تخاطيف انتخابية 2
تاريخ النشر : 2021-03-08 23:10

من مفارقات الزمن أن يتنادى من يصفون أنفسهم بحماة الوطن والوطنية إلى إحلال الشقاق والنزاع والفرقة والتي تؤدي حتماً إلى الفشل والهزيمة والخزي والعار وضياع البلاد والعباد وإن كانوا على حق أحياناً في بعض الرؤى، فهذا لا يمثل ذريعة ليمتطوا قطار الشقاق بدلاً من قطار الوحدة والتجمع والتي هي مناط النصر والتمكين، وبحسب السنن الكونية، فكل انفلاق يخرج عنه بالضرورة انبثاق، ولو أسقطنا هذه السُنَّة الكونية على واقع الانفلاقات والانبثاقات التي صحبت الفصائل الفلسطينية، وخاصة حركة فتح بوصفها الحركة الأم لانطلاق الثورة الفلسطينية الحديثة، لوجدنا أن كل من انشق او تجنح أو ارتمى في أحضان بعض الأنظمة، بسوق كافة المبررات والحجج.

 كان مصيره الاندثار وكأنه لم يكن له وجود من قبل، إلا أن من يتعظ ويعتبر من الأحداث قلة، فما أن تُتاح أي فرصة لهؤلاء الذين وصفهم التاريخ بالمارقين، نجدهم يتبارون في إحداث انشقاقات ونزاعات، ويتجاهلون قصداً وعمداً أن هذه السياسات تتماهى مع ما يطمح إليه الاحتلال بشكل أو بأخر ، لأن التاريخ قضى أن قوى العدوان والاحتلال تقوم على إشعال نار الاختلاف ليتسنى لها التفرد بكل فريق على حدا، ولا أدل على ذلك المشهد الراهن للواقع العربي والفلسطيني خاصة، وعود على بدء ماذا يريدون دعاة الانشقاق، فالمتتبع لتصريحاتهم او بعض مناصريهم لا يجد في كل ما يقولون سوى بعض المفردات لذر الرماد في العيون فحواها تغير الواقع الفلسطيني وانهاء حالة التفرد في اتخاذ القرار، وهذا يقتضي منهم التوضيح، فهل هؤلاء المضعفون يريدون سحب الاعتراف بدولة الاحتلال مثلاً، هل يريدون تعديل ميثاق المنظمة وإعادة نصوصه التي ألغيت بوجودهم، هل سيسحبون الاعتراف بالمقررات الأممية ومقررات الجامعة العربية التي تخص القضية الفلسطينية، ام أننا سنرى منهم ممارسة ديمقراطية تفسح المجال لمن يرغب أن يصل للمسؤولية الأولى كما اتحفونا بأن للديمقراطية لها ما بعدها ألا وهو خروج التابعين والمنضوين تحت مظلاتهم معلنين انه لا ينبغي لأحد أن ينافس الزعيم ! أظن أن الكل يجمع ان الإجابة على هذه التساؤلات هي النفي،إنما الغاية من هذه الدعوات ما هي إلا نتاج شهوة السلطة والقيادة والنفوذ والتي من أجلها سيرت المسيرات في عهد الراحل الشهيد الرئيس ابو عمار .

ان من يترك شعبه يواجه ضنك الحياة وهمجية وعدوانية الاحتلال، ويفر هاربا ليعيش بأمان ويجمع الأموال ثم يريد أن يُستقبل استقبال الفاتحين، ليفوز بالسلطة السياسية فهؤلاء يحكم عليهم الشعب، إلا أنه يتوجب على الكل الفتحاوي ومناصريهم المزيد من الوحدة الداخلية والخروج من دائرة الحزبية الضيقة العفنة إلى فضاء الشعب، فالذي يكون من الناس وإلى الناس لن يخسر الناس .