رياضة التجديف والشراع بغزة تشق طريقها لتحاكي إصرارًا لممارسيها - فيديو وصور
تاريخ النشر : 2021-10-20 22:07

غزة – أماني شحادة: مراكبٌ صغيرة تحمل فوقها إرادة إنسانية تتغلب على المصاعب الجسدية والنفسية التي آلت بهم جراء حياة مغلقة داخل قطاع غزة المحاصر، والذي يعاني الويلات من الحروب والدمار والاقتصاد وقلة الإمكانيات بكافة المجالات.

تُعد هذه المحطة فرصة لتطوير الرياضة المائية بقطاع غزة، وتوسيع قاعدة الممارسين؛ تطلعًا لتفريغ نجوم بمقاسات عالية يتصدرون من خلالها مسابقات دولية خارج الدولة الفلسطينية المحتلة التي تحاول جاهدة توفير إمكانيات تليق بالتدريب والأمان.

رياضة التجديف، إحدى رياضات قوة التحمل، حيث يجلس اللاعب ويمد قدميه ويثبتهما باتجاه سطح ثابت، ثم يقوم بيديه بسحب أثقال أو السحب ضد مقاومة عبر مقبض موصول بحبل.

"رغم قدمي هناك قوة كبيرة خرجت مني للفوز"

تحتاج هذه الرياضة لتثبيت الأقدام، لكن الشاب مجدي محمد التتر (42) عامًا، حاله كحال غزة؛ كلاهما ينقصه شيءٌ ما في جسده، لكنها الإرادة والعزيمة أقوى من أي قدمٍ مبتورة أو جسدٍ مُتعب، إنه حال فلسطين وشعبها، يخرجون من بين الأنقاض شامخين معتزين بأنفسهم.

مجدي التتر، مبتور القدم، حاصل على المركز الأول في بطولة التجديف الأولى على شاطئ بحر غزة، التي أقامها الاتحاد الفلسطيني للشراع والتجديف، وبرعاية بنك فلسطين، وشملت المسابقة مشاركة (4) فئات من "فردي وزوجي" من كلا الجنسين، ومن ذوي الإعاقة والبتر.

في محاولة لكسب الذات أمام المعيقات، أكد مجدي لـ "أمد للإعلام" أن "شعورٌ لا يوصف ممزوجٌ بالكثير من المشاعر لمشاركتي، وما كان أمام عيني وعقلي داخل البحر وأمواجه هو الفوز والحصول على مركزٍ أفتخر به بنفسي أمام المنافسين، ورغم قدمي هناك قوة كبيرة من داخلي خرجت للفوز."

وأوضح: "للمرة الأولى أدخل سباق التجديف، كنتُ هاويًا للتجديف فقط، واليوم أنا أمتلئ بطاقة إيجابية وحافز قوي للتقدم والعزيمة."

وأردف لـ "أمد للإعلام": "أمارس الرياضة منذ ثلاثين عامًا، وحصلت على العديد من البطولات المحلية والدولية في مجال السباحة، وكنت ممثلًا عن فلسطين في البطولة العربية داخل دولة الأردن."

وحوله طموحه داخل القطاع المنعزل عن العالم بسبب الحصار الإسرائيلي وقلة الفرص، قال مجدي: "أطمح أن يكون ليّ مسبحًا خاصًا؛ لنشر رياضة السباحة للأطفال"، متمنيًا أن تمنحه الحكومة مكانًا لإقامة مشروعه.

"أكملت التجديف رغم الحادث"

أسيل الجمل (17) عامًا، مشاركة في مسابقة التجديف وحاصلة على المركز الثالث على الفتيات.

ونظرًا لأن العلاقة الوطيدة بين الأب وابنته تساعد في منح الدعم والثقة لأن تكون الفتاة قيادية في حياتها، ومحمية من مشاعر الخوف، أكدت أسيل لـ "أمد للإعلام" أن والدها كان أول داعم ومُحفزٍ لها، وهو السبب في مشاركتها وفوزها.

وبينّت "لدي من الحماس ما يكفي لأخذ المركز الأول لكن حادث "شد عضل" أصابني وسط التجديف، مما جعلني أحصل على المركز الثالث."

تروي الجمل لـ "أمد للإعلام" أنها أكملت الطريق بالتجديف رغم ما حدث لها؛ لأن رياضة التجديف تكسبها سعادة وحماسًا كبيرًا للاستمرار والمواصلة.

وتُعتبر المجتمعات العربية أكثر محافظة على المرأة ودورها بالمجتمع، وتعاني المرأة العربية من كثيرٍ من الانتقادات، وقالت الجمل: "المجتمع يعتقد أن مثل هذه المسابقات هي للرجال فقط بحجة أنها تحتاج قوة بدنية، وأنها مرفوضة للنساء"، موضحة أنها ضد هذه الأفكار وبنها قوة لعمل ما تحب حتى وإن كان ضد العادات المجتمعية.

ووجهت رسالتها لكافة الفلسطينيات أن يمارسن الرياضة ويشاركن بكافة الفعاليات والرياضات التي يحبنها.، وتمنت الجمل أن تكون هناك مسابقات محلية أكثر لإتاحة الفرصة بمشاركتها ومشاركة كافة الفتيات اللواتي يحبذن هكذا رياضة، وأن يكون هناك أمل لأن تشارك باسم فلسطين عالميًا.

رياضة التجديف والشراع، مشهدٌ جذاب يدفعك للإقتراب أكثر من أصحابه ومعرفة ما يحملون من قوةٍ وجهدٍ بمراكبٍ صغيرة ومجداف أمام أمواجٍ عنيفة.

فما جدوى أن تكون فلسطينيًا إن لم تكن كالفينيق، محلقًا بإرادتك ضد كل ما يحاول إسقاطك أو محو الأمل من عيونك.