مشاكل العمال في ظل جائحة كورونا
تاريخ النشر : 2021-01-21 18:05

في محاولة لقراءة الواقع وأخر المستجدات، والاثار لتداعيات كورونا على العاملات والعمال من خلال افاداتهم واللقاءات معهم، يتضح أنهم من أكثر الفئات الاجتماعية تضررا على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية، حيث فقد الاف العمال مصدر دخلهم الوحيد بسبب إعلان حالة الطوارئ والاغلاقات، والحجر الصحي والمنزلي، وخاصة العاملين في سوق العمل غير المنظم، وعاملات وعمال اليومية، والمهن الحرة، وأصحاب المشاريع الصغيرة، القطاعات التشغيلية كالسياحة والصناعات، والمواصلات ورياض الأطفال والمدارس الخاصة ...الخ، في ظل تعاظم الاضرار استغل بعض المشغلين وأصحاب العمل الظروف وانتهكوا حقوق عمالهم، وساوموهم على لقمة العيش، واتخذوا إجراءات تعسفيه وغير قانونية، تحت تهديد العمال بالطرد أو الاستمرار بالصمت والتسليم للانتهاكات وللوقائع الجديدة، ومن خلال متابعتنا لقضاياهم تم رصد العديد من التجاوزات لحقوقهم، والمشاكل التي ظهرت في ظل تداعيات كورونا، وقد مست بشكل مباشر بالعمال وأسرهم.

 وتحتاج للتدخل والوقوف عليها بمهنية وضمن مسئولية مجتمعية وأخلاقية وقانونية، بهدف تخفيف معاناتهم، ومعالجتها بأقل الاضرار، وتوفير الحماية لهم من الاستغلال، وسنحاول تلخيص بعض هذه الإشكاليات حسب إفادات العاملات والعمال، والتي كانت ضمن مطالباتهم بالحفاظ على سرية المصدر خوفا من معاقبة المشغلين وهي:

- انتهاكات بالأجور، فقد قام العديد من المشغلين وأصحاب العمل بتخفيض أجور ورواتب العمال بنسب متفاوته وصلت الي 50% وأكثر من الاجر، في ظل طبيعة الأجور والتي بالأساس هي متدنية، ومتوسطها أقل من 1000شيقل.

- بعض منشآت العمل قامت بإعادة هيكلة، بهدف توفير عمال، وانهاء خدماتهم بدون مراعاة القانون أو الإفصاح بوضوح وشفافية عن الأوضاع الاقتصادية للمنشأة أو التواصل مع جهات الاختصاص وهي وزارة العمل، وهذا انتهاك للقانون يستهدف العمال، والغاية واضحة تبرير طردها للعمال.

- مؤسسات تشغيلية كبيرة لم تتضرر من الجائحة، ترفض الالتزام بتطبيق شروط وظروف العمل التي ينص عليها قانون العمل، وتتجاهل حقوق الموظفين، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتماطل في دفع أجور موظفيها لأكثر من ثلاث شهور، برغم أن الموظفين يؤكدوا أن المؤسسة تستفيد ماليا وتعاظمت أرباحها في هذه الظروف، ومنها مؤسسات صحية وصناعات غذائية وصناعات كيميائية ودوائية ...الخ.

- بعض المشغلين ضغطوا على العمال للتوقيع على مخالصة عمالية لإنهاء الفترات السابقة، وإلغاء حقهم بالمكافأة، ومنهم من ضغطوا عليهم للتوقيع على كمبيالة بدون رقم مالي، حتى تكون ورقة بيد صاحب العمل في حال حاول العامل مستقبلا المطالبة بحقوقه، هذه الإجراءات تمت بأشراف محامين تعاونوا مع المشغلين لتقييد حقوق العمال.

- زيادات لساعات العمل في بعض القطاعات بدون مقابل، وبعض المؤسسات ألزمت عمالها وعاملاتها لنقل جزء من العمل إلي المنزل، والذي يستغرق ساعات إنجازه على حساب الاسرة، وبالمقابل خفضت الاجر بدل أن تزيده أو توفر احتياجات العمل بالمنزل، فأصبح العمال يستخدمون جزء من ممتلكاتهم لإنجاز العمل، وللمثال منهم من يعمل بشركات اتصالات وانترنت وتعليم....الخ.

- بعض المنشآت حولت عمالها للعمل بنظام الساعة أو الدوام يوم بعد يوم، وخفضت الدوام بنسبة 50% وذلك على حساب العمال ومن أجره.

- لم تراعي الكثير من المنشآت مسائل السلامة والوقاية من انتقال فايروس كورونا بين العمال، ولم توفير الأدوات والوسائل التي تحمي العمال أثناء العمل أو بتنقلهم منه وإليه، فأكثر الإجراءات شكلية وغير منضبطة بمهنية ولا يوجد متابعة أو ارشاد بالعمل.

- أفاد العمال بأنه في حال إصابة العمال بفايروس كورونا كثير من المشغلين خصموا الاجر عن العامل فترة إصابته أو حجره الصحي، ولم يتم تعويضه من أي جهة كانت حتى يغطي نفقات ومصاريف المرض والبروتوكول العلاجي له ولأسرته.

- كثير من العمال بسبب جائحة كورونا وتداعياته تعرضوا لمشاكل اجتماعية وأسرية أمام عجزهم عن توفير متطلبات واحتياجات الاسرة، فقد زاد العنف الاسري والاجتماعي، والخلافات العائلية والنزاعات والخلافات، ووصل بعضها للانفصال والطلاق....الخ، بالإضافة لما يترتب على ذلك من مشاكل نفسية وسلوكية تهدد الاستقرار الاجتماعي...

