ما بعد حرب غزة.. "وكالة الغوث الإنساني - السياسي" الإسرائيلية!
تاريخ النشر : 2021-07-31 09:04

كتب حسن عصفور/ مجددا التأكيد، أن معركة الحدث الفلسطيني الكبير في مايو 2021، كانت فصلا كفاحيا هاما، تركت بصماتها على المشهد السياسي العام إقليميا ودوليا، ولم يكن صدفة أبدا، ان يشير الملك عبدالله الى حرب غزة الأخيرة في حديثه مع وكالة سي أن أن خلال زيارته لأمريكا، بأنها كانت "جرس إنذار"، وكشفت أن إسرائيل ليست تلك القوة التي لا تمس، بل أنها مهددة بحرب أهلية.

تلخيص الملك عبدالله لحرب غزة، يمكن اعتباره الدرس الأبرز، مع إجبار أمريكا وغيرها على الالتفات نحو ضرورة وضع حد للصراع القائم، ولكن المأساة ان تلك "المعركة الكبرى" أنتجت آثارا سياسية "سلبية جدا" في المشهد الفلسطيني، وتحولت من مسار كسب روبح الى خسارة وتشويش، بل وتنامي حالة "العدائية الداخلية" أكثر مما كانت عليه قبل تلك الموقعة الهامة.

ففتح (م7) والسلطة في الضفة أصابها ارتعاش كبير، وكأن البساط سحب من أقدامها، ولم يبق لها سوى التسليم والاستسلام لـ " البطل الجديد"، ونفخ الإعلام العبري في سور ارتعاش الى حد لم يبق معه غير تحديد موعد الخروج، والذي قد لا يكون آمنا أيضا.

مقابله، سارعت حماس الى إطلاق حركة الانتعاش القصوى بما تحقق، وكأن "الفتح الكبير" بات على الأبواب، وليس لها سوى ترتيب بيتها الخاص لـ "قيادة مرحلة التقاسم الوظيفي الجديد" مع دولة الكيان في الضفة بديلا لسلطة مرتعشة، وعاش بعض منها حالة غرور لا تليق أبدا بمن كان في معركة وطنية قبلها بأيام.

بسرعة نادرة، تامر البعض عل البعض بمحرك بحث عبري، لإسقاط أي محاولة "ربح سياسي داخلي"، وبدأت لعبة المناورات الداخلية، من يحاصر من أكثر كي لا يكون فائزا بما كان وطنيا بامتياز، وانكسرت "اللوحة الإشراقية" التي جسدتها وحدة شعب دامت 11 يوما، وليت "ريما عادت لقديمها التناقضي"، لكنها "صنعت "عداءا جديدا"، بين من كانوا قبل مايو وقعوا اتفاقات "وحدوية" بلغة تزيل الكيان وليس فقط تزيل الانقسام.

وبعد أكثر من شهرين على انتهاء الحدث، تمكنت دولة الاحتلال من امتصاص كل منتج سياسي داخلي لها، بل أنها دفعت السلطة في الضفة للبحث عن أي طريقة كي تجد عونا لها، مع حكومة الكيان، يرفض رئيسها أي اتصال مع الرئيس محمود عباس، ويرى أن كل الاتصالات ليس لها بعد سياسي أبدا، بل من أجل "تحسين مستوى المعيشة" وعدم انهيار سلطة وصفها المبعوث الأمريكي هادي عمرو بـ "الغابة الجافة" وكي لا تحترق (الآن) يجب مدها ببعض ماء وغذاء..

فيما سلطة حماس، والتي احتلت البر والسماء السياسي طوال 11 يوما، انتقلت من الرجم الكفاحي الى "التوسل الإنساني"، غذاءا وإعمارا، وأصبح أمرها تهديدا من "أجل وسائل حياة أفضل"، ما لم يصل "المال سنطلق البالونات"، ما لم تدخل وسائل كذا سنفعل كذا، تقزيم لا سابق له لمفهوم "القوة الجبرية الكفاحية" وتشويه للمضمون، لنصل الى معادلة "صمت مقاوم مقابل إطعام مقاوم"...

موضوعيا، أبرز منتج لمعركة مايو الكبرى يمكن أن يلمسه الفلسطيني (وطنا وشتاتا) هو ولادة "وكالة الغوث الإنساني – السياسي" الإسرائيلية، تمنح هذا وذاك حسب السلوك اليومي، ووفقا لما تراه هي دون غيرها، تخصم من مال حق للسلطة، لتعيده لاحقا لذات السلطة وكأنها "إنجاز سياسي كبير"...تغلق كل منافذ قطاع غزة وتفرض ما تريد، ثم تعيد ما أغلقته لتبدو وكأنها قدمت "خيرا"، ولكن بمقابل.

مشهد يكشف أن المنتصر الأكبر آنيا من الحدث الكبير دولة الكيان، والتي ارتعشت جدا خلال 11 يوما، وكان لها ان تدفع ثمنا سياسيا مباشرا، لم يجد له سبيلا أبدا...

الجريمة أن سلطتي البلاء الوطني، هما وليس غيرهما، من "صنع مكسب الكيان"، ونقلا المعركة من فعل سياسي الى "غوث إنساني"!

ملاحظة: الى رئيس حماس إسماعيل هنية..لا يليق أبدا ان ترسل رسائل الى رؤساء وملوك ومؤسسات دولية...تلك رسائل تعني تطوير الانقسام الى خلق "البديل"...لك ان تصدر بيانات وتنشرها فذاك حق مطلق..وغيرها "كفر سياسي مطلق"..وإسرائيل أول الفرحين به...التراجع فضيلة وطنية وعكسها تعرفه!

تنويه خاص: لا يليق بأي حركة سياسية فلسطينية أن تتاجر بإشاعة صحة الرئيس محمود عباس..تلك ثقافة دونية لا تليق بشعب الجبارين...!