دائرة العلاج بالخارج تقلص التحويلات الطبية لقطاع غزة... وقلوب مرضاه تئن - صور وفيديو
تاريخ النشر : 2021-09-18 21:44

حنين العثماني: تحويلات طبية تقلص، وأمراض وأزمات قلبية تزيد، قطاع غزة الركن الأضعف في الوطن، فرغم وصول نسبة الوفيات من مرضى القلب إلى 49.3% إلا أن دائرة العلاج بالخارج قللت من عدد التحويلات الطبية، ووزارة الصحة في رام الله لا تمد مستشفياتها في القطاع بالمستلزمات الطبية الخاصة بمرضى القلب.

وقوائم الانتظار لإجراء عملية لمرضى القلب، تملئ دفاتر المستشفى الرئيسي في القطاع، وطوابير من الألم أمام أبواب الأطباء، وأقرب عملية للقلب لا يأتي دور المريض فيها قبل 6 أشهر.

واضعاً يده على قلبه، خائفاً من أي جلطة قلبية تأتي على غفلة، فتزهق الروح كما تزهقها دائرة العلاج بالخارج، المريض "ن.ع" يقول لـ "أمد للإعلام":" أعاني من إغلاق عدة شرايين في القلب، وأحتاج لتركيب دعامات، كما أنني مريض أورام سابقاً لا أستطيع الانتظار، وكل يوم يمر دون إجراء العملية يجعلني معرض للكثير من التأثيرات الجانبية الأخرى".

وأضاف:" إنني الآن لا أستطيع إجهاد جسمي، ولا أذهب للعمل، جالساً أنتظر موعدي في إجراء العملية في قطاع غزة، رغم أنني حاولت إجرائها في مستشفيات الضفة الغربية، ولكن لم أحصل على تحويلة طبية".

وبالمزامنة مع تقليص عدد التحويلات الطبية لقطاع غزة من دائرة العلاج بالخارج أوضح رئيس قسم القلب والشرايين بمجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد حبيب لـ "أمد للإعلام" أن التقليص حدث لمجمل الوطن ولكن النسبة الأكبر وقعت على قطاع غزة، حيث يعاني فئة كبيرة من المواطنين المصابين بمرض القلب أو الأورام، ويحتاجون لتحويلات طبية بشكل عاجل، حيث وصلت نسبة التقليص إلى 53% من حالات قطاع غزة دون دعم المستشفيات

الحكومية بالمستهلكات الطبية وذلك أدى الى زيادة عدد الوفيات في أمراض القلب والأورام بشكل أساسي في قطاع غزة".

وأكد حبيب على أن التحويلات الطبية المحولة قلصت من العام الماضي (2019-2020) إلى ثمانين ألف تحويلة، وعند توزيعه ما بين الضفة وقطاع غزة تصل نسبة التدني 24% في هذه التحويلات.

وأشار حبيب أنه قد يجري تأجيل العمليات المجدولة لتاريخٍ غير محدد يصل لـ6 أشهر، وهذا "خطير جداً"، حيث يحتاج مرضى القلب إلى تدخلٍ سريع، فمعظم حالات القلب والجلطة والذبحة الصدريّة الحادّة تحتاج لقسطرة خلال ساعة أو ساعتين بحدٍّ أقصى. 

لكن الوقت لا ينتظر التحويلة الطبية

وأضاف حبيب:" زادت نسبة الوفيات لمرضى القلب بسبب تقليص عدد التحويلات الطبية، وبالنظر إلى النسب ما بين قطاع غزة والضفة الغربية، نسبة الوفيات لأمراض القلب بالضفة الغربية 24.7% بينما في قطاع غزة وصلت إلى 49.3%، وهذا يمثل ضعف النسبة عن الضفة الغربية".

ويأخذ الأمل المرضى إلى توقع أن السلطة الفلسطينية ترسل المستلزمات الطبية التي تعوض التقليص الحاصل، لكن الواقع مختلف، فقال حبيب:" نحن نعاني منذ تأسيس الأقسام الطبية الخاصة بمرضى القلب من شح المستلزمات الطبية الخاصة الدعامات والبالونات والأسلاك المستخدمة في عمليات القسطرة، ولا يوجد توريد المستهلكات بشكل منتظم ودوري لمستشفيات وزارة الصحة في قطاع غزة، مما جعلها عامل من عوامل زيادة نسبة الوفيات لمرضى القلب في القطاع".

مريض آخر على سرير الانتظار، نزلت على قلبه أزمة وراء الثانية، وذلك بإصابته بفايروس كورونا الذي عمل على تخثر الدم في الشرايين، مما استدعى إلى إجراء تحويلة عاجلة لمستشفيات الضفة الغربية، وذلك بحد أقصى للانتظار من 6  إلى 12 ساعة، لكنها لم تصدر في الوقت المحدد، مما أدى إلى إصابة قدمه اليسرة "بالغرغارينا" ويحتاج لقطع قدمه بشكل فوري.

حرمان العلاج أو تأخيره يمثل انتهاكاً دولياً

وقال الباحث الحقوقي مروان ياغي لـ "أمد للإعلام":" أن حرمان المرضى من حقهم في العلاج خارج قطاع غزة، في ظل عدم توفير بديل مناسب في القطاع، وتردي البُنية الصحية فيه، يشكل انتهاكاَ  مباشراَ وصريحاَ للحق في الصحة، والذي ينص عليه القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003، وقانون الصحة العامة رقم (20) لعام 2004، والذي ينص في الفقرة الأولى من المادة الثانية على قيام الوزارة، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، بتقديم الخدمات الصحية الحكومية الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية، وإنشاء المؤسسات الصحية اللازمة لذلك". 

وأضاف:" كما يعتبر حرمان المرضى من حقهم في العلاج انتهاكا صريحاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك المادة (12) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي أصبحت فلسطين دولة طرفاً فيها بموجب انضمامها له في العام 2014، ويرتب عليها التزاماً قانونياً بالوفاء بحق كل شخص بالتمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والعقلية الذي يمكن بلوغه، بما في ذلك ضمان الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة والحصول على الأدوية والعلاج الملائم للحفاظ على حياة وصحة كل إنسان".

وأكد مروان على حق كل مواطن فلسطيني في التمتع بأفضل مستوى من الرعاية الجسدية والعقلية، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وبالتالي يجب على الرئيس الفلسطيني التدخل الفوري والعاجل من أجل ضمان حماية حق المرضى من سكان القطاع في الحصول على كافة الخدمات الصحية، بما في ذلك تحويلهم للعلاج بالخارج وتغطيتهم مالياً.

وفي ذات السياق شدد على تحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلية كافة التزاماتها القانونية تجاه سكان قطاع غزة بصفتها قوة احتلال، وبما يضمن حماية حقهم في التمتع بأفضل مستوى من الرعاية الصحية الجسدية والعقلية، وحرية السفر والوصول الآمن للمستشفيات خارج القطاع، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب، والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977 الملحقين باتفاقيات جنيف لعام 1949.

مكبلٌ هذا القطاع، براً وبحراً وجواً، وعلماً وعلاجاً وتقدماً، ومفاتيح الأبواب بيد عدو وصديق، عدوه يغلق ويفتح المخارج حسب نظره، وصديق لا يرثي بحال صديقه، غزة ومواطنيها قلوبهم مرضى بالوطن.