عار عليك .. لقد حان وقت الرحيل
تاريخ النشر : 2021-02-08 10:02

دروس الانضباط والشفافية، لم تتوقف عند مجرد قيام رئيس حكومة اليابان بالاعتذار للشعب، بل بات الائتلاف الحاكم، مهددًا، بعد استقالة 5 مشرعين برلمانيين، عقب إدانتهم بـالفساد وسوء السلوك، وكذلك تفوه رئيس حكومة أسبق بالتحيز ضد المرأة.

فقد لحقت العضوة بـمجلس الشيوخ، كاواي أنري (47 سنة) بأربعة من أعضاء مجلس النواب هم: باتسوموتو جون، وتانوسيه تايدو، واوتسوكا تاكاشي، وتوياما كيوهيكو، بتقديم استقالتها من البرلمان، لعدم الانضباط والتصرفات غير اللائقة.

النائبة بالحزب الحاكم المستقيلة، كاوي أنري، جرى إدانتها، هي وزوجها وزير العدل السابق، كاتسويوكي، بتهمة شراء الأصوات، ورشوة سياسيين محليين في الانتخابات، التي فازت فيها بمقعدها في محافظة هيروشيما عام 2019، وحكمت عليها محكمة دائرة طوكيو بالسجن لمدة 16 شهرا مع وقف التنفيذ لمدة 5 سنوات.

أما النواب الأربعة الآخرون الأعضاء بالائتلاف الحاكم، المستقيلون: جون وتايدو وتاكاشي وتوياما، فقد ضبطوا متلبسين في شهر يناير الماضي، بارتياد حانات حتى وقت متأخر في حي جينزا، أحد أحياء الترفيه الليلي الرئيسية بالعاصمة اليابانية، طوكيو، وتصرفوا بصورة غير لائقة، رغم حالة الطوارئ القائمة، وفي وقت تطلب فيه الحكومة من الناس الامتثال لقيود مكافحة وباء كورونا.

حتى كتابة هذه السطور، السبت 5 فبراير، تجاوز عدد الوفيات في اليابان، نتيجة للوباء، 6 آلاف حالة، في حين ارتفع عدد الإصابات إلى أكثر من 400 ألف حالة.

ولأن المصائب لا تأتي فرادي على رأس الائتلاف الحاكم، ورئيس مجلس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوجا، فقد انفجرت فضيحة، لم تكن في الحسبان، بتفوه رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو، ورئيس الحكومة الأسبق، موري يوشيرو، بتصريحات مستفزة ضد المرأة، ونعتها بأنها مزعجة جدا، وتتحدث كثيرًا في الاجتماعات، وسط مخاوف متزايدة بإمكانية تأجيل أو إلغاء الحدث الرياضي.

السيد موري(83 سنة) شغل منصب رئيس الحكومة لمدة عام واحد، (2000-2001) أي أنه ينضم لقائمة رؤساء الحكومات الأقصر عمرًا في اليابان، وبعد أشهر قليلة من تركه للمنصب، وصلت اليابان، للإقامة والعمل مراسلًا لـ الأهرام.

التركة التي خلفها الرجل من سمعته، كرئيس للحكومة اليابانية، كانت مثيرة للدهشة والجدل، فقد ضبط متلبسا بسلسلة من الأخطاء وزلات اللسان، واعتاد على الإدلاء بتعليقات طائشة وغير لائقة، وتنسب إليه هفوات وبيانات غير دبلوماسية.

تلك كانت سمعة الزعيم الياباني الكبير، منذ 20 عامًا، حينما كان عمره 63 سنة، فما البال وقد تقدم به السن، وظل السؤال: لماذا اختارته حكومة رئيس مجلس الوزراء الياباني السابق، شينزو آبي، لرئاسة دورة طوكيو للألعاب الأولمبية، التي كانت مقررة في صيف عام 2020، وجرى تأجيلها لتعقد في الفترة من 23 يوليو إلى 24 أغسطس هذا العام، رغم المخاوف من تزايد الإصابات بفيروس كورونا؟!

