فياض: الانتخابات ليس باباً لانهاء الانقسام.. وقائمتي لمن لا "بيت سياسي" له!
تاريخ النشر : 2021-03-09 11:06

رام الله: قال د.سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، إن القدس يجب أن تكون مركز الاهتمام في الانتخابات العامة المقبلة، مشدداً على أنه إذا توفرت الإرادة الوطنية، التي نستطيع أن نجريها في كافة أنحاء الوطن، بما فيه المدينة المقدسة

وأضاف فياض في مقابلة أجرتها صحيفة "القدس"، أنّ العملية الديمقراطية يجب أن تسير قُدُماً بعد تعطيل الانتخابات لما يزيد عن 14 عاماً، مؤكدًا على أن التكتل الذي يسعى لتشكيله سيتكون حصراً من شخصيات مستقلة؛ أي مَن ليس لهم بيت سياسي يخوض الانتخابات من خلاله.

وأوضح، في رد حول الرباعية الدولية، والتي تتمحور في جوهرها حول ضرورة التزام الفائزين في الانتخابات، إن لم يكن حتى المرشحين، باتفاقيات أوسلو، أنها غير منطقية ويجب عدم الالتفات لها، ورفضها وعدم السماح لاسرائيل بعرقلة الانتخابات. وشدد من جهة أخرى على أهمية ألا يكون هناك أي تعويل على إدارة الرئيس الأمريكي الجديد بجهة تصويب مسار العملية السياسية؛ لأن هذا المسار كان قد وصل إلى طريق مسدود قبل تولي ترامب للرئاسة وبما مكّن الأخير من محاولة للإجهاز التام على قضيتنا، ولذلك لابد من العودة إلى البدايات. واعتبر فياض أن منظمة التحرير الفلسطينية هي المظلة السياسية الجامعة للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وأنه لابد لذلك من إصلاحها وتطويرها لتكون، فعلاً وليس قولاً فقط، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفسطيني من خلال انضواء جميع القوى السياسية تحت لوائها، بما فيها القوى المعارضة لبرنامج المنظمة.

وعبّر، عن أمله في أن تُفضي الانتخابات المقبلة إلى نتيجة توجب الشراكة التامة على الجميع بما يعني حكومة وحدة وطنية تضم الجميع، وليس حكومة أغلبية. مؤكدًا في هذا السياق بأن القائمة التي يعمل على تشكيلها ليست امتداداً لأي حزب أو فصيل أو فريق وأن ما ستؤول إليه من كتلة برلمانية لن تكون جزءاً من أي ائتلاف يهدف لتشكيل حكومة أغلبية.

تفاصيل الحوار:

س: لماذا الانتخابات اليوم بعد مضي سنوات على استحقاقها بهذه السرعة؟

ج: لم أعتقد يوماً أن المدخل الصحيح لإعادة الوحدة للوطن ومؤسسات الشعب الفسطيني هو الانتخابات، بل البدء بإجراءات عملية في ذلك الاتجاه بما يمهد للانتخابات لاحقاً. قيل في البداية أن اتفاق فتح وحماس بشأن الانتخابات كان يهدف لتحقيق الوحدة، لا أحد يختلف على أهمية ذلك. بل وأكثر. فوحدة النظام السياسي الفسطيني مرتكز أساسي للانطلاق في اتجاه معالجة الأزمة الوطنية بكافة مكوناتها من سياسية وإدارية. ولكن كيف يتسنى إجراء انتخابات في ظل الانقسام والأبواب موصدة في وجه المشاركة في النشاط السياسي، والحريات، بما يشمل حرية التعبير، مقيدة لدرجة خانقة.

وبكل احترام لاجتهاد الآخرين في هذا المجال، لا أرى كيف يمكن للانتخابات بحد ذاتها أن تقود إلى وضع مغاير للوضع القائم بما يعني من الناحية الفعلية استمرار الانقسام. ولكن، أما وقد حصل ما حصل، ينبغي التعامل معه من نفس منظور الحاجة الملحة لتحقيق الوحدة من خلال الأمل بأن تُفضي الانتخابات إلى نتيجة تمكّن من فرض الشراكة العاملة على الجميع في إطار حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها الأساسية إنجاز مهمة التوحيد هذه. يتحدث البعض عن هذا الأمر وكأنه مسألة قرار ليس إلا. القرار أساسي، ولكن التفاصيل مهمة، بعد 14 عاماً من الانقسام.

