"شروط" فلسطينية أم "شروط" إسرائيلية لانتخابات القدس؟!
تاريخ النشر : 2021-01-18 08:41

كتب حسن عصفور/ من يستمع الى تصريحات غالبية المتحدثين الرسميين من الفصائل، وخاصة طرفي الأزمة فتح وحماس، ومعهما حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية حول الانتخابات في مدينة القدس، جوهرها أن آخر ما يبحثون عنه مشاركة كما كانت عام 2006، تلك المشاركة المنقوصة التي قدمت أول خطوات "التنازل السياسي" عن مكانة العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، في سبيل مصالح حزبية خارج الحسبة الوطنية.

ولكن الواقع الراهن، يشير الى أن دولة الكيان، لن تسمح أن تكون القدس جزءا مشاركا بالعملية الانتخابية، بما هو حق وطني، قبل أن يكون انتخابي، وستمنع كليا أي نشاطات أو فعاليات ترتبط بالدعاية والعمل والنشاط بالانتخابات، وبالقطع لن تسمح لأي مقدسي أن يدلي بصوته في أي بلدة مقدسية، سوى تلك التي تقع تحت سيطرة السلطة مدنيا ضمن المنطقة المصنفة (ب)، وليرحل كل من يريد اليها للمشاركة فيها (هجرة داخلية مؤقتة).

ربما يرى البعض إمكانية التخلي عن الفعاليات والأنشطة الانتخابية المرتبطة بالعملية الانتخابية، واستبدالها بطرق متعددة، تحت ذرائع مختلفة، ومنها منع "التجمعات" بسبب الجائحة الكورونية، ولكن هل يمكن قبول أن تفرض دولة الكيان شروطها لتصويت "شكلي" لأهل عاصمة دولة فلسطين، ويصبح التصويت الكترونيا، ويخرج بعدها "صغار قوم" ليبرروا أن ذلك لا يمس الموقف من القدس، ولا مكانتها.

والحقيقة السياسية التي يمكن قراءتها حول القدس، لو تمت العملية الانتخابية وفق مراسيم الرئيس، ولم تحدث "مفاجأة كبرى"، فإن دولة الكيان ستقايض السماح بإجراء الانتخابات وتسهيل أمرها، مقابل التخلي الفلسطيني الرسمي عن مشاركة القدس، والاكتفاء بتصويت سري منزلي من داخل البيوت أو الذهاب لبلدات "ب"، مقايضة جوهرها سياسي لفرض وقائع مسبقة حول مستقبلها، بما يمنح أولوية تفاوضية إسرائيلية لما ستكون عليه ملامح "القدس الكبرى" وفقا لخريطة دولة الكيان.

السؤال، هل حقا هناك "شروط" فلسطينية أم العكس بات هو القائم، هناك "شروط" إسرائيلية لمجرى العملية الانتخابية، وهل يدرك الباحثون عن تجديد "شرعية" بلا "دسم وطني"، ضمن إطار محدود الأثر والتأثير، ان ثمن تلك المعادلة، القدس مقابل انتخابات مناطق محدودة، ستكون الثمن الكبير، بدلا من أن تكون الانتخابات ذاتها، شرطا فلسطينيا لتأكيد واقع القدس، وفقا لما هو متفق عليه، بالحد الأدنى.

هل تدرك حماس وبعض توابعها أن اتفاق "إعلان المبادئ" 1993 ثم الانتقالي 1995 قد وضع القدس مكانة ودورا ضمن السلطة الفلسطينية، وأن موقفها عام 2006، قدم تنازلا مبدئيا عما كان "مكسبا سياسيا" مقابل المشاركة في لعبة سياسية، وهل تدرك قيادة حماس، أن مشاركتها في انتخابات بلا القدس هو استكمال لخدمة مشروع الضم والتهويد للعاصمة الأبدية، وأنها ستختار مصلحتها الحزبية مقابل التخلي عن مصلحة وطنية كبرى، تحت نقاب الكذب "المقاوم".

هل تدرك فصائل الثورة والمنظمة أن أي انتخابات بلا القدس تصويتا وتفاعلا كاملا، هو مشاركة عملية في تكريس الخطة الأمريكية  ( خطة ترامب) بضم القدس وتهويدها، وتفتح الطريق أمام المساس بمكانتها السياسية والدينية، وخاصة مكانة البراق ساحة ومسجدـ لتعبد طريق إقامة الهيكل رمزا للمدينة المقدسة بديلا للمسجد الأقصى.

هناك ورقة سياسية يمكن للرئيس محمود عباس والفصائل كافة، ان تضع شرط التخلي عن إعلان دولة فلسطين مقابل القدس دورا وتفاعلا، وذلك تنازل فلسطيني كبير لكنه يحمي العاصمة من أي موافقة "ضمنية" فلسطينية بالتنازل عن واقع القدس، ومنح دولة الكيان خطوة مضافة لخطوات "الصهيوني" فريدمان، سفير أمريكا الراحل بلا عودة.

لا تجعلوا من القدس قاطرة لمصالحكم الحزبية، ولا تعتبروها ثمنا لشهوة سلطة فقدت كثيرا من بعدها الوطني...!

ملاحظة: تناور فتح وحماس بالحديث عن "القائمة المشتركة" انتخابيا لترهب مختلف الفصائل... باركوا تلك القائمة لأنها بداية النهاية لكليهما...فقواعد فتح سترى خيانة قيادية وقواعد حماس ستراها مصيبة دينية...اتركوهم يحفرون قبرهم بيدهم!

تنويه خاص: يبدو أن "غرفة عمليات "الركن الهادئ" أصابها ملل عسكري فقررت اطلاق قذيفتين من نوع "نحن هنا"...معادلة "المصاري قبل الوطن" تترسخ ثقافة قبل أن تكون سلوكا...وتلك هي "أم الكبائر"!