"جوقة كيري"..والسخرية من الشعب الفلسطيني!
تاريخ النشر : 2013-11-07 09:07

كتب حسن عصفور/ يتذكر الكثيرون كيف استقبلت "الجوقة الأميركية" داخل "بقايا الوطن" تعيين جون كيري وزيرا للخارجية الأميركية، استقبالا كاد يصل الى حد وكأنه "المهدي المنتظر"، عله ينقذها من فضيحتها الدائمة في الاصرار على أن لا يكون لها خيار في مواجة المشروع الأميركي سوى خيار التفاوض، الخيار الضامن لمصالح نمت وترعرت خلال سنوات ما بعد اغتيال الزعيم ياسر عرفات ضمن "حسابات وأجندات سياسية خاصة" ، واعتبرت تلك "الجوقة الأميركية" أن كيري سيكون "السيف الحاد" لمواجهة سياسة نتنياهو..وذهبت في "أكذوبتها" الى الحد الذي باتت تقتنع بها، وكأنها واقع وحقيقة وليس اختراعا منها لتمرير بعض ارتدادها عن قرار وطني موحد بأن لا تفاوض دون اسس واضحة محددة، لا تبتعد ولا تلحق الضرر بالانتصار التاريخي للشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة، بالاعتراف بدولة فلسطين وحدودها وعاصمتها القدس..

"الجوقة الأميركية" مارست كل أشكال التضليل والضلال كي تحاصر ذلك الانجاز بالايهام أن الادارة الأميركية الجديدة، بعد الفوز الثاني للرئيس اوباما وتعيين جون كيري وزيرا للخارجية ستتعامل برؤية جديدة للوصول الى "حل سياسي" ولكن من خلال المفاوضات، وتبدأ رحلة واشنطن بالعمل على ايقاف كل مظهر لتعزيز المكسب التاريخي لفلسطين في الأمم المتحدة، وأن تتناسى القيادة الرسمية للشعب الفلسطيني جوهر القرار وتنطلق من التفاوض من عناوين لا صلة لها بجوهر ما حددته الأمم المتحدة..وسارعت "الجوقة الأميركية" للبحث عن ما يمرر خديعتها ووجدت في معاناة أهل فلسطين الاقتصادية، ومعاناة الأسرى بوابة للإنصياع لما أمرت به "أمريكا الجديدة"..

ولكن الفضائح لا تستمر دوما في الكتمان، فوزير الخارجية كيري – المهدي المتظر – للجوقة الأميركية في بلادنا المنكوبة بهم، كشف المستور بفضيحة مدوية أجبرت اطرافها على الاعتراف ببعض الحقيقة بعد أن حاولت بكل السبل تغطية عورتها، الفضيحة التي كشفها كيري خلال اللقاء مع الوزاري العربي في باريس نهاية اكتوبر الماضي 2013، بأن الطرف الفلسطيني تفهم استمرار الاستيطان للحفاظ على ائتلاف نتنياهو، فيما وافق على تجميد كل النشاط الدولي الخاص بدولة فلسسطين مقابل اطلاق سراح 104 اسير على اربع دفعات قد لا تنتهي على خير.. وبعد مكابرة زائفة وبيانات مصابه بهلوسة تنكر وتتوعد، اضطر الرئيس عباس أن يعترف بالحقيقة - الفضيحة في بعض منها، وهي "اسرى مقابل تجميد المكسب التاريخي"..اعترف بذلك خلال اجتماع للجنة التنفيذية يوم 31 اكتوبر، وحاول تبرير ذلك بأن كل شي ممكن من أجل الأسرى..

ولكن لماذا لم تقال الحقيقة هذه يوم أن تم الرضوخ للرغبة الأميركية بالعودة، وكان الكلام عن مهلة زمنية كي لا يقال أن الطرف الفلسطيني معرقل للعملية السياسية وأن هناك "مخاوف" قد يواجهها الشعب، لم نسمع من أي مسؤول بأن الصفقة هي "اسرى مقابل تجميد للمكسب التاريخي" والتفاوض على قضايا تلحق الضرر بجوهر القرار بل تلغيه عمليا..ولأن الفضيحة تجاوزت الحد المقبول توعدت "الفرقة التفاوضية" بأن يوم السادس من نوفمبر ( تشرين الثاني) حيث يصل كيري الى بيت لحم سيكون "يوما فاصلا"..الرئيس عباس طلب من الفصائل واعضاء اللجنة التنفيذية أن يمنحوه الوقت فقط الى يوم 6 نوفمبر، وبعدها سيروا ما سيكون، ردا على طلبهم الانسحاب الفوري من الفضيحة التي تتوالى فصولها بالحاق اخطر ضرر للقضية الفلسطينية من خلال المشروع الاستيطاني والمترافق مع مشروع تقسيم الحرم القدسي..