هنالك الكثير مما يتعين عمله لتوحيد المؤسسات والقوانين والأنظمة، يتطلب ذلك إرادة سياسية وحزماً ومثابرة. هذا جهد شائك وشاق لا يمكن إنجازه بنجاح في غياب توافق سياسي وطني على أعلى مستوى، وبما يشمل حماية وحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني من خلال انضمام جميع القوى السياسية لها، بما ذلك القوى المعارضة لبرنامج المنظمة. تعددية الرؤى السياسية في إطار المنظمة الجامع فيه حماية لقضيتنا، والأساس يكمن في إيجاد آليات كفيلة بإدارة هذه التعددية بفعالية.

س: أشرت إلى ما أسميته "العودة إلى البدايات"، والتعددية السياسية في إطار منظمة التحرير، وإلى إدارة هذه التعددية بفعالية، تبدو هذه مفاهيم مترابطة، هل لك أن توضح؟

ج: بالضبط، هي كذلك. ولكي أكون في منتهى الوضوح والتحديد، ما أقصده في " العودة إلى البدايات" هو العودة إلى ما قبل التحول في موقف منظمة التحرير الذي تضمنته مبادرة السلام الفلسطينية للعام 1988، وليس فقط إلى ما قبل اتفاقيات أوسلو. في رأيي مثل هذه العودة أصبحت ضرورة وطنية لا يمكن السماح بالاستمرار في تجاهلها. الرهان على أن تحول عام 1988 سيُفضي إلى دولة مستقلة كاملة السيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 فشل تماماً، والأمل في الوصول إلى مثل هذه الدولة بعد ما يزيد عن عشرين عاماً من انقضاء الإطار الزمني لاتفاقيات أوسلو تبدد نهائياً.

والسؤال: لماذا بعد كل هذا وفي ضوئه يستمر الإصرار على تبنّي كافة مكونات النظام السياسي الفلسطيني لبرنامج المنظمة الحالي كشرط للدخول في إطار المنظمة؟ هذا غير منطقي، خاصةً وأن الكثيرين ممن هم في إطار المنظمة أصلاً لم يعودوا مؤمنين بجدوى هذا البرنامج. الأمر الذي يتجاوز في تقديري مجافاة المنطق. مثل هذا الإصرار كفيل باستمرار التأسيس لانقسام سياسي دائم في النظام السياسي الفلسطيني، لا بل إلى تشرذم وتشظّي كما هو الحال الآن. وعليه، لابد من الإقلاع بشكل فوري عن مثل هذه الاشتراطات. وكذلك أنصح بعدم محاولة الالتفاف على الاختلاف في وجهات النظر بشأن برنامج المنظمة من خلال اللجوء إلى صياغات مبهمة أو حمّالة أوجه. لم يعد هنالك مجال لمثل هذه الفهلوة اللفظية وتدوير الزوايا.

