من يجرؤ على الكلام
تاريخ النشر : 2013-11-10 05:35

منذ أيام خرج التقريريين السويسري والروسي عن استشهاد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وبكل تأكيد لم يزد هذان التقريران من قناعات السواد الاعظم من ابناء شعبنا لا بل من أبناء امتنا وكل أحرار العالم بأن عملية التصفية الجسدية كانت هي السبيل لتخلص من ياسر عرفات ,وهنا تطرح أسئلة كثيرة تجعل كل محبي الحرية والكفاح الوطني يتسألون ,هل كان هناك شك عند أحد بأن ياسر عرفات قد قتل ؟ولكن لماذا كان هذا الصمت من قبل من يدعون صباحا ومساءا ويتغنون بحالة العشق مع هذا الزعيم والقائد ألا حينما نكثت قناة الجزيرة هذا الملف وبحثت بتعاون مع السيدة سهى عرفات من خلال بعض المقتنيات والمتعلقات الشخصية التي احتفظت بها ومن ثم بعد هذا التحقيق الاعلامي كانت تكليف تلك اللجان التي خلصت الى النتيجة الموثقة علميا ,ولكن بكل تأكيد تلك النتيجة ثبتت المثبت عند الجميع وهو أن اسرائيل صاحبة المصلحة الرئيسية في زوال ياسر عرفات ,ولكن لا يمكن ان يكون لها هذا ألا من خلال من رءوا بأن ياسر عرفات كان يقف أمام طموحاتهم ,لان شهادة وفاة ياسر عرفات خطت الحروف الاولى لها بعد فشل كامب ديفيد 2,بحضوره وهو الذي عاد منها بخياره الجماهيري والشعبي متمسكا بالثوابت الوطنية وبالقدس العاصمة الابدية لها .

وهنا أعاود الاسئلة بكل تأكيد طي ملف اغتيال ياسر عرفات وعدم الخوض فيه كان مصلحة مشتركة عند البعض القريب والبعيد العدو والصديق ,وفتح الملف اليوم بكل تأكيد فيه مصالح أيضا للقريب والبعيد وللعدو وللصديق ,وهذه طبيعة ياسر عرفات فقد عاش مثيرا للقلق للصديق والعدو ,وللقريب والبعيد ,واليوم وبعد تسع سنوات يعيد ياسر عرفات حالة القلق والخوف والرعب الى الاصدقاء والاعداء ,لان جريمة بهذا الحجم لا يمكن أن ترتكب ألا من خلال منظومة من الادوات والمشاركة فيها لابد ألا أن تكون متعددة الاشكال ,منها الصمت السماح بالتنفيذ ,غض النظر عن ملاحقة حالة الوفاة ,التجاهل للقضية لسنوات طويلة ,وخاصة وأن أداة التنفيذ كما يقول الخبراء لا تأتي ألا من خلال طعام ,سائل ,حقن ,وزعيم كهذا لم تكن تلك الدائرة المشرفة على هذا فضفاضة الى حد بعيد فكان من الممكن بكل تأكيد القيام بهذا العمل ,من أجل معرفة الادوات التي يستخدمها العدو للوصول الى قيادة شعبنا والسبل التي يسلكها من أجل هذا ,لكي لا تبقى قيادة شعبنا لقمة سهلة يبتلعها العدو وقت ما شاء ؟

ولكن بكل تأكيد ليس بالأمر السهل الوصول الى الحقيقة كاملة لعدة أسباب لان الامر سوف يطال من تقف الاقلام وتجف الصحف امامهم لعديد الحلفاء والاصدقاء والعملاء والخدم والحشم لديهم من جوقة صناع القرار على الكرة الارضية ,ولشدة الترهيب والترغيب التي ستلاحق خيط البحث الحقيقي الموصلة الى القتلة الحقيقيين .

والسؤال متى عوقبت اسرائيل على أي جرم ارتكبته؟ وهل هذه الجريمة الاولى التي ارتكبتها اسرائيل ,فجم الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل بشكل رسمي وعلني وأقرت بارتكابها لا تسعها كتب بأكملها من دير ياسين الى كفر قاسم ,صبرا وشتيلا ,مرورا بمجزة الخليل وحمام الشط في تونس ,ناهيك عن التصفيات الجسدية التي ارتكبها قادتها من كمال ناصر وكمال عدوات وابو يوسف النجار وغسان كنفاني, وناجي العلي ,ابو على حسن سلامه وفتحي الشقاقي والشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي ,وأبو على مصطفى والشهداء الاسرى الذي كان الترابي أخرهم ,وكذألك ما ارتكبته بحق عائلات بأكملها مثل عائلة غاليه والسموني والعثامنه وشحادة وريان ....والقائمة تطول في الخارج والداخل وأينما كان يوجد فلسطيني والشهيد الطفل محمد الدرة والرضيعة أيمان حجو ,ناهيك عن الاعتداءات بحق عواصم عربية عدة مثل بغداد وبيروت والخرطوم ودمشق ,وعواصم عالمية اوربية مورس القتل على اراضيها مثل باريس ولندن وروما وقبرص ,وقائمة الجرائم الصهيونية تطول .

فهل جلب احدا من الصهاينة الى أي محكمة ؟الجميع يعلم ان الجواب لا !

أذن لماذا فتح هذا الملف اليوم؟ هل حقا من أجل معرفة القاتل الحقيقي لياسر عرفات؟ أم من أجل زيادة التشكيك داخل المجتمع الفلسطيني وزيادة اللغط وزيادة الهوة في الصفوف القيادية ,ليوجد كبش فداء ويحمل هذه الجريمة وتبراء اسرائيل وقيادتها من هذا الجرم الذي ارتكبته ؟هل سيشكل العالم محكمة خاصة كتلك التي شكلت لرئيس وزراء لبنان رفيق الحريري ؟

ولكن هل زوال ياسر عرفات والذي وصف بأنه عقبة امام عملية السلام والمفاوضات حقق السلام ؟هل تمكنت اسرائيل من العثور على الفلسطيني الذي يقبل بشروطها فيما يسمى بالسلام؟ هل وجدت الفلسطيني الذي يفرط بالثوابت التي تمسك بها ياسر عرفات ؟

وهل بعد تلك السنوات وصلت اسرائيل وحلفائها الى الحقيقة التي تقول بأن عرفات ليس شخص بل حالة وطنية فلسطينية صبغت كل مفاصل العمل الوطني الفلسطيني الى درجة عدم أمكانية العثور على من يخرج على تلك القواعد العرفاتية التي باتت تسمى ثوابت وطنية يتبناها الكل الوطني الفلسطيني وان اختلفت الصيغة او الدباجة او الشكل او الالفاظ والادوات .

وفي النهاية فلسطينيا هل سيخرج على شعبنا من في جعبه الحقيقة لا من يرغب في الادعاء والتمسح بهذا القائد ,ممسكا الاداة الرخيصة التي سهلت المهمة لأعداء شعبنا للوصول الى رجل بقامة ياسر عرفات ,تمكن من أن يجعل شارون يعود خائبا بعد حرب تدميرية لعاصمة عربية في العام 1982م لكي يقتل ياسر عرفات فخرج مجرم حرب مرتكب مجزرة بحق النساء والاطفال في صبرا وشتيلا ....

نبيل عبد الرؤوف البطراوي