مشعل يطرح "رؤية للخلاص الوطني" تبدأ بإعادة تشكيل القيادة الفلسطينية
تاريخ النشر : 2021-09-30 16:51

الدوحة: قال خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، إنّ هناك ثلاثة عناصر في تشخيص الأزمة الفلسطينية، أولها أزمة قيادة خطيرة ومزمنة؛ وثانيها غياب الفعل النضالي، المقاوم والسياسي، المنهجي والمتتابع والمتكامل بين مختلف ساحات الوطن، وتواجد شعبنا في الداخل والخارج؛ وثالثها الانقسام الفلسطيني المزمن، المستعصي على الحل حتى اللحظة، موضحًا أن العنصرين الأولين ساهما في تعميق الانقسام.

وطرح مشعل رؤية للخلاص والخروج من هذا الواقع ومن تراكم الأزمات، من خلال ثلاثة محاور، يقوم المحور الأول على إعادة تشكيل القيادة الفلسطينية، بحيث يكون لها صيغة وشكل جديدان، وروح ورؤية جديدة وبرنامج جديد، ولا نعني بالجديد لا علاقة له بالماضي والحاضر، ولكن فيه تجدد وحيوية، وتوافق فلسطيني، وفعل حقيقي.

وأوضح أن القيادة هي مَن تُحدث الفارق، وإلا سنبقى في حالة من هذا الشتات، وعندما تتشكل القيادة؛ والعنوان منظمة التحرير، يصاحبها بناء مؤسسات الوطن والمنظمة والسلطة، وكل الهياكل الحزبية والنقابية والجامعية، والبلديات، برعاية قيادة موحدة.

أما المحور الثاني، فيقوم على استعادة زمام الفعل المؤثر، عبر برنامج نضالي مقاوم وسياسي متعدد الجبهات والميادين، متناغم ومتكامل ومتتابع، لنقل القضية إلى موقع آخر، بحيث نضغط على الاحتلال ونجبره على التراجع، وننجز أهدافنا الوطنية على طريق التحرير والعودة واستعادة الحقوق، والانتصار في معركة القدس، ومعركة تحرير الأسرى، وكسر الحصار عن غزة، واستعادة العافية في الضفة الغربية، وننجح في بلورة دور أكبر لأهلنا في 48، وتعزيز دور شعبنا في الشتات.

وختم مشعل رؤيته بالمحور الثالث القائم على استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، موضحًا أنه إذا نجحنا في إعادة تشكيل القيادة، واستعادة زمام الفعل النضالي المؤثر، فسننجح في إنهاء الانقسام، مبينًا أن الحل يكمن في الاتفاق على برنامج مشترك نكون فيه شركاء في القيادة وقراري الحرب والسياسة.

وأوضح أننا لا نختار شريكنا في الساحة الفلسطينية، بل نتشارك مع القائمين من أبناء الوطن، ولا أوافق على أن المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية خطان لا يلتقيان، فنحن نحتاج المقاومة بكل أشكالها.

أما بالنسبة إلى البرنامج الذي يمكن أن يُعتمد بيننا فليس برنامج "فتح" ولا برنامج "حماس"، وإنما برنامج الحد المشترك الذي نستطيع الالتقاء عليه، موضحًا أن المقاومة نشأت من أجل التحرير والعودة، ولا يعني أنها غيّرت أهدافها إذا وُظّفت لفك الحصار عن قطاع غزة لصالح شعبنا.

وأشار إلى أن حركته وافقت، في العام 2005، على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، على أساس برنامج مشترك مع القوى والفصائل الفلسطينية، مع احتفاظ "حماس" ببرنامجها ومبادئها المتمسكة بكل فلسطين، ولكن ما جرى طوال السنوات الماضية يتطلب منا جميعًا العودة إلى الرواية الأصلية والتمسك بكامل الوطن الفلسطيني من البحر إلى النهر.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) ضمن برنامج "بدائل وخيارات"، الذي يستضيف مجموعة من الشخصيات التي لديها وجهات نظر ورؤى للخروج من المأزق الحالي، وذلك بمشاركة أكثر من 150 مشاركًا/ة من السياسيين والأكاديميين والباحثين والنشطاء والشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية، عبر تقنية "زووم".

وقال هاني المصري، المدير العام لمركز مسارات، الذي أدار الحوار، إن هذه الجلسة تأتي في سياق برنامج "بدائل وخيارات"، الذي يحاول تقديم تصورات وأفكار وخيارات وبدائل في مواجهة المأزق الشامل الذي تعيشه القضية الفلسطينية، موضحًا أن هذا المأزق لا يعني أن كل شيء سلبي، بل هناك الكثير من مظاهر الصمود والبطولة والمقاومة، إضافة إلى المأزق الذي تعيشه إسرائيل، والمتغيرات الإقليمية والدولية التي يمكن أن توظف لصالحنا إذا أحسن الفلسطينيون التصرف.

وبيّن مشعل إلى أننا نعرف أن السلطة قائمة على أوسلو، علمًا أن أرئيل شارون دمّر أوسلو عبر اجتياحه للضفة في عملية "السور الواقي"، كما أن الرئيس الراحل ياسر عرفات غيّر القواعد بخوضه الانتفاضة الثانية، وعمل سقفًا نضاليًا جيدًا انخرطت فيه مختلف القوى والفصائل، موضحًا أن "حماس" خاضت انتخابات 2006 لتغيير أوسلو من داخل المؤسسات.