آن الأوان لمواجهة العالم بالحقيقة التي تجمعنا كفلسطينيين والمتمثلة في قناعتنا الجمعية بحقنا الكامل في أرض الآباء والأجداد، فلسطين التاريخية برمتها. هذا يؤسس لعلاقات دولية قائمة على أساس الاحترام لاستناده للتمسك بحقوقنا الوطنية. الأمر الذي بدوره لن يتحقق إلا إذا تم التعامل مع مسألة التمثيل الفلسطيني بشكل حاسم، ومن منطلق انبثاق شرعيته من تمثيله الفعلي لضمير الشعب الفلسطيني معبراً عنه بالرؤى السياسية المتبناة من قبل كافة مكوناته. ولذلك ما أدعو إليه تحديداً هو برنامج واحد برؤى متعددة في آن واحد. هنالك من يقول لا نستطيع الإقلاع قبل أن نصل إلى رؤيا واحدة. أرجو التمعن في ذلك من زاويتين على الأقل. الأولى: هل هنالك حاجة لأن نحسم الخلاف اليوم بين من يرتضي دولة على حدود عام 1967 فقط ومن يعارض ذلك؟ هل هنالك أي أمل بالوصول إلى دولة كهذه وبالمواصفات المقبولة فلسطينياً على المدى المنظور في ضوء ما آلت إليه قضيتنا من تهميش؟ لا أرى ذلك مطلقاً، كما لا أرى أنه يلوح في الأفق حل يقوم على مفهوم يستند إلى تمكين الفلسطينيين من ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم على أرض فلسطين التاريخية برمتها. إذاً، لماذا الاختلاف الآن ولا حل يلوح في الأفق؟ لماذا الاختلاف على جلد الدب قبل صيده؟ لماذا الاستمرار في هذا الضياع؟

وأما الزاوية الثانية لإعادة النظر في مقولة "علينا أن نقرر الآن بشأن رؤيا واحدة" فتكمُن في طرح السؤال المشروع بشأن حتى مجرد التفكير في إمكانية تحقيق أي تقدم في اتجاه الخلاص الوطني في ظل استمرار الانقسام وضعف شرعية التمثيل.

وأما بشأن إدارة التعددية بفعالية ومسؤولية، فهنالك الكثير مما يمكن قوله. وللتدليل فقط، يمكن أن يتم النظر في اعتماد صيغة تشترط اعتراف اسرائيل المسبق بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة والحق في تقرير المصير قبل الشروع في أي عملية سياسية مستقبلية برعاية دولية. للمترددين بشأن هكذا طرح لابد من التساؤل: ما هو احتمال أن تقبل أي حكومة اسرائيلية بمثل هذا الاشتراط، والذي أعتبره منطقياً ومبرراً وقابلاً للدفاع عنه على الساحة الوطنية.مثل هذا الطرح يمكّننا من تفادي مقاطعتنا على الساحة الدولية، لا بل يشكل أساساً صالحاً وقوياً لحشد تأييد كل القوى المحبة للعدل والسلام والمساواة في شتى أنحاء المعمورة. ومن جهة أخرى، فإن اعتماد استراتيجية على النحو الذي أتحدث عنه سيوفر لنا الفرصة للتعامل موحدين مع المتطلب الحيوي المتصل بتوفير كل أسباب ومقومات البقاء على أرض فلسطين باقتدار وعدالة، بما يشمل على وجه الخصوص المعالجة الفورية لكل قضايا أهلنا في قطاع غزة من تبعات حالة الانقسام والحصار، وكذلك كل ما من شأنه تعزيز الوجود الفلسطيني في القدس والأغوار وكافة المناطق المهددة بالمصادرة والضم. إذ بدون الالتفات لكل ذلك والانخراط فيه بكل جدية وبشتى الوسائل لا يمكن لنا الانتصار في معركة الخلاص الوطني. ومن هذا المنطلق فإنني أرى أنه يجب الإقلاع بشكل نهائي عن الاستمرار في حشر الناس في زاوية المفاضلة بين الجوع والركوع. هذا خيار زائف ولا ينبغي الاستمرار في الاتكاء على شعارات فارغة وتدميرية من هذا النوع.

س: هناك عراقيل كثيرة تواجه الانتخابات منها الدعوة لتفعيل اللجنة الرباعية الدولية وشروطها المتصلة بضرورة التزام الفلسطينيين باتفاقيات أوسلو. هل أن يمكن أن تقبل حماس بذلك؟ الجهاد رفضت لأنها لا تريد أن تنخرط تحت سقف أوسلو (تقبل بدولة على حدود 67 دون الاعتراف باسرائيل)، وكل هذا عقبة أمام المحادثات المزمعة في القاهرة. وكذلك موضوع إمكانية إجراء الانتخابات في القدس من عدمها. ما رأيك في كل هذا؟

