"في ظلال التفكير الاسرائيلي "
تاريخ النشر : 2021-01-26 09:48

يأتي هذا المقال في ظل الهجمة الاستعمارية الإمبريالية الصهيونية على تاريخ وحضارة وتراث وثقافة الشعب الفلسطيني .

عنصرية إسرائيل وتطرفها وعنفها أمران بديهيان في منطلقاتها السياسية و الحضارية جميعا .وهناك علاقة جدلية بين العنصرية والتطرف والعنف في بنية الكيان الصهيوني أي أنه كلما زادت إسرائيل في عنصريتها زادت في تطرفها وفي عنفها في مواجهة الآخر، الفلسطيني والعربي والمسلم .وعنصرية إسرائيل وتطرفها وعنفها لا يستهدف الفلسطينيين وحدهم لأن إسرائيل تعتبر نفسها موجودة في وسط معادي يمتد من باكستان شرقا إلى المغرب غربا وبالتالي ترى في المواجهة مع إيران، والعمل على ترويض الأنظمة العربية الخليجية، وخلخلة دول العمق الاستراتيجي العربي (مصر-العراق-سوريا) أمرا حيويا بالنسبة لوجودها ولا ستمرارها ونجاح مشروعها الإمبريالي .عنصرية إسرائيل وعنفها وتطرفها جزء من إدارتها للصراع الشامل مع الفلسطينيين والعرب والمسلميين، وبالتالي فمكونات هذه السياسة داعمة ومؤسسة في ذات الوقت لسياسة العنف الحربي الإسرائيلي، وداعمة في ذات الوقت لمساعيها الهادفة إلى التأسيس لحضارة مغايرة للحضارتين العربية والإسلامية، ومن هنا تأتي خطورة العنصرية والعنف في التفكير الاسرائيلي .عداء التفكير الإسرائيلي للحضارتين العربية والإسلامية عداء أخطر من العنف وأكثر عنصرية وتطرفا وهو يمس التاريخ والقرآن والمعتقدات الأساسية للعرب والمسلمين .وفي رأي أن العنصرية والعنف والتطرف الإسرائيلي في التفكير الصهيوني يستند إلى ثمانية منطلقات وعناصر أساسية هي :

1-النص الديني متمثلا في التوراه والتلمود وفتاوي الحاخامات وهو ما أعطى البعد الديني في المناهج التعليمه الصهيونية قداسة خاصة وأمرا مقدسا لا يجوز المس به أوالاقتراب منه .

2-ثقافة الاستعلاء القائمة على الموروث الديني والتاريخي المزور الذي يجعل من اليهود شعب الله المختار في حين يجعل من غير اليهود كيانات دنيا تعود إلى ممالك حيوانية لا تنتمي للبشر المقدسين من أبناء الرب . وفي هذا الإطار برزت معادلة (اليهودي والآخر أو الأطهار والأغيار) .

3-الحاجة لنفي الآخر وهو الأمر الذي دفعها لمزيد من العنصرية ولمزيد من العنف لتتفيذ مخططها الرهيب للتطهير العرقي بناء على رؤية (أرض أكثر عرب أقل).

وهنا نذكر أن نظرية الجدار الحديدي التي نادى بها جابتنسكي تشكل مكونا أساسيا في الثقافة والسياسة الإسرائيلية التي ترى أن إسرائيل قامت بالقوة ولن تستمر إلا بالقوة وأن العرب لن ينصاعوا لإرادتها إلا بالقوة ولذلك يركز التفكير الإسرائيلي على الصهيوني البطل في مواجهة العربي الخائف الجبان .

4-الانتماء والارتماء في أحضان الحضارة والمكون الإمبريالي الغربي . فإسرائيل تعلم أنها قامت في إطار مشروع استعماري . وهي مستمرة اليوم في إطار هذا المشروع الإمبريالي وهي لذلك تعزف على وتر أنها واحة للديمقراطية الغربية في الوسط الاستبدادي الشرقي (العربي والإسلامي، الأفريقي والأسيوي) كما تعزف على أنها حامية حمى المصالح الإمبريالية في الشرق وأن المحافظة على هذه المصالح يقتضي المحافظة على وجود إسرائيل ودعمها .

