهرس ...........................................................................................43