الاستراتيجية المتوقعة للإدارة الأمريكية للتعامل مع القضية الفلسطينية
تاريخ النشر : 2021-01-27 16:35

الرئيس بايدن لن يكون مستعدًا للموافقة على أن يكون هناك استقرار بدون سلام حقيقي، ولذلك من المرجح أن تواصل الادارة الأمريكية التزامها بخطوطها العامة الرئيسية تجاه القضية الفلسطينية، مع بقاء إسرائيل حجر الزاوية في هذه السياسة، وستشجع استمرار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية. وفي المقابل ستقوم بتصحيح بعض قرارات ادارة ترامب، مثل استئناف العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وإعادة المساعدات الأمريكية للسلطة، وفتح مكاتب منظمة التحرير في واشنطن، وفتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية ، وستربط بين هذه الإجراءات وبين مطالبة الفلسطينيين بالعودة إلى المفاوضات.

على الرغم من التفاؤل الفلسطيني بإمكانية العمل مع الادارة الجديدة لإحياء مسار المفاوضات، الا انه سيكون من الصعب توقع الخروج بنتائج ملموسة في السنة الأولى لإدارة الرئيس بايدن، في ضوء التحديات الكبرى التي ستواجهها الولايات المتحدة، واقصى ما يمكن توقعه هو تبني سياسة “إدارة الصراع” وليس “حل الصراع“.

ستفترض الاستراتيجية الجديدة لإدارة الرئيس بايدن عدم جدوى فرض الحلول المؤقتة والسريعة على الأطراف، وضرورة التعاون مع القوى الكبرى، ولذلك ستستخدم السياسات “متعددة الأطراف” لتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط، وسيتبنى الفريق الذي سيمسك بالسياسة الخارجية قراراً بدعم التطبيع بين دول العربية واسرائيل وسيعمل على الاستفادة منها، بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية لبعض القطاعات الأميركية المرتبطة بإسرائيل والخليج. لذا ستعتمد إدارة بايدن سياسة “البناء على ما أنجز”، وقد تسهم في إضافة شركاء جدد في المعاهدة، إلا أنها، وكما هي عازمة بالنسبة للاتفاق النووي، ستعتمد على فصل المسارات، وسيعمل مهندسو هذه السياسة البراغماتية على “الكسب على كل الجبهات”.

اسرائيل ستجد نفسها أمام مقاربة مختلفة، بالعودة إلى السياسة التقليدية للولايات المتحدة، وهو ما سيفرض على اسرائيل، عند صياغة استراتيجيتها للسياسة الخارجية، ان تتجنب الخلاف مع ادارة بايدن، وعدم التسرُّع في تنفيذ مخططات قد تسبب توترا بين الجانبين، الا أن حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعيشها اسرائيل، تعزز التوقعات أن يقوم اليمين الاسرائيلي بالدفع باتجاه استراتيجيات أكثر تشددًا، قد تدفع نتنياهو لتبنّى موقفا متشددا في مواجهة الادارة الامريكية، ويسارع لإجراء تغيرات في الخارطة الجيوسياسية بالضفة الغربية، لإنهاء حل الدولتين نهائيا.

التغييرات الجيوسياسية في المنطقة، ستضع الكثير من العراقيل أمام نجاح استراتيجية الادارة الامريكية في الشرق الاوسط ، ومن المتوقع حدوث توترات مستقبلية بين إدارة بايدن من جهة ، واسرائيل وبعض دول المنطقة، من جهة اخرى، ولن يتمكن بايدن من تجاهل تخوفات تلك الدول عند صياغة استراتيجية التعامل المستقبلية مع ايران. وستستغل ايران هذه التغييرات ، لاستهداف استقرار المنطقة، بالتعاون مع حلفائها من التنظيمات ، مستغلين القضية الفلسطينية، ما سيرفع مخاطر عدم الاستقرار التي ستتعرض لها الأنظمة العربية المشاركة في الهيكل الجيوسياسي الناشئ، لإعادة تعريف منطقة للشرق الأوسط.

من المهم التركيز فلسطينيا على مطالبة الادارة الأميركية بموقف واضح يرفض مبدأ ضم الأراضي المحتلة، المخالف للقانون الدولي، والمطالبة بممارسة ضغوطاً لوقف الاستيطان، فلا معنى لمفاوضات، وعملية السلام مع استمرار الاستيطان يدمر إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.

ومن الممكن ان تشكل المصالحة الفلسطينية ورقة ضغط مهمة في يد السلطة الفلسطينية، لتعزيز حضورها في المعادلة الاقليمية، ولذلك فلنها من الممكن ان تستمر في مسار المصالحة، دون اندفاع كبير، لحين اتضاح مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة وآفاق العودة إلى مسار المفاوضات. ومن الجدير بالذكر فان سياسة حركة حماس تبدو قريبة من هذه الرؤية.