5-الاستناد إلى القوة المسلحة والإرهاب بها باعتبارها الطريق الصحيح والوحيد لفرض الإرادة الصهيونية . فهي دولة قامت بالحرب واستمرت بالحرب . وهي تجري للحرب كلمت وقعت في مأزق سياسي سواء كان داخليا أم خارجيا .

6-قانون التعليم الإسرائيلي لسنة 1953 وتعديلاته اللاحقة وهو الذي يحدد أهداف إسرائيل في إقامة دولة يهودية نامية ومزدهرة . وعلى فكرة مطلب الدولة اليهودية يقتضي الإقرار بيهودية الأرض والشعب والحكومة وهو ما لا يجعل للسلام أية فرصة ولن يعطي الفلسطينيين أية حقوق مشروعة .

7-استغلال مقولات اللاسامية والعداء لليهود في صياغة مناهجها التعليمية وذلك لتربية أبناءها على الكراهية والحقد والعنف والشعور بالظلم الأبدي الذي يدفعهم للعنف والرغبة في الانتقام وإلى قتل الأغيار بدم بارد .وفي هذا الإطار تعمل إسرائيل على :-توجيه سهام نقدها للمناهج الفلسطينية والعربية وتسليط الضوء على مقولاتها الوطنية والحضارية والدينية وهي تستعين بالغرب وتحرضة ضد المناهج العربية، لأنها تريد أن تخلق ثقافة عربية وإسلامية بل حضارة عربية وإسلامية منقادة للآخر الامبريالي.

8-اتباع سياسة التلفيق والتزوير وقلب الحقائق واستغلال الخمول والكسل العربي والجهل الغربي وعدم اهتمام الدول الأوروبية وشعوبها بأهمية كشف الحقيقة وأهمية الوقوف عليها .وفي نظري أن من الأهمية بمكان أن نشخص الحالة وأن ننطلق في مواجهتها من خلال ستة برامج ومشاريع أساسية هي :

1-العمل من خلال مؤسسات جامعة لتحليل التفكير الإسرائيلي وفضح أكاذيب اسرائيل وتلفيقاتها ومنطلقاتها العنصرية والإرهابية

.2-التركيز الإعلامي على الممارسات الصهيونية في معاملة الفلسطينيين وعلى أساليب التربية والتعليم الصهيونية التي يتم تدريسها في المدارس الصهيونية الدينية والمدنية على السواء .

3-الدفاع عن المناهج الوطنية والعربية التي تعزز قيم الانتماء وتعطي الفلسطينيين الحق كل الحق في المقاومة .

4-فضح عمليات التلفيق والتزوير الصهيونية للدين والتاريخ والوجود الفلسطينية على أرض فلسطين . ففلسطين أرض وشعب منذ فجر التاربخ إلى اليوم ولم تكن خالية من السكان كما تزعم المناهج الصهيونية .5-توحيد الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية لأن صياغة المناهج الإسرائيلية لاتستهدف الفلسطينيين وحدهم وإنما تستهدف في المقام الأول والأخير، التاريخ والحضارتين العربية والإسلامية ويصل الأمر إلى حد التشكيك في القرآن الكريم وفي العقيدة الإسلامية وفي صحة انتماء المقدسات إليها . وبالتالي لابد من تكثيف الجهود وتوحيدها عربيا وإسلاميا .

6-ربط أي محاولة للتسوية بل رفض أية محاولة للتسوية لا تلزم إسرائيل بتغيير ثقافة العنف والعنصرية وتجميل سياسة العدوان في تفكيرها ومناهجها . وهنا ينبغي ملاحظة أن إسرائيل اتفقت مع كل من مصر و الفلسطينيين والأردن على تعديل المناهج لنفي سياسة العنف ومحاربة العنصرية ونشر ثقافة التسامح ولكن لم تلتزم إسرائيل بما وقعت عليه للأطراف الثلاثة ومن هنا لابد من تشكيل لجان دولية محايدة لمراجعة المناهج الصهيونية وتعديلها بما يضمن تخلي إسرائيل عن سياسة العنف والاقصاء والتطهير العرقي والاستعلاء على الآخر وتبربر محاربته والقضاء عليه .