- عجز كثير من العمال عن توفير الغذاء الصحي والفيتامينات والعلاجات لهم ولأسرهم اثناء أصابتهم بفايروس كورونا، ويشكون من ارتفاع التكاليف وعدم المقدرة على السداد وتوفيرها.

- كثير من العمال يشكون من غياب العدالة في توزيع المساعدات من المؤسسات، حيث أفاد عدد منهم أنه لم يتلقى أي مساعدة من أي جهة، برغم صعوبة ظروفه وتضرره الواضح من كورونا ومراجعة أكثر من جهة بدون مساعدته.

- بعض العمال يشكون من أسلوب المعاملة التي تمس بكرامتهم من المشغلين، وبرغم حرمانهم من كل الحقوق وتدني الاجر الان المشغل يضغط عليهم، ويعايرهم بالتشغيل، وعند سؤالهم عن الاجر وكم ساعة؟! أفادونا أنهم يتلقون أقل من 600 شيقل شهري، وتزيد ساعات العمل عن 12 ساعة يوميا، فهم موزعين بضائع وهم شباب خريجين وحديثي العمل.
هذه بعض الإشكاليات التي تم رصدها من الافادات العمالية التي تقدموا بها للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، والنقابات العمالية، عبر الاتصال التلفوني أو بالمقابلة مع النقابيين، وقد طالب العمال والعاملات عدم ذكر أسمائهم، ورفضوا تسجيل شكوى رسمية خوفا على فرصة العمل، وهذا يضعف قوة التدخل في حالة الانكار من المشغل أو إدعائهم بالتضرر من الجائحة، من هنا حاولت أن اكتب هذه السطور حول هذه الظاهرة الجديدة التي تنتهك فيها حقوق العمال في صمت وعجز والخوف من الشكوى، بهدف تسليط الضوء وطرح القضية للتفكير باليات للتدخل والعلاج وحماية الفئات الضعيفة في ظل جائحة كورونا، وتقديم الدعم والمساندة لهم، واقترح بعض الخطوات للعمل ومنها التالي:

- ضرورة العمل على متابعة تنفيذ قانون العمل، وإلزام المشغلين بشروط وظروف العمل، وخاصة المؤسسات التشغيلية التي لم تتضرر من الجائحة، وتكثيف الزيارات التفتيشية لأماكن العمل والاستماع للعمال والعاملات حول شروط وظروف العمل.

- العمل على تعزيز الحوار الاجتماعي في بيئة العمل، والتعاون بين العمال والمشغلين في مواجهة الازمات بما لا يضر بمصالح العمال وانتهاك حقوقهم، واستغلالهم بالتحايل على القانون.

- العمل على تعزيز صمود العمال المتضرر من الجائحة بمساعدات دورية من الجهات الحكومية والمؤسسات الاجتماعية، على قاعدة العدالة والشفافية والوضوح، والاولويات للأكثر تضرر.

- ضرورة العمل على دراسة كل مشكلة بخصوصيتها، ووضع خطة للتدخل بالتعاون مع جهات الاختصاص بهدف علاجها، ووقف معاناة العمال وإنصافهم من أي ظلم يقع عليهم.

- ضرورة العمل على كشف المستغلين من المشغلين، ورصد انتهاكاتهم، وفضح سلوكهم بكل الوسائل للضغط عليهم لتنفيذ القانون، والتقيد بحماية العمال وحقوقهم في بيئة العمل، وتشجيع المشغلين الملتزمين بالقانون، وبحماية عمالهم بكل الطرق لتعزيز سلوكهم الإيجابي وتحفيزهم للمزيد من تحسين الأداء في علاقات العمل.

- على النقابات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية أن تطور برامجها وتدخلاتها، وخاصة التي تتعلق بحماية حقوق العمال، لتستطيع المساهمة بشكل عملي ومؤثر في ظل هذه الظروف المشوهة والمعقدة، بالتزامن مع جائحة كورونا وتداعياتها، والحالة الاقتصادية الهشة نتيجة الحصار واستمرار الاحتلال وسياساته باستهداف البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني.

- ضرورة العمل على توفير الحماية الاجتماعية للعمال، واتخاذ خطوات عملية لتطبيق قانون الضمان الاجتماعي بعد اجراء التعديلات المناسبة من خلال الحوار بدون تباطؤ.

- إنشاء صندوق لتعويضات العمال، يستهدف متضرري جائحة كورونا، وأي أزمات ونكبات مشابهة لتعزيز صمودهم، ومساعدتهم في تخطي المخاطر وتأمينهم في الازمات.
الخلاصة: إن غياب الحماية الاجتماعية والرقابة والمتابعة والتفتيش الدوري على بيئة العمل، واختلاط الأوراق ومحاولات التحايل على القانون باستغلال الجائحة ما بين متضرر ومستفيد منها، فتح المجال للجشعين ليعاظموا أرباحهم على حساب العمال، ويعوضوا أي خسائر من قوت وأجور العمال وتحميلهم تداعيات الاضرار أي كانت أنواعها، وعليه يجب أن تتكاتف الجهود، ويتحد العمال في العمل لحماية مصالحهم وحقوقهم، ويدافعون عنها بكل الوسائل القانونية والنقابية، ولا يستسلموا للواقع وللجشع والاستغلال، فالأجر مقابل العمل وليس منه من أحد، والحماية الاجتماعية حق يجب أن يكفله القانون، وهنا أتوجه بالدعوة لكل عاملاتنا وعمالنا الى اللجوء للنقابة وقيادتها للاستشارة والاستفسار حول العمل، والتواصل الدائم والتضامن مع بعض حتى لا يكونوا فريسة للاستغلال وتضييع الحقوق.