مؤشرات تعمق التحولات
تاريخ النشر : 2021-07-30 23:31

التحولات في الرأي العام الأميركي والعالمي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تسير ببطء، ولكن بخط بياني صاعد، وتطال عناوين ومجالات عدة وجديدة، مع توسع دائرة الاختراق لاتباع الديانة اليهودية في المجتمعات المختلفة وخاصة في الولايات المتحدة. وهذا التحول التدريجي يساهم في تفاقم أزمة المجتمع الصهيوني، وفي ردود فعل انفعالية، والاندفاع لممارسة الضغوط على الجماعات والجامعات والشركات والشخصيات، التي تتبنى سياسة المقاطعة لها ولمستعمراتها، والداعمة للمواقف الأممية وقرارات الشرعية الدولية  المؤيدة للحقوق الوطنية الفلسطينية، والرافضة للاستيطان الإستعماري وللعنصرية وعمليات التطهير العرقي في فلسطين التاريخية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. قد تكون بعض الشركات والمؤسسات ليست ضد دولة الإستعمار الإسرائيلية، لكنها ضد ممارساتها وانتهاكانتها وجرائم حربها، وخاصة ضد استيطانها الإستعماري، الذي يتنافى مع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

ومن الامثلة ذات الصلة الجديدة والأخيرة على ما ذكر اعلاه، إصدار شركة  "يونيليفر" المالكة لمثلجات "بن أند جيري" يوم الإثنين الموافق 19 تموز / يوليو الحالي بيانا أعلنت فيه، أن الشركة لن تستمر في توزيع المنتج في "الأراضي الفلسطينية المحتلة". لكنها ستظل  توزع البوظة وباقي منتجاتها في إسرائيل، وفق NBC  نيوز. واتهمت حكومة الثنائي الصهيوني بينيت لبيد الشركة ب"معاداة السامية" التهمة الأسهل، والأكثر ترهيبا للقوى والشخصيات والشركات المؤيدة للسلام. لكنها فشلت في ثني الشركة عن قرارها. ليس هذا فحسب، بل ان صاحبي الشركة بينت كوهين وجيري نشرا مقالا يوم الخميس الماضي الموافق 29/7/2021 في صحيفة "نيويورك تايمز" ردا على حملة التشهير الصهيونية، جاء فيه: اسس السيد كوهين والسيد جرينفيلد عام 1978 شركة "بن اند جيري"، وكان السوق الإسرائيلي من اوائل الأسواق، التي وزعنا منتجاتنا فيها. لكن دعم اسرائيل، لا يعني غض النظر عن اخطائها ومعارضة بعض سياساتها. تماما كما عارضنا سياسات الحكومة الأميركية، وعلى هذا النحو، فإننا نؤيد بشكل قاطع قرار الشركة بانهاء أعمالها في الأراضي المحتلة، والتي اعتبرها المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، إحتلالا غير قانوني." واكدا انهما لن يرضخا لإبتزاز الحكومة الإسرائيلية، وإتهامهما ب"معاداة السامية"، لإنه مردود على من يردده.

وفي هذا السياق هناك نموذج آخر، تمثل بتوقيع أكثر من الف أكاديمي وفنان وسياسي عالمي  يوم الأربعاء الماضي الموافق 28 تموز / يوليو على وثيقة إعلان مبادىء، تطالب بإدانة اسرائيل، ومعاقبتها على جرائم الفصل العنصري، التي ترتكبها في فلسطين. وجاء في الوثيقة، التي دشنت في الولايات المتحدة " إن اسرائيل تسببت في كارثة متواصلة بحق الشعب الفلسطيني طيلة 73 عاما تعرف بالنكبة، تضمنت تهجيرا جماعيا وتطهيرا عرقيا وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية."

واضافت أن "إسرائيل أنشأت نظام فصل عنصري على كامل اراضي فلسطين التاريخية، واعلنت ذلك على الملأ عبر ادعائها السيادة "اليهودية" الحصرية بتقرير المصير في كل فلسطين، من خلال تبني الكنيست لقانون "يهودية الدولة" عام 2018".  وتابعت مؤكدة أن "إسرائيل تنفذ بشكل دوري عنفا واسعا له آثار مدمرة على المجتمع المدني الفلسطيني، لا سيما ضد سكان قطاع غزة، الذي يعاني من دمار واسع النطاق يؤدي لقتل جماعي وآلاف الجرحى وحصار مستمر."

كلا النموذجين يشكلا عناوين واضحة وجلية على إفتضاح دور دولة المشروع الصهيوني، كدولة منتجة للارهاب، ومعادية للسلام، ومهددة مصير الاقليم برمته، وليس ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني داخل حدود فلسطين التارخية فقط، والمقاطعة المتعاظمة في اوساط شعوب العالم بما في ذلك في اوساط اتباع الديانة اليهودية، يكشف انها لا تمثل يهود العالم، بل انها دولة لقيطة ومارقة ووظيفية، ومعادية للسلام. وتعامد ما تقدم مع توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية، وعمليات التطهير العرقي يكرس تدريجيا سياسة الرفض لها، ولدورها الارهابي التخريبي، واتساع دائرة المناداة العالمية بفرض العقوبات المختلفة عليها، لإلزامها بدفع إستحقاقات السلام، فضلا عن تعميق التناقضات التناحرية في اوساط المجتمع الصهيوني، مع ما يحمله ذلك من تداعيات على مستقبل بقاء دولة المشروع الصهيوني في خارطة الإقليم والعالم.