وجاء كيري والتقى الرئيس عباس لتكون النتيجة مهزلة لا بعدها مهزلة، تمثل أحد اشكال السخرية النادرة من الشعب الفلسطيني وقواه الحيه، تحدث الأميركي لوحده دون "شريك كلامي فلسطيني" كما كان يحدث سابقا – خوفا من فضيحة الاعلام الذي لن يصمت على المصيبة الدائرة – وجاهد أن يبرر بان الرئيس عباس لم يوافق على استمرار الاستيطان وهو ضده، عباره كانت تريد "تبرئة الرئيس من تهمة كيري ذاته" خلال اللقاء العربي، وردا على نتنياهو ايضا بقوله أن الرئيس عباس وفريقه يعلم أن اسرائيل لن توقف الاستيطان وعادوا للتفاوض ضمن معرفتهم هذه..والفضيحة الأكبر التي أظهرها كيري عندما تحدث بأن "الاستيطان غير شرعي" ولكنه لم يجرؤ أن يطالب اسرائيل بتجميده بل كل ما طالب به كيري هو " إنه سيكون من الأفضل لو تم "تقييد" بناء المستوطنات "بأكبر قدر ممكن للمساعدة في توفير مناخ يتسنى فيه المضي في هذه المحادثات بفاعلية"..تخيلوا التعبير "تقييد البناء الاستيطاني"، هذا ما يطالبه كيري من أجل بقاء "ورقة التوت لاستمرار التفاوض"..

ولأن كيري يدرك جيدا أن "الجوقة الأميركية" في "بقايا الوطن" الفلسطيني   تحتاج ما يغطي فضيحتها السياسية لجأ الى "الاسلوب البيريزي – نسبة لشمعون بيريز الاسرائيلي- في تقديم "الهدايا الوهمية باسم المشاريع الاقتصادية والرخاء الذي ينتظر شعب فلسطين"..مهزلة لا بعدها مهزلة سمحت بها "الجوقة الأميركية التفاوضية" من أجل حماية ما لها من مصالح وعلاقات..

زيارة كيري انتجت استمرارا بالفضيحة التفاوضية واستمرارا بالسماح لتمرير المشروع الاستيطاني والتهويدي الأخطر..

مر يوم السادس من نوفمبر ولم يف الرئيس عباس بوعده للجنة التنفيذية..بالمناسبة ليت امانة سر اللجنة التنفيذية تنشر تعهد الرئيس عباس للفصائل واعضاء التنفيذية بأن يمنحوه الفرصة حتى يوم 6 / 11 وبعده يحاسبوه..هل يمكن لمن وافق البدء بعملية المحاسبة لعدم الوفاء بالوعد والعهد..ويبقى السؤال: هل تستطيع "الفرقة التفاوضية" ان تكسر القرار الأميركي وتنسحب من المهزلة المسماة مفاوضات..أم أن هناك "تبريرات جديدة" ستقولها كي تستمر ولا عزاء لقوى وشعب وقضية!

ملاحظة: لا يجوز ان تصمت اللجنة الرسمية للتحقيق في اغتيال الزعيم أكثر بعد ما قالته سهى عرفات منسوبا للتقرير..الشعب الفلسطيني ينتظر موقفا رسميا وليس صمتا رسميا يسمح بكل شيء..بما فيه المتاجرة باغتيال الزعيم من "قناة" كانت منبرا لتشويه الزعيم!

تنويه خاص: مبروك للجوقة التفاوضية الفلسطينية" براءة ليبرمان من تهم الفساد..انتظروه وزيرا لخارجية من تفاوضون..هل تعتقدوا أنه سيكون سندا لكم.. يبدو أن البعض لايملك حاسة "الخجل"!