وحدة أمريكا تحت الاختبار بعد خدش ديمقراطتيتها!
تاريخ النشر : 2021-01-21 08:32

كتب حسن عصفور/ رغم كل المحاولات الإعلامية الأمريكية لإبراز "القيمة الخاصة" ليوم تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن، وحالة استعراضية نادرة من النقل للعالم، لكن الحقيقة كانت أكثر حضورا من "مناورة إعلامية"، بأنه كان يوما باردا رافقته "الكآبة السياسية"، فغاب الجمهور الكبير الذي يمنح المناسبة حالة من الرمزية للقوة الأمريكية...نعم غاب الشعب وحضرت الأعلام، في ظاهرة هي الأولى في تاريخ الولايات المتحدة.

يوم التنصيب غاب الرئيس السابق وغادر ليترك أخطر رسالة لن تمر بتلك السهولة، بأنه لا يعترف بالانتخابات وفوز الرئيس، وتحول من يوم للفخر الأمريكي الى يوم للخوف – الحزن الأمريكي، ولعل التعبير الأبرز الذي كان مسيطرا في ذلك اليوم واليوم التالي، ما يتعلق بتعبير "الوحدة"، انعكاسا عمليا لعمق الأزمة التي تركها الرئيس السابق دونالد ترامب.

 ولذا لم يكن مفاجئا ابدا، ان يتكرر تعبير الوحدة ومشتقاته كثيرا في خطاب بايدن، ولم يحاول الهروب من "الحقيقة"، لكنه جاهد أن يرسل رسالة طمأنة، بقوله، "الديمقراطية ثمينة وهشة، واليوم انتصرت الديمقراطية" ويؤكد، "أعلم أن القوى التي تفرقنا عميقة وحقيقية".

خطاب بايدن، جاهد بكل الخبرة السياسية، أن يحاصر ما يهدد "النموذج الأمريكي" صارخا بضرورة "يجب أن ننهي هذه الحرب غير الحضارية التي تضع اللون الأحمر في مواجهة اللون الأزرق، والريفي مقابل الحضري، والمحافظ مقابل الليبرالي"، من أجل "استعادة الروح وتأمين مستقبل أميركا".

خطاب التنصيب تحول من خطاب احتفالي الى خطاب "ترجي" كي لا تفقد أمريكا نموذجها الذي تدعيه دوائرها تاريخيا ومنه حاولت أن تكون في قيادة العالم، عبر ما تعتبره "قوة المثال" بديلا لـ "مثال القوة"، كي تصبح الولايات المتحدة، قدوة عالمية.

ما بعد "حفل التنصيب الحزين"، خرجت وسائل الإعلام الأمريكية المركزية لتتحدث عن "انتصار الديمقراطية" وفقا لعنوان "نيويورك تايمز" الرئيسي، فيما ذهبت "واشنطن بوست" بالإشارة الى أن ما تحتاجه أمريكا بعد التنصيب هو "عودة الحياة الطبيعية"، وفي مقال لها، شبهت ما حدث يوم 20 يناير 2021، بما كان في عام 1920، حيث الخوف والرعب والإرهاب، والمرض وانهيار البورصة سمات ذلك العام.

بالتأكيد، ليس منطقيا تضخيم الحدث الكئيب، وأن هناك تغيير جوهري بأسس النظام الرأسمالي الأكثر سيطرة على مقاليد الحكم، ولن تكون هناك "ثورة قريبة" كتلك التي حلم بها رواد التغيير في الولايات المتحدة، ولكنه أيضا لن يمر مرورا عابرا، وتنتهي تلك الأحداث كأنها لم تكن، بل ستفتح أفقا تغييرا هاما، لمن يحاول "تهذيب" عدوانية الرأسمالية على شعب غالبه يعيش تحت أزمات متلاحقة، لا يراها من يعيش على وقع "الموسيقى الأمريكية الصاخبة".

القادم سيفتح شكلا جديدا للصراع السياسي – الاجتماعي، بين قوى عنصرية لن تختلف كثيرا عن منظمة "كو كلوكس كلان"، التي تؤمن بالتفوق الأبيض ومعاداة السامية والعنصرية ومعاداة الكاثوليكية، ورغم كل محاولات الإدارات السابقة، ومنذ عام 1871 حتى تاريخه لحصار تلك الفرقة "الإرهابية"، لكنها لا تزال تطل بين حين وآخر.

ومع هزيمة ترامب وفوز "بايدن" الكاثوليكي و"خلطة إدارته" التي عبرت عن أمريكا بأعراقها المختلفة، قد يزيد من تغذية العنصرية بل ومعاداة السامية بعد أن زاد عدد الأمريكيين اليهود في المناصب العليا، حتى أن زعيم الأغلبية (ديمقراطية) في مجلس الشيوخ من يهود أمريكا للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة.

المسألة لم تعد رغبة فحسب، بل وقائع برزت من "ركام انتخابات" لم تنته بعد... ورئيس مقتنع تماما أنه الفائز ولن يستسلم، وعد بالعودة الى الحياة السياسية قريبا بشكل ما، دون تحديد ذلك، لكنه ليس مستبعدا ابدا تأسيس "حزب وطني" عموده الفقري البعد العنصري الذي ينمو بأسرع من كل الحسابات التقليدية.

لم يكن صدفة أبدا، أن يذهب الرئيس الأمريكي المنتخب بايدن الى اعتبار يوم 20 يناير من كل عام "يوما للوحدة الوطنية"، وكأن الأمر في بلد من العالم الثالث.

نعم لم تنكسر أمريكا ولا هزمت ديمقراطتيتها، ولكنها لم تخرج فائزة بل أصابها "خدش" سيبقى علامة الى حين، وقد لا يزول ابدا...حتى يصيب غايته التغييرية سلبا أم إيجابا!

ملاحظة: أحدثت تغريدة على حساب السفارة الأمريكية في إسرائيل بموقع "توتير" بتغيير المسمى الى سفارة في إسرائيل والضفة وغزة ضجة إعلامية غير متوقعة رغم تراجعها السريع...الحدث لم يكن صدفة ولن يكون عابرا!

تنويه خاص: احتل ما يقارب عشرة من يهود أمريكا مناصب عليا، علها المرة الأولى في تاريخ أمريكا... هل هو فأل شؤم سياسي أم صدف مهنية، أم ثمن لمن دفع مال أكثر...خلينا نشوف كما هي عادة العرب عند العجز!