[email protected]

a.a.alrhman@

نبض الحياة

مؤشرات تعمق التحولات

عمر حلمي الغول

التحولات في الرأي العام الأميركي والعالمي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تسير ببطء، ولكن بخط بياني صاعد، وتطال عناوين ومجالات عدة وجديدة، مع توسع دائرة الاختراق لاتباع الديانة اليهودية في المجتمعات المختلفة وخاصة في الولايات المتحدة. وهذا التحول التدريجي يساهم في تفاقم أزمة المجتمع الصهيوني، وفي ردود فعل انفعالية، والاندفاع لممارسة الضغوط على الجماعات والجامعات والشركات والشخصيات، التي تتبنى سياسة المقاطعة لها ولمستعمراتها، والداعمة للمواقف الأممية وقرارات الشرعية الدولية  المؤيدة للحقوق الوطنية الفلسطينية، والرافضة للاستيطان الإستعماري وللعنصرية وعمليات التطهير العرقي في فلسطين التاريخية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. قد تكون بعض الشركات والمؤسسات ليست ضد دولة الإستعمار الإسرائيلية، لكنها ضد ممارساتها وانتهاكانتها وجرائم حربها، وخاصة ضد استيطانها الإستعماري، الذي يتنافى مع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

ومن الامثلة ذات الصلة الجديدة والأخيرة على ما ذكر اعلاه، إصدار شركة  "يونيليفر" المالكة لمثلجات "بن أند جيري" يوم الإثنين الموافق 19 تموز / يوليو الحالي بيانا أعلنت فيه، أن الشركة لن تستمر في توزيع المنتج في "الأراضي الفلسطينية المحتلة". لكنها ستظل  توزع البوظة وباقي منتجاتها في إسرائيل، وفق NBC  نيوز. واتهمت حكومة الثنائي الصهيوني بينيت لبيد الشركة ب"معاداة السامية" التهمة الأسهل، والأكثر ترهيبا للقوى والشخصيات والشركات المؤيدة للسلام. لكنها فشلت في ثني الشركة عن قرارها. ليس هذا فحسب، بل ان صاحبي الشركة بينت كوهين وجيري نشرا مقالا يوم الخميس الماضي الموافق 29/7/2021 في صحيفة "نيويورك تايمز" ردا على حملة التشهير الصهيونية، جاء فيه: اسس السيد كوهين والسيد جرينفيلد عام 1978 شركة "بن اند جيري"، وكان السوق الإسرائيلي من اوائل الأسواق، التي وزعنا منتجاتنا فيها. لكن دعم اسرائيل، لا يعني غض النظر عن اخطائها ومعارضة بعض سياساتها. تماما كما عارضنا سياسات الحكومة الأميركية، وعلى هذا النحو، فإننا نؤيد بشكل قاطع قرار الشركة بانهاء أعمالها في الأراضي المحتلة، والتي اعتبرها المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، إحتلالا غير قانوني." واكدا انهما لن يرضخا لإبتزاز الحكومة الإسرائيلية، وإتهامهما ب"معاداة السامية"، لإنه مردود على من يردده.

وفي هذا السياق هناك نموذج آخر، تمثل بتوقيع أكثر من الف أكاديمي وفنان وسياسي عالمي  يوم الأربعاء الماضي الموافق 28 تموز / يوليو على وثيقة إعلان مبادىء، تطالب بإدانة اسرائيل، ومعاقبتها على جرائم الفصل العنصري، التي ترتكبها في فلسطين. وجاء في الوثيقة، التي دشنت في الولايات المتحدة " إن اسرائيل تسببت في كارثة متواصلة بحق الشعب الفلسطيني طيلة 73 عاما تعرف بالنكبة، تضمنت تهجيرا جماعيا وتطهيرا عرقيا وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية."

واضافت أن "إسرائيل أنشأت نظام فصل عنصري على كامل اراضي فلسطين التاريخية، واعلنت ذلك على الملأ عبر ادعائها السيادة "اليهودية" الحصرية بتقرير المصير في كل فلسطين، من خلال تبني الكنيست لقانون "يهودية الدولة" عام 2018".  وتابعت مؤكدة أن "إسرائيل تنفذ بشكل دوري عنفا واسعا له آثار مدمرة على المجتمع المدني الفلسطيني، لا سيما ضد سكان قطاع غزة، الذي يعاني من دمار واسع النطاق يؤدي لقتل جماعي وآلاف الجرحى وحصار مستمر."

كلا النموذجين يشكلا عناوين واضحة وجلية على إفتضاح دور دولة المشروع الصهيوني، كدولة منتجة للارهاب، ومعادية للسلام، ومهددة مصير الاقليم برمته، وليس ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني داخل حدود فلسطين التارخية فقط، والمقاطعة المتعاظمة في اوساط شعوب العالم بما في ذلك في اوساط اتباع الديانة اليهودية، يكشف انها لا تمثل يهود العالم، بل انها دولة لقيطة ومارقة ووظيفية، ومعادية للسلام. وتعامد ما تقدم مع توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية، وعمليات التطهير العرقي يكرس تدريجيا سياسة الرفض لها، ولدورها الارهابي التخريبي، واتساع دائرة المناداة العالمية بفرض العقوبات المختلفة عليها، لإلزامها بدفع إستحقاقات السلام، فضلا عن تعميق التناقضات التناحرية في اوساط المجتمع الصهيوني، مع ما يحمله ذلك من تداعيات على مستقبل بقاء دولة المشروع الصهيوني في خارطة الإقليم والعالم.