الانتهاكات "الإسرائيلية".. ومجلس حقوق الإنسان
تاريخ النشر : 2013-11-08 17:30

بعد ما يقارب الـ19 شهراً على مقاطعة مجلس حقوق الإنسان الدولي في آذار من العام 2012 بموجب قرار اتخذه وزير الخارجية "الإسرائيلي" السابق أفيغدور ليبرمان، ها هو كيان الاحتلال "الإسرائيلي" يعود إلى اجتماعات المجلس، وفق تسوية تمت بين الدول الغربية وحكومة نتنياهو حسب ما سربته وسائل الإعلام عن أن "إسرائيل" ا...شترطت على الدول الغربية أن تضمها كعضو دائمة في مجموعة الدول الغربية في مجلس حقوق الإنسان، والحد من استعمال البند 7 من إجراءات المجلس، والذي ينص على عقد جلسة منفصلة لوضع حقوق الإنسان في الضفة الغربية و"إسرائيل".

وهذا ما ذهبت إليه المداولات الأخيرة في اجتماعات المجلس، حيث رفضت "إسرائيل" مجدداً سبع توصيات كانت قد تقدم بها عدد من الدول المشاركة في المجلس بسبب تضمنها عبارة دولة فلسطين، وأحجمت عن التعليق على 231 توصية تقدمت بها 73 دولة عضو ومراقب في المجلس، حيث ركزت هذه التوصيات على تحسين حقوق الإنسان للفلسطينيين، والارتقاء بمستوى تطبيق "إسرائيل" للاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جنيف الرابعة بخصوص حماية المدنيين تحت الاحتلال وتطبيقها على الفلسطينيين، والمصادقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية مناهضة التعذيب.

إن المفارقة الغريبة في عودة كيان الاحتلال "الإسرائيلي" لاجتماعات المجلس أنها تأتي في ظل استمرار انتهاجه سياسة الانتهاكات التي تحولت لسلوك يومي لهذا الكيان بحق الفلسطينيين وحقوقهم وأرضهم وممتلكاتهم ومقدساتهم، وفي المقدمة منها استفحال وانفلات الاستيطان بشكل غير مسبوق، وهو الذي، أي مجلس حقوق الإنسان، اتخذ قراراً في آذار العام 2012 للتحقيق في الاستيطان والطلب من "إسرائيل" بضرورة إخلائها، فأين أصبح قرار المجلس بعد مضي ما يزيد على السنة والنصف؟ وما الذي تحقق من القرار؟ ووفق أي آلية والتزامات عاد الكيان لحضور اجتماعات المجلس؟ وعلى ماذا بنت العديد من الدول ترحيبها بهذه العودة؟ وعلى ماذا استند السفير الفلسطيني إبراهيم خريشي في شكره الدبلوماسيين الذين فاوضوا "إسرائيل" وأفضت إلى عودتها، وبالتالي قوله إن "إسرائيل" لا تفهم إلاّ لغة الضغط؟ جملة من الأسئلة مطلوب الإجابة عليها من السفير الفلسطيني خريشي قبل مجلس حقوق الإنسان المطالب بدوره أيضاً الإجابة عليها، في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من انتهاكات وممارسات ترتقي إلى مستوى ارتكاب جرائم حرب بحق البشر والحجر والشجر وكل ما تقع عليه يد كيان الاحتلال، وليس آخرها ما وجهه نتنياهو إلى ضرورة الشروع ببناء جدار عازل في منطقة الأغوار الفلسطينية، والذي تزامن مع المصادقة على بناء 1500 وحدة استيطانية في حي شلومو في القدس الشرقية.

إن بقاء المحتل "الإسرائيلي" متفلتاً من القدرة على مساءلته ثم إخضاعه للمحاسبة وفرض العقوبات عليه بموجب القوانين والمحاكم الدولية، من شأنه أن يشكل تشجيعاً له في الإبقاء على انتهاكاته بمتعلقات عناوين القضية الفلسطينية، وهو الذي يسعى جاهداً لفرض وقائعه على هذه العناوين وبقوة إن عبر المفاوضات العقيمة الجارية راهناً، والتي أكدت وبعد مرور حوالي ثلث المدة الزمنية المقررة لها على عبثيتها، وتصب في صالح أجندات كل من الكيان والإدارة الأميركية التي يحضر وزير خارجيتها إلى المنطقة من جديد في محاولة لإنقاذها من الانهيار بسبب استمرار الممارسات والانتهاكات "الإسرائيلية"، أو عبر الترجمات الميدانية في فرض نفسه على هذه العناوين، ولعل تصريح نتنياهو لخير شاهد على التوجهات "الإسرائيلية" عندما أكد "أن على الفلسطينيين أن يتخلوا عن مطالبهم"، إن موافقة السلطة على مقايضة الأسرى الفلسطينيين ما قبل أوسلو، مقابل التزام السلطة بعدم التوجه إلى المحاكم الدولية لمقاضاة كيان الاحتلال "الإسرائيلي" على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، إن لم يكن أيضاً مقابل الاستيطان حسب الرواية "الإسرائيلية" من جانب، وصمت السلطة من جانب آخر، هو من شجع هذا الكيان على التمادي في انتهاكاته وممارساته وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة والتاريخية المشروعة فوق أرضه فلسطين.