المفاوضات والمطلوب
تاريخ النشر : 2013-11-06 12:09

منذ أربعة أشهر انطلقت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعد توقف زاد عن سنتين ,وقد تخلل هذا التوقف عدة محاولات دولية وعربية من خلال لقاءات استكشافية وكل هذا لم يفضي الى نتيجة لان إسرائيل بطبيعة الحال وكما يعرف القادة الفلسطينيين والعرب والغرب وحتى الامريكان أنها لا تؤمن بالسلام ,ببساطة لأنها كيان قام في الاصل على الاغتصاب والاحتلال والاستيطان وتؤمن بأن القوة هي الحامي الحقيقي لكيانها كما تؤمن بأن شعبنا وبعد هذه السنوات من الاحتلال والتهجير والطرد مازال يؤمن بأن أرض فلسطين كل فلسطين هي حق تاريخي له ولا يمكن التفريط بأي قطعة منها تحت أي ذريعة او ظروف ,ولكن المرحلة اليوم وليست مرحلة تحرير بقدر ما هي مرحلة تمكين لشعبنا من الاستقرار على بقعة من أرضة الى حين يأتي الزمان الذي يتمكن فيه شعبنا من أعادة الامور الى نصابها الحقيقي .

من هنا تكتسب هذه المرحلة من تاريخ شعبنا أهمية قصوى في ضرورة توحيد صفوف شعبنا والخروج من هذا الكابوس الذي بات يرهق المواطن الفلسطيني ويضعف قدراته ويشل تفكيره ويبعده عن القضايا الوطنية العامة والهامة لينصب تفكيره وعمله في القضايا الحياتية اليومية وهذا ما يريده المحتل الذي يعمل على فرض قواعد واسس لتعامل مع شعبنا مثل (استقرار مقابل استقرار – هدوء مقابل هدوء- سلام مقابل سلام-اسرى مقابل استيطان –مال مقابل سلام )وفي النهاية يريد ان يخرجنا بعد سنوات النضال الوطني هذه على اننا شعب كنا نقاتل ونستشهد ونسجن ونموت من أجل رغيف الخبز ولا توجد قضية وطنية لشعبنا يقاتل من أجلها .

من هنا نلحظ بأن المحاولات الاسرائيلية والمتنوعة في التعامل من القوى الفلسطينية تأخذ أشكال عدة ولكن الهدف واحد وهو نزع الثقة من قبل المواطن بالقيادة والفصائل الفلسطينية وكأنها عوامل ضغط على المواطن لا رفعة ,فنجد أن اسرائيل ومن خلال أعلامها المسموم على الدوام تعمل على تسريب بعض الافكار التي تحاول من خلالها تشوية صورة المفاوض والقيادة الفلسطينية من خلال الربط بين استحقاق إخراج الاسرى (104) القدامى والاستيطان وهذا بكل تأكيد كلام فارغ وكاذب لان عاري عن الصحة فلو كانت القيادة قبلت بهذا لما كان هذا الرفض ,ولكن اسرائيل وكما يعرف الجميع لم تعد قادرة اليوم على ممارسة ما كانت بالأمس القريب تمارسه وخاصة وبعد حصول فلسطين على دولة مراقب أي بإمكان فلسطين اليوم الانضمام الى كل المنظمات الدولية التي من الممكن ان تجلب كل القادة الصهاينة الى محاكم الجنايات الدولية والى القانون الدولي الذي يحرم الاحتلال في الاساس كما يحرم الاستيطان ونهب خيرات ومقدرات مجتمع ودولة اخرى ,من هنا نلحظ ان اسرائيل تارة تتدعي بأن الجدار هو الحدود وتارة الاغوار ستبقى تحت سيطرتها وتارة القدس ستبقى موحدة وأخرة لا عودة للاجئين ,أذن على ماذا المفاوضات أذا كانت كل هذه القضايا محسومة فعلى ماذا التفاوض ؟

هل نتفاوض على تثبيت الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وأراضي الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها معظم دول العالم .أما أننا نتفاوض على أن نقبل بأن نبقى مجموعات بشرية ملحقين بدولة الاحتلال ؟هل هذا ما تريده اسرائيل ؟

بكل تأكيد لن تجد إسرائيل فلسطيني يقبل بأقل من دولة فلسطينية على حدود 67م وتكون القدس عاصمتها وتكون حرة الارادة واخراج الاسرى وحل قضية اللاجئين وفق القرارات الاممية ,وهذا هو الحد الادنى الذي يقبل فيه الكل السياسي الفلسطيني نتيجة الظروف الدولية والعربية التي تمر بها امتنا منذ زمن ,وفي حال لم تصل تلك المفاوضات الى نتيجة ,فمن يعتقد بأن قيادتنا وشعبنا لا يمتلك خيارات فهو يعيش حالة من الوهم ,فعلى الدوام الشعوب تمتلك الكثير من حالات الابداع القادرة على تغيير معادلات دولية .

ولكن المطلوب اليوم من القيادة الفلسطينية بشكل عام

*أنهاء ملف الانقسام الموجود على الساحة السياسية والادارية الفلسطينية لان جماهير شعبنا غير منقسمة وشعبنا موحد بفعل تكوينه ,

* التوافق على رؤية سياسية وفق برنامج وطني جامع وشامل بغض النظر عن الرؤية الحزبية لكل القوى .

*توزيع الادوار في العمل على الصعيدين الداخلي والخارجي بحيث تصب نتيجة العمل في الوعاء الوطني الجامع الشامل ,بحيث يساند المقاوم المفاوض ,كما يساند المفاوض المقاوم وفق ما تسمح به ظروف كل طرف ,دون انشغال بعضنا بالأخر ,بحيث يشعر المواطن وكان حالة العداء الداخلية باتت اكبر من حالة العداء مع العدو الحقيقي .

*أن يعمل الجميع من القوى على السمو بالهدف لا بالوسيلة من اجل مكاسب حزبية ,فالإنسان يجب ان يكون هو الاهم في معادلة الصراع لان الانسان هو جدوى الصراع ,فإخراج الاسرى بفعل المقاومة عمل جميل ورائع وأيضا إخراج الاسرى من خلال التفاوض عمل جميل ورائع المهم أن يخرج الاسرى

*واخيرا تفعيل دور كافة الفصائل على الساحة الجماهيرية بحيث تكون قوى تحاكي تصرفات القوى اليمينية الصهيونية في حالات التمسك بما يسمونه بأرض اسرائيل ولكن تكون الرؤية المصلحة الوطنية في النهاية هي السائدة ,لان شعبنا اليوم بحاجة الى استقرار وطني من أجل أن يعيد لملمة ما تبعثر من أوراقه في كل أرجاء المعمورة في عوامل القوة الحقيقية التي سوف تغير واقعنا في السنوات القادمة