الجنائية الدولية ... سكين في خاصرتنا
تاريخ النشر : 2021-03-06 10:39

أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا ان المحكمة افتتحت تحقيقا رسميا في جرائم حرب قد تكون وقعت في الاراضي الفلسطينية وهي تشير الى احداث حرب 2014 على غزة وكانت المحكمة قد اعلنت عن ولايتها على الاراضي الفلسطينية بعد توقيع فلسطين على قانون المحكمة في حين لا زالت اسرائيل خارج ذلك ولا ولاية للمحكمة على الاراضي التي تحتلها اسرائيل منذ عام 1948 والتي تعترف بها الامم المتحدة كأراضي دولة ذات سيادة بينما تفتقر دولة فلسطين العضو المراقب لهذا الاعتراف الاممي الرسمي

من المهم الاشارة الى ان المدعية العامة للجنائية الدولية اوضحت بشكل لا لبس فيه ان هناك "أساسا معقولا" للاعتقاد بأن جرائم ارتكبت من جانب أفراد من قوات الدفاع الإسرائيلية والسلطات الإسرائيلية وحماس وفصائل فلسطينية مسلحة خلال حرب غزة عام 2014 وبالتالي فان المقصود بالتحقيق ليست جرائم الحرب الاسرائيلية بل جرائم حرب قد نكون نحن الفلسطينيين متورطين بها بحسب قانون تلك المحكمة.

اسرائيل من جانبها أدانت قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في الأراضي الفلسطينية واعتبرته "قرارا سياسيا" يندرج ضمن "الإفلاس الأخلاقي والقانوني"، وفق ما قال وزير الخارجية غابي أشكينازي في بيان. وأضاف "ستتخذ إسرائيل كل الخطوات اللازمة لحماية مواطنيها وجنودها من الاضطهاد القانوني" وبالتالي فهي اعلنت مسبقا عن رفضها لهذا التحقيق في حين اعلنت اكثر من جهة فلسطينية ترحيبها بالقرار وتأييدها لهذا التحقيق فقد رحبت حركة حماس بقرار المحكمة وقال حازم قاسم المتحدث باسمها في غزة "حماس ترحب بقرار محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا". وأضاف "مقاومتنا هي مقاومة مشروعة وتأتي في إطار الدفاع عن شعبنا، وهي مقاومة مشروعة كفلتها كل الشرائع والقوانين الدولية" ورحبت السلطة الفلسطينية عبر وزارة الخارجية بالقرار التي قالت في بيان رسمي لها " إن "الجرائم التي يرتكبها قادة الاحتلال الإسرائيلي (...) هي جرائم مستمرة وممنهجة وواسعة النطاق وهذا ما يجعل الإنجاز السريع للتحقيق ضرورة ملحة وواجبة". ودعا البيان إلى "عدم تسييس مجريات هذا التحقيق المستقل".

نحن اذن قيدنا ايدينا مسبقا بقبول ما سيصدر من قرارات واحكام عن تلك المحكمة مما سيجعلنا غير قادرين على معارضة تنفيذها في حال طالت القيادة الفلسطينية او أي مواطن فلسطيني سواء اقام على الارض الفلسطينية او خارجها ولن يكون احد من القادة الفلسطينيين بمنأى عن تلك القرارات ولا يملك الحماية من تنفيذها وستصبح السلطة الفلسطينية ملزمة بتنفيذ تلك القرارات ومن جانب آخر فان قانون روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا يجيز للمحكمة اصدار او تنفيذ احكام ضد اشخاص سبق ان حوكموا في بلدانهم او اية بلدان اخى ومن المعروف ان اسرائيل تتقن اجراء التحقيق واصدار الاحكام بحق مشاركين في جرائم حرب وسبق لها ان اقامت اكثر من محكمة صورية ضد جنود وضباط شاركوا في اعمال عنف وارهاب ضد الفلسطينيين بينما لم ولن يحدث ذلك فلسطينيا مما يجعل من ذلك عقبة امام اية قرارات للمحكمة الجنائية الدولية كما ان المكمة لن تجد أي تعاون من اسرائيل بهذا التحقيق بينما ستجد ذلك من قبل فلسطين وبشكل غير منظم وغير معد سلفا وسيطال اشخاص لن يستطيعوا رفض المثول امام المحكمة او الخضوع لاستجوابها وبالتالي فان الخطر ضدنا اكبر بكثير من الخطر الذي يهدد اسرائيل الرافضة اصلا للقرار وللمحكمة وستصبح فلسطين حسب قانون روما الاساسي ملزمة بإحضار المطلوب مثوله امام المحكمة حسب الاجراءات المتبعة وستكون كل دولة طرف في المحكمة او مشاركة في اتفاق روما الاساسي ان تنفذ قرارات المحكمة بشان اعتقال الاشخاص المطلوبين اذا كانوا على اراضيها ومن المعروف ان عديد قادة الفصائل الفلسطينية والافراد يقيمون في دول اللجوء وهؤلاء جميعا سيكونون عرضة للاعتقال والتسليم فور طلب المحكمة ذلك.

ان عرض الامر على المحكمة والترحيب المسبق وعدم التحضير او الترتيب لاحتمالات ان تصدر المحكمة قرارات ضد قادة واعضاء الفصائل الفلسطينية سيجعل من القرارات ان طالتنا مهزلة العصر وسنكون نحن من ذهبنا بأنفسنا الى تجريم انفسنا وكان من المفترض بديلا لذلك ان تصاغ الامور بشكل اكثر دقة او اللجوء الى دول صديقة اخرى للمطالبة بالتحقيق دون ان نلزم انفسنا مسبقا بقرارات تلك المحكمة ودون ان ندرك ان الولاية التي اعلنتها المحكمة لم تحدد المضمون المكاني لهذه الولاية وان فلسطين فيما يخص الامم المتحدة ليست دولة محددة الحدود ولا المضمون المكاني لولايتها وان اسرائيل يمكنها ان تنفذ ما تريد على الاراضي الفلسطينية وان ولاية السلطة الفلسطينية لا ترقى الى مستوى ولاية دولة بمعنى ان اسرائيل الرافضة لقرارات المحكمة قد تشارك باعتقال أي فلسطيني مطلوب وتسليمه لتلك المحكمة.

مرة اخرى نزرع سكينا في خاصرتنا بأيدينا وقد كانت اوسلو التي منحت لإسرائيل اعترافنا بينما لم نحصل نحن سوى على اعتراف معنوي بمنظمة معنوية تفاوض على اعلان مبادئ لحكم ذاتي لا على حكم ذاتي ويبقى مصطلح اعلان مبادئ اقل بكثير من مصطلح اعلان واعلان المبادئ ليس بالضرورة ان يصل الى الاعلان بل يمكن التراجع عنه وقت شاء من اراد التراجع وكان قادرا على فعل ذلك كما تفعل اسرائيل حيث تريد ببنود هذا الاعلان.