وشدد على وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة، قائلًا "لو أرادت "حماس" أن تنفصل بغزة عن الضفة لتأخذ غزة ميناءً ومطارًا بهذا الثمن لنلنا ذلك، لكن لن نفعل، فغزة والضفة وحدة واحدة وهما جزء من الوطن والشعب، ونحن نسعى للعمل مع الجميع في إطار المنظمة والسلطة الفلسطينية لصالح تحقيق مشروعنا الوطني في التحرير واستعادة الحقوق، ونحاول في غزة إجبار الاحتلال على إنهاء الحصار والعقوبات عنها"، مضيفًا "أن السيطرة على غزة لم تكن هدفًا، بل الانقسام دفع إلى ذلك، فالأصل أن غزة والضفة جزء من الوطن تحت قيادة واحدة ومؤسسات واحدة.

وأشار إلى أن تحقيق الوحدة صعب، ولكنه ليس مستحيلًا أو شبه مستحيل، ويجب أن نبقى نعمل من أجل الوحدة مهما كانت صعبة، مضيفًا أن حركته تفضّل أن تكون الوحدة من بوابة منظمة التحرير وإعادة تشكيل القيادة الفلسطينية، ولكن لا نعارض أي وسيلة نبدأ بها يمكن أن تحقق الهدف، سواء من خلال الانتخابات أولًا، أو تشكيل حكومة أولًا، أو قيادة مشتركة أولًا، فقد حاولنا كل ذلك من قبل، المهم إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية.

وقال إن الاعتراف بشروط الرباعية ليست المدخل للمصالحة، ولا ينبغي لأحد أن يقبل بذلك، فالرئيس الراحل ياسر عرفات ناور طويلًا، والرئيس محمود عباس قدم الكثير ، ولكن لم نحصل على أي شيء، موضحًا أن "حماس" لم تقدم وثيقتها في العام 2017 لإرضاء الرباعية الدولية، بل كانت ترجمة للمواقف السياسية للحركة من العام 2006 وحتى إصدار الوثيقة، موضحًا أننا سننتزع حقوقنا من الاحتلال كما فعلت حركة طالبان، وكما تفعل كل قوى التحرر، لكن مع الاختلاف في الفروق والظروف، فالصراع في فلسطين أكثر تعقيدًا وتداخلًا مع القوى الدولية والاستعمارية.

وتطرق مشعل إلى سبب تأخر الاستثمار السياسي لانتصار المقاومة في معركة سيف القدس، موضحًا أن التأخير لا يعود إلى عجز من "حماس" أو المقاومة، بل بسبب الموقف الدولي الذي عبر عنه أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، بقوله إننا لا نتعامل إلا مع الرئيس الشرعي عباس، ولن نسمح لحماس بكسر الحصار وقطف ثمار المعركة سياسيًا.

وأكد أن "لدينا مقاومة عظيمة في غزة خاضت أربع حروب، وأبلت بلاء عظيمًا، وأشعرتنا بالفخر كفلسطينيين، بصرف النظر من له اليد الطولى فيها مما هو معروف، فالجميع ساهم وشارك في هذه الملحمة، وفي صناعة واحتضان ودعم هذه المقاومة وأسلحتها وتطورها في إدارة الصراع".

وأردف مشعل: "هناك ملحمة القدس وصمود أهلنا في ساحات الأقصى، والتشبث بالمقدسات، ومعركة باب العامود والشيخ جراح والصمود الأسطوري في كل أحياء القدس، وإفشال مخططات العدو في تهويدها، وتهجير الناس وإضعافهم ومحاولة إشغالهم عن المهمة الوطنية"، وكذلك الضفة الغربية التي تشهد موجات بين الحين والآخر في ظل الانقسام، والتنسيق الأمني الذي يحول دون تحول الهبات إلى انتفاضة حقيقية، فضلًا عن أسطورة نفق الحرية من سجن جلبوع، وملحمة الأسرى الأبطال في نضالهم وإصرارهم على الحرية.

وأشار إلى مساهمة الأهل في 48، خاصة وسط معركة سيف القدس، وكيف انتفضوا وشكلوا جبهة مهمة في وجه الاحتلال لتقويضه من داخله، وكذلك دور الشتات الفلسطيني، خاصة في المخيمات بدول الطوق، وكل مواقع الهجرة واللجوء.

وفي سياق رده على سؤال، قال مشعل: "إن دعم إيران لنا مقدر ومشكور، وهو موجه في معركتنا مع الاحتلال، ولسنا جزءًا من أي معركة أخرى، ولسنا في جيب أحد، وقرارنا فلسطيني وطني، ونحن نطرق باب الجميع، ومن يدعمنا من دون شروط فأهلًا وسهلًا به، ونقول له شكرًا"، مرحبًا في الوقت ذاته بالتقارب العربي العربي الذي يخدم القضية الفلسطينية.

وحول مصادرة السودان لأموال الحركة، قال "إن هذه الأموال لمستثمرين فلسطينيين وعرب، وهي مرتبطة بهم ولا علاقة لحماس بالموضوع، وإقحام "حماس" في هذا الموضوع ظلم لها"، موضحًا أننا "نحصل على المال بصعوبة، فنحن ننحت في الصخر حتى نقدم المساعدة للمقاومة ورجالها، وأسر الشهداء والأسرى والجرحى وتعزيز صمود شعبنا".