أزمات الاقتصاد العالمي والتداعيات الخطرة 
تاريخ النشر : 2021-10-23 13:56

حدثان بارزان حبسا انفاس الاسواق العالمية لتداعياتهما الكبرى على الاقتصادات، الأول، يتعلق بمستقبل شركات العقارات الصينية المهددة بالإفلاس، حيث يصل حجم الاستثمارات المالية الداخلية والخارجية الخمسة تريليونات دولار ، والثاني يتعلق بزلزال الارتفاع الجنوني في أسعار الغاز وتأثيره على التضخم .
فمن المنتظر أن يعلن الرئيس شي جين بينغ، عن خطة للدولة " لعصر جديد من المساواة الاجتماعية "التي وعد بها. والمقصود بها شركات التطوير العقاري العملاقة التي تقف على حافة الانهيار، ولان الموضوع يتعلق بملايين من أصحاب المنازل والمستثمرون وحملة الأسهم، فان العالم ينتظر تفاصيل تلك الخطة. لكن حدثا مربكا حصل في الخامس عشر من الشهر الجاري عندما اعلن البنك المركزي الصيني ان المخاطر المحيطة بسوق العقارات يمكن السيطرة عليه ، ولم يفهم من ذلك ما اذا يعني انقاذ القطاع ام تصفيته .
- حتى الان فشلت الشركات المتعثرة في الوفاء بالتزاماتها، حتى عندما باعت شركة ايفر غراند العقارية حصة في ذراع خدمات العقارات بقيمة2.6 مليار دولار، الا انها فشلت في تسديد العديد من المدفوعات المستحقة عليها في الداخل والخارج.
- التوقع الاخر ان تلجأ الحكومة الى خطة إعادة هيكلة كبرى، لكن ذلك يستغرق وقتا طويلا. حتى لو قررت الحكومات المحلية شراء أصول شركات الإسكان المتعثرة، فان الامر يحتاج الى مفاوضات معقدة في مئات المدن، وان ملايين الشقق التي فاقت حاجة السوق وكانت واحدة من وسائل الثراء والادخار والمضاربة، فان أداة التدخل الحكومي لإنقاذ المشاريع التي فشل المطورون في تنفيذها وتم شراؤها بالفعل سيكون كارثيًا بالنسبة للحكومة.
- لهذا من غير المستبعد ان يتكرر مشهد تفجير مئات الأبراج السكينة في المدن، لاستعادة الأرض واستخدامها في أغراض تطوير أخرى 
الحدث الثاني: يتعلق بأزمة الطاقة الجديدة التي تجتاح العالم، وتوصف بانها لا تقل خطورة عن الركود الكبير في العام 2008 ، بسبب توقف عجلة الاستهلاك والإنتاج في العامين الماضيين. فعواصم العالم الرئيسية بما فيها الدول الغنية تشهد تقنين وانقطاع التيار الكهربائي، وبدت بعض أرفف المتاجر الكبرى فارغة، بسبب الارتباك الحاصل في قطاع التوريد واغلقت بعض محطات الوقود بواباتها، وكانت بريطانيا مثالا يصل الى حد الفضيحة، اذ اضطر المواطنون الى التوقف عن استخدام سياراتهم الخاصة لأسبوع كامل. 
الازمة انفجرت في قطاع الغاز حيث ارتفعت الأسعار بصورة غير مسبوقة في أوروبا، حيث تضاعف منذ الصيف وارتفع خمس مرات أعلى من سعره قبل عام. من تداعيات الازمة المباشرة، ارتفاع في أسعار النفط الخام، إذ بلغ سعر البرميل أكثر من 85 دولارًا، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2018. كما ارتفعت أسعار الفحم بصورة قياسية. 
في محاولة لفهم الدوافع والأسباب غير السياسية بعيدا عن نظرية المؤامرة الرائجة الان والتي تتهم روسيا بالتسبب بالأزمة، لارتباطها بالضغط لتمرير صفقة استريم 2 وانابيب الغاز الى المانيا، او تلك القائلة بان القصة في جوهرها تندرج في سياق الصراع الجاري بين الصين والولايات المتحدة، وان المتضرر الأكبر من ارتفاع أسعار النفط والغاز هو الصين، وان المستفيد، يمكن القول ان جوهر الموضوع يتصل بأسباب أخرى أكثر جوهرية من الأسباب السياسية،
الدافع الأساسي خلف هذه الازمة يكمن في عدم التوافق بين الطلب، والذي انتعش مرة أخرى بعد الاغلاق الطويل، والعرض، الذي لم يتعاف بعد.
. من تداعيات ازمة الطاقة وارتفاع اسعار الغاز، ارتفاع التضخم في كل مكان تقريبًا: منطقة اليورو زيادة بحوالي 3.4 في المائة، وتتوقع المملكة المتحدة تضخمًا يزيد عن 4 في المائة، وفي الولايات المتحدة مرتفعة بأكثر من 5 في المائة مقارنة بالعام الماضي، والتضخم الروسي يتخطى 7 في المئة. لكن الأخطر في هذه المتوالية، ارتفاع جنوني في أسعار المواد الصناعية والبضائع والسلع الأساسية بكل أنواعها، الامر الذي لا يمكن احتماله في البلدان النامية والفقيرة على وجه الخصوص