"هيومن رايتس" تدين سياسة إسرائيل تهويد القدس.. ولكن؟ 
تاريخ النشر : 2021-05-01 11:28

لأول مرة تضع منظمة «هيومن رايتس ووتش»، العالم والمؤسسات والدول المعنية بالأمم المتحدة وحقوق الانسان، بما في ذلك العقل الصهيوني من خطط لتهويد القدس المحتلة، وكيف ان السلطات الإسرائيلية ترتكب الجرائم الممنهجة ضد الإنسانية، وهي جرائم دولة الاحتلال، المتمثلة في» الفصل العنصري» و«الاضطهاد»، وقبل ذلك، ادانت المنظمة الدولية في بيانها سياسة إسرائيل الشمولية التي استهدفت تعزيز ودعم وحماية هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين والانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

يأتي هذا الإفصاح المهم، ليضع الدول الكبرى، الولايات المتحدة الأميركية ومجلس الامن، وغيرها، أمام استحقاقات انسانية وقانونية وأمنية، في تاريخ من الصراعات والانتهاكات والعنجهية الأمنية الصهيونية، التي مورست ضد حقوق وحريات وحياة الشعب الفلسطيني الصامد على ارضه، المحافظ بالروح والدم على قدسية التراب الوطني الفلسطيني.

يدافع الشعب الفلسطيني، في هذه الأيام عن اقدس مقدسات واوقاف التراث البشري في القدس والحرم القدسي، وهي تلك الانتفاضة التي تدخل يومها الثامن، يسطر فيها شباب فلسطين وأهالي القدس، صورا من ادوارهم الوطنية في حماية المقدسات والأوقاف الإسلامية والمسيحية، وهي جوهرة الوصاية الهاشمية، التي هي من حقوق الأردن الثابتة، التي كفلتها مواثيق واتفاقيات دولية ومن مجلس الأمن والمنظمات الحقوقية الدولية، يتوجها الالتزام الملكي الهاشمي، بما يعنيه وجود هذا الحق للاسرة الهاشمية وجلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى، صاحب الوصاية الذي أعلن ذوده وشرف حمايته والهاشميون، ابا عن جد لكل المقدسات في القدس المحتلة.

التقرير، يحاول تحديد ما اسماه"الواقع الحالي»، متناسيا العلاقة الجدية والاساسية، وهي هنا «الوصاية الهاشمية» التي وجدت بهدف حماية القدس والأوقاف الإسلامية والمسيحية من التهويد والقمع الصهيوني، فيضع التقرير، استنادا الي تحليلات هيومن رايتس ووتش انه (إذ توجد سلطة واحدة – الحكومة الإسرائيلية – هي الجهة الرئيسية التي تحكم المنطقة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، حيث تسكن مجموعتان متساويتان في الحجم تقريبا. تمنح هذه السلطة بشكل ممنهج امتيازات لليهود الإسرائيليين بينما تقمع الفلسطينيين، ويمارَس هذا القمع بشكله الأشدّ في الأراضي المحتلة).

في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والاسرائيلي الفلسطيني، كان موضوع القدس، خطاً أحمر بدلالة وقوة الوصاية الهاشمية على الحرم القدسي، بكل ما فيه من أوقاف الديانات السماوية، بالذات المسيحية والإسلامية، وهذا اتركه للسيد«كينيث روث»، المدير التنفيذي ل» هيومن رايتس ووتش» والذي يرى في تقديمه للتقرير الأممي،: «حذّرتْ أصوات بارزة طوال سنوات من أن الفصل العنصري سيكون وشيكا إذا لم يتغير مسار الحكم الإسرائيلي للفلسطينيين. تُظهر هذه الدراسة التفصيلية أن السلطات الإسرائيلية أحدثت هذا الواقع وترتكب اليوم الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد».

وان ذلك، بكل ما يتصمنه من نتائج:» لا تُغيّر الوضع القانوني للأراضي المحتلة، المكونة من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وغزة، كما لا تغير واقع الاحتلال.

وجدت المنظمة من خلال تحليل الأحداث والأزمات والاحصائيات أن عناصر الجريمتين تجتمع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كجزء من سياسة حكومية إسرائيلية واحدة. تتمثل هذه السياسة في الإبقاء على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي المحتلة. تقترن في الأراضي المحتلة بقمع ممنهج وأعمال لاإنسانية ضد الفلسطينيين القاطنين هناك، وهذا ما يحصل في القدس وجوار بيت المقدس وعديد المدن في غزة ونابلس، والقرى المحيطة بالقدس، من حراك شعبي رافض التهويد والمساس بالوصاية الهاشمية لحماية القدس وأهلها من الصهاينة وقمع الشرطة والأمن الإسرائيلي، بهدف التهجير والترحيل، وهذا ما يحدث في قرية الشيخ جراح والاملاك التي تتعرض للتهويد في جوار القدس.

جهد علمي اكاديمي، سياسي مهم من هذه المنظمة، لكن هناك محاولة لتغييب حقائق اساسية في تاريخ ووضع القدس، وأعني بذلك مسألة مهمة كالوصاية الهاشمية التي ضمنت ان تكون القدس، صامدة إلى اليوم بقوة شعبها وسكانها والدعم والرعاية الهاشمية.

استندت المنظمة الأممية، على سنوات من التوثيق الحقوقي، ودراسة الحالات، ومراجعة وثائق التخطيط الحكومية،(حكومة الاحتلال الإسرائيلي) وتصريحات، ومصادر أخرى، قارنت هيومن رايتس ووتش السياسات والممارسات تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وإسرائيل بتلك المتعلقة باليهود الإسرائيليين الذين يعيشون في نفس المناطق، ما جعلها تعترف انها كمنظمة عاملة في القدس، راسلت هيومن رايتس ووتش الحكومة الإسرائيلية في يوليو/تموز 2020 طالبة منها عرض وجهة نظرها بشأن هذه القضايا، لكنها لم تتلق أي رد.

وخلصت في تقريرها الخطير إلى أنه:

في مختلف أنحاء إسرائيل والأراضي المحتلة، سعت السلطات الإسرائيلية إلى زيادة الأراضي المتاحة للبلدات اليهودية وتركيز معظم الفلسطينيين في مراكز سكانية مكتظة. تَبنّت السلطات سياسات للتخفيف مما وصفته علنا بأنه «تهديد» ديموغرافي من الفلسطينيين. في القدس، على سبيل المثال، تحدد خطة الحكومة للبلدية، بما يشمل الأجزاء الغربية وتلك المحتلة الشرقية من المدينة، هدف «الحفاظ على أغلبية يهودية متينة في المدينة»، بل وتحدد النسب الديمغرافية التي تأمل في الحفاظ عليها.

للإبقاء على الهيمنة، تميّز السلطات الإسرائيلية منهجيا ضد الفلسطينيين. التمييز المؤسسي الذي يواجهه الفلسطينيون في إسرائيل يشمل قوانين تسمح لمئات البلدات اليهودية الصغيرة فعليا باستبعاد الفلسطينيين، ووضع ميزانيات تخصص جزءا ضئيلا من الموارد للمدارس الفلسطينية مقارنة بتلك التي تخدم الأطفال اليهود الإسرائيليين. في الأراضي المحتلة، فإن شدة القمع ترقى إلى القمع الممنهج، وهو شرط ليتحقق الفصل العنصري. يشمل هذا القمع فرض حكم عسكري شديد القسوة على الفلسطينيين، مع منح الإسرائيليين اليهود الذين يعيشون بشكل منفصل في نفس المنطقة حقوقهم الكاملة بموجب القانون المدني الإسرائيلي، الذي يحترم الحقوق.

.. وفي التقرير أهوال ومؤشرات على العدوان الإسرائيلي اليومي على الشعب الاعزل، وفيه دلالات مرجعية أيضا مهمة تستحق ان يتم تدارسها، منها القيود المشددة على التنقل المتمثلة في إغلاق غزة ونظام التصاريح؛ ومصادرة أكثر من ثلث أراضي الضفة الغربية؛ والظروف القاسية في أجزاء من الضفة الغربية التي أدت إلى الترحيل القسري لآلاف الفلسطينيين من ديارهم؛ وحرمان مئات آلاف الفلسطينيين وأقاربهم من حق الإقامة؛ وتعليق الحقوق المدنية الأساسية لملايين الفلسطينيين.

.. والرفض شبه القاطع لمنح الفلسطينيين تصاريح بناء وهدم آلاف المنازل بحجة غياب التصاريح، لا تستند إلى أي مبرر أمني، أو اجتماعي.

المدير التنفيذي للمنظمة ركز على حقيقة اوردها التقرير، ان: «حرمان ملايين الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، دون مبرر أمني مشروع وفقط لكونهم فلسطينيين وليس يهوداً، ليس مجرد مسألة احتلال تعسفي. هذه السياسات التي تمنح اليهود الإسرائيليين نفس الحقوق والامتيازات أينما كانوا يعيشون، وتُميّز ضد الفلسطينيين بدرجات متفاوتة أينما كانوا يعيشون، تعكس سياسة تمنح امتيازا لشعب على حساب الآخر».

قد تغضب حكومة نتنياهو وهي تتلاشى من هذا التقرير، لكننا أمام مطالعة من منظمة لها ثقلها ومؤشراتها الدولية والسياسية الخاصة والمؤثرة في ذات الوقت..

عن الرأي الأردنية