في الذكرى الـ42 لاستشهاد أبوحسن سلامة ..
تاريخ النشر : 2021-01-23 12:57

يصادف اليوم الجمعة 22 يناير / كانون الثاني الذكرى الثانية والاربعين لاستشهاد الاخ والقائد والصديق علي حسن سلامة "ابو حسن"، اذ تأبى الذاكرة ان تنسى ذلك الرجل من ذلك الجيل من القادة الكبار ، الذين صنعوا مجد الثورة الفلسطينية وسطروا ملاحم المجد والبطولة، والذي خلد اسمه في تاريخ الثورة الفلسطينية بأعماله وبطولاته الفدائية وحنكته الامنية والاستخبارية.

لقد ورث أبو حسن سلامة شلال الدم الفلسطيني الذي تفجر مطلع القرن العشرين دفاعا عن عروبة وإسلامية فلسطين، وعشقت روحه إرثا عن والده الشيخ حسن سلامه أحد قادة الجهاد المقدس الذي استشهد في معركة رأس العين يوم 1/6/1948م.

لقد كان يوم 22/1/1979م ، "يوم الاثنين الحزين" في تاريخ الثورة الفلسطينية، يوم مفعم بالأسى ، في حياة كل من أحب القائد الشهيد علي حسن سلامه ذلك الإنسان الموسوم بطباع المحبة التي تدخل إلى قلوب الجميع، وكما يقول الشاعر "لا يعرف الشوق إلا من يكابده" لذا فلا يعرف المحبة الصادقة لأبي حسن إلا أولئك الذين عايشوه، وكابدوا معه مشقة الخوض في غمار دهاليز الموت الذي كان ينتظرهم في كل لحظة، في انتصارات القوة 17، في لحظاتها الحرجة، كان طيف أبي حسن يسكن وما يزال في أسطورة عشق وطني لشعب الاغتراب، ولقد قدر الله أن يجمع أحاسيس المحبة الموجودة في قلوب الذين عرفوه، أو عاصروا مقارعته لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، أو أولئك الذين أحبوه عشقا بالوطن.

ولقد تعمد الإعلام الاسرائيلي المعادي رسم صورة غير حقيقية عن أبي حسن، وتناسوا وتغافلوا ان أبو حسن سلامة كان محاربا صاحب قضية، كان رجلاً صادقاً يستمع إلى محاوره بانتباه وشغف، يتكلم ببساطة ومن دون تعقيدات، سخيا وكريما بلا حدود، وفي وصادق، يفي بعهده إذا عاهد، شخصيته تميل بطبيعتها إلى الانطلاق والتحرر وكسر من القيود، لم يكن أبو حسن قائداً لمقاتلين، وإنما كان أخاً وصديقا للجميع، فإذا كان أحد العناصر بحاجة لمساعدة ما يجد أبو حسن في خدمته، وعندما كان يعلم بمظلمة لأي عنصر كان يتدخل فورا لإنصافه.

ولقد كانت كثيرة هي الأحداث التي جمعتني بأبو حسن طيلة حقبة زمنية نضالية تشهد له بأنه الذي صدق الوعد، وصدق لنهج والده المقاتل والمجاهد الذي سبقه إلى قافلة الشهداء، وصدق بوفائه لرئيسه ياسر عرفات ولإخوانه في حركة فتح والفصائل الفلسطينية، وصدق بعطائه لشعبه، وقد كنت صديقه وحبيبه ورفيق دربه، وما أصعب أن يكتب الإنسان عن فقدان أخ وصديق وحبيب، لكنه الوفاء الذي يملي علي أن استجمع الذاكرة وأكتب أيضاً بعضاً من وقائعها. وها أنا بعد كل السنوات التي مرت على استشهاده أكتب عن قائدي وأخي وصديقي "أبو حسن" ذلك المناضل الذي قدم دمه لشعبه ليفيض شلال الدم الفلسطيني برهانا على نضالات هذا الشعب الذي لا ولن يستكين ما لم يستعيد حقوقه الوطنية المشروعة ويقيم دولته المستقلة "فلسطين" بعاصمتها القدس الشريف.

وفكرت كثيرا وكثيرا قبل ان اكتب هذه الكلمات في هذه الذكرى الصعبة على نفوسنا جميعا ، وتساءلت هل اكتب كلما الرثاء التقليدية التي اعتدناها في مثل هذه المناسبات ، ام ان هذا الحدث الغير تقليدي في مسيرة حياتنا وثورتنا ، يفرض علينا ان نعيد استذكاره بصورة غير عادية، وخاصة في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها ثورتنا الفلسطينية ، فإننا نجد لزاما علينا ان نعيد الرواية التاريخية للأجيال الصاعدة التي من حقها ان تعرف الحقيقة ومن حقها ان تعرف ما صنعه الاباء والسابقون على طريق الحرية.

وكم هالني واحزنني استغلال الكثيرون لهذه المناسبة ليدلو بدلوهم بقصص وحكايات بعيدة كل البعد عن الاحداث الحقيقية وللأسف الشديد غالبا ما تتبنى الرواية الاسرائيلية المعادية ، والتي غالبا ما تحاول ان ترسخ في اذهان الاجيال الصاعدة مشهد "البطولة" ، في محاولة منهم للتأثير على معنويات تلك الاجيال التي من المفترض ان حاملة لواء الغد والمستقبل.

وفي اليومين الماضيين طالعنا الكثير من الكتاب بروايات عن اغتيال الشهيد ابو حسن سلامة ، تضمنت الكثير من الاكاذيب ، ولعل ابرزها علاقة الجاسوسة امينة المفتي بالاغتيال ، وقصص اخرى عن علاقة احد ضباط الموساد والذي كان مقربا من الشهيد ابو حسن سلامة واستطاع التعرف عليه عن قرب وكاد ان يمشي في جنازته.

ولهذا فإننا نعيد نشر التحقيقات الكاملة لحادثة الاغتيال ، والتي اجريناها في ذلك التاريخ قبل 42 عاما ، والتي كشفت الكثير من المعلومات والحقائق ، والتي نضعها بين ايديكم في هذا اليوم ساعين للحقيقة ، ولرفع اوهام النصر المزعوم الذي دائما ما تسعى لنشره اجهزة المخابرات الاسرائيلية ، وللأسف تجد من يروج لها في اوساطنا بدون اية مراجعة او تدقيق.

وهذا ما يضع المسؤولية التاريخية على عاتقنا ، باعتبارنا شهود على العصر وشركاء في الحدث ، وكذلك يتطلب الامر مشاركة فاعلة من الاطر الرسمية لحركة فتح لإعادة نفض الغبار عن الذاكرة الوطنية بطريقة اكثر مؤسساتية تستطيع الوصول الى صناعة وعي فلسطيني بعيدا عن الاوهام والاكاذيب الاسرائيلية المعادية، والتي نعلم جميعا اهدافها ومآربها من وراء تلك المحاولات المشبوهة لتشويه الوعي الفلسطيني.

ولذلك فإننا ننشر ما ورد في كتابنا بعنوان حركة فتح بين المقاومة والاغتيالات ، عن الشهيد ابو حسن سلامة ، حياته ، ومسيرته النضالية ، وحادثة استشهاده ، التي سنركز عليها لعرض الكثير من التفاصيل الامنية الدقيقة ، بعيدا عن الاكاذيب والاوهام التي تتردد هنا وهناك ، بهدف اظهار الحقائق للأجيال القادمة في معركة الوعي الفلسطيني التي يجب ان تكون معركتنا جميعا والتي لا تقل ضراوة عن المعارك العسكرية.