بينيت.. وعشم إبليس فى الجنة
تاريخ النشر : 2021-06-15 12:20

من حق كثير من العرب والفلسطينيين، أن يفرحوا لخروج بنيامين نتنياهو من مسرح السياسة الإسرائيلية، بعد أن قضى فيها وقتا هو الأطول بين رؤساء وزراء إسرائيل، لكن عليهم ألا يستمروا فى الفرح كثيرا، لأن خلفه نفتالى بنيت، لا يقل عنه عنصرية وكرها للعرب بل ربما يفوقه بمراحل، وقد يكون أسوأ منه بمراحل.

عصر الأحد الماضى، صوت البرلمان الإسرائيلى «الكنيست» على منح الثقة لحكومة نفتالى بينت ويائير لابيد، بغالبية صوت واحد، هو ٦٠ مقابل ٥٩ صوتا.

والشىء الوحيد الذى يجمع عليه غالبية المراقبين للسياسة الإسرائيلية، هو أنها ستكون «حكومة الشلل العام»، وستحاول إظهار قوتها فقط بمزيد من الاستيطان فى الضفة والقدس.

وبما أن الديمقراطية والحريات وتداول السلطة أمر نادر فى غالبية البلدان العربية، فقد صرنا نراهن على الديمقراطية الإسرائيلية حينا، وعلى الديمقراطية الأمريكية أحيانا، «لعل وعسى يرق قلب هؤلاء أو أولئك، ويتفضلوا ويعطفوا علينا، ويعيدوا لنا أرضنا العربية المحتلة وحقوقنا المسلوبة».

من الطبيعى أن هناك فروقا بين الأحزاب والسياسيين المتنافسين فى إسرائيل وأمريكا، فى مجمل السياسات خصوصا الاقتصادية والاجتماعية، لكن هذه الفروق تصبح ضئيلة جدا جدا حينما يتعلق الأمر بحقوق الفلسطينيين أو العرب عموما.

الإدارات الأمريكية تختلف على كل شىء، لكنها تتفق فقط على تأييد إسرائيل بالحق وبالباطل، وتجاهر دائما أنها ملتزمة بضمان استمرار دعم إسرائيل بصورة شاملة خصوصا تفوقها العسكرى على العرب مجتمعين.

الرهان العربى على الانتخابات الأمريكية والإسرائيلية يكاد يكون مرضا مزمنا منذ عقود طويلة، ليس فقط بين الحكومات والأنظمة، ولكن بين عدد كبير من المواطنين العرب، الذين يعتقدون أن خروج شخص ما من الحكم مثل ترامب أو نتنياهو، يعنى حتما انتهاء الأزمة تماما.

توالى على حكم إسرائيل عشرات رؤساء الوزراء، سواء كانوا من حزب العمل الذى كان بعضنا يصنفه معتدلا من ديفيد بن جوريون إلى جولدا مائير، ثم إسحاق رابين وشيمون بيريز إلى إيهود باراك، ومن اليمين مناحم بيجن واسحق شارون واسحاق شامير وأخيرا بنيامين نتنياهو.

والشىء الواضح والمؤكد هو كراهية كل هؤلاء للعرب، وقمعهم المستمر للفلسطينيين وتوسعهم فى الاستيطان، وغاراتهم وعدوانهم المستمر على قطاع غزة والجنوب اللبنانى وكل سوريا.

والسؤال: ما هو الجديد الذى يدفع بعضنا للاعتقاد بأن حكومة الرأسين «نفتالى بينت ويائير لابيد»، ستكون مختلفة عما سبقها من حكومات إسرائيلية منذ حدوث النكبة وزرع إسرائيل فى المنطقة غصبا فى ١٥ مايو ١٩٤٨؟!

الإجابة المنطقية هى لا شىء، ونذكر هؤلاء بأنهم راهنوا على حكومة رابين عقب توقيع اتفاقيات أوسلو عام ١٩٩٣، ودخول السلطة الفلسطينية إلى رام الله، لكن الإسرائيليين قتلوه عام ١٩٩٥، لأنهم اعتقدوا أنه قد يعطى الفلسطينيين بعض حقوقهم، ونسى هؤلاء أن أوسلو كانت مصممة أساسا من رابين وبيريز، بحيث تؤدى إلى ما أدت إليه الآن بالفعل، وهو استمرار الاحتلال وعدم قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.

أن نقع فى خطأ الرهان على الأحزاب الإسرائيلية وقادتها مرة أو مرتين، أمر مفهوم، لكن أن يستمر هذا الرهان الخاسر لعقود، فهو أمر محير ويدعو للدهشة والأسى.

كان يمكن فهم رهان البعض على اسحاق رابين، خصوصا قبل قتله، لكن خديعة أوسلو فضحت كل شىء. وحتى الذين راهنوا على بيريز باعتباره «كبير المعتدلين الصهاينة»، فإن «حمامة السلام» بيريز سعى بكل جهده لكى يقنعهم بخطأ حساباتهم، فارتكب «مذبحة قانا» عقب عدوان عام 1996 على لبنان!

ثم عاد نفس «الحالمين العرب»، ليراهنوا على إيهود باراك باعتباره الرجل الذى سيعيد الجولان للسوريين، والضفة والقدس للفلسطينيين، لكن ما فعله أنه واصل سياسة المماطلة والتمترس خلف الثوابت الصهيونية، وأهمها أنه لن يتم إعادة متر واحد إلا إذا شعرت إسرائيل، بأنها ستدفع ثمنا فادحا، يفوق الفوائد التى ستحصل عليها، إذا استمر الاحتلال، كما حدث مع مصر، حينما اضطرت إسرائيل للانسحاب من سيناء عام ١٩٨٢، ولم يكن ذلك ليتم لولا حرب أكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣.

الدرس هو: «ما لم تكن قويا فلن يحترمك أحد أو يعيد إليك حقوقك»، وبالتالى فمن يراهن على بينيت أو غيره، فذلك ينطبق عليه مقولة «عشم إبليس فى الجنة»!!.

عن الشروق المصرية