ما بعد حوار القاهرة...هل من "ورقة سياسية" فلسطينية؟!
تاريخ النشر : 2021-02-13 08:47

كتب حسن عصفور/ من المتابعة لما بعد حوار القاهرة الفصائلي، وما صدر عنه من بيان حمل بين طياته مطبات تستحق "جهدا وطنيا" مضاعفا، لو أريد أن مواصلة البحث عن جسر الفجوات التي زرعها الانقسام الأسود في خلايا الجسد الفلسطيني، منذ ما قبل 2007، يمكن ملاحظة أن فتح (م) هي الأكثر قبولا بالنتائج ونسبيا قيادة حركة حماس، رغم ان قاعدتها تعبر عن رفض بشكل أو بآخر للبيان العام.

الترحيب أو الصمت مع معارضة نسبية من البعض، لا يمثل العقبة الكبرى، بقدر ما يمكن أن يكون لو لم تحل المؤجلات بشكل عملي، ووفق روح التوافق وليس السيطرة، مع الاستعداد لتسوية مسألتي المحكمة الدستورية والتعديلات الخاصة بالمرسوم الانتخابي، بعد أن أزيلت عقبة "المجزرة القضائية"، من طريق المسيرة المنتظرة.

ولكن، ومع القيمة الكبيرة لما نتج من بيان القاهرة، فهناك مسألة تستحق التفكير العملي والحقيقي لوضع أسس عامة مشتركة حولها، كي لا تصبح "قنبلة موقوتة"، قد تنفجر في توقيت غير مناسب، تلك المتعلقة بالرؤية السياسية في المرحلة القادمة، بالتوازي مع لقاء القاهرة 2 أواخر مارس 2021.

وضع قواسم سياسية منطلقة من البرنامج العام، تشكل خطوة آمنة ضرورية، لمنع أي عوائق قد تبرز في توقيت غير مناسب، وتلك لا تحتاج عمل انقلاب في الرؤية الجوهرية لمنظمة التحرير ولا السلطة القائمة، بل يتم اشتقاقها من قرارات المجالس الوطنية والمركزي، المستندة الى قرار الأمم المتحدة نحو دولة فلسطين.

الحديث عن الرؤية السياسية نظرا لأن العالم بدأ يتحرك بشكل عملي لصياغة حل للصراع الذي طال أمده، ولا يمكن البقاء على هامش الطريق انتظارا لما بعد الانتخابات العامة البرلمانية مايو القادم، حيث تلك مسألة لترتيب الشأن السلطوي ولا ترتبط بالموقف السياسي العام، والتي هي من صلب المنظمة أو الدولة لو أعلنت قبل ذلك.

من حيث المبدأ، جوهر الرؤية السياسية متفق عليه مع تحفظات هنا أو هناك، لكن الاتجاه العام يرى فيها "قاسم مشترك"، ولقاء الأمناء العامين في سبتمبر 2020، الذي أشار له بيان القاهرة يحمل في طياته موافقة ضمنية عليها، ولذا فالعائق لن يكون معرقلا لو وجد بعض التباين.

غالبية القوى توافق على:

* دولة فلسطينية وفق قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، والتي عززها بوضوح سياسي أكبر قرار المحكمة الجنائية الدولية يوم 5 فبراير 2021، الذي حدد حدود الدولة وسيادتها، في الضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة.

* فك الارتباط بدولة الكيان كخيار وطني فلسطيني، ووقف الاعتراف بها الى حين الاعتراف بدولة فلسطين.

* الموافقة على مبادرة الرئيس محمود عباس لعقد مؤتمر دولي لحل الصراع، ضمن رعاية دولية وعربية، لإنهاء الانفرادية الأمريكية التي فرضت هيمنتها منذ عام 1990 على الرعاية دون أن تتقدم بحل جاد، بل انها رفضت عمليا الاتفاق الوحيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

* بحث قواعد الانتقال من السلطة الى الدولة خلال "مرحلة انتقالية" وظروف متفق عليها، بحيث لا تؤدي الى انهيار المؤسسة او الدخول في صراع دون حساب خاص، وهناك تفاصيل كثيرة يمكن القيام بها لا تؤدي الى كسر المشهد العام، كما تحاول بعض الأطراف الحديث عنها لعرقة حركة "الانعتاق "الذاتي" من مرحلة "الحكم الذاتي".

* وقف الحديث عن الغاء اتفاق أوسلو، بما له وعليه، والتفكير بما بعده وما سيكون، خاصة وأن كل المؤسسات القائمة هي منتج أوسلوي كامل، والتجاوز العملي الأكبر يبدأ مع كيفية ترسيخ قواعد الدولة وأسسها.

ليس مطلوبا صياغة تفصيلية لبرنامج سياسي ما قبل الاتفاق على المجلس الوطني ودخول حركتي حماس والجهاد رسميا الى بناء منظمة التحرير، ولكن ليس مطلوبا أيضا عدم التوافق – التنسيق بالرؤية السياسية الانتقالية.

هناك قدرة عالية على صياغة أسس الرؤية، حتى مع بعض تحفظات، ولكن المشاركة في بنائها يمثل خطوة هامة لمنع أي "فوضى سياسية" في لحظة حرجة!

ملاحظة: بعض الفصائل بدأت حملة الانتخابات مبكرا...المحزن أن مضمونها ليس بحثا عن صياغة مستقبل أفضل بل لتخوين الآخر..هيك لغة ليست منحطة فقط بل هي خطر وجب التصدي مبكرا لها كي لا نقول يااااه ليش صار هيك!

تنويه خاص: مع انتخاب البريطاني كريم خان مدعيا للمحكمة الجنائية، لن ينسى أهل فلسطين المحامية بنسودا الغامبية التي انتصرت للحق دون أي ارتعاش من حملة كراهية نادرة أمريكية صهيونية..فالذاكرة الوطنية تختزن اسمها ..فهي تستحق جدا!