مركز الزيتونة يصدر ورقة عمل تقارن بين المؤسسة المالية الفلسطينية والصندوق القومي اليهودي
تاريخ النشر : 2021-04-27 15:00

غزة: أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة عمل بعنوان: "المؤسسة المالية الفلسطينية والصندوق القومي اليهودي" وهي من إعداد الباحث الأستاذ صابر رمضان. وقد اعتمد منهجية التحليل المقارن مع تجربة نجاح واستمرار فعالية الصندوق القومي اليهودي إلى يومنا هذا.

وتسلط الورقة الضوء على أهم أدوات التحرر الوطني الفلسطيني، وهي المؤسسة المالية الفلسطينية المكونة من الصندوق القومي الفلسطيني ومؤسسة صامد. كما تبحث في أسباب ضعفها وفشلها كمنظومة في الارتقاء لمستوى تحقيق تطلعات التحرر الوطني.

ويرى الباحث أنه نتيجة لاتفاقية أوسلو وتطبيقاتها، فقد أسهم غياب البعد الثوري والأيديولوجي الموجّه للسياسات المالية، في استنزاف الموارد لصالح مشاريع استثمارية ومخصصات لا تتناسب مع الثقل والأدوار لكل مركبات المنظمة، والسياق التحرري العام.

كما لعبت طبيعة النظام الداخلي وتركيبته في إضعاف المؤسسة المالية الفلسطينية لتكون أداة عقاب وثواب. ما يطرح سؤالاً مركزياً حول سبب فشل المؤسسة المالية الفلسطينية وإجهاض دورها الحقيقي، في حين نجح الصندوق القومي اليهودي حتى كتابة هذه الورقة، وثبت أمام محاولات أجهزة "الدولة الإسرائيلية" في إضعافه وتذويبه في نطاق البنية الإدارية لـ"الدولة".

وتعتمد الورقة على عدة محاور هي؛ التعريف بالمؤسستين الفلسطينية واليهودية، ثم البحث في التركيبة والنظام الداخلي، والبعد الأيديولوجي والفكري، وسياسات قيادة السلطة في الهيمنة على كامل هيئات منظمة التحرير الفلسطينية خصوصاً الصندوق القومي الفلسطيني عبر "محور العلاقة مع أجهزة السلطة والدولة".

وتخلص الورقة إلى أن المؤسسة المالية الفلسطينية عانت من ضعف شديد وفشل في كافة المحاور، ولم تعد أكثر من مجرد أداة مالية سياسية بيد السلطة ضدّ مخالفيها، على النقيض من الصندوق القومي الصهيوني المحافظ على دوره واستقلاليته وأهدافه.

ونزعت الورقة لتقديم أفكار إصلاحية في الشأن المالي للمنظمة عبر الإصلاح الجزئي للصندوق قبل إصلاح المنظمة سياسياً، وتعزيز إشراك الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات مالياً وسياسياً بإحياء البعد الثوري والفكري، وإصلاح العلاقة بين السلطة والمنظمة. كما حاولت تبيان مواطن الضعف والفشل في أداء المؤسسة المالية الفلسطينية، ممثلة بـ"الصندوق القومي ومؤسسة صامد الاقتصادي"، نذكر منها:

1- خضعت المؤسسة المالية الفلسطينية إلى تحولات جذرية، كباقي مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، منذ توقيع اتفاقية أوسلو وحتى كتابة هذه الورقة.

2- غلبة نفوذ مؤسسات السلطة الفلسطينية على إدارة المؤسسة المالية والمنظمة. وأصبح الصندوق القومي يمارس مهامه وفق تعليمات سياسية، وشخصية، وحزبية تحتكرها القيادة. كما أصبح الصندوق بنداً من بنود وزارة المالية في السلطة الفلسطينية.

3- ساعدت البنية السياسية والحزبية (الفصائل الأكثر تأثيراً خارج المنظمة)، وتركيبة النظام الداخلي للمنظمة، والصندوق، على غياب رقابة حقيقية من المجلس الوطني الفلسطيني على أداء الصندوق القومي الفلسطيني. إذ لو كان هناك تركيبة سياسية قوية، وحزبية، وتمثيل داخل المنظمة لدفعت بهذا الاتجاه، وقلّصت من عملية الاستفراد.

4- ارتبط الصندوق القومي ومؤسسة صامد بدور محوري تشغيلي ونفقات جارية على مباني وأجهزة المنظمة، ولم يرتبط بشكل استراتيجي بمسألة الأرض، وتمثيل حقيقي للشتات الفلسطيني. فمؤسسة صامد كما أشار الباحث صقر أبو فخر، سنة 2017، لم تؤسس لبنية اقتصادية أو لدولة.

5- عدم ارتباط المؤسسة المالية وخصوصاً الصندوق القومي الفلسطيني بمشروع فكري وأيديولوجي ثوري وتحرري أبعد من حدود السلطة كنواة للدولة، ويضمن لكل فلسطيني خصوصاً في الشتات حقّ المشاركة في التحرير وإدارة السياسة، ويدعم باتجاه عمل الصندوق القومي ومؤسسة صامد كمنظومة واحدة، بهدف واحد وإن اختلفت المجالات والساحات، وتعزيز مكانة المقاومة الوطنية بكافة أشكالها.

6- انعكست حالة المجلس الوطني الفلسطيني وعدم انتظام جلساته على مكانة ودور المؤسسة المالية والصندوق القومي، خصوصاً على صعيد المساءلة والرقابة واتخاذ القرارات فيه. يضاف أنه نتيجة لذلك فشل الصندوق في الحفاظ على وضعه القانوني والتنظيمي في علاقته مع بقية أجهزة السلطة والمنظمة، خصوصاً في ظلّ تعدد المرجعيات.

7- تعمدت قيادة السلطة الفلسطينية عدم الفصل بين مؤسسات المنظمة والسلطة، في استهداف واضح لمحور الهيمنة والسيطرة، وتقليل الصعوبات التي يمكن أن تواجهها قيادة السلطة في التعاطي السياسي المحلي والدولي، مما أضر بالمناعة الوطنية في مقاومة الاحتلال الصهيوني.

8- بقيت موارد الصندوق والاستثمارات والممتلكات والعقارات المنتشرة في أنحاء العالم دون رؤية واضحة، ودون معلومات وبيانات يفصح عنها للمجلس الوطني أو أمام الشعب الفلسطيني.

وختم الأستاذ صابر رمضان بجملة توصيات تسهم في الخروج من الأزمة، فأوصى بإعادة الاعتبار للمؤسسة المالية الفلسطينية، والمسارعة إلى إصلاحها ولو جزئياً من خلال المشاركة الفصائلية والوطنية الشاملة (لمن هم داخل أو خارج نطاق المنظمة). ودعا لأن يتم الإفصاح عن مواردها الموجودة واستثماراتها ونطاق النفقات، وتحديث مواردها بإعادة ربط الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات بمختلف السبل بما فيها فرض ضريبة أو اشتراك رمزي، كما دعا إلى إصلاح العلاقة بين السلطة الفلسطينية والصندوق القومي الفلسطيني، بما ينهي حالة الاشتباك المالي بين السلطة وبقية الفصائل الفلسطينية. وأن يعاد إحياء البعد الفكري والثوري في المؤسسة المالية، باعتباره المحرك الضامن للسياسات المالية. وأوصى بوضع البيانات الرقمية والمالية تحت المجهر البحثي للتمكن من تفسير وفهم السياسات.