ج: هذه عقبات فقط إذا استسلمنا وسلّمنا بها كقدر. هي ليست كذلك إلا بالقدر الذي نسمح لها أن تكون كذلك. أولاً، بالنسبة لشروط الرباعية، يجب رفضها من قبل الكل الفلسطيني، وليس من قبل حماس والجهاد. وعندما أقول رفضها، أعني بذلك بشكلٍ مطلق، دون محاولة الالتفاف عليها بصياغات حمّالة أوجه، لم يحصل أبداً أن تم توقع مقابل هذا الالتزام في الجانب الاسرائيلي من أي حكومة اسرائيلية. وليس هنالك في اسرائيل حكومة مستعدة للقبول غير القابل للتأويل بحق الفلسطينيين بالسيادة الكاملة ولا حتى على شبر واحد من أرض فلسطين. هذه لغة يفهمها العالم وسيضطر للتعايش معها إن وقفنا موحدين بشكل تام ضد محاولة فرض هذه الشروط المجحفة علينا. هذا هو المطلوب. وكذلك الأمر بالنسبة لإجراء الانتخابات في القدس. هذا أمر تم في عام 1996 وكذلك في الأعوام 2005 و 2006 بما في ذلك أسس لما يمكن بسهولة اعتباره تقليداً.

مرة أخرى علينا أن نتعامل مع هذا الموضوع بكل جدية وإصرار. إذا كانت الإدارة الأمريكية جادة على الإطلاق بشأن ادعائها أنها ملتزمة بإصلاح ما أفسده ترامب، فلتبدأ بالقدس. وينبغي أن يكون هذا أول امتحان لمدى صدقها وجديتها. الأمر في نهاية المطاف يتعلق بإرادتنا الوطنية.

ومن هذا المنطلق، دعني أقول بصراحة شديدة أن جوهر الموضوع يكمن في الالتزام التام من جانبنا بإجراء الانتخابات في موعدها وعلى نحوٍ يرقى لأعلى معايير إدارة الانتخابات المتعارف عليها دولياً. إذا كان الأمر كذلك، وبما لا يدع أي مجال للشك لدى أيٍ كان بشأن الجدية الفلسطينية إزاء إجراء الانتخابات، عندها، وعندها فقط، لا أرى كيف يمكن لأيّ كان أن يحاول منعنا من ممارسة هذا الحق والواجب في القدس وتجاهها. وإن حصل بالرغم من كل ذلك أن أصرت حكومة الاحتلال على الرفض، نقول بثقة: لا انتخابات دون القدس. وفي ذلك قوة. لماذا؟ لأنه موقف نابع عن قناعة وطنية وليس كما يمكن بخلافه أن يُنظر إليه كذريعة لتفادي الاستحقاق الانتخابي.

س: هل تنوي الترشح للانتخابات؟ وهل تنوي القيام بذلك من خلال حراك "وعد" الذي أُعلن عنه مؤخراً؟

ج: بالنسبة للشق الأول من السؤال، نعم أنوي الترشح. وذلك من خلال قائمة من الشخصيات المستقلة سياسياً من مختلف محافظات الوطن ومن مختلف مكونات وفئات المجتمع وبحضورٍ بارز لوجوه جديدة في القائمة. أرى في مثل هذه القائمة جسر عبور لقيادات جديدة للبدء بالانخراط الفوري في صنع القرار وليس من خلال الاستمرار في إطلاق الوعود لهذه القيادات بدور مستقبلي لها في القيادة. أعرف جيداً بلدي وأهلها، وكلي ثقة بأن التشكيل على أسسٍ موضوعية سيُفضي تلقائياً إلى الحضور العادل لجميع فئات ومكونات مجتمعنا، ومن وجوه جديدة رجالاً ونساءً. وسنعمل على ضمان تحقيق ذلك ليس فقط من حيث الترشح وإنما بجهة إمكانية الفوز.

