فشل لقاءات القاهرة أقل ضرراً من انتخابات فاشلة
تاريخ النشر : 2021-01-26 18:29

بعد استجابة حركة حماس لشرط السيد محمود عباس بالموافقة الخطية على إجراء الانتخابات بالتتالي، أصدر عباس عدة قرارات تمس جوهر القانون الأساسي للانتخابات، ومنها استبدال مسمي رئيس السلطة الفلسطينية برئيس دولة فلسطين، والفارق في التسمية يمس صلب القضية الفلسطينية، ويسقط من حساب الانتخابات ملايين الفلسطينيين في الشتات..

تعديل القانون الأساسي بقرار رئاسي يعتبر طعناً في ظهر الموافقة الخطية لحركة حماس، ورسالة سوء نوايا لقادم الأيام، وقد رأى مختصون قانونيون وسياسيون أن الرئيس الفلسطيني قد تعدى بتغييراته القضائية على مبدأ سيادة القانون، وتجاوز أيضا النظام الأساسي في ظل إلغاء وجود المجلس التشريعي، وبهذه التعديلات يكون السيد عباس قد سيطر على محكمة الانتخابات، وسيطر على السلطة القضائية، ونزع منها كل ضمانات استقلالها.

هذه القضايا القانونية ستناقشها التنظيمات الفلسطينية في القاهرة، بما في ذلك وجود المحكمة الدستورية نفسها، والتي تستطيع بجرة قلم أن تلغي نتائج الانتخابات، وتحل المجلس التشريعي المنتخب؛ إن لم يوافق هوى عباس، ولكن الأخطر من كل ما سبق، والأخطر من القضايا قانونية، هنالك القضايا السياسية، فعلى أي أساس ستجرى الانتخابات، ووفق أي برنامج سياسي؟ وما هي النتيجة التي يرجوها الشعب الفلسطيني من الانتخابات؟ هل العودة إلى المفاوضات هي الأصل في إجراء الانتخابات، أم مقاومة الاحتلال، ومقارعة المستوطنين على مفارق الطرق؟ وأنا أزعم أن هذه القضايا وغيرها يجب أن تكون جوهر حوارات القاهرة، فإذا كان الهدف من الانتخابات هو تجديد الشرعية للسيد عباس ولمشروعه التفاوضي، فمعنى ذلك أن عباس قد جر كل الساجة الفلسطينية إلى مربع التنازلات والانتظار، وأدان بشكل مسبق كل أشكال المقاومة التي يكفر بها عباس، ويحاربها  مع المخابرات الإسرائيلية سراً وعلانية.

إضافة لما سبق، هنالك قضية مرشح الرئاسة، وكيف صار شرطاً على المرشح الالتزام ببرنامج منظمة التحرير ووثيقة الاستقلال عام 88، والقانون الأساسي المعدل للسلطة الفلسطينية لسنة 2003، وكل ذلك يعنى أن برنامج السيد محمود عباس هو أفق الانتخابات، والتي سيناجيها عباس قائلاً: امطري حيث شئت، فإن خراجك لاتفاقية أوسلو! وأزعم أن هذا لن يرضى التنظيمات التي ستجتمع في القاهرة.

ومن حق التنظيمات أن تتساءل عن الضامن لنجاح عملية الانتخابات، والقبول بنتائجها في ظل التباين في عمل الأجهزة الأمنية هنا وهناك، وكيف سيغمض المنسق الأمني عينه عن نشاط انتخابي لا ترضى عنه المخابرات الإسرائيلية، ومن سيضمن أمن سلامة المرشحين؟ ثم هنالك تساؤل كبير داخل الشارع عن حرية الحركة والتنقل بين غزة والضفة الغربية، وهذا أمر في غاية الأهمية، فكيف يصير لمرشحي حركة فتح التنقل بين غزة والضفة، وإقامة المهرجانات الخطابية، في الوقت الذي لا يسمح فيه لرجال غزة بالوصول إلى الضفة؟

إضافة لما سبق، فإن التنسيق الأمني من مبطلات الانتخابات، إذ كيف تجرى الانتخابات مع تواصل التنسيق الأمني، ولماذا لا يصير وقف التنسيق الأمني شرطاً لإجراء الانتخابات، ولا سيما أن لدى التنظيمات الفلسطينية شرعية قرار المجلس المركزي للمنظمة الصادر في شهر 3 لسنة 2015، والذي قضى بتحريم وتجريم التنسيق الأمني، وطالب بوقفة فوراً.

من يتهرب من أبسط المطالب الجماهيرية، والتي تتمثل ببعض القضايا سابقة الذكر، من السهل عليه أن يتهرب من غيرها، لذلك فإن فشل لقاءات القاهرة سيكون أقل ضرراً على الشعب الفلسطيني من فشل الانتخابات، والتي لو جرت دون تطبيب، ودون علاج جذري، ستكون مقصلة لمستقبل القضية الفلسطينية.