غزة: فنان تشكيلي يقفُ مع مبتوري الأرجل عبر فنّه المجسد - صور
تاريخ النشر : 2021-09-21 21:00

غزة - حنين العثماني: تتلاقى السيقان بين الجدران، السيقان التي بترت برصاص عدو لا يأبه لما بعد البتر، فيطرح الساق وصاحبها أرضاً، مطلقاً نيران أسلحته – متعمداً-  تجاه شبان وأطفال بأعداد تفوق التوقع، منهم من يفقد واحدة، ومنهم من يودّع الاثنتين.

حقاً " افتقدك بشدة"، أرجل وسيقان في معرض الفنان التشكيلي خالد حسين، جمعت الأنظار والعقول على مبتوري الأطراف، معاناتهم، اشتياقهم، أوهامهم، علاجهم المستمر، ألمهم الذي لا يكنُّ لحظةً.

لوهلةٍ تفكر كزائر من أين أتت الفكرة الفنية؟، ليقول الفنان حسين لـ"أمد للإعلام":" تبدو ظاهرة الأطراف المبتورة واضحة و ثقيلة في المجتمع الغزّي الناجمة عن مسيرات العودة مع العدو الإسرائيلي،  الذي قدّم أكثر النماذج قسوة و عنفاً ضد المدنيين بل هي من الشواهد الأكثر فظاظة التي خلقت العديد من المآسي الإنسانية و الآلام ".

وتابع حسين:" و رغم ذلك أصحاب الأطراف المبتورة خاصة السيقان يتواجدون في كل مكان تقع عليه عيناك إلا أنّ جزءاً كبيرا من هؤلاء الضحايا يقبعون في بيوتهم يجترّون آلامهم الجسدية و النفسية بعيداً عن عيون الآخرين، بالأخص أنه  يشكلون نسبه عالية جداً إذا ما قيست هذه النسبة بالمجتمعات الأُخرى، الأمر الذي يفرض على المجتمع تحديات كبرى في استيعاب هذه الظاهرة المتزايدة و معالجة تبعاتها النفسية  والاجتماعية و الاقتصادية .

وبالفن التشكيلي تتعدد المواد المستخدمة والتي تصنع أجمل التماثيل والمجسمات الفنية، لكن بغزة لماذا استخدم الاسمنت في تجسيد السيقان؟ ليجيب حسين:" بحثت كثيراً  في مواد أخرى لاستخدمها، لكن عدم توفر المواد الازمة في قطاع غزة جعلني ابحث عن مواد بديلة لها، ذات  خصائص تليق بإنتاج عمل فني يمثل الصلابة  وتحمل العوامل الطبيعية  فوجدت من الاسمنت مادة مناسبة ومتوفرة".

"افتقدك بشدة" العنوان الذي أخذ العقول لأماكن مختلفة بغزة....

يفتقد أهالي قطاع غزة المباني الاسمنتية التي وقعت على رؤوس الفلسطينيين أم يفتقدون الأرجل التي أخذتهم بجولات في شوارع المدينة، وأضاف حسين:" في حالة البتر تكون حالة من الصدمة  ومن ثم تفكير بالمستقبل وحالة الفقد، ليس من جهة الطرف فقط بل يفقد المبتورة ساقه كثير من الأشياء بشكل تدريجي أولا الإهمال الطبي والعلاج النفسي وبعد ذلك ممكن أن يفقد أصدقاء سابقين بسبب إعاقته لذلك سميتها حالة فقد شديدة".

واستطرد حسين:" استخدمت المرآة في الأعمال لتعكس الطرف المبتورة، والمرآة تستخدم للعلاج النفسي للمبتورين،  وأيضاً حاولت التعبير عن القدم الشبح وهو مصطلح علمي والذي يشعر المبتور بالآلام  في الجزء المبتور بالرغم من عدم وجوده ويحدد مكان الآلام  في أصبع قدمه الكبير أو الصغير مثلاً".

غزة تفرض فنها بطريقتها الخاصة، مثلما يفرض ألمها واقعها على مواطنيها، هذه المرة لم تحفر على الصخر، بل جسدت الصخر ليكون شاهداً على الجرائم المرتكبة بحق أبنائها.