وأما بالنسبة لحراك "وعد"، فهو أمر آخر، وحسب فهمي لدوره فإنه مجموعة ضغط تم التداعي لتشكيلها ليس على خلفية الانتخابات ودون تصور مسبق بشأن كيفية المشاركة فيها عندما تحصل. ما ينادي به حراك "وعد" بجهة حقوق المواطنة وضرورة صونها أؤيده تماماً، وكذلك تصور الحراك للإطار السياسي العام الذي ينبغي العمل على بنائه كحاضنة لصون الحقوق والنهوض لواقع شعبنا. ولذلك، هذه مناسبة لي للتعبير عن تقديري العميق للجهد الذي بذل لإخراج هذا الحراك إلى حيّز الوجود وللقائمين عليه، وكذلك لكل المبادرين من أبناء وبنات شعبنا في اتجاه إطلاق مبادرات تهدف إلى النهوض بالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في بلدنا.

س: ما حقيقة ما تم التداول به مؤخراً عن مشاركتك في تكتل انتخابي بمبادرة إماراتية؟

ج: هذا غير وارد ولا أساس له مطلقاً. كما ذكرت، ما أعمل عليه هو تشكيل قائمة من شخصيات مستقلة. ولكي أكون في منتهى الوضوح، الاستقلالية التي أتحدث عنها لا تعني فقط أنه ليس هناك انتماء حزبي لهذه الشخصيات، وإنما، وما هو أهم، أن كتلتنا البرلمانية لن تكون امتداداً لأي تنظيم أو فصيل أو فريق. ومن هذا المنطلق، أؤكد أننا سنخوض هذه الانتخابات بشفافية وشرف ومن منطلق تنافسي. لن ننسق مع أي قوائم أخرى قبل الانتخابات، ولن نكون جزءاً من أي ائتلاف أغلبية بعدها. وهذا ينسجم تماماً مع الموقف الذي عبرت عنه في هذا الحديث وفي الكثير من المناسبات سابقاً. فالمطلوب لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة هو حكومة وحدة وطنية تضمن الشراكة التامة في صنع القرار من قبل كافة مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وليس حكومة أغلبية. هذا موقف مبدئي وقطعي، ولن نحيد عنه تحت أي ظرف كان؛ لأنه ينطلق من القناعة الراسخة التي سبق وعبرت عنها بشأن ضرورة تحقيق الشراكة التامة، دون تفرد أو محاصصة، والتي تمثل مرتكزاً أساسياً في برنامجنا الانتخابي المتعلق بمعالجة الأزمة الوطنية.

س: ما رأيك بالاعتراضات التي أُثيرت بشأن القيود على الترشح؟       

ج: هذه اعتراضات محقة وأضم صوتي للداعين لإزالتها. ولوضع الأمور في نصابها، أود نقاش هذا الموضوع على عجل من منظور وجوب حماية الصالح العام دون إفراط في التقييد. بوجهٍ عام تأتي التشريعات بأشكالها المتعددة لتنظم منح امتيازات أو تقيّد حريات أو خيارات من منطلق الحرص على الصالح العام. ولكن، عندما يكون هناك إفراط في الاشتراط أو التقييد، تثور تساؤلات مبررة حول مبررات التقييد. من هذا المنظور، إذا أخذنا، على سبيل المثال، ضرورة الاستقالة وحتى، وما هو مهين، قبولها من أولياء الأمر كشرط للترشح، لا أرى كيف يمكن ألا ينظر إلى الأمر إلا على أنه أداة للتحكم بعملية الترشح وليس لحماية الصالح العام. إذ لا أرى أي مبرر مقنع لهذا فيما يتجاوز تقييد ترشح قادة الأجهزة الأمنية، وذلك لضرورة منع تسييس المؤسسة الأمنية. أي تجاوز لذلك يضعف الثقة بمصداقية العملية الانتخابية لدرجة قد تدفع مؤسسات رقابة دولية مرموقة إلى الإحجام عن المشاركة في رقابة الانتخابات.

س: هل لك كلمة أخيرة؟

ج: نعم، كلمة شكر وتقدير لكم على هذه الفرصة للحديث معكم ومن خلالكم مع أبناء وبنات شعبنا. بِروحِ ما أنا واثق أنهم يشعرون به من أملٍ في الانتصار في معركة الخلاص الوطني. معركة إطلاق الحرية الكامنة في كل منا.