التداعيات الكارثية للانتخابات الفلسطينية
تاريخ النشر : 2021-03-01 12:35

في كل الأنظمة الديمقراطية تمثل الانتخابات احد أهم آليات النظام السياسي ولكنها من المؤكد لن تجعل بمفردها من اى نظام سياسي نظام ديمقراطيا من هنا فانه ثمة ما هو أهم من الانتخابات في اى نظام ديمقراطي وهو طبيعة النظام من حيث ميكنزمات فصل السلطات ومدى اتساع مساحة الحريات وخاصة حرية التعبير وما يتمتع به النظام من آليات رقابة و مسائلة أضف إلى ذلك وجود قانون للأحزاب ينظم في طياته آليات تكوين الأحزاب وتمويلها وبرامجها السياسية بما يتناسب مع القانون الأساسي أو دستور الكيان السياسي.

وهذا الدستور أو القانون الأساسي يجب أن يكون قد خضع لاستفتاء شعبي وحاز على أغلبية أصوات من يحق لهم التصويت بعد أن يتم صياغة بنوده بواسطة لجان قانونية دستورية وعبر خبراء قانونيين ومفكرين و سياسيين وتكون الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني قد شاركت كذلك في صياغة بنوده على اعتبار انه العقد المقدس بين السلطات كافة فيما بينها وكذلك بينها وبين الشعب ضمن تلك الآليات الديمقراطية تكون انتخابات ممثلي السلطة التنفيذية والتشريعية تحصيل حاصل لإتمام العملية الديمقراطية في اى نظام يمكن أن يطلق عليه نظام ديمقراطي

فى المقابل فواقعيا ليس لدى الفلسطينيين نظام ديمقراطي يتمتع بالحد الأدنى من فصل السلطات وثمة التباس وازدواج قانوني وسياسي ووظيفي كبير فى النظام الفلسطيني بين مؤسسات الدولة ممثلة بمؤسسات السلطة الفلسطينية فى الضفة وحكومة الظل لحماس فى غزه وبين مؤسسات الثورة ممثلة بمنظمة التحرير ومايعرف بفصائل المقاومة التباس تحول خلاله النظام السياسي الفلسطيني إلى عجينة لينة فى يد السلطات التنفيذية فى شطري الوطن خلال سنوات الانقسام أضف الى ذلك انه لا توجد فى الحقيقة أحزاب سياسية فلسطينية وان ما هو موجود فى الواقع ليس إلا مليشيات مسلحة لها أجنحة عسكرية وأخرى سياسية وثمة جيش عسكري حقيقي فى غزة لا يأتمر او يخضع لاى من السلطات الرسمية سالفة الذكر اللهم إلا لسلطة قيادة الجناح العسكري لكل تنظيم وليس ثمة اى رقابة قانونية او حتى قانون أحزاب ينظم او يراقب تمويل او سياسات تلك التنظيمات بالإضافة إلى ذلك فلا يوجد دستور او حتى قانون أساسي خضع لاى نوع من النقاش أو الاستفتاء على بنوده ولازال الفلسطينيون يدورون فى حلقة مفرغة ما بين ثورة تلاشت وسراب الدولة

إن قرار إجراء الانتخابات الفلسطينية تحت مظلة هذا النظام مضاف إليه الواقع الذي خلفه عقد ونصف من الانقسام هو في الحقيقة هروب إلى الأمام ولن يأت بجديد اللهم إلا إلى مزيد من الماسي لهذا الشعب لأننا وببساطة لا نتعلم من تجاربنا ونعيد كل مرة نفس التجربة ليس بنفس الآليات بل ربما بأسوء منها ومن المنطقي فأننا لن نحصد إلا نتائج أسوء
أن اعادة سيناريو الفشل لانتخابات2006 فى انتخابات 2021 سيكون بمثابة رصاصة الرحمة على الوطنية الفلسطينية لان الشعب سيفقد الأمل في أن يعيش بكرامة تحت حكم أبناء وطنه وهذا قد يقود المشهد الفلسطيني نحو احتمالين أولهما الثورة التي يخشاها الجميع بما ستجلبه من مراحل من الفوضى لا يعرف عواقبها إما الخيار الثاني فهو الاستسلام وخروج الشعب من دائر الفعل السياسي بكل ما يعنيه ذلك من عواقب وخيمة أن فشل الفلسطينيين اليوم مجددا في حكم أنفسهم سوف تكون له تداعيات كارثية ليس على القضية الفلسطينية فحسب بل على الوجود الوطني والثقافي الفلسطيني والعربي على ارض فلسطين وان من سيدفع الثمن أولا هم أولئك الذين يعتقدون أن بمقدور الفاشية أن تصنع وطنا او تجلب حرية واستقلالا.

لازال أمام الفلسطينيين شوط كبير من النضال ليس فقط لدحر الاحتلال بل كذلك لإرساء دعائم نظام ديمقراطي حقيقي وعلينا أن ندرك انه كلما تقدمنا في هذا النضال نحو نظام ديمقراطي حقيقي فإننا سنقترب بأسرع مما نتصور من يوم الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة.