كيف تُسقِط إسرائيل "الساسَة" في شِباكِها؟..موسى فكي مِثالاً
تاريخ النشر : 2021-08-04 15:42

أمّا موسى فكي.. فهو رئيس مُفوضية الاتحاد الإفريقي منذ 3 كانون الثاني 2017, وكان شغَل قبل ذلك منصب وزير الخارجية وقبله رئيساً لوزراء تشاد, كما ربطته علاقات وثيقة مع إدريس ديبي رئيس تشاد الذي اغتيل مؤخراً, والذي شكّل رأس حربة لإسرائيل في إفريقيا مكّنت الأخيرة من توسيع حضورها في القارة السّوداء، شاركه في ذلك وبحماسة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد حامل جائزة نوبل «للسّلام", الذي يسعى بلا كلل لتعطيش السّودان ومصر والذي ارتكب وما يزال جرائمَ وجرائم ضد الإنسانية في إقليم تيغراي الإثيوبي,كانت اسرائيل أكبر داعم له في حربه ضد أقلية عِرقية من شعبه.

مناسبة الحديث عن موسى فكي هو قراره منح إسرائيل صفة مُراقب في الاتحاد الإفريقي, دونما تشاور أو معرفة أحد من الدّول الأعضاء أو حتّى مفوضية الاتحاد، ما أثار المزيد من الشّكوك حول الأسباب التي دفعته لاتخاذ قرار كهذا, يعلم أنّ دولاً عديدة ستعترض عليه, وإن كان لافتاً أنّه ومنذ صدور قراره المثير للجدل في 22 تمّوز الماضي, لم تعترض أي دولة عربية (عدد الدّول العربيّة الأعضاء في اتحاد يضمّ 55 دولة هو 10 دول) باستثناء الجزائر, التي سارَعت إلى رفض قرار قبول إسرائيل عضواً مُراقباً, مُنتقدة اتّخاذ رئيس مفوضيّة الاتّحاد للقرار دون تشاور مع الدّول الأعضاء.

صحيفة «العربيّ الجديد» اللندنية في عددها أمس الثلاثاء أضاءت بقوّة في تقرير موسّع على ملابسات المشهد الإفريقي الرّاهن، وكيفية وصول موسى فكي إلى موقعه الرّفيع في الاتّحاد، خصوصاً الدّور الذي لعبته تشاد وإثيوبيا في إنضاج القرار والتّمهيد له, عبر ممارسة مُختلف أنواع «الحِيل» والتواطؤ والضغوط وأساليب خبيثة مختلفة, كي تمنح الدبلوماسية الصهيونية المزيد من الأوراق والحضور للتغلغل في إفريقيا, بعد أن كانت «منبوذة» ومطارَدة في سبعينيات القرن الماضيّ, وصلت ذروة عزلتها بقطع دول إفريقية عديدة علاقاتها الدبلوماسية معها بعد حرب أكتوبر 1973, وها هي الآن تحظى ليس فقط بعضويّة «المراقِب» في أعلى وأهمّ منظّمة قاريّة إفريقية/الاتّحاد الإفريقي, وإنّما أيضاً بعلاقات مع «46» دولة إفريقية من أصل 55 دولة/هي عدد دول الاتّحاد.

وإذ لا يختلف اثنان على إنّ إسرائيل ما كانت لتحظى بهذه المكانة المُستعادَة إفريقيا (تمتّعت بصفة مُراقِب في «منظمة الوحدة الإفريقية» قبل تحوّلها الى الاتحاد الإفريقي) والتي قال فيها نتنياهو مُتبجّحا أمام مضيفه التّشادي إدريس ديبي» إنّ إسرائيل عادت لإفريقيا وإفريقيا عادت لإسرائيل»، لولا مساعدة ودعم وضغوط دول الغرب الاستعماريّ وعلى رأسها الولايات المتّحدة وفرنسا، فإنّ أجهزة الأمن والاستخبارات والشركات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية عمِلت بدأب ومثابرة على اختراق القارة الإفريقية منذ قيام دولة العدو, مركّزة في ذلك على ثلاث دول إقليمية كبرى كانت تناصب مصر النّاصرية العداء, وهي: إثيوبيا هيلاسلاي، وإيران الشاه، وتركيا عدنان مندريس وجنرالات جيش أتاتورك، ونجحت إفريقياً في توظيف الإمبراطور هيلاسلاي أحد أهمّ مناصريها وداعمي اختراقها إفريقيا, لأنّ «الإمبراطور» يكره مصر ورئيسها الذي انتزع منه زعامة القارّة داعماً حركات التحرّر فيها.

وها هو آبي أحمد يكرر المشهد ولكن في أجواء تراجع وضعف وتطبيع عربيّ مُتدحرج مع إسرائيل, تجد فيه الأخيرة فرصتها سانحة لاجتياح القارّة وتكريس حضورها, وإن كان الموقف الجزائريّ نجح حتّى الآن في كبح وفضح قرار موسى فكي, بعدما وصل عدد الدول المساندة لموقف الجزائر 21 دولة، فضلاً عن انكشاف الدور التآمري الذي قاده موسى فكي بدعم إثيوبي/تشادي, وهذا من بين أمور أخرى يكشف مجدداً ما تنهض به أجندة الاستخبارات الصهيونية العالمية, من عمل دؤوب لشراء السّاسة والشخصيات التي تسهر على تحضيرها وزرعها في المواقع القيادية في دول عديدة، ليس فقط في إفريقيا بل في دول آسيوية وأميركية لاتينية وأوروبية, على نحو تجني فيه وبه «مردوداً سياسيّاً واقتصاديّاً وأمنياً واستخباريّاً.. لاحقاً وبأرباح مُضاعَفة ومُستدامة.

عن الرأي الأردنية