محمد مصلح.. ذهب إلى بحر غزة ليجلب قوت أطفاله فعاد مغادراً الحياة! - صور وفيديو
تاريخ النشر : 2021-09-26 00:00

غزة-صافيناز اللوح: دقوا أبواب المعاناة، وتسلقوا جدران الألم والوجع، علّهم يسجلوا في تاريخ حياتهم المعيشية، قفزة جديدة تنسيهم مرّ وضعهم الاقتصادي السيئ والفقر الذي تغلغل في أحشاء منزلهم البسيط.. ولكن؛ كان القدر أقوى من كل الأحلام، وسرق كل الأمنيات، ومسح ذاكرة أناس طلبوا وبحثوا عن حقوقهم بمرارة.

على خطى الحزن والألم، فتح سكان قطاع غزة عيونهم صباح يوم السبت، على خبر وفاة أحد صيادي دير البلح، بعد غدر مركبه بهم خلال ممارستهم مهنتهم، لجلب قوت أطفالهم.

الموج يغدر بهم ويعيد أحد الصيادين بكفن..

"فايز وعلاء ومحمد" ثلاثة أخوة برفقة الصياد آدم مرزوع، خرجوا بعد صلاة عشاء يوم الجمعة، ليصطادوا السمك ويقتاتو طعام يومهم وأطفالهم، لكن السفن لم تأتي كما اشتهى الصيادون الأربعة، بل أعادتهم ناقصاً أحدهم وغائباً عن الدنيا للأبد.

وفي حديث مع الصحفية سماح مصلح شقيقة محمد قالت لـ"أمد للإعلام"، إنّ أشقائها الاثنين وزميلهم في المهنة، حاربوا الموت ليجلبوا قوت أطفالهم، فذهبوا ليصطادوا السمك من بحر دير البلح وكان ينتظرهم شقيقهم الثالث بالقرب من الميناء بمنطقة الـ(17)، وبعد اشتداد الموج، انقلب بهم مركب الصيد، فبدأو البحث عن بعضهم البعض، ولكن الموج فرقهم، وعاد فايز وأدهم وفُقد محمد في البحر.

وأضافت، بعد محاولتهم انقاذ أنفسهم، خرج فايز وصديقه أدهم من البحر حتى وصلوا عند شقيق المتوفي "علاء"، الذي كان ينتظرهم على شاطئ البحر قرب الميناء، وذهل مما حدث لهم وقام بالإسراع نحوهم وسحبهم إلى الشاطئ، ومن ثم اتصل على عائلته.

وأوضحت، بعد الاتصال من قبل شقيقي علاء، تم التواصل مع الشرطة البحرية ونقابة ولجان الصيادين، وبحثوا مع العائلة عن محمد، واستمر البحث حتى ساعات الفجر، وبقيت عائلتي تنتظر وفي تمام الساعة السادسة فجراً قذف البحر شقيقي محمد إلى الشاطئ.

محمد ابن الـ(35) ربيعاً، والذي غادر ليبحث عن لقمة أطفاله الثلاثة وزوجته الحامل في شهرها الثامن، لن يراهم بعد الآن، فالموج حرمهم من رؤيته واحتضان والدهم مرة أخرى.

عاش محمد ذلك الصياد الغزي، بين فكي كماشة.. بحرية الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة ما بين اطلاق نار واعتقال أو حتى غرق مراكب الصيادين بالمياه العادمة بعد محاصرتهم في عرض البحر، ناهيك عن حرمانهم من الاصطياد من مسافات تبعد عن الـ(6-9) أميال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، الموج الذي يبتلع ويسرق الأحلام التي كانت متربعة في أحضان الفقر.

جنازة محمد، التي شارك بها المئات لوداع شهيد لقمة العيش الذي غرق في بحر وسط قطاع غزة، حتى وداع عائلته وذويه له، ومن ثم تم دفنه في مقبرة مدينة دير البلح.

أحمد شقيق محمد، الذي ذرف بدل الدموع دم على فراق أخيه من رحم أمه، وبصعوبة كبيرة استطاع أن يتحدث لـ"أمد للإعلام"، عن الحادثة الأليمة، والتي كادت أن تفقدهم آخرين لولا عناية الله.

وأكد أحمد لـ"أمد"، أنّه بسبب الرياح الشديدة في عرض البحر انقلب الصيادون الثلاثة عن المركب في البحر، وحاولوا الخروج من البحر ولكنه سيطر عليهم، وعندما حاول محمد الإمساك بشقيقه وزميلهم أتت موجة فأدخلته للبحر مرة أخرى.

ونوه، إلى أنّ محمد منذ صغره وهو يعمل في مهنة الصيد ويحبها كثيراً ولا يستطيع العمل بمهنة غيرها.

وحول مطالباتهم للبحرية بمساعدتهم بالبحث عن محمد أكد أحمد لـ"أمد": البحرية قالت لنا لا نستطيع النزول بهذه الأمواج في فترة الليل، إلا في الصباح لأن موج البحر كان عالياً.

مطالبات وحقوق
ومن جهتها وجهت سماح شقيقة المرحوم محمد، رسالة إلى الجهات المختصة، ليتحملوا مسئولياتهم تجاه عائلة الفقيد.

وطالبت الصحفية مصلح، كل الجهات المختصه بتبني أطفال محمد، ومساندة زوجته الحامل، والذين يعيشون في غرفة فقط، لا تسع لهم جميعاً.

اذن.. عاش محمد على البر ومات في البحر الذي يعشق العمل بداخله، ليدفن الموج العالي أحلامه البسيطة برمشة عين، فودع الدنيا وغادر إلى 
هناك حيثُ يرقد صيادون آخرون التهم فم الموج أرواحهم الجميلة.