الظروف الدولية المصاحبة لتفشي الوباء، والمحلية في اليابان، في غاية التعقيد، وارتفعت فاتورة تكاليف تنظيم الدورة بنحو 2.8 مليار دولار، بسبب تأجيلها، ولتوفير الإجراءات اللازمة لحماية الرياضيين والجمهور من انتشار العدوى.

في هذه الأجواء الملتبسة، ينسب إلى رئيس الحكومة اليابانية الأسبق، ورئيس اللجنة المنظمة للدورة، السيد موري يوشيرو، قوله: "إذا قمنا بزيادة عدد النساء في مجلس إدارة الدورة، فعلينا أن نتأكد من وقت التحدث إلى حد ما في الاجتماعات، فهن يواجهن صعوبة في الانتهاء من الحديث، وهذا أمر مزعج"!!

فور الإدلاء بهذه التصريحات المتحيزة ضد المرأة، اندلعت ثورة - محلية ودولية - عارمة ضد الرجل، وذهبت التعليقات المناهضة له إلى حد مطالبته بتقديم الاستقالة من منصبه، لعدم تمتعه بروح الألعاب الأولمبية المناهضة للتمييز والداعية للصداقة والتضامن والإنصاف.

بطلة الجودو اليابانية السابقة، كاوري ياماجوتشي، أعلنت أن تصريحات السيد موري مؤسفة للغاية وتساهم في تآكل الثقة في دورة ألعاب طوكيو، وبعثت برسالة للعالم، لم تكن وجهة نظر فردية، ولكنها أشارت إلى أن اليابانيين قد لا يزالون يفكرون بهذه الطريقة.

في استطلاع صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، بشأن الفجوة بين الجنسين، احتلت اليابان مركزًا متخلفًا عن الدول الكبرى، أي جاءت في المركز 121 من أصل 153 دولة، شملها الاستطلاع، بشأن تعزيز المساواة بين الجنسين.

زعيم الحزب الديمقراطي الدستوري الياباني المعارض، يوكيو ايدانو، طالب موري بالاستقالة من منصبه، وكذلك طالبته الفائزة بالجائزة الفضية في أولمبياد برشلونة عام 1992، ميزو جوتشي، التي أكدت أن قدرات رئيس اللجنة المنظمة لدورة طوكيو، وليس النساء، هي ما يجب أن يلام على الاجتماعات المطولة!!

حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بمظاهر التنديد والإدانة للسيد موري وطالبته بالاستقالة من رئاسة دورة طوكيو للألعاب الأولمبية، وجاء في أحدها نصا: "عار عليك.. لقد حان وقت الرحيل".

وانتشر وسم على تويتر بعنوان: moriresign رجاء الاستقالة، ودخل رئيس الحكومة سوجا بنفسه على خط التعليقات، معتبرًا تصريحات موري ما كان يجب أبدًا الإدلاء بها، ومؤكدا أن المشاركة المجتمعية للمرأة مهمة للغاية، أيضًا في المجال الرياضي.

أمام كل هذه التعليقات والضغوط، صرح السيد موري بأنه قد يتنحى عن مهام منصبه، إذا استمرت الدعوات لإقالته، وقدم اعتذارا(قد لا يكون كافيا) لإرضاء منتقديه، بقوله: "ما قولته غير لائق ويتعارض مع روح الألعاب الأولمبية والبارالمبية، ويؤسفني جدا ما فعلته، وأريد أن أتراجع عن تعليقاتي، واعتذر للناس الذين أزعجتهم أقوالي".

أطرف ما قرأته منسوبًا للسيد موري قوله: "ليلة أمس وجهت لي زوجتي توبيخًا شديدًا، وقالت لي: أنت قولت شيئًا سيئًا مرة أخرى أليس كذلك؟! سيتعين علي أن أعاني مرة أخرى لأنك أثرت عداء النساء، وهذا الصباح، وبختني ابنتي وحفيدتي".

عن الأهرام